الآيات القرآنية الواردة في الرد على البدع المتقابلة دراسة عقدية

Ahmed bin Ali Al-Zamli d. Unknown
112

الآيات القرآنية الواردة في الرد على البدع المتقابلة دراسة عقدية

الآيات القرآنية الواردة في الرد على البدع المتقابلة دراسة عقدية

ژانرها

لذا فليست الوسطية منهجية السلامة والبحث عن الأسهل والتهاون في الدين، فالوسطية لا ترسمها الأذهان، ولكنها الحق الأصيل الذي جاء به النبي ﷺ، وقضى أمرها الرحمن ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا﴾ البقرة: ١٤٣. قال ابن مسعود ﵁: "خط لنا رسول الله ﷺ خطًا، وقال: هذا سبيل الله، ثم خط خطوطًا عن يمينه وعن يساره، وقال: هذه سُبل، على كل سبيل شيطان يدعو إليه، ثم قرأ: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (١٥٣)﴾ الأنعام: ١٥٣" (١). فوُحِد لفظ صراط الله وسبيله، وجمعت السبل المخالفة له (٢)، ليدلنا هذا على أن الخروج مفارقة الوسطية مظنة إلقاء العداوة والبغضاء بين أهل الإسلام؛ لأنها تقتضي التفرق شيعًا، وقد أشار إلى ذلك القرآن الكريم في قوله تعالى: ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ﴾ آل عمران: ١٠٥، وقوله: ﴿وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ﴾ الأنعام: ١٥٣، وقوله: ﴿مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (٣٢)﴾ الروم: ٣٢، وقوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ﴾ الأنعام: ١٥٩، وما أشبه ذلك من الآيات في هذا المعنى. وقد بين ﵊ أن فساد ذات البين هي الحالقة، وأنها تحلق الدين (٣). وجميع هذه الشواهد تدل على وقوع الافتراق والعداوة عند وقوع الابتداع (٤).

(١) أخرجه ابن ماجة في المقدمة باب اتباع رسول الله ﷺ برقم (١١)، صححه الألباني في صحيح ابن ماجة برقم (١١). (٢) شرح الطحاوية ت الأرناؤوط (٢/ ٧٩٩). (٣) رواه الإمام أبو داود في كتاب الأدب من سننه، باب في إصلاح ذات البين عن أبي الدرداء برقم (٤٩١٩)، والإمام الترمذي في كتاب صفة القيامة وصححه برقم (٢٥٠٩)، والإمام أحمد في المسند (٦/ ٤٤٤ - ٤٤٥) والإمام ابن عبد البر في جامع بيان العلم (٢/ ١٥٠)، والإمام ابن وضاح في البدع والنهي عنها (ص ٨٥ - ٨٦)، وصححه الشيخ الألباني كما في غاية المرام برقم (٤١٤) (ص ٢٣٧). (٤) الاعتصام للشاطبي (١/ ٢٠٧).

1 / 112