The Prophetic Biography and Islamic History
السيرة النبوية والتاريخ الإسلامي
ناشر
دار السلام
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤٢٨ هـ
محل انتشار
القاهرة
ژانرها
[بحوث في السيرة النبوية والتأريخ الإسلامي]
بسم الله الرّحمن الرّحيم
مقدّمة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم المرسلين، محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه أجمعين.
وبعد:
فهذا الكتاب الذي بين يديك أيها القارئ الكريم يحتوي على مجموعة من البحوث في السيرة النبوية المطهرة، والتاريخ والفكر الإسلامي، أعدت بصورة مركّزة وبقراءة ورؤية جديدة لموضوعاتها، بعضها نشر في مجلات علمية، وبعضها ألقي في ندوات ومؤتمرات علمية محلية ودولية. ونظرا لأنها مبعثرة في العديد من المجلات وأعمال الندوات فقد رأيت- وأرجو أن أكون على صواب- أنّ جمعها.
في كتاب واحد قد يكون أكثر فائدة للعلم والمعرفة.
وقد ظهرت هذه البحوث على فترات زمنية متباعدة، تزيد على ربع قرن من الزمان، وقد اقتضت طبيعة ترتيبها في هذا الكتاب ألّا نقتفي أثر ظهورها زمنيّا، فقد اختلف الترتيب هنا، وروعي فيه قرب البحوث من بعضها موضوعيّا بقدر الإمكان.
وقد بدأتها هنا بالبحث الذي يحمل عنوان: «أوائل المؤلفين في السيرة النبوية» وهو آخرها ظهورا فقد نشر في العام الماضي (١٤٢٦ هـ/ ٢٠٠٥ م) . وكان استهلالا طيبا ومباركا؛ لأنه يتحدث عن بداية التفكير في تدوين أحداث السيرة النبوية المطهرة، واهتمام الصحابة رضى الله عنهم والتابعين بها، فهي خير ما يجب أن يتدارسه المسلمون، ويعنى به الباحثون، ففيها ما ينشده المسلم طالب الكمال في الدين والدنيا، فهي المدرسة النبوية التي تخرج فيها أعظم النماذج البشرية، والجيل الفريد من أصحاب رسول الله ﷺ. فكان منهم الخليفة الراشد، والقائد الفذ، والبطل الفاتح، والسياسي الحصيف، والفقيه الكبير، والإداري القدير، والتاجر الناجح، والزارع، والصناع؛ الذين يؤمنون بأن العمل عبادة، بل كان منهم المحتطب الذي يرى في الاحتطاب عملا شريفا يرفع عنه ذل السؤال، لكل هذا- وغيره كثير- كان اهتمام المسلمين بسيرة النبي ﷺ منذ عصر الصحابة والتابعين وإلى يوم الناس
1 / 3
هذا، وسيظل إلى أن تنتهي الحياة على هذه الأرض؛ لأنهم بهرتهم أعمال الرسول ﷺ وجهاده وقدرته الفائقة على العمل والبناء وتعمير الحياة.
ففي غضون عقدين من الزمان تقريبا بلّغ الرسالة الإسلامية العالمية الخالدة وأدّى الأمانة، وأسس دولة وأنشأ حضارة، ووحّد أمة وربّاها على الخلق القويم وهيأها لتفتح معظم العالم المعمور آنئذ وتملأه عدلا ورحمة وبرّا وسماحة.
فكان علينا أن ننوه بفضل وجهود العلماء الذين أسدوا لنا هذه المكرمة الجليلة، ونقلوا لنا سيرة رسولنا ﷺ موثقة غاية التوثيق، مما سيراه القارئ الكريم في ثنايا البحث.
