The Prophetic Biography Through the Most Important Books of Tafsir
السيرة النبوية من خلال أهم كتب التفسير
ناشر
مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة
ژانرها
السيرة النبوية من خلال أهم كتب التفسير
تمهيد:
يتفق العلماء على أن أهم ما ينبغي الرجوع إليه لتفسير القرآن الكريم هو القرآن الكريم نفسه (١)، وذلك أن القرآن الكريم يفصل ما أجمل، ويقيد ما أطلق، ويبين ما أبهم، ويؤكد الحدَث والحكم (٢) .
ويتفق العلماء أيضًا على أن المرحلة الثانية للتفسير بعد النظر في القرآن نفسه، هي الرجوع إلى السنة النبوية، لأنها شارحةٌ للقرآن، وموضِّحة له، قال الإمام الشافعي ﵀ " كل ما حكم به النبي ﷺ فهو مما فهمه من القرآن".
وقال ابن برَّجان (٣) في " الإرشاد في تفسير القرآن ": "ما قال النبي ﷺ من شيء فهو في القرآن، وفيه أصله، قرب أو بعد، فهمه من فهمه، وعمه عنه من عمه، قال الله تعالى: ﴿مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ﴾ [الأنعام: ٣٨] .
.... وهكذا حكم جميع قضائه، وحكمه على طرقه التي أتت عليه، وإنما يدرك الطالب من ذلك بقدر اجتهاده وبذل وسعه، ويبلغ منه الراغب فيه
_________
(١) مجموع فتاوى ابن تيمية (١٣/٣٦٣) وتفسير ابن كثير (١/٣) والبرهان للزركشي (٢/١٧٥) والإتقان للسيوطي (٢/١١٩٧) ونقل الإجماع على ذلك د. علي العبيد في " تفسير القرآن الكريم: أصوله وضوابطه " (٣٨) .
(٢) انظر أنواع تفسير القرآن للقرآن في: التفسير والمفسرون للدكتور الذهبي (١/٣٨ – ٤٠) وتفسير القرآن الكريم: أصوله وضوابطه للدكتور علي العبيد (٣٩ – ٤٤) .
(٣) عبد السلام بن عبد الرحمن بن أبي الرجال اللخمي الأفريقي ثم الإشبيلي. روى عن ابن منظور، وروى عنه عبد الحق الإشبيلي. من علماء القراءات والحديث والتصوّف. له " شرح الأسماء الحسنى ". توفي سنة ٥٣٦هـ. (طبقات المفسرين للداودي: ١/٣٠٦) .
1 / 2
حيث بلَّغه ربه ﵎؛ لأنه واهب النعم، ومقدِّر القسم " (١) .
وقال الشاطبي " السنة راجعة في معناها إلى الكتاب، فهي تفصيل مجمله، وبيان مشكله، وبسط مختصره، وذلك لأنها بيان له، فلا تجد في السنة أمرًا إلا والقرآن قد دلّ على معناه دلالة إجمالية أو تفصيلية " (٢) .
وقال الزركشي " لطالب التفسير مآخذ كثيرة، أمهاتها أربعة: الأول: النقل عن رسول الله ﷺ، وهذا هو الطراز الأول، لكن يجب الحذر من الضعيف فيه والموضوع، فإنه كثير..
قال الميموني: سمعت أحمد بن حنبل يقول: ثلاث كتب ليس لها أصول: المغازي والملاحم والتفسير (٣) قال المحققون من أصحابه: ومراده أن الغالب أنها ليس لها أسانيد صحاح متصلة (٤)، وإلا فقد صحّ من ذلك كثير.
_________
(١) البرهان للزركشي (١/١٢٩، ١٣٠) والبحر المحيط في أصول الفقه له أيضًا (٤/١٦٦) .
(٢) الموافقات (٤/١٢) ثم قيَّد ذلك بالسنن التكليفية والتفسيرية للقرآن، دون الأخبار الخارجة عن ذلك؛ لأنه أمر زائد على مواقع التكليف، وإنما أنزل القرآن للتكليف، ومثَّل له بحديث الأقرع والأعمى والأبرص، وحديث جريج، ونحو ذلك من القصص النبوية (٤/٥٥) .
