The Sections on the Terminology of the Prophet's Hadith
الفصول في مصطلح حديث الرسول
ژانرها
الفصول في
مصطلح حديث الرسول
حافظ ثناء الله الزاهدي
مقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الْحَمْدُ للهِ وَحْدَه، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلى مَنْ لاَّ نَبِيَّ بَعْدَه، مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الله، وَعَلى آلِهِ وَصَحْبِه، وَعَلى مَنْ تَمَسَّكَ بِدِيْنهِ وَاهْتَدَى بِهَدْيِه، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَّ إلهَ إِلاَّ الله وَحْدَه لا شَرِيْكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُه.
أمّا بَعْدُ: فَهذِهِ فُصُولٌ فِي عِلْمِ مُصْطَلَحِ الْحَدِيْثِ النَّبَوِيِّ الشَّرِيْفِ وِفقَ الْمَنْهَجِ الْمُقَرَّرِ لِطَلَبَةِ السَّنةِ الدِّراسِيَّةِ الثَّانِيَةِ فِي الْجَامِعَةِ الإسْلاَمِيَةِ بِمَدِيْنَةِ صَادِقْ آبَاد بَاكِسْتَان.
جَمَعْتُهَا مِنْ كُتُبِ أَئِمَّةِ الْحَدِيْثِ اكْتِفَاءً بِمَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ الطَّالِبُ فِي الْمَرْحَلَةِ الابْتِدَائِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ مُهِمَّاتِ مُصْطَلَحَاتِ هذَا الْعَلْمِ الشَّريفِ، بِأُسْلُوبٍ سَهْلٍ وَاضِحٍ، وَعِبَارَاتٍ مُخْتَصَرةٍ كَافِيَةٍ، فِي رِسَالَةٍ سَمَّيْتُها ... «الْفُصُولُ فِي مُصْطَلَحِ حَدِيْثِ الرَّسُولِ ﷺ» .
وَاللهَ ﷾ أَسْألُ أَنْ يَّنْفَعَ بِهَا طَلَبَةَ الْعِلْمِ، وَيَتَقَبَّلَ مِنِّي وَهُوَ وَلِيُّ التَّوْفِيْقِ وَالسَّدَادِ، وَعَلى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ، وَبِالإجَابَةِ جَدِيْرٌ، وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ.
1 / 1
وكتب
العبد الفقير إلى الله العلي
حافظ ثناء الله الزاهدي
٢٤/٥/١٤٢٣ها صادق آباد
Ham_zahidi@hotmail.com
1 / 2
فصل في آداب الطالب
١- أوَّلُ مَا يَجِبُ عَلى طَالِبِ حَدِيثِ رَسُولِ اللهِ ﷺ أنْ يُخلِصَ نيَّتَهُ فِي طَلَبِهِ، بِأنْ يَّكُونَ قَصْدُهُ بِذَلِكَ وَجْهَ اللهِ سُبْحَانَهُ، وَلا يَتَّخِذَ هَذَا العِلْمَ ذَرِيعَةً إلى شَيءٍ مِنَ الأغْرَاضِ الدُّنِيويَّةِ.
وَقَد رَوَى أبوهُرَيرةَ ﵁ مرفوعًا: «مَنْ تَعَلَّمَ عِلْمًا مِمَّا يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ الله لا يَتَعَلَّمُهُ إلاَّ لِيُصِيْبَ بِهِ عَرَضًا مِنَ الدُّنْياَ لَمْ يَجِدْ عَرْفَ الْجَنَّةِ يَوْمَ ... الْقِيَامَةِ» صحيح أخرجه أبوداود برقم [٣٦٦٤]، وابن ماجه برقم [٢٥٢] .
ورُوِي عَن جابر بن عبد الله ﵁ مرفوعًا «لا تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ لِتُبَاهُوا بِهِ الْعُلَمَاءَ وَلا لِتُمَارُوا بِهِ السُّفَهَاءَ وَلا تَخَيَّرُوا بِهِ الْمَجَالِسَ فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَالنَّارُ النَّارُ» صحيح أخرجه ابن ماجه برقم [٢٥٤] وابن حبان في الصحيح [٦٧٤] .
٢- ويَجبُ عَليه أنْ يَجتَهِدَ في التَّحَلِّي بِالأَخلاقِ الذَّكِيَّةِ والآدابِ المَرْضِيَّةِ أثناءَ الطَلَبِ وبَعدَه.
وَقَد رَوَى أبُو الدَّرْدَاءِ ﵁ مرفوعًا «مَا مِنْ شَيْءٍ يُوضَعُ فِي الْمِيْزَانِ أَثْقَلُ مِنَ حُسْنِ الْخُلُقِ» . صحيح أخرجه الترمذي برقم [٢٠٠٣] .
وعن عبد الله بن عمرو ﵁ مرفوعًا «خِيَارُكُمْ أَحَاسِنُكُمْ أَخْلاقًا» صحيح أخرجه الترمذي برقم [١٩٧٥] .
وَقَالَ أبو عَاصِمٍ النَّبِيلُ ﵀: «من طَلَبَ هذا الحديثَ فَقَدْ طَلَبَ أعلى الأمورِ فيَجِبُ أنْ يَّكُونَ خَيرَ النَّاسِ» .
٣- ويَجِبُ عَليه أن يَّعْمَلَ بما يَسْمَعُهُ مِنَ الأحَادِيثِ لِمَا رَوَاهُ أبو بَرْزَةَ الأَسلميُّ ﵁ مرفوعًا «لا تَزُوْلُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتىَّ يُسْئَلَ عَنْ عُمْرِهِ فِيْمَ أَفْنَاهُ، وَعَنْ عِلْمِهِ فِيْمَ فَعَلَ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيْمَ أنْفَقَهُ، وَعَنْ جِسْمِهِ فِيْمَ أبْلاهُ» صحيح رواه الترمذي برقم [٢٤١٧] .
1 / 3
٤- ويَجِبُ عَليه أن يُّعَظِّمَ شَيخَه تَعظِيمًا، ويَحتَرِمَه احتِرَامًا، ويُكْرِمَه إكرَامًا، لحِديثِ أنَسِ ابْنِ مَالِكٍ ﵁ مرفوعًا «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيْرَنَا وَلَمْ يُوَقِّرْ كَبِيْرَنَا» صحيح رواه الترمذي برقم [١٩١٩]، وأحمد في المسند برقم [٢٣٢٥] .
٥- ويَجِبُ عليه أن لاَّ يَبْخَلَ بما يَسْمَعُ ويَفْهَمُ على إخْوانهِ مِنَ الطَّلَبَةِ الَّذِينَ هُمْ دُونَه في الفَهْمِ والذَّكاءِ فإنَّ ذلكَ مِنَ اللُّؤْمِ الَّذي يَقَعُ فيه كثيرٌ مِنَ الطَّلَبَةِ.