البحث الثاني: وعنوانه: «صدى الدعوة في مدن الحجاز- غير مكة- كالطائف والمدينة» وقد ألقي في الندوة العالمية الثالثة لتاريخ شبه الجزيرة العربية «عصر الرسول والخلفاء الراشدين» التي نظمتها جامعة الملك سعود بالرياض بالمملكة العربية السعودية في الفترة من (١٥- ٢١ محرم ١٤٠٤ هـ/ ٢١- ٢٧ أكتوبر ١٩٨٣ م) . وطبع في أعمال تلك الندوة وقد عنيت في هذا البحث ببيان الحالة الدينية في شبه جزيرة العرب بصفة عامة، وفي الحجاز بصفة خاصة قبل ظهور الإسلام، ثم وضحت موقف أهل الطائف- قبيلة ثقيف- من الدعوة الإسلامية، والأسباب التي جعلتهم يقفون ذلك الموقف العدائي من الرسول ﷺ وبصفة خاصة عندما ذهب إليهم في ديارهم- فحتى بعد أن فتحت مكة المكرمة وأسلم أهلها، ظل أهل الطائف على عنادهم ما يقرب من عام قبل أن يعلنوا إسلامهم.
ثم بيّنت موقف أهل يثرب- المدينة المنورة- الأوس والخزرج من الدعوة الإسلامية، وأسباب التحول الذي حدث في موقفهم، وجعلهم يقتربون من النبي ﷺ، ويؤمنون به ويبايعونه على نصرته ويستقبلونه في بلدهم، ويضحون من أجل دعوته بأنفسهم وأموالهم، ووضّحت أثر اليهود في هذا التحول.
البحث الثالث: وعنوانه: «العلاقات بين المسلمين وقريش من الهجرة إلى بدر» وقد نشر في مجلة كلية العلوم الاجتماعية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض. العدد الرابع سنة (١٤٠٠ هـ/ ١٩٨٠ م) . في هذا البحث وضحت الخطوط الرئيسية لسياسة الرسول ﷺ بعد الهجرة نحو قريش، عدوه الرئيسي في تلك المرحلة، وأبرزت النشاط العسكري والسياسي الذي بذله ﷺ في تلك الفترة
1 / 4
القصيرة- نحو عام ونصف- وظهر لي أن هدف هذه السياسة هو محاصرة قريش التي ما فتئت تلاحق المسلمين في مهاجرهم، وتكيد لهم، وتؤلب عليهم مشركي يثرب ويهودها.
أقول: محاصرة قريش لا بهدف إهلاكها؛ بل بهدف ترويضها وحملها على تغيير موقفها من الدعوة الإسلامية، فكثف من حملاته العسكرية- خرجت من المدينة فيما بين الهجرة وبدر ثمان حملات عسكرية أربع غزوات وأربع سرايا- وكان الهدف هو تحييد القبائل القاطنة في المنطقة الساحلية الواقعة بين مكة المكرمة والمدينة المنورة، مثل: خزاعة وجهينة وضمرة ... إلخ؛ لأن هذه القبائل كان لها بقريش علاقات وطيدة، لكن النبي ﷺ نجح في الارتباط معها بعدد من المعاهدات كان لها أثر كبير حين حان اللقاء الحاسم في بدر الكبرى.
البحث الرابع: وعنوانه: «العلاقات بين المسلمين والروم في ضوء غزوة تبوك» .
في هذا البحث نوّهت بالعلاقات بين المسلمين والروم في العهد المكي من الدعوة الإسلامية، ووضحت أن المسلمين أظهروا نحو الروم ودّا واضحا أثناء حربهم مع الفرس وتعاطفوا معهم؛ لأنهم أهل كتاب، وأحزنهم أن الفرس كانوا منتصرين على الروم في البداية، ولكن الله ﷾ طمأنهم في صدر سورة الروم أن النصر سيكون حليف الروم في النهاية ويومئذ سيفرح المؤمنون بنصر الله. وهذا يؤكد أن الإسلام من خلال نصوص القرآن الكريم كان يود أن تقوم بين المسلمين والروم علاقات وديّة، لا بين المسلمين والروم فحسب بل بين المسلمين وأهل الكتاب على وجه الإجمال؛ والدليل على ذلك: أن الرسول- ﵊ حين نصح بعض أصحابه أن يهاجروا من مكة فرارا من اضطهاد أهلها لهم، سألوه: إلى أين يا رسول الله؟ قال ﷺ: «إلى الحبشة»، فسألوه مرة أخرى: ولماذا الحبشة؟ قال:
«لأنها بلاد صدق وفيها ملك لا يظلم عنده أحد» وهذا الملك كما هو معروف كان مسيحيّا وهو النجاشي.
