إرسال السرايا إلى بني الملوح وقضاعة وهوازن
وفيه بعث رسول الله ﷺ سرية غالب بن عبدالله الليثي فِي بِضْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا إلى بني المُلَوَّح بِالْكُدَيْدِ. وكان بنو الملوح قد قتلوا أصحاب بشير بن سُوَيْد، فبعثت هذه السرية لأخذ الثأر، فشنوا الغارة في الليل؛ فأصابوا من العدو نعمًا، وقتلوا منهم قتلى، وساقوا النعم، وطاردهم جيش كبير من العدو، حتى إذا قرب من المسلمين نزل مطر، فجاء سيل عظيم حال بين الفريقين، ونجح المسلمون في بقية الانسحاب.
وَلَمَّا رَجَعَ غَالِبُ بنُ عَبْدِ اللَّهِ ﵁ مِنَ الكَدِيدِ مُؤَيَّدًا بِنَصْرِ اللَّهِ لَهُ، بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي صَفَرَ إِلَى حَيْثُ أُصِيبَ أَصْحَابُ بَشِيرِ بنِ سَعْدٍ ﵁، وَذَلِكَ فِي بَنِي مُرَّةَ نَاحِيَةَ فَدَكَ، فَأَصَابُوا مِنْهُمْ نَعَمًا، وَقَتَلُوا مِنْهُمْ قَتْلَى.
وفي ربيع الأول بعث رسول الله ﷺ سرية ذات أطلح بقيادة كعب بن عمير الأنصاري في خمسة عشر رجلًا إلى بني قُضَاعَة حيث كانت قد حشدت جموعًا كبيرة للإغارة على المسلمين، فلقوا العدو، فدعوهم إلى الإسلام، فلم يستجيبوا لهم، وأرشقوهم بالنبل حتى قتلوا كلهم إلا رجل واحد، فقد ارْتُثَّ من بين القتلى.
وكانت بنو هوازن قد مدت يد المعونة لأعداء المسلمين مرارًا، فأرسل إليهم رسول الله ﷺ شُجَاع بن وهب الأسدي في خمسة وعشرين رجلًا، وهم بِالسِّيِّ (^١)، ناحية ركبة، من وراء المعدن، وهي من المدينة على خمس ليال، وأمره أن يغير عليهم، فكان يسير الليل ويكمن النهار، حتى صبحهم وهم غارون، وقد أوعز إلى أصحابه ألا يمعنوا في الطلب، فأصابوا نعمًا كثيرًا وشاءً، ولم يلقوا كيدًا، واستاقوا ذلك حتى قدموا المدينة، واقتسموا الغنيمة، فكانت سهمانهم خمسة عشر بعيرًا لكل رجل، وعدلوا البعير بعشر من الغنم، وكان مغيبهم خمس عشرة ليلة.
(^١) السِّيّ: بكسر السين وتشديد الياء: ماء بين ذات عِرْق ووجرة على ثلاث مراحل من مكة إلى البصرة.
1 / 330