قرينة السياق ودورها في التقعيد النحوي والتوجيه الإعرابي في كتاب سيبويه

Ihab Salama d. Unknown
86

قرينة السياق ودورها في التقعيد النحوي والتوجيه الإعرابي في كتاب سيبويه

قرينة السياق ودورها في التقعيد النحوي والتوجيه الإعرابي في كتاب سيبويه

ژانرها

والمستغاث من أجله، ولا يتحقق بناء هذا الأسلوب إلا بالنداء؛ أي: أَنَّ المستغاث اصطلاحا لا يكون إلا منادى، ومثاله: يا لمحمد لعلي؛ ومعناه: الاستغاثة بمحمد من أجل إنقاذ على ومعونته») (١). والتعجب: هو «ــ كما يعرفه النُّحَاة ــ استعظام فعل فاعل ظاهر المزية بسبب زيادة فيه خفي سببها؛ بحيث لا يتعجب مما لا زيادة فيه ولا مما ظهر سببه. وقد عرَّفه الدماميني: بأَنَّه انفعال يحدث في النفس عند الشعور بأمر يجهل سببه») (٢). والتوكيد: «لفظ يتبع الاسم المؤكد لرفع اللَّبس وإزالة الاتساع، وإِنَّمَا تؤكد المعارف دون النكرات») (٣). في التعريفات السابقة يتضح بشِدَّة دور المُتَكَلِّم في هذه الأبواب، ومدى تَأَثُّره بالسِّياق، فالمُتَكَلِّم يستغيث إذا وقع في «شدة»، أو «أراد المعونة على دفع مضرة»، ويتعجب عندما «ينفعل نفسِيّا بأمر يجهل سببه»، ويتَّجه للتوكيد «إذا أراد أَنْ يزيل لبسا». والمُتَكَلِّم ــ كأحد مكوِّنات سياق الحال ــ نجد أَنّهُ نال قسطا من اهتمام صاحب الكتاب؛ فقد وظَّف سيبويه المُتَكَلِّم و«إمكانِيَّة سكوته» و«إرادته» في إقرار قواعد نحوِيَّة متعددة. استخدم سيبويه إمكانيَّة سكوت المُتَكَلِّم من عدمها كمعيار للوقوف على صحة تركيب ما أو فساده، أو تحديد دلالة الجملة خبرِيِّة كانت أم إنشائِيِّة، أو تحديد وجه إعرابي معين ورفض آخر، أو اختيار أداة معيَّنة ورفض أخرى. دليل ذلك: ١ ــ يقول سيبويه في أحد نصوصه: «ألا ترى أَنَّكَ تقول: سبحان الله، من هو وما هو! فهذا استفهام فيه معنى التعجب. ولو كان خبرا لم يجز ذلك؛ لأنَّهُ لا يجوز في الخبر أَنْ تقول: من هو وتسكت» (٤). ٢ ــ الاسم المحلى بـ «أل» بعد المنادى «أيّ، أَيَّة» في أسلوب النداء يعرب صفة ويرفع؛ «وإِنَّمَا صار وصفه لا يكون فيه إلا الرفع؛ لأَنَّكَ لا تستطيع أَنْ تقول: يا أيُّ، ولا: يا أيُّها وتسكت؛ لأنَّهُ مبهم يلزمه التفسير؛ فصار هو والرجل بمنزلة اسم واحد، كَأَنَّك قلت: يارجل» (٥).

(١) د. محمد سمير نجيب اللبدي: معجم المصطلحات النَّحْوِيَّة والصَّرْفِيَّة، ص ١٦٧ (٢) السابق، ص ١٤٣ (٣) ابن جني: اللمع في العَرَبِيَّة، ت: فائز فارس، دار الكتب الثقافيَّة، الكويت،) بدون تاريخ للطبعة (، ص ٨٤ (٤) سيبويه: الكتاب، ٢/ ١٨١ (٥) سيبويه: الكتاب، ٢/ ١٨٨

1 / 92