فإذا أضفنا إلى ذلك الرسائل السلمية الودية التي أرسلها النبي ﷺ إلى الإمبراطور هرقل، إمبراطور الروم وأكبر عاهل مسيحي على وجه الأرض في ذلك الزمان؛ تأكد لنا مرة أخرى أن الإسلام كان ينشد إقامة علاقات ود وحسن جوار مع الروم وكل أهل الكتاب، وكان من المفترض أن يحدث ذلك، لكن الذي حدث هو
1 / 5
العكس؛ الصدام والعداء، وسيرى القارئ الكريم من خلال هذا البحث- وغيره من البحوث- على من تقع مسؤولية ذلك الصدام وذلك العداء.
البحث الخامس: وعنوانه: «الإدارة في عهد النبي ﷺ»، وقد ألقي في الجمعية المصرية للدراسات التاريخية، في الموسم الثقافي (١٩٨٢- ١٩٨٣ م) وكان ردّا على محاضرة ألقاها في نفس الموسم الأستاذ الدكتور حسين مؤنس- رحمه الله تعالى- فاجأ الحاضرين وقتها بأفكار غريبة غاية الغرابة، وشاذة غاية الشذوذ عما تعارف عليه المسلمون عبر أربعة عشر قرنا من الزمان، حيث أنكر أن يكون الرسول- ﵊ قد أقام دولة إسلامية في المدينة بعد الهجرة، وادعى أن الإسلام لا يدعو إلى إقامة دولة، وكل ما عمله الرسول ﷺ في المدينة هو بناء مجتمع إسلامي، ولا أدري كيف يكون هناك مجتمع بدون حكومة ودولة؟!.
على كل حال قوبل هذا الرأي الغريب بإنكار واستنكار شديدين من جميع الحاضرين، وتصدّى للأستاذ المحاضر الدكتور عبد العزيز صالح أستاذ التاريخ القديم بجامعة القاهرة ﵀ وفنّد كل ما أدلى به الدكتور حسين مؤنس من آراء وحجج، ثم طلب مني أن أعد بحثا للرد على هذا فكان هذا البحث الذي أكدت فيه من خلال نصوص القرآن الكريم وأحاديث الرسول ﷺ وتصرفاته العملية أن الإسلام دين ودولة، وأن الرسول- ﵊ قد أقام هذه الدولة في المدينة المنورة، وأنه كان يباشر كل مهمات رئيس الدولة، وفي غضون السنوات العشر التي أقامها في المدينة اكتملت لدولته كل مقومات الدولة وأجهزتها ومؤسساتها الدفاعية والأمنية والإدارية والإعلامية ... إلخ.
وقد نشر هذا البحث في مجلد ضم المحاضرات التي ألقيت في الجمعية من (١٩٧٨- ١٩٨٣ م) .
البحث السادس: وعنوانه: «دولة الإسلام وعلاقاتها الدولية في عهد النبي ﷺ» وقد نشر في مجلة كلية العلوم الاجتماعية بالرياض- سبق ذكرها- في العدد الثاني سنة (١٣٩٨ هـ- ١٩٧٨ م)، وهذا البحث يختلف في مضمونه وهدفه عن البحث السابق؛ فالبحث السابق يتحدث عن البنية الداخلية للدولة الإسلامية، وهذا البحث يتحدث عن علاقاتها الخارجية، منطلقا من أن الدعوة الإسلامية دعوة عالمية، والدولة الإسلامية التي قامت على أساس الشريعة الإسلامية
1 / 6
لا بدّ أن تكون لها علاقات مع غيرها من الدول غير الإسلامية، وأن تكون لهذه العلاقات أسس وقواعد ثابتة، وأهم تلك الأسس والقواعد: أن علاقات المسلمين بغيرهم تقوم على السلام؛ فالسلام هو الأصل، وأن كل عهد أن اتفاق يتم بين المسلمين وغيرهم لا بدّ من الوفاء به وفاء تامّا.