قال الإمامُ مالكُ ﵀: «مِن برَكةِ الحَدِيثِ إفادَةُ بَعضِهمْ بَعضًا» .
وقد فاتَ بَعضَ الطَّلَبَةِ كتابَةُ شَيءٍ مِن حَديثٍ فقال لَه الشَّيخُ وَهُو إسْحَاقُ بنُ رَاهُوَيه: أنسِخْ مَا فاتَكَ مِنْ كُتُبِ الطَّلَبَةِ.
فقال الطالبُ: إنَّهُمْ لا يُمَكِّنُونَني.
فقال الشَّيخُ: إذًا وَاللهِ لا يُفْلِحُونَ.
٦- ويَنْبَغِي لطَالِبِ العِلْمِ أن لاَّ يَمْنَعَهُ الْحَيَاءُ أوِ الْكِبَرُ، ولا يَأنَفَ مِنْ أن يَّكْتُبَ عَمَّنْ هُوَ دُونَه مَا يَسْتَفيدُه مِنْهُ.
«««««(
1 / 4
فصل في ألقاب المتن
١- الحديث: ما أُضِيْفَ إلى النَّبِيِّ ﷺ مِنْ قَولٍ أو فِعْلٍ أو تَقْرِيرٍ أو صِفَةٍ.
والمُرادُ بالتَّقْرِيرِ: ما فُعِلَ بفِعلٍ أو قِيلَ بقَوْلٍ بِحَضْرَتِهِ ﷺ أو أُخْبِرَ عَنْ ذلكَ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ.
والمُرادُ بالصِّفَةِ: ما كانَ صِفَةً مِنَ صِفَاتِ النَّبِيِّ ﷺ الخَلْقِيَّةِ كما في حَدِيثِ البراء ﵁ «كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ أحْسَنَ النَّاسِ وَجْهًا، وأحْسَنَهُ خَلْقًا، لَيْسَ بالطَّوِيلِ الذَّاهِبِ ولاَ بالقَصِيْرِ» أخرجه مسلم برقم [٢٣٣٧] .
والخُلُقِيَّةِ كما في حديث أنس ﵁ «كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا» . أخرجه مسلم برقم [٢٣١٠] .
٢- الخَبَر: يُطْلَقُ ويُرَادُ به الحَديثُ بالمعنى الَّذِي سَبَقَ ذِكْرُهُ، وأيضًا يُرادُ به ما هُوَ أعَمُّ مِنْهُ مِنْ الأخْبَارِ.
٣- الأَثَر: يُطْلَقُ ويُرَادُ به حَدِيثُ الرَّسُولِ ﷺ ويُرَادُ به ما أُضِيفَ إلى الصَّحَابَةِ والتَّابِعِيْنَ مِنْ الأقْوَالِ والأفْعاَلِ.
٤- السُّنَّة: عِنْدَ المحُدِّثِيْنَ وأهلِ الأُصُولِ: كُلُّ ما صَدَرَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ مِنْ قَوْلٍ أو فِعْلٍ أو تَقْرِيْرٍ.
وفي عُرْفِ الفُقَهَاءِ: ما ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ مِنَ الحُكْمِ ولَمْ يَكُنْ فَرْضًا أو وَاجِبًا.
وفي عُرْفِ عُلَمَاءِ الوَعْظِ والإِرْشَادِ: ما يُقَابِلُ البِدْعَةَ.
٥- المَرفُوع: وَهو على قِسمَينِ:
(صَريحٌ: وَهُو الحَدِيثُ الَّذِي أُضِيفَ إلى النَّبِيِّ ﷺ قولًا أو فعلًا أو تقريرًا صَراحَةً.
(غَيرَ صَرِيحٍ: وهُو قَولُ صَحَابِيٍّ أو فِعْلُهُ الَّذِي لَيْسَ مِنْ قَبِيْلِ ما يُمْكِنُ القَولُ أو الفِعلُ بِه مِنْ قِبَلِ الرَّأْيِ وَالاِجْتِهَادِ، كالإخبَارِ عَنِ الأُمُورِ المَاضِيَةِ أو عَنِ الآتِيَةِ،
1 / 5
وكَذا ما يَحْصُلُ بِفِعْلِهِ ثَوابٌ مَخْصُوصٌ أو عِقَابٌ مَخْصُوصٌ، ويُسمَّى مَرفُوعًا حُكْمِيًّا أَيضًا.
٦- الْمَوقُوفُ: هُو الحدِيثُ المُضَافُ إِلى صَحَابِيٍّ، قَولًا كَانَ أو فِعْلًا، وسَواءٌ أَاتَّصَلَ سَنَدُهُ إِلَيهِ أمِ انْقَطَعَ.
٧- الْمَقْطُوعُ: هُو ما أُضِيفَ إِلى تَابِعِيٍّ فَمَنْ دُونَهُ مِنْ قَولٍ أو فِعلٍ، وسَواءٌ أَكَانَ إِسْنَادُهُ مُتَّصِلًا أمْ مُنْقَطِعًا.
٨- متَّفَقٌ عَلَيْهِ: وهُو الحَدِيثُ الَّذِي اتَّفَقَ عَلى إِخرَاجِهِ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ - رَحِمَهُمَا اللهُ - في صَحِيْحَيْهِمَا.
٩- الْمُسْنَدُ: هُو الحَدِيثُ الْمَرْفُوعُ الَّذِي اتَّصَلَ سَنَدُه.
١٠- الحَديثُ القُدْسِيُّ: هُو ما يَروِيهِ النَّبِيُّ ﷺ عَن رَبِّهِ ﷿ لَفْظًا أو مَعْنىً سِوَى القُرآنِ.
1 / 6
فصل في ألقاب الرواة
١- الصَّحَابي: هُو كلُّ مُسلِمٍ لَقِيَ النَّبِيَّ ﷺ مُؤمِنًا بِه ومَاتَ عَلى الإِيْمَانِ.
والصَّحَابَةُ كُلُّهُم ثِقَاتٌ عُدُولٌ، لا تَضُرُّ جِهَالَتُهُم بِالصِّحَّةِ.
٢- التَّابِعِيُّ: هو مَن لَقِيَ صَحَابِيًاّ في حَالَةِ الإِيمَانِ وَمَاتَ عَلى ذلكَ، ويُشْتَرَطُ لِقُبُولِ رِوَايَتِهِ كَونُهُ ثِقَةً.
٣- تَبْعُ التَّابِعِيِّ: هو مَنْ لَقِيَ تابعيًاّ مِنَ الْمُؤمِنِينَ، ويُشْتَرَطُ لِقُبُولِ رِوَايَتِهِ أَيْضًا كَونُهُ ثِقَةً.