(٣) رواه الخطيب في " الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع " (٢/٢٢٤) وعقَّب عليه بقوله: وهذا الكلام محمول على وجه، وهو أن المراد به كتب مخصوصة في هذه المعاني الثلاثة غير معتمد عليها، ولا موثوق بصحتها لسوء أحوال مصنفيها، وعدم عدالة ناقليها، وزيادات القصَّاص فيها. ونقله عنه السخاوي في خاتمة " المقاصد الحسنة " (٤٨١) والسيوطي في خاتمة " الدرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة " (٤٥٥) .
(٤) هذا قول شيخ الإسلام ابن تيمية في " مقدمة التفسير " (مجموع الفتاوى: ١٣/٣٤٦) وتفسيره أولى من تفسير الخطيب المتقدم؛ لأن الإمام نسب الضعف إلى نوع الفنّ، لا إلى كتاب معيَّن، فقال: المغازي، والتفسير، والملاحم. ولو أراد كتبًا معينة لسمَّاها. وثانيًا: أن مقولة الإمام أحمد تنطبق على عامة كتب المغازي والتفسير، ولا تخصّ كتبًا معينة. وثالثًا: أن مراد الإمام أحمد – والله أعلم – أن الغالب على هذه الفنون المراسيل، كما روي عنه: ليس لها إسناد. ولم يرِد أن هذه الأنواع من الكتب ضعيفة، بل أراد إثبات أن غالب رواياتها مرسلة، والمرسل إذا تعضَّد بغيره لم يبقَ ضعيفًا.
1 / 3
فمن ذلك تفسير الظلم بالشرك في قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ﴾ [الأنعام:٨٢]، وتفسير الحساب اليسير بالعرض، رواهما البخاري (١) .
وتفسير القوة في: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ﴾ [الأنفال:٦٠] بالرمي، رواه مسلم (٢) .
وكتفسير العبادة بالدعاء في قوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي﴾ [غافر:٦٠] (٣) " (٤) .
وتعريف السنة هو: ما أثر عن النبي ﷺ من قول أو فعل أو تقرير أو وصف (٥) .
فالسنة تشمل: الأقوال والأفعال والسيرة والشمائل، لذا فإنك تجد روايات ذلك كله في كتب السنة المتعددة كصحيح البخاري وغيره.
_________
١) الأول رواه البخاري عن عبد الله بن مسعود ﵁ (كتاب الإيمان/باب ظلم دون ظلم) ورواه مسلم في صحيحه أيضًا (كتاب الإيمان/باب صدق الإيمان وإخلاصه)، والثاني رواه البخاري عن أم المؤمنين عائشة ﵂ (كتاب العلم/باب من سمع شيئًا فلم يفهمه فراجع فيه حتى يعرفه)، ورواه مسلم في صحيحه أيضًا عنها (كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها/باب إثبات الحساب) .
(٢) رواه مسلم في صحيحه عن عقبة بن عامر ﵁ (كتاب الإمارة/باب فضل الرمي والحثِّ عليه) .
(٣) رواه أحمد وأصحاب السنن عن النعمان بن بشير ﵄.
(٤) البرهان (١/١٥٦، ١٥٧) .
(٥) السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي/د. مصطفى السباعي (٤٧) .
1 / 4
وسيرته ﷺ هي مظهر هذه التطبيقات العملية، فهي جزء من السنة النبوية التي يجب الرجوع إليها في تفسير القرآن، وبذا يُفهم قول أم المؤمنين عائشة ﵂ حين سئلت عن خُلق النبي ﷺ، فقالت "كان خُلُقُه القرآن" (١) .
