The Prophetic Biography and the Call in the Meccan Era
السيرة النبوية والدعوة في العهد المكي
ناشر
مؤسسة الرسالة
شماره نسخه
الأولى ١٤٢٤هـ
سال انتشار
٢٠٠٣م
ژانرها
ولقد كانت المجوسية في عصر ظهور الإسلام خليطا من كل هذه الآراء، فلقد تناسى الفرس وحدانية زرادشت، وتمسكوا بثنائية المانوية، بل كان العامة منهم يؤلهون بعض القوى الطبيعية، ويقدسون بعض الحيوانات، ويؤمنون أن روح الإنسان بعد الموت تنتظر ثلاثة أيام، وفي فجر اليوم الرابع تهب ريح إما معطرة إن كان صاحب الروح خيرا، أو نتنة إن كان صاحبها شريرا، وبعد ذلك تذهب الروح مع فتاة أو عجوز لتحاكم وتأخذ جزاءها١.
وكان الفرس قبيل ظهور الإسلام يعبدون النار ويقدسونها، مؤمنين بقوتها وشرفها، حتى لا يعذبوا بها في الآخرة، وقد بنوا لها بيوتا للعبادة في كثير من نواحي الدولة، ففي طوس وبخارى وغيرهما أقيمت البيوت، ومن المعلوم أن عبادة النار مع طول الزمن تغيب فلسفتها وأسباب وجودها، وتبقى هي بقداستها أمام العامة والجماهير الغفيرة بعقولها المغيبة، وبذلك يزداد الفساد والضلال كما حصل لعبدة الأوثان من العرب، فإنهم بدءوها تقديرا لأشخاص، ثم تصوروها آلهة، وتناسوا كل ما يتصل بوجودها.
وقد أطلق مسمى "المجوسية" على هذا الخليط الموروث من الأقدمين، ومن زرادشت، وماني، وغيرهم، وصار للمجوسية دولة كبرى تدافع عنها، هي الإمبراطوية الفارسية المنافسة لدولة الروم قبل ظهور الإسلام، وكان الفرس يعظمون ملوكهم ويقدسونهم، ويزعمون أن الله اختار هؤلاء الملوك وأعطاهم ملكه؛ ليكونوا ظله بين الناس، فلهم الطاعة، وليس لأحد قبلهم حق، وبلغ هذا الاعتقاد أشده أيام الأسرة الساسانية٢، التي وجدت قبيل ظهور الإسلام.
_________
١ الفلسفة الشرقية ص١٩٥، ١٩٦.
٢ وحدة الدين ص١١١.
1 / 77