٤- الثِّقةُ: هو مَنْ جَمَعَ بَينَ العَدَالَةِ وتَمَامِ الضَّبْطِ والإِتْقَانِ، وَالعَدَالَةُ عِبَارَةٌ عَنْ مُلاَزَمَةِ الرَّاوِيِّ الصِّدْقَ وَالأَمَانَةَ وَالتَّقْوَى، وَسَلاَمَتِه مِنَ الشِّرْكِ والبِدْعَةِ والْفِسْقِ وَالفُجُورِ وَخَوَارِمِ الْمَرُوْءَةِ.
وَالمُرَادُ بِضَبْطِ الرَّاوِيِّ وَإتْقَانِهِ: سِمَاعُهُ لِلرِّاوِيَةِ كَمَا يَجِبُ، وَفَهْمُهُ لَهَا فَهْمًا دقيقًا، وَحِفْظُهُ لَهَا حِفْظًا كَامِلًا لاَ تَرَدُّدَ فِيهِ، وَثُبَاتُه عَلى هَذَا كُلِّهِ مِنْ وَقْتِ السِّمَاعِ إلى وَقْتِ الأدَاءِ.
٥- العَدْلُ: هو الْمُسلِمُ البَالِغُ العَاقِلُ الَّذِي يُؤَدِّي الفَرَائِضَ وَيَجْتَنِبُ الكَبَائِرَ وَلا يُصِرُّ عَلى الصَّغَائِرِ، ويَتَأَدَّبُ بِمَحَاسِنِ الأَخْلاَقِ وجَمِيْلِ العَادَاتِ.
٦- الضَّابِطُ: هو الَّذِي يُتْقِنُ لِمَا يَحْفَظُهُ فِي صَدْرِهِ مِنَ الأَحَادِيثِ بِحَيْثُ يَتَذَكَّرُهَا عَلى وَجْهِ الصَّوَابِ مَتَى شَاءَ رِوَايَتَهَا، أو حَافَظَ عَلى كِتَابِهِ الَّذِي كَتَبَ فِيْهِ مَرْوِيَّاتِهِ، وَصَانَهُ مِنَ الْمَحْوِ والتَّحْرِيفِ والتَّلَفِ وَنَحْوِهَا.
ويُعْرَفُ كَونُهُ ضَابِطًا بِتَوَافُقِ رِوَايَتِهِ بِرِوَايَةِ الثِّقَاتِ الضَّابِطِينَ فِي اللَّفْظِ أو فِي الْمَعْنَى غَالِبًا.
٧- الْمُتْقِنُ: هو الضَّابِطُ نَفْسُهُ مَعَ زِيَادَةِ قُوَّةِ الضَّبْطِ.
٨- الثَّبْتُ: هو العَدْلُ الضَّابِطُ فِي أَعلَى دَرَجَاتِ القُوَّةِ.
1 / 7
٩- الحافِظُ: هو مَنْ حَفِظَ مِائَةَ أَلْفِ حَدِيثٍ مَتْنًا وإِسْنَادًا عَلى رَأْيٍ.
١٠- الْحُجَّةُ: هُوَ مَنْ أَحَاطَ عِلْمُهُ بِثَلاَثِمِأَةِ أَلْفِ حَدِيْثٍ عَلى رَأْيٍ.
(ورِوَايَاتُ كُلِّ هَؤُلاَءِ صَحِيْحَةٌ مَقْبُولَةٌ إِنْ خَلَتْ أَسَانِيْدُهَا عَنِ اِنْقِطَاعٍ وشُذُوذٍ وعِلَّةٍ.
١١- الضَّعِيْفُ: هو الرَّاوِي الَّذِي اختَلَّ ضَبْطُهُ أَو سَقَطَتْ عَدَالَتُهُ.
(ورِوَايَتُهُ ضَعِيفَةٌ مَرْدُودَةٌ إِنْ تَفَرَّدَ بِهَا، وإنْ تُوبِعَ يَنْجَبِرْ ضُعْفُهُ إِنْ كَانَ قَدْ ضُعِّفَ لِخَلَلٍ فِي ضَبْطِهِ دُونَ عَدَالَتِهِ، وإِنْ ضُعِّفَ لِعَدَالَتِهِ لاَ يَنْجَبِرُ ضُعْفُهُ بِالْمُتَابَعَةِ.
١٢- مَجْهُولُ الْعَيْنِ: ويُسَمَّى مَجْهُولَ العَدَالَةِ ظَاهِرًا وبَاطِنًا، وهو مَنْ لَمْ يَشْتَهِرْ بِطَلَبِ العِلْمِ فِي نَفْسِهِ، ولاَ عَرَفَ العُلَمَاءُ بِه، ولَمْ يُعْرَفْ حَدِيثُهُ إلاَّ مِنْ جِهَةِ رَاوٍ وَاحِدٍ.
(ورِوَايَتُهُ غَيْرُ مَقبُولَةٍ عِنْدَ الْمُحَدّثِيْنَ.
١٣- مَجْهُولُ الحالِ: وهو مَنْ عُرِفَ عَيْنُهُ بِرِوَايَةِ اثْنَيْنِ عَنْهُ فَأَكثَرَ مِنْ مَشْهُورِيْنَ بِالعِلْمِ، ولَمْ يُوَثِّقْهُ أَحَدٌ.
١٤- المسْتُورُ: هو مَجْهُولُ الحَالِ نَفْسُهُ، ويُسَمَّى أَيضًا مَجْهُولَ العَدَالَةِ باطِنًا لاَ ظَاهِرًا.
وحُكْمُ رِوَايَتِهِمَا الرَّدُّ أَيْضًا.
١٥- مُتَّهَمٌ بالكِذْبِ: هو مَنْ ثَبَتَ كِذْبُهُ فِي حَدِيثِ النَّاسِ واشْتَهَرَ أَمْرُهُ بِذلِكَ. ورِوَايَتُهُ مَرْدُوْدَةٌ عَلى الإِطْلاَقِ.
١٦- الكَذَّابُ: هو مَنْ ثَبَتَ كِذْبُهُ عَلى النَّبِيِّ ﷺ، سَوَاءٌ بِقَصْدٍ سيِّئٍ كَوَضْعِ الزَّناَدِقَةِ والمُبْتَدِعَةِ أَحَادِيثَ للتَّحْرِيفِ والتَّشْوِيْهِ، أو بِقَصْدٍ حَسَنٍ كَمَا نُقِلَ عَنْ بَعْضِ الصُّوفِيَّةِ وَالدُّعَاةِ وَضْعُ أَحاديثَ فِي الفَضَائِلِ.
1 / 8
ورِوَايَتُهُ مَرْدُودَةٌ عَلى الإِطْلاَقِ.
١٧- الْمَتْرُوكُ: هو مَنْ سَقَطَتْ عَدَالَتُهُ بِثُبُوتِ كِذْبِهِ فِي حَدِيثِ النَّاسِ.
ورِوَايَتُهُ مَرْدُودَةٌ، لا يَنْجَبِرُ ضُعْفُهَا بِالمُتَابِعَاتِ والشَّوَاهِدِ.