وسيرى القارئ من خلال هذا البحث كيف صاغت الدولة الإسلامية علاقاتها الخارجية منذ عهد الرسول ﷺ.
البحث السابع: وهو البحث الأول من مجموعة التاريخ وعنوانه: «قراءة تاريخية جديدة في موقف عمر بن الخطاب رضى الله عنه من الفتوحات الإسلامية» وقد ألقي في سيمنار التاريخ الإسلامي في كلية الآداب جامعة عين شمس في الموسم الثقافي لقسم التاريخ بها سنة (١٩٩٣/ ١٩٩٤ م) . ثم نشر في مجلة كلية اللغة العربية بالقاهرة، العدد الثالث عشر سنة (١٤١٥ هـ/ ١٩٩٥ م) . وهذا البحث كما سيرى القارئ الكريم كان ردّا على ما قاله بعض أساتذة التاريخ في ندوة لاتحاد المؤرخين العرب بالقاهرة في نوفمبر سنة (١٩٩٣ م) عن الفتوحات الإسلامية، وعن عمر بن الخطاب رضى الله عنه بالذات وتوجيهه لتلك الفتوحات، وأنه كان رجلا ارتجاليّا يتخذ قراراته بدون تمحيص، وبصفة خاصة في موقفه من إنشاء أسطول إسلامي يحمي شواطئ المسلمين من هجمات أعدائهم، حيث كان يجهل أمر البحر، الأمر الذي جعله يحظر إنشاء أساطيل إسلامية- هكذا فهم أستاذ التاريخ- وقد أدهشني أن بعض أساتذة التاريخ بعد كل تلك القرون يجهل أسباب وأهداف الفتوحات الإسلامية، ويتهم عمر بن الخطاب بالجهل، ولما كان هذا الرأي غريبا فقد استنكره كثيرون غيري، ثم طلب منّي أحد أساتذة التاريخ في كلية الآداب بجامعة عين شمس أن أعد بحثا لتوضيح هذه الأمور فكان هذا البحث.
البحث الثامن: وعنوانه: «دور المصريين في إنشاء البحرية الإسلامية» هذا البحث نشر في كتاب تذكاري أصدره المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بالقاهرة سنة (١٤٢٤ هـ/ ٢٠٠٣ م) بمناسبة مرور أربعة عشر قرنا على الفتح الإسلامي لمصر، وقد أبرزت فيه دور المصريين المسيحيين في إنشاء الأساطيل البحرية الإسلامية- عندما دعت الضرورة إلى ذلك؛ لأنهم أصحاب خبرة طويلة وعميقة في صناعة السفن الحربية، ولم يقتصر دور المصريين على صناعة السفن للأسطول المصري، بل وقع عليهم عبء بناء أساطيل الشام وشمال إفريقيا، وقد قاموا بهذا
1 / 7
العمل العظيم بكل اقتدار وأمانة وإخلاص؛ لأنهم وجدوا من الدولة الإسلامية كل تقدير واحترام وتسامح وسخاء في الأجور والمرتبات.
البحث التاسع: وعنوانه: «الفتح الإسلامي لبلاد ما وراء النهر وانتشار الإسلام هناك» ألقي هذا البحث في ندوة عقدت في رحاب جامعة الأزهر عن الإسلام في آسيا الوسطى. وفيه ألقيت الضوء على أحوال سكان تلك البلاد قبل الفتح الإسلامي لها، ثم على أسباب ودوافع ذلك الفتح، والجهود التي بذلها المسلمون في انتشار الإسلام، وكيف تحولت تلك البلاد من الوثنية إلى الإسلام، بل وتحمست له وتولت نشره فيما جاورها من بلاد- مثل الصين- وكيف رسخ الإسلام في تلك البلاد رسوخ الجبال، وأصبحت من أهم مراكز الحضارة الإسلامية، ومنها خرج أعظم علماء المسلمين في شتّى العلوم.