فتطبيقات الرسول ﷺ العملية للقرآن تفسيرٌ له، كما أن في أقواله ﷺ ما هو تفسيرٌ له، قال شيخ الإسلام ابن تيمية " يجب أن يُعلم أن النبي ﷺ بين لأصحابه معاني القرآن كما بين لهم ألفاظه، فقوله تعالى: ﴿لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾ [النحل:٤٤] يتناول هذا وهذا " (٢) .
وقال ابن القيم " البيان من النبي ﷺ أقسام: أحدها: بيان نفس الوحي بظهوره على لسانه بعد أن كان خفيًا. الثاني: بيان معناه وتفسيره لمن احتاج إلى ذلك.. الثالث: بيانه بالفعل كما بيَّن أوقات الصلاة للسائل بفعله. الرابع: بيان ما سئل عنه من الأحكام التي ليست في القرآن، فنزل القرآن ببيانها.. إلخ " (٣) .
ولتوضيح هذا أقول: إن بيانه ﷺ للقرآن على وجوه (٤):
الأول: ما أوضح به معنى جملة أو مفردة من مفردات القرآن، وهذا يكون بالقول وبالفعل، فالقول: كتفسير المغضوب عليهم باليهود والضالين
_________
(١) رواه مسلم في صحيحه بمعناه (كتاب صلاة المسافرين وقصرها/باب جامع صلاة الليل) .
(٢) مجموع الفتاوى (١٣/٣٣١) .
(٣) إعلام الموقعين (٢/٢٩٥، ٢٩٦) .
(٤) انظر: الرسالة للإمام الشافعي (٩١) وأصول التفسير وقواعده لخالد العك (١٢٨) والتفسير والمفسرون للذهبي (١/٥٥ – ٥٧) .
1 / 5
بالنصارى (١)، وتفسير الصلاة الوسطى بالعصر (٢)، وتفسير الشاهد والمشهود بيوم الجمعة، ويوم عرفة (٣) .
والفعل كصلاته ﷺ صلاة الصبح بعد طلوع الشمس عندما نام عنها في أحد أسفاره، وتلاوته قوله تعالى: ﴿وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي﴾ [طه:١٤] (٤)، وكما كان ﷺ يصلي تطوعًا حيثما توجهت به راحلته في السفر (٥)، وهو توضيح معنى قوله سبحانه: ﴿فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ﴾ [البقرة:١١٥] وأن مما يشمله النوافل ولو مع القدرة على التوجه للقبلة، وكما يقول ﷺ في ركوعه وسجوده في الصلاة "سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي" يتأوَّل قوله سبحانه: ﴿فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا﴾ [النصر: ٣] (٦)، وهو توضيح لوقت هذا التسبيح وصيغته.
_________
(١) رواه أحمد والترمذي وحسَّنه وابن حبان عن عدي بن حاتم ﵁ (جامع الأصول: ٢/٧) .
(٢) رواه البخاري ومسلم عن علي ﵁، ورواه مسلم عن ابن مسعود ﵁، وله طرق أخرى (جامع الأصول: ٢/٤٩، ٥٠) .
(٣) رواه الترمذي عن أبي هريرة ﵁ بسند ضعيف، وأخرجه البيهقي عنه أيضًا بسند حسن (فضائل الأوقات للبيهقي: ٣٤٩) .
(٤) رواه الشيخان عن أنس ﵁ (البخاري: كتاب مواقيت الصلاة/باب من نسي صلاة، ومسلم: كتاب المساجد/باب قضاء الصلاة الفائتة: جامع الأصول: ٥/١٨٩) .
(٥) رواه الشيخان عن ابن عمر ﵄ (البخاري: كتاب تقصير الصلاة/باب صلاة التطوع على الدابة وحيثما توجَّهت به، ومسلم: كتاب صلاة المسافرين/باب جواز صلاة النافلة على الدابة في السفر حيث توجَّهت: جامع الأصول: ٥/٤٧٦) .
(٦) رواه الشيخان عن أم المؤمنين عائشة ﵂ (البخاري: كتاب صفة الصلاة/باب التسبيح والدعاء في السجود، ومسلم: كتاب الصلاة/باب ما يقال في الركوع والسجود: جامع الأصول: ٤/١٩١) .