١٨- الْمُبْتَدِعُ: هُوَ صَاحِبُ بِدْعَةٍ فِي الاِعْتِقَادِ أو فِي العَمَلِ.
وَالبِدْعَةُ: هِيَ التَّعَبُّدُ للهِ بِمَا لَم يَشْرَعْهُ اللهُ.
أو أنَّهَا اعْتِقَادٌ في عَمَلٍ مُعَيَّنٍ بِأنَّهُ شَرْعِيٌّ مِنْ حَيْثُ الشَّكْلِ وَالصُّورَةِ، وَسَبَبٌ لِلتَّقَرُّبِ إلى اللهِ وَذَرِيعَةٌ لِلأَجْرِ وَالثَّوَابِ، مَعَ أنَّ الشَّرْعَ لَمْ يَرِدْ بِتَشْرِيعِهِ صُوْرَةً، وَلاَ بِإثْبَاتِهِ تَقَرُّبًا وَثَوَابًا.
وَهِي عَلى نَوعَيْنِ:
١- مُكَفِّرَةٌ: وهِي الَّتِي تَسْتَلْزِمُ الكُفْرَ، ورِوَايَةُ صَاحِبِهَا مَرْدُوْدَةٌ عَلى الإِطْلاَقِ.
٢- مُفَسِّقَةٌ: وهِي الَّتِي تَسْتَلْزِمُ الفِسْقَ، ورِوَايَةُ صَاحِبِهَا مَقْبُولَةٌ بِشَرْطَيْنِ:
(أنْ لاَّ يَكُونَ دَاعِيًا إلى بِدْعَتِهِ.
(وبِأنْ لاَّ تَكُونَ رِوَايَتُهُ مِمَّا يُؤَيِّدُ بِدْعَتَهُ.
١٩- الْمُخْتَلِطُ: هو الَّذِي فَسَدَ نِظَامُ عَقْلِهِ بِسَبَبِ مَرَضٍ أو ضَرَرٍ أو كِبَرِ سِنٍّ ونَحْوِهَا، أو ضَاعَتْ كُتُبُهُ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلى أَدَاءِ مَا أَرَادَ رِوَايَتَهُ عَلى وَجْهِ الصَّوَابِ.
فَمَا رَوَاهُ قَبْلَ الاِخْتِلاَطِ مَقْبُولٌ إنْ كَانَ ثِقَةً، وأمَّا مَا كَانَ بَعْدَ الاِخْتِلاَطِ، وكَذَا مَا لَمْ يُتَمَيَّزْ أَهُو قَبْلَهُ أو بَعْدَهُ فَإنَّهُ لاَ يُقْبَلُ.
٢٠- الوَضَّاعُ: هو الَّذِي يَخْتَلِقُ الأَحَادِيثَ عَلى رَسُولِ الله ﷺ كِذْبًا وَافْتِرَاءً.
ورِوَايَاتُهُ مَرْدُوْدَةٌ عَلى الإِطْلاَقِ.
1 / 9
فصل في أنواع الحديث المقبول
١- الصَّحِيحُ: وهُو عَلى قِسْمَينِ:
(صَحِيحٌ لِذَاتِهِ: وهو الحَدِيثُ الْمُسْنَدُ الَّذِي اتَّصَلَ سَنَدُهُ مِنْ أَوَّلِهِ إِلى آخِرِهِ بِنَقْلِ الْعَدْلِ التَّامِّ الضَّبْطِ عَنْ مِثْلِهِ، وَلا يَكُونُ شَاذًّا ولاَ مُعَلَّلًا.
(صَحِيحٌ لِغَيْرِهِ: وَهُوَ الحَدِيثُ الَّذِي اتَّصَلَ سَنَدُهُ مِنْ أَوَّلِهِ إِلى آخِرِهِ بِنَقْلِ الْعَدْلِ الَّذِي قَلَّ ضَبْطُهُ عَنِ الدَّرَجَةِ العُلْيَا، ولَكِنَّهُ تُوبِعَ بِطَرِيْقٍ آخَرَ مُسَاوٍ أو رَاجِحٍ، وَلاَ يَكُونُ شَاذًّا ولاَ مُعَلَّلًا.
وَهُوَ دُونَ الصَّحِيْحِ لِذَاتِهِ فِي القُوَّةِ.
٢- الحَسَنُ: وَهُوَ عَلى قِسْمَينِ:
(حَسَنٌ لِذَاتِه: وَهُوَ الحَدِيثُ الَّذِي اتَّصَلَ سَنَدُهُ بِنَقْلِ الْعَدْلِ الَّذِي قَلَّ ضَبْطُهُ عَنْ دَرَجَةِ الصَّحِيْحِ، وَلاَ يَكُونُ شَاذًّا وَلاَ مُعَلَّلًا.
وَهُوَ أَنْزَلُ رُتْبَةً مِنَ الصَّحِيْحِ لِغَيْرِه.
(حَسَنٌ لِغَيْرِه: وَهُوَ الحَدِيثُ الَّذِي ضُعِفَ رَاوِيهِ لاَ بِفِسْقٍ أوْ كِذْبٍ، أوِ انْقَطَعَ سَنَدُهُ وَلكِنَّهُ انْجَبَرَ ضَعْفُهُ بِمُتَابِعٍ أو شَاهِدٍ.
وَهُوَ دُونَ الحَسَنِ لِذَاتِهِ.
٣- الْمَحْفُوظُ: وَهُوَ الحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ الأَوْثَقُ مُخَالِفًا لِرِوَايَةِ الثِّقَةِ، بِزِيَادَةٍ أو نَقْصٍ، فِي الْمَتْنِ أوِ السَّنَدِ.
٤- الْمَعْرُوفُ: وَهُوَ الحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ الثِّقَةُ مُخَالِفًا لِمَا رَوَاهُ الضَّعِيْفُ.
1 / 10
فصل في أنواع الحديث المردود
١- الضَّعِيفُ: وَهُوَ الحَدِيثُ الَّذِي خَلاَ عَنْ بَعْضِ صِفَاتِ الصَّحِيْحِ أَو كُلِّهَا.
٢- الْمُنْقَطِعُ: وَهُوَ مَا لَمْ يَتَّصِلْ سَنَدُهُ، بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ الاِنْقِطَاعُ.
٣- الْمُعْضَلُ: وَهُوَ الحَدِيثُ الَّذِي سَقَطَ مِنْ سَنَدِهِ اثْناَنِ فَصَاعِدًا مِنْ أَيِّ مَوْضَعٍ كَانَ، بِشَرْطِ التَّوَالِي والتَّتَابُعِ فِي السَّاقِطِيْنَ.