البحث العاشر: وعنوانه: «تبادل الوفود والهدايا بين خلفاء المسلمين والأباطرة البيزنطيين» وقد ألقي في الندوة العلمية التي عقدت في رحاب جامعة فلورنسا بإيطاليا بالاشتراك مع جامعة الأزهر (في المحرم ١٤١٨ هـ/ مايو ١٩٩٧ م) تحت عنوان: «الإسلام وأوربا ثلاثة عشر قرنا من التاريخ المشترك» وجاءت محاولة من المحاولات الكثيرة التي تبذل في هذه الأيام للتقريب بين العالمين الإسلامي والمسيحي، وإزالة الجفاء وسوء الفهم لمصلحة الجميع.
وقد أسهمت في تلك الندوة بهذا البحث الذي قامت فكرته الأساسية على أن العلاقات بين المسلمين والبيزنطيين لم تكن دائما علاقات حروب وصدامات على الحدود، بل قامت بينهم علاقات متنوعة من الود وتبادل المنافع والخبرات في شتّى المجالات، وتبادل الوفود والهدايا والمجاملات في كثير من المناسبات.
البحث الحادي عشر: وعنوانه: «الأمويون ودورهم في نقل الحضارة العربية الإسلامية إلى الأندلس» أعد هذا البحث ليلقى في المؤتمر الدولي الذي نظمته رابطة الجامعات الإسلامية بالتعاون مع معهد الفتح بدمشق، وكلية الدراسات الأندلسية بغرناطة بأسبانيا. والذي عقد في غرناطة في نهاية سنة (٢٠٠٣ م) تحت عنوان:
«أثر الحضارة الإسلامية في الغرب ودور أسبانيا في نقلها» وهذا المؤتمر كسابقه جرى في سياق تحسين العلاقات بين الشرق الإسلامي والغرب المسيحي، وبعث الصفحات المشرقة في تاريخ تلك العلاقات.
1 / 8
ومع أني لم أتمكن من حضور ذلك المؤتمر؛ فقد قدمت ذلك البحث للجنة المنظمة، وفيه ألقيت الضوء على الدور العظيم الذي قام به الأمويون- من خلال دولتهم في الأندلس- في نقل الحضارة الإسلامية من المشرق الإسلامي إلى الأندلس، التي نقلتها بدورها إلى بقية بلاد أوربا، التي بنت عليها نهضتها وحضارتها الحاضرة.
البحث الثاني عشر: وعنوانه: «واقع الإنسان في المجتمعات الإسلامية المعاصرة» وقد ألقي في الملتقى الدولي الذي نظمه المعهد الوطني للتعليم العالي والحضارة الإسلامية في وهران بالجمهورية الجزائرية في الفترة من (٢- ٤ شعبان ١٤١٩ هـ/ ٢١- ٢٣ نوفمبر ١٩٩٨ م) تحت عنوان: «الإسلام والدراسات المستقبلية» ونشر في مجلة كلية اللغة العربية بالقاهرة العدد السابع عشر سنة (١٤١٩ هـ/ ١٩٩٩ م) .
وقد أسهمت بهذا البحث في ذلك الملتقى الذي لعله الأول من نوعه في العالم العربي؛ لأن العرب لم يتنبهوا إلى أهمية الدراسات المستقبلية إلا أخيرا، بعد أن سبقهم إليها غيرهم بزمن طويل- كالعادة- فالدراسات المستقبلية تنبه الأمم والشعوب إلى ما سيحدث في المستقبل ليستعدوا له ولا يفاجؤوا؛ لئلا يربكوا، ولا جدال في أن المسلمين فوجئوا بأحداث عالمية خطيرة أثرت في حاضرهم ومستقبلهم دون أن يكونوا مستعدين لذلك فحدث لهم ما لا يخفى على أحد.
وفي هذا البحث تحدثت عن واقع الإنسان في المجتمعات الإسلامية المعاصرة، والمشكلات التي تواجهه، وطرق حلها إذا صحت النوايا وتوفرت الإرادة لدى أهل الحكم في البلاد العربية.