1 / 6
الثاني: ما أزال به الإشكال عن فهمٍ مغلوط للآية، كتفسيره الظلم بالشرك في قوله سبحانه: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ﴾ [الأنعام:٨٢] (١)، لئلا يفهم منها مطلق الظلم. وتفسيره الخيط الأبيض والخيط الأسود بسواد الليل وبياض النهار (٢)، لئلا يفهم منها الخيط القطني.
الثالث: ما أكّد به معنى قرآنيًا، وهذا يكون بالقول وبالفعل، فالقول: كتأكيده أهمية الإيمان بالله (٣)، ووجوب الصلاة والزكاة (٤)، وفضل الذكر (٥)، وتحريم الربا (٦) .
والفعل كتطبيقه العبادات والمعاملات والأخلاق القرآنية.
وبفهم هذين النوعين من التفسير: القولي والفعلي، يحلّ الإشكال الواقع
_________
(١) رواه الشيخان عن ابن مسعود ﵁، وقد تقدم قريبًا.
(٢) رواه الشيخان عن عدي بن حاتم ﵁ (البخاري: كتاب الصوم/باب قول الله تعالى (وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود (، ومسلم: كتاب الصوم/باب بيان أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر: جامع الأصول: ٢/٢٨) .
(٣) كقوله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلّم في حديث جبريل " أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله.. الحديث " متفق عليه عن عمر ﵁.
(٤) كقوله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلّم " خمس صلوات كتبهن الله على العباد " رواه مالك وأبو داود والنسائي عن عبادة بن الصامت ﵁ (جامع الأصول: ٦/٤٤)، وقوله " اتقوا الله، وصلوا خمسكم، وصوموا شهركم، وأدوا زكاة أموالكم " رواه الترمذي وصححه عن أبي أمامة ﵁. (جامع الأصول: ٩/٥٤٥) .
(٥) كقوله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلّم " سبق المفرِّدون " قالوا: وما المفرِّدون يا رسول الله؟ قال " الذاكرون الله كثيرًا والذاكرات " رواه مسلم عن أبي هريرة ﵁ (كتاب الذِّكر والدعاء/باب الحث على ذكر الله تعالى: جامع الأصول: ٤/٤٧٥، ٤٧٦) .
(٦) كقوله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلّم " لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه " رواه الترمذي وصححه عن ابن مسعود ﵁، وأوله في صحيح مسلم (جامع الأصول: ١/٥٤٢) .
1 / 7
بين الفريقين المختلفين في مقدار ما بيَّنه ﷺ لأمته من تفسير القرآن (١)، ويكون تفسيره ﷺ بهذا الاعتبار يتناول أكثر آيات القرآن الكريم، والله أعلم.
_________
(١) الإتقان (٢/١٢٨٩) والتفسير والمفسرون للذهبي (١/٤٩) والتفسير النبوي خصائصه ومصادره/محمد عبد الرحيم محمد (٨) .
السيرة النبوية من خلال أهم كتب التفسير خطة البحث المبحث الأول: الآيات القرآنية المتعلقة بالسيرة النبوية: * المطلب الأول: استعراض الآيات القرآنية المتعلقة بالسيرة النبوية. * المطلب الثاني: دراسة الآيات، وأهم ملامحها. * المطلب الثالث: تناول كتب السيرة النبوية لهذه الآيات: وستكون الدراسة من خلال كتب السيرة التالية: مغازي الواقدي، مغازي عروة بن الزبير، سيرة ابن إسحاق. المبحث الثاني: تناول كتب التفسير للسيرة النبوية: * المطلب الأول: السيرة النبوية في تفسير ابن جرير الطبري. * المطلب الثاني: السيرة النبوية في تفسير ابن أبي حاتم. * المطلب الثالث: السيرة النبوية في تفسير ابن كثير. المبحث الثالث: مقارنة بين كتب السيرة النبوية وكتب التفسير: * المطلب الأول: الناحية التوثيقية. * المطلب الثاني: الناحية الموضوعية. * المطلب الثالث: الناحية التاريخية. الخاتمة: الخلاصة، وأهم النتائج والتوصيات.
