The Prophetic Biography in Light of the Qur'an and Sunnah
السيرة النبوية على ضوء القرآن والسنة
ناشر
دار القلم
شماره نسخه
الثامنة
سال انتشار
١٤٢٧ هـ
محل انتشار
دمشق
ژانرها
والعبقري: هو الأصيل الرأي، البعيد النظر، الذي لا يفوقه أحد في حل المشكلات، من غير تعمّل، ولا تكلّف، وقد وصف به النبي ﷺ سيدنا عمر رضي الله تعالى عنه- ففي الحديث الذي رواه البخاري في صحيحه عن النبي ﷺ: «أريت في المنام أني أنزع بدلو بكرة على قليب، فجاء أبو بكر، فنزع ذنوبا أو ذنوبين نزعا ضعيفا «١»، والله يغفر له، ثم جاء عمر بن الخطاب فاستحالت- أي الدلو- غربا «٢»، فلم أر عبقريا يفري فريه، حتى روى الناس، وضربوا بعطن» «٣» . ولم أعلم أحدا غير عمر وصفه النبي ﷺ بالعبقري، وهو ما عبّر عنه النبي صلوات الله وسلامه عليه في حديث اخر «بالمحدّث» .
ففي الحديث الصحيح الذي رواه الشيخان البخاري ومسلم في صحيحيهما بسندهما عن النبي ﷺ قال: «لقد كان فيما قبلكم من الأمم محدّثون، فإن يكن في أمتي أحد فإنه عمر بن الخطاب» والمحدّثون: هم الملهمون في إصابة الحق والصواب، وفي حل المعضلات وابتداع ما لم يسبقوا إليه. قال الإمام الخطابي: «يلقى الشيء في روعه، فكأنه قد حدّث به، يظن فيصيب، ويخطر الشيء بباله فيكون» . وقال أبو أحمد العسكري وغيره: «هو من ألقي في روعه شيء من قبل الملأ الأعلى، فيكون كالذي حدثه غيره» «٤» . ووقع في بعض الروايات تفسير المحدّث بأنه «الملهم بالصواب الذي يلقى على فيه»، ووقع في
_________
(١) القليب: البئر، الذنوب: الدلو الملأى بالماء، وهو كناية عن قصر مدة خلافته- ﵁ وقلة الفتوحات لاشتغاله بحروب الردة وتثبيت دعائم الإسلام وبحسبه فضلا هذا.
(٢) الغرب: الدلو الكبير.
(٣) يفري فريه: يعمل عمله، ويقدر الأمور مثله، والعطن: مبارك الإبل حول الابار والمياه، والكلام كناية عن طول خلافته، وكثرة الفتوحات في عهده، وانتفاع الناس بثمرات الفتوح، وتدوينه الدواوين، وتمصيره الأمصار.
(٤) فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ج ٧ ص ٣٩، ٤٠.
1 / 18