البحث الثالث عشر والأخير: وعنوانه: «نشأة الاستشراق وتطوره إلى نهاية الحروب الصليبية» وقد ألقي في الملتقى الدولي الذي نظمته كلية العلوم الإنسانية والحضارة الإسلامية بجامعة وهران بالجزائر في إبريل سنة (٢٠٠٠ م) تحت عنوان:
«الدراسات الاستشراقية- الخطاب والقراءة-» . وفي هذا البحث ألقيت الضوء على مفهوم الاستشراق ونشأته، ودوره- ما له وما عليه- في تقديم الفكر الإسلامي والحضارة الإسلامية إلى أبناء الشعوب الغربية، ودوره في صياغة العلاقات التاريخية بين العالمين: الإسلامي والمسيحي، وكيف يمكن أن تطور تلك الدراسات وتعدل بعض مساراتها لتسهم في صياغة علاقات أفضل بين عالمين لا غنى لأحدهما
1 / 9
عن التعامل والتعايش مع الآخر.
هذا هو مجمل محتويات البحوث التي حواها هذا الكتاب.
وقبل أن أنهي حديثي أريد أن أنبه إلى أمرين:
الأول: أنني سجلت هذه البحوث في هذا الكتاب كما ظهرت كلّ في حينه دون حذف أو إضافة أو تعديل؛ لتحتفظ بالروح التي كتبت بها وتعكس أجواء الندوات والمؤتمرات التي ألقيت فيها.
الأمر الثاني: أن القارئ الكريم قد يجد أن بعض القضايا والأفكار قد تكررت في أكثر من بحث؛ لأن سياق كل بحث على حدة اقتضى ذلك، فقضايا مثل عالمية الإسلام وانتشاره، وعلاقات المسلمين بغيرهم، والأسس التي قامت عليها- كان من الضروري أن تتكرر، وأنا لا أرى ضررا في ذلك؛ بل قد تكون فيه فائدة إن شاء الله تعالى؛ لأن هذه القضايا لا يزال بعض الناس يجادل فيها، فالتركيز عليها يعمق مفهومها، ويزيل سوء الفهم العالق ببعض الأذهان نحوها.
وبعد؛ فما أردت من نشر هذه البحوث في هذا الكتاب إلا الخير للإسلام والمسلمين، بل للبشرية جمعاء، فإن كنت قد وفقت فالحمد والمنة لله تعالى وحده، وإلا فالعفو عنده مأمول، وتسامح القرّاء مرجو، وعلى الله قصد السبيل.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
أ. د. عبد الشّافي محمّد عبد اللّطيف استاذ التّاريخ الإسلامي/ جامعة الأزهر
1 / 10
بحوث في السّيرة النّبويّة والتّاريخ الإسلامي قراءة ورؤية جديدة أوائل المؤلفين في السيرة النبوية
1 / 11
[البحث الأول] أوائل المؤلفين في السيرة النبوية
* مقدمة
النبي محمد بن عبد الله- صلوات الله وسلامه عليه- هو صفوة الله من خلقه، بل هو صفوة الصفوة، فالأنبياء- عليهم جميعا أفضل الصلاة والسلام- هم المصطفون الأخيار، وهو إمامهم وخاتمهم. وقد قال ﷺ: «أنا سيد ولد آدم»» .
فهو حامل الرسالة العالمية الخاتمة لجميع الرسالات، وهو اللبنة الأخيرة في صرح عقيدة التوحيد. فقد قال ﷺ: «إن مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بيتا فأحسنه وأجمله. إلا موضع لبنة من زاوية، فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له، ويقولون: هلّا وضعت هذه اللبنة؟» قال: «فأنا اللبنة» «٢» وفي رواية أخرى: «وأنا خاتم النبيين» .