السيرة النبوية من خلال أهم كتب التفسير خطة البحث المبحث الأول: الآيات القرآنية المتعلقة بالسيرة النبوية: * المطلب الأول: استعراض الآيات القرآنية المتعلقة بالسيرة النبوية. * المطلب الثاني: دراسة الآيات، وأهم ملامحها. * المطلب الثالث: تناول كتب السيرة النبوية لهذه الآيات: وستكون الدراسة من خلال كتب السيرة التالية: مغازي الواقدي، مغازي عروة بن الزبير، سيرة ابن إسحاق. المبحث الثاني: تناول كتب التفسير للسيرة النبوية: * المطلب الأول: السيرة النبوية في تفسير ابن جرير الطبري. * المطلب الثاني: السيرة النبوية في تفسير ابن أبي حاتم. * المطلب الثالث: السيرة النبوية في تفسير ابن كثير. المبحث الثالث: مقارنة بين كتب السيرة النبوية وكتب التفسير: * المطلب الأول: الناحية التوثيقية. * المطلب الثاني: الناحية الموضوعية. * المطلب الثالث: الناحية التاريخية. الخاتمة: الخلاصة، وأهم النتائج والتوصيات.
1 / 8
المبحث الأول: الآيات القرآنية المتعلقة بالسيرة النبوية
مدخل:
القرآن الكريم مصدر مهمّ من مصادر السيرة النبوية، وتظهر أهميته بما يتميز به عن بقية المصادر، وهو:
١. أنه حقٌّ كله: ﴿وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾ [فصِّلت: ٤١، ٤٢]، فلا مجال للشكّ في معلوماته، أو احتمال المبالغة في أحداثه، وبالتالي فإن جميع المصادر الأخرى يجب أن تحكَّم على ضوئه.
٢. أنه لا يخاطب جنسًا معينًا، أو قبيلة أو جيلًا واحدًا، بل هو للناس كافة ﴿إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ﴾ [ص:٨٧، ٨٨] لذا نجده يربط سيرة رسول الله ﷺ بسير الأنبياء السابقين ﵈، ويوضِّح الرسالة الواحدة الخالدة المشتركة بينهم.
٣. أنه لا يهتمّ بالعرض التاريخي لغرض التوثيق أو التسلية فحسب، وإنما يورد القصص لغرضين أساسيين:
الأول: تثبيت رسول الله ﷺ، وتسليته بما حدث لإخوانه من قبل: ﴿وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ﴾ [هود:١٢٠] .
الثاني: اتعاظ المؤمنين بما فيها، وأخذ العبرة منها، لتزيد ارتباطهم بالله سبحانه، وتُعدّهم للإيمان الحقّ، وتنبههم لما قد يحدث لهم بما فيه شَبَهٌ بمن قبلهم، والأيام دوَل، والتاريخ يعيد نفسه ﴿لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ
1 / 9
لأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ [يوسف:١١١] .
1 / 10
المطلب الأول: استعراض الآيات القرآنية المتعلقة بالسيرة النبوية:
يعرِّف الباحثون السيرة النبوية بأنها الأحداث المتعلقة بحياة رسول الله ﷺ منذ مولده حتى انتقاله إلى ربه ﷿ (١) .
ولذلك فإن مباحث السيرة النبوية تشتمل على خمسة عناصر (٢):
الأول: السيرة الذاتية: وهي ما يتعلق به ﷺ من ولادة، ونشأة، وزواج، وخدَم، ومتاع.
الثاني: النبوة والرسالة: وهو ما يتعلق بالوحي، والدعوة، ومواقف الناس منها.
الثالث: الغزوات والسرايا.
الرابع: الشمائل: وهي الآداب والأخلاق.
الخامس: الخصائص: وهي ما امتاز به ﷺ عن بقية الخلق.