٤- مُرْسَلُ التَّابِعِيِّ: هُوَ الحَدِيثُ الَّذِي رَفَعَهُ التَّابِعِيُّ إِلى النَّبِيِّ ﷺ. كَأَنْ يَّقُولَ التَّابِعِيُّ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ.
(فَإِنَّهُ ضَعِيفٌ عِنْدَ المُحَدِّثِينَ لاِحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ السَّاقِطُ مَعَ الصَّحَابِيِّ تَابِعِيٌّ أَو تَابِعِيَّانِ فَأَكْثَر.
٥-الْمُعَلَّقُ: هُوَ الحَدِيثُ الَّذِي حُذِفَ مِنْ أَوَّلِ الإِسْنَادِ بَعْضُهُ أَو كُلُّهُ.
(وَالمَحْذُوفُ إِنْ كَانَ مَعْرُوفًا وَثِقَةً يُحْتَجُّ بِهِ وَإِلاَّ فَضَعِيْفٌ.
٦- الْمُعَنْعَنُ: هُوَ الحَدِيثُ الَّذِي يَرْوِيهِ بَعْضُ رَوَاةِ السَّنَدِ أَو كُلُّهُمْ عَمَّنْ فَوْقَهُ بِصِيْغَةِ (عَنْ) كا (عَنْ فُلاَنٍ عَنْ فُلاَنٍ) .
(فَإِنَّهُ مَوْصُولٌ وَمَقْبُولٌ بِشَرْطِ سَلاَمَةِ المُعَنْعِنِ مِنَ التَّدْلِيْسِ، وَثُبُوتِ اللِّقَاءِ بَيْنَهُمْ، وَإلاَّ فَضَعِيْفٌ وَمَرْدُوْدٌ.
٧- الشَّاذُ: هُوَ مَا رَوَاهُ الثِّقَةُ مُخَالِفًا لِمَا رَوَاهُ الأَوْثَقُ مِنْهُ، مَعَ عَدْمِ إِمْكَانِ الْجَمْعِ.
٨- الْمُنْكَرُ: هُوَ مَا رَوَاهُ الضَّعِيفُ مُخَالِفًا لِمَا رَوَاهُ مَنْ هُوَ أَوْلى مِنْهُ مِنَ الثِّقَاتِ.
٩- الْمُعَلَّلُ: هُوَ الحَدِيثُ الَّذِي اطُّلِعَ فِيهِ عَلى عِلَّةٍ تَقْدَحُ فِي صِحَّتِهِ، مَعَ أَنَّ ظَاهِرَهُ السَّلاَمَةُ ... مِنْهَا.
1 / 11
١٠- الْمُضْطَرِبُ: هُوَ الحَدِيثُ الَّذِي رُوِيَ مَرَّةً عَلى وَجْهٍ وَمَرَّةً أُخْرَى عَلى وَجْهٍ آخَرَ مُخَالِفٍ لِلأَوَّلِ عَلى وَجْهِ التَّسَاوِي، وَلَمْ يُمْكِنِ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا.
(مَقْبُوْلٌ إذَا دَارَ الاِضْطِرَابُ عَلى الرُّوَاةِ الثِّقَاتِ فِي السَّنَدِ، وَإِلاَّ فَضَعِيْفٌ وَمَرْدُوْدٌ.
١١- الْمَتْرُوكُ: هُوَ الحَدِيثُ الَّذِي لَمْ يُعْرَفْ إِلاَّ عَنْ رَاوٍ مُتَّهَمٍ بِالكِذْبِ، أَو الفِسْقِ، أَو فَاحِشِ الغَلَطِ.
١٢- الْمُدَلَّسُ: هُوَ الحَدِيثُ الَّذِي دَلَّسَ فِيهِ الرَّاوِيُّ بِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ التَّدْلِيْسِ، وَهُوَ عَلى وَجْهَيْنِ:
(تَدْلِيْسُ السَنَدِ: وَهُوَ أَنْ يَّرْوِيَ الرَّاوِيُ عَمَّنْ لَقِيَهُ مَا لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْهُ مُوْهِمًا سِمَاعَهُ.
(تَدْلِيْسُ الشُّيُوخِ: وَهُوَ أَنْ يَّرْوِيَ عَنْ شَيْخٍ حَدِيثًا سَمِعَهُ مِنْهُ فَيُسَمِّى شَيْخَهُ بِمَا لاَ يُعْرَفُ بِهِ كَيْ لاَ يُعْرَفَ لِضُعْفٍ فِيهِ أَو لِصِغَرِ سِنِّهِ.
١٣- الْمُرْسَلُ الْخَفِيُّ: هُوَ أَنْ يَّروِيَ الرَّاوِيُّ عَمَّنْ عَاصَرَهُ مَا لَمْ يَسْمَعْه مِنْهُ بِلَفْظٍ مُوْهِمٍ لِلسِّمَاعِ.
١٤- الْمُدْرَجُ: هُوَ الحَدِيثُ الَّذِي أَدْخَلَ الرَّاوِيُّ فِي مَتْنِهِ أَلْفَاظًا لَيْسَتْ مِنْهَا مِنْ غَيْرِ بِيَانٍ.
(ولاَ يَجُوزُ التَّعَمُّدُ بِالإِدْرَاجِ، وَمَا أُدْرِجَ لاَ يَكُونُ فِي حُكْمِ الْمَرْفُوعِ.
١٥- الْمَوْضُوعُ: هُوَ الخَبْرُ الْمَكْذُوبُ الْمَنْسُوبُ إِلى رَسُولِ اللهِ ﷺ افْتِرَاءً عَلَيْهِ.
فَلاَ يَجُوزُ عَزْوُهُ إِلى النَّبِيِّ ﷺ مِنْ غَيْرِ بِيَانٍ.
1 / 12
فصل في أنواع الحديث الغلط
١- الْمَقْلُوبُ: هُوَ الحَدِيثُ الَّذِي وَقَعَ فِي مَتْنِهِ أَو فِي سَنَدِهِ تَغْيِيْرٌ بِإِبْدَالِ لَفْظٍ بِآخَرَ، أَو بِتَقْدِيْمٍ وَتَأْخِيْرٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
كَأَنْ يَّكُونَ الحَدِيثُ مَشْهُورًا عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِاللهِ فَيُجْعَلُ عَنْ نَافِعٍ.
وَمِثَالُ القَلْبِ فِي الْمَتْنِ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ «حَتَّى لا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ» فَقَلَبَهُ الرَّاوِيُّ إِلى «حَتىَّ لا تَعْلَمَ يَمِينُهُ مَا تُنْفِقُ شِمَالُهُ» .
٢- الْمُصَحَّفُ: هُوَ الحَدِيثُ الَّذي وَقَعَ الْخَطَأُ فِي نُقَطِ حُرُوفِ مَتْنِهِ كَتَصْحِيْفِ أَبِي بَكْرِ الصُّولِيِّ كَلِمَةَ (سِتًّا) إِلى (شَيْئًا) فِي حَدِيثِ «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَأَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَال» .