ولقد وصف الله تعالى عددا من الأنبياء- عليهم الصلاة والسلام- ببعض الصفات، فقد وصف أبا الأنبياء إبراهيم ﵇ فقال: وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِبْراهِيمَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا [مريم: ٤١] وقال عن إسماعيل: وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَكانَ رَسُولًا نَبِيًّا [مريم: ٥٤]، وفي سورة الأنبياء يصف إسحاق ويعقوب بالصلاح والخيرية فيقول ﷾: وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنا صالِحِينَ (٧٢) وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ وَإِقامَ الصَّلاةِ وَإِيتاءَ الزَّكاةِ وَكانُوا لَنا عابِدِينَ [الأنبياء: ٧٢: ٧٣]، ويصف لوطا وداود وسليمان بالعلم والحكمة فيقول: وَلُوطًا آتَيْناهُ حُكْمًا وَعِلْمًا [الأنبياء: ٧٤]، ويقول سبحانه تعالى: وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شاهِدِينَ (٧٨) فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ وَكُلًّا آتَيْنا حُكْمًا وَعِلْمًا [الأنبياء: ٧٨، ٧٩]، ويصف إسماعيل وإدريس وذا الكفل بالصبر فيقول: وَإِسْماعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ [الأنبياء: ٨٥] .
وهكذا نرى الله تعالى يصف بعض أنبيائه ببعض الصفات النبيلة، لكنه في ختام السورة عندما يصف محمدا- ﵊ فإنه لا يصفه بصفة جزئية وإنما يجعله كله هداية إلهية إلى العالم، ورحمة لهذه الإنسانية «٣» .
_________
(١) مسند الإمام أحمد بن حنبل (١/ ٥) .
(٢) ابن حجر العسقلاني- فتح الباري شرح صحيح البخاري (٦/ ١٥٨) .
(٣) انظر في ذلك البحث القيم الذي كتبه الأستاذ الدكتور عبد الحليم عويس بعنوان شخصية-
1 / 13
فيقول تعالى: وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ [الأنبياء: ١٠٧] .
وفي موضع آخر يصفه بالصفة الجامعة لكل خصال الخير وجميع الفضائل الإنسانية، فيقول: وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ [القلم: ٤] .
والخلق العظيم هو جوهر رسالته ﷺ فهو القائل: «بعثت لأتمم حسن الأخلاق» «١» ولقد عاش رسول الله ﷺ أخلاقيّا من طفولته إلى أن لقي ربه. فقد كان قوم ينادونه بصفة نادرة في ذلك الزمان وقبل أن يبعث: فقد نادوه وعرف بينهم «بالصادق الأمين» . وعظمة الرسول محمد ﷺ ليست في أنه يمتاز بمجموعة من الأخلاق الإنسانية العالية فحسب، فهو الأمين إذا ذكرت الأمانة، وهو الصادق إذا ذكر الصدق، وهو الوفي، الكريم، الزاهد، الشجاع، المتواضع، الرحيم، البار، الحكيم، الفصيح، البليغ، العابد، كان الرسول هذا كله وكان فوق هذا، فكانت أخلاقه فوق الصعاب وفوق كل الظروف والتقلبات التي تأتي بها الأيام، لقد كان قادرا على أن يلتزم الموقف الأخلاقي المناسب، مهما تكن اللحظة التاريخية حرجة وحاسمة، إنه نبي يشرع بسلوكه وينطلق من منهج واضح وليس من ردّ فعل تمليه أو تفرضه أية ضغوط أو ظروف «٢» .
«لقد تحدث بعض الكتاب معددا الخوارق التي صاحبت الدعوة المحمدية فقال:
إن من أعظم الخوارق التي لمحمد ﷺ أخلاقه؛ فكانت في ذاتها أمرا خارقا للعادة بين بني الإنسان، فهي أعلى من أخلاق الملائكة؛ لأن الملائكة حسنت أخلاقهم بمقتضى كونهم لا يَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ [التحريم: ٦] .. فمحمد بين الناس الإنسان الذي تتجلى فيه الإنسانية الكاملة» «٣» .
