الخطاب القرآني لأهل الكتاب وموقفهم منه قديما وحديثا
الخطاب القرآني لأهل الكتاب وموقفهم منه قديما وحديثا
ژانرها
فحينما ظهر الحق للنجاشي ﵁ لم يتردد لحظة واحدة عن الإيمان بالله وبالرسول الخاتم محمدًا ﷺ، بل سارع في إيمانه مع أساقفته حينما سمعوا كلام الله وعرفوا أنه الحق وتأثروا به، ومع أن النجاشي كان حينها هو الملك، ولكنه لم يخف على ملكه حينما أراد بطارقته معارضته، بل زاده ذلك إيمانًا، وقال للمسلمين الذين هاجروا إليه: أنتم آمنون في أرضي! (١).
الفرع الثاني: ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العُزى (٢):
وأما ورقة بن نوفل فهو الذي كان قد تنصر في الجاهلية، وكان يكتب الإنجيل بالعربية، ... فحينما عرض عليه رسول الله ما يراه في المنام في بداية الوحي عرف أن ذلك هو نور الوحي والنبوة، وقد روت قصته خديجة ﵁ التي جاءت مع رسول الله إلى ورقة بن نوفل، وقالت: ﴿أَيْ عَمِّ: اسْمَعْ من بن أَخِيكَ. قال وَرَقَةُ بن نَوْفَل: يا ابن أَخِي مَاذَا تَرَى؟ فَأَخْبَرَهُ رسول اللَّهِ ﷺ خَبَرَ ما رَآهُ. فقال له وَرَقَةُ: هذا النَّامُوسُ الذي أُنْزِلَ على مُوسَى ﷺ يا لَيْتَنِي فيها جَذَعًا يا لَيْتَنِي أَكُونُ حَيًّا حين يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ. قال رسول اللَّهِ ﷺ: أَوَ مُخْرِجِيَّ هُمْ؟ قال وَرَقَةُ: نعم. لم يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِمَا جِئْتَ بِهِ إلا عُودِيَ، وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا﴾ (٣).
فتبين موقفه أنه كان إيجابيًا؛ حيث أنه وعد بنصرة هذا الدين والرسول، ولكن المنية وافته قبل ذلك.
وهناك الكثير من النصارى غير النجاشي وورقة بن نوفل ممن شرح الله صدورهم للإسلام، وهداهم للإيمان بالكتابين، ويصدق عليهم قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِن قَبْلِهِ هُم بِهِ يُؤْمِنُونَ وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ أُوْلَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ﴾ (٤)، وهذه المواقف وإن وقعت من بعض
(١) أخرجه أحمد بن حنبل في مسنده، باب حديث الهجرة، (١/ ٢٠٢) رقم: (١٧٤٠) سبق تخريجه في مناظرة جعفر بن أبي طالب مع النجاشي. (٢) ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى القرشي، ابن عم خديجة، مات قبل أن ينتشر الإسلام. انظر: الإصابة في تمييز الصحابة (٦/ ٦٠٧) مرجع سابق. (٣) أخرجه البخاري في صحيحه، باب بدأ الوحي على رسول الله ﷺ (١/ ٤) برقم: (٣) مرجع سابق، وأخرجه مسلم في صحيحه، باب بدأ الوحي على رسول الله ﷺ (١/ ١٤١) برقم: (١٦٠) مرجع سابق. (٤) سورة القصص الآية: (٥٢ - ٥٥).
1 / 179