وكَتَصْحِيْفِ ابْنِ لَهِيْعَةَ كَلِمَةَ (احْتَجَرَ) إِلى كَلِمَةِ (احْتَجَمَ) فِي حَدِيثِ «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ احْتَجَرَ فِي الْمَسْجِدِ» .
أَو فِي سَنَدِهِ كَتَصْحِيْفِ يَحْيى ابْنِ مَعِيْنٍ العَوَّامَ بْنَ مُرَاجِمٍ إلى مُزَاحِمٍ.
٣- المْحُرَّفُ: هُوَ مَا كَانَ فِيهِ التَّغْيِيْرُ فِي الشَّكْلِ وَالإِعْرَابِ كَتَحْرِيْفِ كُلاَبٍ إِلى كِلاَبٍ، وَجُنَاحٍ إِلى جَنَاحٍ.
(ويَجِبُ في كُلِّ ذَلِكَ رَدُّهُ إِلى الأَصْلِ الثَّابِتِ الصَّحِيْحِ، ثُمَّ يُعْمَلُ بِهِ إِنْ كَانَ صَحِيْحًا أَو حَسَنًا.
1 / 13
فصل
في أنواع الحديث من حيث عدد الرواة
قَسَّمُوهُ بِهَذَا الاِعْتِبَارِ إلى قِسْمَيْنِ رَئِيْسِيَيْنِ:
١- الْمُتَوَاتِرُ: وَاخْتَلَفُوا فِي تَعْرِيْفِهِ عَلَى رَأْيَيْنِ:
الأَوَّلُ: هُوَ الاِعْتِبَارُ بِعَدَدٍ مُعَيَّنٍ مِنَ الرُّوَاةِ في تَعْرِيْفِهِ كَحَدٍ فَاصِلٍ بَيْنَ الْمُتَوَاتِرِ وَغَيْرِهِ، فَجَعَلَهُ بَعْضُهُمْ خَمْسَةً، وَبَعْضُهُمْ سَبْعَةً، وَبَعْضُهُمْ عَشَرَةً، وَبَعْضُهُمْ اثْنَيْ عَشَرَةَ، وَبَعْضُهُمْ عِشْرِيْنَ، وَبَعْضُهُمْ أَرْبَعِيْنَ، وَبَعْضُهُمْ سَبْعِيْنَ، وَبَعْضُهُمْ ثَلَثَ مِائَةِ وَّبِضْعَةَ عَشَرَةَ، وَبَعْضُهُمْ أَرْبَعَ عَشَرَةَ مِائَةً، وَبَعْضُهُمْ خَمْسَ عَشَرَةَ مِائَةً، وَبَعْضُهُمْ سَبْعَ عَشَرَةَ مِائَةً، وَبَعْضُهُمْ مَا لاَ يَحْوِيْهِمْ بَلَدٌ، وَبَعْضُهُمْ جَمِيْعَ الأُمَّةِ كَالإِجْمَاعِ، وَغَيْرِ ذلِكَ مِنَ الأَقْوَالِ الكَثِيْرَةِ الْمُضْطَرِبَةِ وَالفَاسِدَةِ.
وَالثَّانِي: هُوَ الاِعْتِبَارُ بِحُصُولِ الْعِلْمِ وَالْيَقِيْنِ؛ فَكُلُّ مَا أَفَادَ الْيَقِيْنَ فَهُوَ مُتَوَاتِرٌ عِنْدَهُمْ، سَوَاءٌ أَحَصَلَ الْعِلْمُ لِكَثْرَةِ عَدَدٍ أَمْ لِصِفَاتِ الضَّبْطِ وَالإِتْقَانِ وَالْعَدَالَةِ؛ إِذِ الصِّفَاتُ عِنْدَهُمْ تَقُومُ مَقَامَ الْعَدَدِ مِنَ الرُّوَاةِ.
وَهذَا اخْتِيَارُ شَيْخِ الإِسْلاَمِ ابْنِ تَيْمِيَّة وَإِمَامِ الْحَرَمَيْنِ وَابْنِ الأَثِيْرِ وَغَيْرِهِمْ.
وَقَالَ الشُّوكَانِيُّ: وَهذَا قَولُ الْجُمْهُورِ.
٢- خَبَرُ الوَاحِدِ: وَهُوَ مُقَابِلُ الْمُتَوَاتِرِ؛ فَتَعْرِيْفُهُ عَلَى الرَّأْيِ الأَوَّلِ: مَا قَلَّ عَدَدُهُ عَن أَعْدَادِ التَّوَاتُرِ الْمَذْكُورَةِ.
وَأَقْسَامُهُ ثَلاَثَةٌ:
(الْمَشْهُورُ: وَهُوَ مَا رَوَاهُ ثَلاَثَةٌ فَأَكْثَر، حَيْثُ لَمْ يَبْلُغْ أَحَدَ أَعْدَادِ الْمُتَوَاتِرِ الْمَذْكُورَةِ.
(الْعَزِيْزُ: وَهُوَ مَا لَمْ يَقِلَّ عَدَدُ رُوَاتِهِ عَنِ اثْنَيْنِ، وَإنْ زَادَ عَنْهُ فِي بَعْضِ الطِّبَاقِ.
1 / 14
(الْغَرِيْبُ: وَهُوَ الَّذِي يَنْفَرِدُ بِهِ شَخْصٌ وَاحِدٌ فِي جَمِيْعِ طِبَاقِ السَّنَدِ أَوْ بَعْضِهَا.
وَعَلى الثَّانِي: مَا أَفَادَ الظَّنَ.
قُلْتُ: الأَصْلُ الثَّابِتُ الصَّحِيْحُ فِي قُبُولِ الأَخْبَارِ وَالَّذِي نَزَلَ بِهِ الشَّرْعُ وَاسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الأَمْرُ عِنْدَ أَصْحَابِ العُقُولِ الصَّحِيْحَةِ وَالْفِطْرَةِ السَّلِيْمَةِ، هُوَ السُّكُونُ وَالطُّمْأَنِيْنَةُ وَالْقَطْعُ بِأَخْبَارِ الثقات الْمَعْرُوفِيْنَ عِنْدَهُمْ بِالصِّدْقِ والأَمَانَةِ وَالاِعْتِدَالِ، مِنْ غَيْرِ تَكَلُّفٍ بِإِثَارَةِ الظُّنُونِ وَالوَسَاوِسِ حَوْلَهَا بِحُجَّةِ تَجْوِيْزِ الْعَقْلِ لأَنْوَاعٍ مِنَ الاِحْتِمَالِ، إِلاَّ فِي مُلاَبِسَاتٍ مُعَيَّنَةٍ وَظُرُوفٍ خَاصَّةٍ بِالْخَبْرِ تَدُلُّ عَلَى خِلاَفِ ذلِكَ، فَحِيْنَئِذٍ كَانُوْا يَلْجَئُوْنَ إِلَى التَّثَبُّتِ بِوَسَائِلَ أُخْرَى.
