219

القرآن ونقض مطاعن الرهبان

القرآن ونقض مطاعن الرهبان

ژانرها

علمًا أَنَّ الأَقانيمَ الثلاثةَ هي ثلاثُ ذواتٍ مُنفصلَة، فالآبُ عندهم هو الله، والابنُ عندَهم هو عيسى، والروحُ القُدُسُ هو جبريلُ ﵇، فكيف صارَتْ هذه الذواتُ والشخصياتُ المتباينةُ إِلهًا واحدًا جامعًا؟!. وزَعَمَ الفادي المفترِي أَنَّ القرآنَ يقولُ بالثالوث المقَدَّس مثلُ الإِنجيل، والثالوثُ القرآنيُّ هو: اللهُ وكلمتُه وروحُه!!. وأَينَ وردَتْ هذه الكلماتُ الثلاثُ بهذا اللفظِ في القرآن؟ إِنّ الفادي كاذبٌ مُفْتَرٍ مُدَّع. قالَ اللهُ في القرآن: (إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ) . لا تتكلمُ الآيةُ عن ثلاثةِ أَقانيم، وإِنما تُبطلُ الأَقانيمَ الثلاثة، وتَذْكُرُ حقيقةَ عيسى ابنِ مريمَ ﵇. وتَصِفُه بثلاثِ صِفات: الأُولى: أَنَّهُ رسولُ الله: جعلَه اللهُ نبيًّا رَسولًا، وأَرسلَه إِلى بني إِسرائيل. الثانية: أَنَّهُ كلمةُ الله: (وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ) . ومعنى كونِ عيسى ﵇ كلمةَ اللهِ: أَنَّ اللهَ خَلَقَه بكلمةِ " كُنْ " الكونيةِ التكوينيّة، التي يَخْلُقُ بها سبحانَه جميعَ المخلوقين. وهي الكلمةُ التي خَلَقَ بها أَبا البشر آدم ﵇، وقد أَشارَ لها في قولِه تعالى: (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٥٩) . أَيْ: أَنَّ اللهَ خَلَقَ عيسى بكلمتِه " كُنْ "، فكانَ كما أَرادَ الله، كما خَلَقَ آدمَ بكلمتِه " كُنْ "، فكانَ كما أَرادَ الله!. أَلْقى اللهُ العظيمُ كلمتَهُ " كُنْ " إِلى مريم، فكانت المخلوقَ عيسى الرسولَ ﵇، حيثُ تَخَلَّقَ عيسى في رحمِها، ولما نفخَ اللهُ فيه الروح، وضعَتْه مولودًا بشرًا. وكلُّ المخلوقاتِ يخلُقُها اللهُ العظيمُ بكلمتِه " كن "، التي خَلَقَ بها عيسى ﵇، وجاءَ هذا صَريحًا في قوله تعالى: (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٨٢) .

1 / 228