وكل هذه العناصر وردت مجملةً في القرآن الكريم، ومفصَّلةً في كتب السير والمغازي، وللتعرف على حديث القرآن عن سيرة النبي ﷺ، فسأتناول ما ورد في القرآن الكريم عن كل عنصر من هذه العناصر الخمسة السابقة:
_________
(١) فقه السيرة النبوية/منير محمد غضبان (١٣) ومقدمة طه عبد الرءوف سعد لسيرة ابن هشام (١/هـ) .
(٢) كشف الظنون (٢/حاشية ١٠١٢) .
1 / 11
أولًا: السيرة الذاتية:
السورة
...
الآية أو الآيات القرآنية
...
الموضوع
البقرة
...
١٥١
...
عشيرته
آل عمران
...
١٤٤
...
أسماؤه
آل عمران
...
١٦٤
...
عشيرته
الأعراف
...
١٥٧، ١٥٨
...
أمِّيَّته
يونس
...
٢
...
بشريته
النحل
...
١٠٣
...
عربيته
الرعد
...
٣٧
...
عربيته
إبراهيم
...
٤
...
عربيته
الإسراء
...
٩٣
...
بشريَّته
الكهف
...
١١٠
...
بشريته
النور
...
١١ – ١٦، ٢٢ – ٢٦
...
قصة الإفك
الشعراء
...
١٩٥
...
عربيته
الشعراء
...
٢١٤
...
عشيرته
العنكبوت
...
٤٨
...
أمِّيَّته
الأحزاب
...
٦، ٢٨–٣٤، ٣٧،٣٨،٥٠–٥٥، ٥٩
...
أزواجه
الأحزاب
...
٤٠
...
أبوَّته
الأحزاب
...
٤٠
...
أسماؤه
يس
...
٦٩
...
عدم قوله الشعر
1 / 12
٤
...
عشيرته
الزمر
...
٢٨
...
عربيته
الشورى
...
٧
...
عربيته
الشورى
...
٢٣
...
عشيرته
محمد
...
٢
...
أسماؤه
الفتح
...
٢٩
...
أسماؤه
ص
...
٢
...
عشيرته
الصف
...
٦
...
أسماؤه
الجمعة
...
٢
...
أمِّيَّته
التحريم
...
١ – ٥
...
تعامله مع أزواجه
الضحى
...
٦
...
يتمه
المسد
...
١ – ٥
...
عمه أبو لهب وزوجته
ثانيًا: النبوة والرسالة:
السورة
...
الآية أو الآيات القرآنية
...
الموضوع
البقرة
...
١١٨
...
سؤال قريش المعجزات
البقرة
...
١١٩
...
إثبات رسالته
آل عمران
...
٨١، ١٦٤
...
إثبات رسالته
النساء
...
٦١
...
أذى المنافقين
النساء
...
٧٩، ١٦٦، ١٧٠
...
إثبات رسالته
1 / 13
١٥، ١٩
...
إثبات رسالته
المائدة
...
٤١
...
أذى المنافقين
الأنعام
...
٨، ٣٧، ١٠٩، ١١١
...
سؤال قريش المعجزات
الأنعام
...
٢٥، ٢٦، ٣٣، ٣٥، ٥٧، ٦٦، ١٤٨، ١٥٠
...
تكذيب قريش
الأنعام
...
١٠٥
...
اتهامه بالتعلُّم من غيره
الأعراف
...
١٥٨
...
إثبات رسالته
الأعراف
...
٢٠٣
...
سؤال قريش المعجزات
التوبة
...
٣٣
...
إثبات رسالته
التوبة
...
٥٨، ٦١، ٧٤
...
أذى المنافقين
يونس
...
١٥، ٣٩، ٤١
...
تكذيب قريش
يونس
...
٢٠
...
سؤال قريش المعجزات
هود
...
١٢
...
سؤال قريش المعجزات
الرعد
...
٧، ٢٧
...
سؤال قريش المعجزات
الرعد
...
٤٣
...
تكذيب قريش
الحجر
...
٧
...
سؤال قريش المعجزات
الحجر
...
٩٤
...