أَمَّا تَقْسِيْمُ الأَخْبَارِ إِلى تَوَاتُرٍ وَآحَادٍ ثُمَّ تَعْلِيْقُ إِفَادَةِ الْقَطْعِ وَاليَقِيْنِ كُلِّهِ مَعَ الْمُتَوَاتِرِ وَالظَّنِ كُلِّهِ مَعَ الآحَادِ فَلَيْسَ أَصْلًا مِنْ أُصُولِ الْمُسْلِمِيْنَ.
وَإنَّمَا هِيَ أَقْسَامٌ وَتَقْسِيْمَاتٌ وَمُقَدِّمَاتٌ وَنَتَائِجُ تَكَلَّمَ فِيْهَا مَنَاطِقَةُ اليُونَانِ أَوَّلًا، وَتَأَثَّرَ بِهَا فِيْمَا بَعْدَ ذلِكَ الْمُتَكَلِّمُونَ وَالفُقَهَاءُ وَالأُصُولِيُّونَ مِنَ الْمُسْلِمِيْنَ الَّذِيْنَ دَرَسُوا كُتَبَ الْمَنْطِقِ وَالْفَلْسَفَةِ اليُونَانِيَّةِ فَتَكَلَّمُوا بِلِسَانِهَا وَسَلَّمُوا لِنَتَائِجِهَا وَتَمَسَّكُوا بِكُلَّيَاتِهَا وَجُزْئِيَّاتِهَا تَمَسُّكَ الْمُقَلِّدِ الأَعْمَى.
ثُمَّ حُكَمَاءُ اليُونَانِ إِذْ قَسَمُوا أَخْبَارَهُمْ إِلى تَوَاتُرٍ وَآحَادٍ وَحَكَمُوا بِالْقَطْعِ لِلْمُتَوَاتِرِ وَالظَّنِّ لِلآحَادِ كَانُوا عَلَى نَوْعِ مِنَ الْمَعْقُولِيَّةِ، حَيْثُ أَنَّ مُجْتَمَعَهُمْ عَلى فَسَادٍ فِي الْعَقِيْدَةِ، وَانْهِيَارٍ فِي الْخُلُقِ وَالسُّلُوكِ، وَدِمَارٍ لِلْقِيَمِ الإِنْسَانِيَّةِ، وَمُقْتَضِيَّاتِ التَّثَبُّتِ وَالصِّدْقِ وَالأَمَانَةِ فِي الأَخْبَارِ وَغَيْرِهَا.
وَهُمْ مَعَ ذلِكَ حَكَمُوا عَلى أَخْبَارِ آحَادِهِمْ بِالظَّنِّ، وَكَانَ الْحَقُّ يَعْنِي أَنْ يُحْكَمَ عَلى أَخْبَارِ أَمْثَالِ هؤُلاء بِالشَّكِّ لاَ بِالظَّنِّ.
1 / 15
أَمَّا فَلاَسِفَةُ الإِسْلاَمِ وَحُكَمَاءُ الأُصُولِ إِذْ حَكَمُوا عَلى أَخْبَارِ رُوَاةِ الْحَدِيْثِ النَّبَوِيِّ الشَّرِيْفِ الَّذِيْنَ هُمْ زُبْدَةُ الْمُجْتَمَعِ الإِسْلاَمِيِّ وَالَّذِيْنَ هُمْ عَلى غَايَةِ مِّنَ الْعَدَالَةِ وَالتُّقَى، وَعَلى ذِرْوَةِ مِّنَ الحِفْظِ وَالإِتْقَانِ وَالتَّيَقُّظِ وَالذَّكَاءِ، وَعَلى قِمَّةِ مِّنَ الأَمَانَةِ وَالصِّدْقِ وَالصَّفَاءِ بِنَفْسِ حُكْمِ الْمُجْتَمَعِ الْفَاسِدِ وَهُوَ الظَّنُّ، لَمْ يُنْصِفُوا مَعَ الْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ وَالْحَقِّ وَالتَّحْقِيْقِ.
بَلْ فِي قَوْلِهِمْ بِالتَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْخَبَرَيْنِ - أَعْنِي بَيْنَ خَبَرِ الْمُجْتَمَعِ الْفَاسِقِ وَالْفَاسِدِ وَبَيْنَ خَبَرِ رُوَاةِ الْحَدِيْثِ الأَتْقِيَاءِ العُدُولِ - إِهْدَارٌ لِلْقِيَمِ الإِسْلاَمِيَّةِ السَّامِيَةِ وَالنَّبِيْلَةِ كُلِّهَا فِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ، وَهذَا وَاللهِ جَوْرٌ كَبِيْرٌ وَظُلْمٌ عَظِيْمٌ يَا أَخَوَانِي الْمُسْلِمِيْنَ.
1 / 16
فصل في أنواع التحمل وصيغ الأداء
١- السِّمَاعُ مِنْ لَفْظِ الشَّيْخِ: وَهُوَ أَنْ يَّقْرَأَ الشَّيْخُ مَرْوِيَّاتِهِ عَلى الطَّلَبَةِ مِنْ حِفْظِهِ أَو مِنْ كِتَابِهِ لِيَحْفَظُوهَا أَو لِيَكْتُبُوهَا اسْتِعْدَادًا لِرِوَايَتِهَا عَنْ الشَّيْخِ بِسَنَدِهِ.
وَهُوَ أَعْلى طُرُقِ تَحَمُّلِ الحَدِيثِ عَنْ الْمَشَايِخِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ.
وَيَجُوزُ لِلطَّالِبِ أَنْ يَّقُولَ: «حَدَّثَنَا وحَدَّثَنِي، أَو أَخْبَرَنَا وأَخْبَرَنِي، أَو أَنْبَأَنَا وأَنْبَأَنِي» حِينَ رِوَايَتِهِ مَا سَمِعَهُ عَنِ الشَّيْخِ الْمَذْكُورِ. إِلاَّ أَنَّ الأَحْوَطَ أَنْ يَّقُولَ «سَمِعْتُ» .
٢- الْقِرَاءَةُ عَلى الشَّيْخِ: وَهُوَ أَنْ يَقْرَأَ الطَّالِبُ الأَحَادِيثَ الَّتِي هِيَ مِنْ مَرْوِيَّاتِ الشَّيْخِ عَلى الشَّيْخِ وَهُوَ يَسْمَعُ.