الجهر بالدعوة
النحل
...
١٠٣، ١١٣
...
تكذيب قريش
الإسراء
...
٩٠ – ٩٣
...
سؤال قريش المعجزات
طه
...
١٣٣
...
سؤال قريش المعجزات
الأنبياء
...
٢، ٣، ٥، ٦
...
تكذيب قريش
1 / 14
الأنبياء
...
٥
...
سؤال قريش المعجزات
النور
...
١١
...
أذى المنافقين
الفرقان
...
٤
...
تكذيب قريش
الفرقان
...
٧، ٨
...
سؤال قريش المعجزات
القصص
...
٤٨
...
تكذيب قريش
العنكبوت
...
٥٠
...
سؤال قريش المعجزات
السجدة
...
٣
...
تكذيب قريش
سبأ
...
٧، ٨، ٤٣، ٥٣
...
تكذيب قريش
فاطر
...
٤، ٤٢
...
تكذيب قريش
يس
...
٣
...
إثبات رسالته
يس
...
٧٦
...
تكذيب قريش
الصافات
...
١٢، ٣٦، ١٧٠
...
تكذيب قريش
ص
...
٤ – ٨، ٦٨
...
تكذيب قريش
الزمر
...
٦٤
...
تكذيب قريش
فصِّلت
...
٤، ٥
...
تكذيب قريش
الشورى
...
١٣، ٢٤
...
تكذيب قريش
الشورى
...
٥١
...
صور الوحي
الزخرف
...
٢٤، ٣٠، ٥٧، ٥٨، ٨٨
...
تكذيب قريش
الدخان
...
١٤
...
تكذيب قريش
الأحقاف
...
٧، ٨، ١٠
...
تكذيب قريش
1 / 15
الأحقاف
...
٢٩ – ٣٢
...
دعوته الجن
محمد
...
٢
...
إثبات رسالته
الفتح
...
٢٨
...
إثبات رسالته
ص
...
٢
...
تكذيب قريش
النجم
...
٥ – ١٨
...
الوحي
الطور
...
٣٠ – ٤٣
...
تكذيب قريش
القمر
...
٢، ٣
...
تكذيب قريش
المزمِّل
...
٥
...
شدَّة الوحي
المدَّثِّر
...
٥٣
...
تكذيب قريش
الجن
...
١ – ١٧
...
دعوته الجن
المنافقون
...
٨
...
أذى المنافقين
القلم
...
٨
...
تكذيب قريش
المعارج
...
٣٦، ٣٧
...
تكذيب قريش
عبس
...
٥، ٦
...
تكذيب قريش
التكوير
...
٢٣
...
الوحي
البينة
...
١
...
سؤال قريش المعجزات
1 / 16
ثالثًا: الغزوات والسرايا:
السورة
...
الآية أو الآيات القرآنية
...
الغزوة أو السرية
البقرة
...
٢١٧
...
سرية عبد الله بن جحش
آل عمران
...
١٢١، ١٢٢، ١٤٠، ١٤٣، ١٥٢ – ١٥٥، ١٦٥ – ١٦٨
...
أحُد
آل عمران
...
١٣، ١٢٣ – ١٢٨
...
بدر
آل عمران
...
١٧٢ – ١٧٥
...
حمراء الأسد
المائدة
...
٢
...
الحديبية
المائدة
...
٧
...
بيعة العقبة
المائدة
...
١١
...
ذات الرقاع، بنو النضير
الأنفال
...
١ – ١٤، ٣٦ – ٤٤، ٤٧ – ٥١، ٦٧ – ٧١
...
بدر
الأنفال
...
٣٠
...
الهجرة
التوبة
...
١ – ٣
...
حجة الوداع
التوبة
...
٢٥ – ٢٧
...
حنين
التوبة
...
٤٠
...
الهجرة
التوبة
...
٤١–٦٦،٨١– ٨٣،٩٠– ٩٦، ١١٧–١٢١
...
تبوك
الحج
...
١٩
...
بدر
القصص
...
٨٥
...
الهجرة
1 / 17
٩ – ٢٥
...
الأحزاب
الأحزاب
...
٢٦، ٢٧
...
بنو قريظة
محمد
...
١٣
...
الهجرة
الفتح
...
١ – ٢٣
...
صلح الحديبية
الفتح
...
١٥
...
خيبر
الفتح
...
٢٤ - ٢٧
...
فتح مكة
القمر
...
٤٥
...
بدر
الحشر
...
٢ – ٦، ١١ – ١٤
...
بنو النضير
الممتحنة
...
١ – ٩
...
فتح مكة
الممتحنة
...
١٠ – ١٢
...
الهجرة
المنافقون
...
١ - ٨
...
بنو المصطلق
النصر
...
١
...
فتح مكة
1 / 18
رابعًا: الشمائل:
السورة
...
الآية
...
الموضوع
آل عمران
...
١٥٣
...
ثباته في القتال
آل عمران
...
١٥٩
...
رحمته
المائدة
...
١٥
...
نوره
التوبة
...
٦١
...
رحمته
التوبة
...
١٢٨
...
رحمته
الأنبياء
...
١٠٧
...
رحمته
الأحزاب
...
٤٦
...
نوره
الأحزاب
...
٥٣
...
حياؤه
الزمر
...
٣٣
...
صدقه
القلم
...
٤
...
خُلُقه العظيم
التكوير
...
٢٢
...
عقله
1 / 19
خامسًا: الخصائص:
السورة
...
الآية
...
الموضوع
البقرة
...
١٤٤
...
القبلة
آل عمران
...
٨١
...
أخذ الميثاق على الأنبياء بالإيمان به
آل عمران
...
١١٠
...
أمته خير الأمم
آل عمران
...
١٤٤
...
ختم الرسالات به
آل عمران
...
١٥١
...
نصره بالرُّعب
المائدة
...
٤٨
...
هيمنة كتابه على الكتب السابقة
الأنعام
...
١٤، ١٦٣
...
هو أول المسلمين
الأنعام
...
٩٠
...
عموم رسالته
الأعراف
...
١٥٧
...
ذكره في التوراة والإنجيل
الأعراف
...
١٥٨
...
عموم رسالته
الأنفال
...
١٢
...
نصره بالرُّعب
الأنفال
...
٣٣
...
لا تعذَّب أمته وهو حيّ
الأنفال
...
٦٩
...
إحلال الغنائم له
التوبة
...
٣٣
...
عموم رسالته
يونس
...
١٠٨
...
عموم رسالته
الحجر
...
٩
...
حفظ دينه وكتابه
الحجر
...
٨٧
...
السبع المثاني والقرآن العظيم
1 / 20
١، ٦٠
...
الإسراء والمعراج
الإسراء
...
٧٩
...
المقام المحمود
الإسراء
...
٧٩
...
وجوب التهجُّد عليه
الأنبياء
...
١٠٧
...
عموم رسالته
الحج
...
٤٩
...
عموم رسالته
الفرقان
...
١
...
عموم رسالته
الأحزاب
...
٦
...
أزواجه أمهات المؤمنين
الأحزاب
...
٤٠
...
ختم الرسالات به
الأحزاب
...
٥٠
...
وهب النساء أنفسهن له
الأحزاب
...
٥٣
...
آداب دخول بيوته
الأحزاب
...
٥٦
...
صلاة الله وملائكته عليه
سبأ
...
٢٨
...
عموم رسالته
الزمر
...
١٢
...
هو أول المسلمين
الزمر
...
٤١
...
عموم رسالته
الفتح
...
٢
...
مغفرة جميع ذنوبه
الفتح
...
٢٨
...
عموم رسالته
الفتح
...
٢٩
...
ذكره في التوراة والإنجيل
الحجرات
...
٢
...
عدم الجهر له بالقول كسائر الناس
النجم
...
١٣ – ١٨
...
المعراج
المجادلة
...
١٢، ١٣
...
تقديم الصدقة بين يدي نجواه
1 / 21