وَالأَحْوَطُ أنْ يَّقُولَ الطَّالِبُ حِينِ أدَاءِ مَا تَحَمَّلَهُ عَنِ الشَّيْخِ فِي هذِهِ الحَالَةِ: قَرَأتُ عَلى فُلاَنٍ إنْ قَرَاَهُ هُوَ عَلى الشَّيْخِ، أو قُرِئَ عَلَيْه وَأنَا أَسْمَعُ إنْ قَرَأَ عَلَيهِ غَيْرُهُ، وَكَثِيرٌ مِنَ المُحَدِّثِينَ يُعَبِّرُونَ عَنْهَا بِكَلِمَةِ أخْبَرَنَا أو أخْبَرَنِي.
٣- الإجَازَةُ: وَهِيَ الإذْنُ بِالرِّوَايَةِ، كَأَنْ يَّقُولَ الشَّيْخُ لِطُلاَّبِهِ أجَزْتُ لَكُم أنْ تَرَوَوْا عَنِّي صَحِيْحَ البُخَارِي مَثَلًا، أو جَمِيْعَ مَسْمُوعَاتِي.
والصَّحِيْحُ الَّذِي عَلَيْه الجُمْهُورُ جَوَازُ الرِّوَايَةِ والعَمَلُ بِهَا.
والأولى أنْ يَّقُولَ الْمُجَازُ لَهُ حِيْنَ أَدَاءِ مَا أُجِيْزَ لَهُ: أَجَازَ لِي فُلاَنٌ. ويَجُوزُ لَه أنْ يَّقُولَ: حَدَّثَنِي أو أخْبَرَنِي فُلاَنٌ إجَازَةً. وَاصْطِلاَحُ الْمُتَأخِّرِينَ أنْ يَّقُولَ: أنْبَأنَا أو أنْبَأنِي.
٤- الْمُنَاوَلَةُ: وَهِيَ أنْ يَّدْفَعَ الشَّيْخُ كِتَابَهُ إلى الطَّالِبِ وَيَقُولَ لَهُ: هَذَا رِوَايَتِي عَنْ فُلاَنٍ فَارْوِهِ عَنِّي.
وَهِيَ طَرِيقَةٌ صَحِيحَةٌ لِلتَّحَمُّلِ.
1 / 17
والأفْضَلُ فِي أدَائِهَا أنْ يَّقُولَ: نَاوَلَنِي وَأجَازَ لِي. ويَجُوزُ لَهُ أنْ يَّقُولَ: حَدَّثَنِي مُنَاوَلَةً، أو أخْبَرَنِي مُنَاوَلَةً وإجَازَةً.
٥- الكِتَابَةُ: وَهِيَ أنْ يَكْتُبَ الشَّيْخُ مَسْمُوعَهُ لأحَدٍ بِخَطِّهِ أو بِأمْرِهِ، ويُجِيْزَ لَهُ رِوَايَةَ مَا كَتَبَهُ إلَيْهِ.
وَالرِّوَايَةُ بِهَا أيْضًا صَحِيْحَةٌ، وَألْفَاظُ أدَائِهَا: كَتَبَ إليَّ فُلانٌ، أو حَدَّثَنِي فُلانٌ كِتَابَةً، أو أَخْبَرَنِي فُلانٌ كِتَابَةً.
1 / 18
فصل في أسباب التوثيق للرواة
وَالتَّوْثِيْقُ: هُوَ وَصْفُ الرَّاوِيِّ بِمَا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ ضَبْطِهِ وَاسْتِقَامَةِ عَدَالَتِهِ.
وَالعَدَالَةُ تَثْبُتُ لأُمُوْرٍ تَالِيَةٍ:
١- الإسْلاَمُ: بِأنْ يَّكُونَ الرَّاوِيُّ مُؤمِنًا صَادِقًا غَيْرَ مُنَافِقٍ وَمُشْرِكٍ أو كَافِرٍ أو مُكَفَّرٍ بِسُوء اعْتِقَادٍ أوْ عَمَلٍ.
٢- الْعَقْلُ: بِأَنْ لاَّ يَكُونَ مَجْنُونًا مَعْتُوهًا.
٣- الْبُلُوغُ: بِأنْ لاَّ يَكُونَ صَبِيًاّ غَيْرَ مُمَيِّزٍ.
٤- الصِّدْقُ: بِأنْ يَكُونَ صَادِقَ اللَّهْجَةِ أَمِيْنًا، وَلا يَكُونُ كَاذِبًا، لا فِي حَدِيْثِ الرَّسُولِ ﷺ وَلا فِي حَدِيْثِ النَّاسِ. ... ٥- التَّقْوَى: أنْ يَّكُونَ وَرِعًا مُلْتَزِمًا، مُتَأَدِّبًا بِمَحَاسِنِ الأَخْلاَقِ وَجَمِيْلِ العَادَاتِ، وَلاَ يَكُوْنَ فاَسِقًا مُجَاهِرًا بِالكبَائِرِ أو مُصِرًّا عَلَى الصَّغَائِرِ، وَلا مُتَهَاوِنًا بِالوَاجِبَاتِ وَالفَرَائِضِ.
٦- الشُّهْرَةُ: بِأنْ يَّكُونَ مَعْرُوفَ الطَّلَبِ وَالرِّوَايَةِ، لَهُ مَشَايِخُ ثِقَاتٌ وَثَّقُوهُ، وَتَلامِذَةٌ مَعْرُوفُوْنَ رَوَوْا عَنْهُ، فَلاَ يَكُونُ مَجْهُولًا لا عَيْنًا وَلا حَالًا.
(وَمَا تَثْبُتُ بِهِ صِحَّةُ ضَبْطِهِ هُوَ:
١- أنْ يَّرْوِيَ مَرْوِيَّاتِهِ عَلَى وَجْهٍ صَحِيْحٍ، وَأنْ لاَّ يَغْلَطَ فِيْهَا غَلَطًا كَثِيْرًا.
٢- أنْ يَّكُونَ حِفْظُهُ قَوِيًاّ، فَيُتْقِنُ مَا يَحْفَظُهُ حَتَّى يُؤَدِّيَهَا عَلَى وَجْهِ الصَّوَابِ.
٣- أنْ يَّكُونَ يَقِظًا نَبِيْهًا عِنْدَ التَّحَمُّلِ، غَيْرَ مُغَفَّلٍ، وَغَيْرَ مَشْغُولِ البَالِ بِأمْرٍ آخَرَ وَقْتَ السِّمَاعِ فِي مجْلِسِ الشَّيْخِ.
٤- أنْ يُّحَدِّثَ مِنْ أَصْلٍ مُقَابَلٍ صَحِيْحٍ، وَلا يَرْوِيَ مِنْ نُسَخٍ غَيْرَ مُصَحَّحَةٍ.
٥- أنْ لاَّ يَكُونَ رِوَايَتُهُ مُخَالِفَةً لِرِوَايَاتِ الثِّقَاتِ إلاَّ نَادِرًا.
1 / 19
٦- أنْ لاَّ يَكُونَ جَاهِلًا بِمَدْلُولاَتِ الألْفَاظِ وَمَقَاصِدِهَا الشَّرْعِيَّةِ.
1 / 20