وقد كانت صفحة حياته- ﵊ كما نقلت إلينا بكل دقة وتوثيق- أخلاقية إنسانية بلغت من السمو غاية ما يستطيع إنسان أن يبلغ، وكانت لذلك أسوة حسنة لمن هداه الله أن يحاول بلوغ الكمال الإنساني من طريق العمل
_________
- الرسول ﷺ في كتاب: الجزيرة العربية في عهد الرسول والخلفاء الراشدين (١/ ٦٣- ٩٣) . وهو مرجعنا الأساسي في تلك المقدمة.
(١) مسند الإمام أحمد بن حنبل (٢/ ٢٨١) .
(٢) د. عبد الحليم عويس- المرجع السابق (ص ٧٣) .
(٣) الشيخ محمد أبو زهرة- خاتم النبيين (١/ ٢٤٢) .
1 / 14
الصالح، وأي سمو في الحياة كهذا السمو الذي جعل حياة محمد ﷺ قبل الرسالة مضرب المثل في الصدق والكرامة والأمانة، كما كانت بعد الرسالة كلها تضحية في سبيل الله وفي سبيل الحق الذي بعثه الله به، تضحية استهدفت حياته من جرائها للموت مرات، فلم يصده عنه أن أغراه قومه وهو في الذروة منهم حسبا ونسبا بالمال والملك وكل المغريات «١» .
والغريب أن هذه الإنسانية الأخلاقية قد طبقت على هذا النحو الخارق للعادة في أروع صور البساطة واليسر، فبدت- مع سموها- وكأن البساطة وعدم التقعر أو التكلف نسيجها الذي يجمع بين خيوطها المترابطة «٢» . فعن عائشة رضى الله عنها قالت:
«ما لعن رسول الله ﷺ مسلما من لعنة تذكر، ولا انتقم لنفسه شيئا يؤتى إليه إلا أن تنتهك حرمات الله، ولا ضرب بيده شيئا قط، إلا أن يضرب في سبيل الله، ولا سئل شيئا قط فمنعه إلا أن يسأل مأثما، فإنه كان أبعد الناس عنه» .
عن عائشة رضى الله عنها قالت: «ما خيّر رسول الله ﷺ بين أمرين إلا أخذ أيسرهما ما لم يكن إثما، فإن كان إثما كان أبعد الناس عنه» «٣» .
«إن هذا النبي كان له- كما يقول كاتب نصراني- في مجال الأخلاق شؤون وشؤون، فبالرغم من مهامه الجسام وانشغالاته الكثيرة المتنوعة، وبالرغم من الغزوات والسرايا والحروب، واضطلاعه بجميع المسؤوليات وحده دون سواه، فلقد وجد الوقت الكافي ليلقي على المؤمنين- بأقواله وأفعاله- دروسا في شؤون لا تمر ببال مسؤول كبير في مثل مستواه وخطورته.. فذلك العظيم الذي كان يحاول تغيير التاريخ، ويعد شعبا يفتح الدنيا من أجل الله، ذلك الرجل وجد الوقت الكافي ليلقي على الناس دروسا في آداب المجتمع وفي أصول المجالسة وكيفية إلقاء السلام، لكأنه معلم حصر مهمته في تثقيف بضعة وعشرين تلميذا، ولم يكن له مهمة سواها» «٤» .
ولقد نجح محمد ﷺ نجاحا باهرا في كل عمل اضطلع به من أكبر عمل وهو تبليغ الرسالة إلى أصغر عمل قام به «٥» .
_________
(١) محمد حسين هيكل- حياة محمد (ص ٥٨٣) .
(٢) انظر د. عبد الحليم عويس- المرجع السابق (ص ٧٤) .
(٣) صحيح البخاري (٢/ ٢٧٣) . طبعة دار إحياء التراث العربي.
(٤) د. عبد الحليم عويس- المرجع السابق (ص ٧٤) .
(٥) نصري سهلب- في خطى محمد (ص ٣٦٦، ٣٦٧) .
1 / 15
فالتاريخ قد عرفنا برجال حملوا رسالات سماوية وأدوها بنجاح، ورجال بنوا أمما، ورجال آخرين أسسوا دولا، لكن التاريخ لم يحدثنا عن رجل جاء برسالة سماوية من عند الله تعالى، ثم بنى أمة، ثم أسس دولة، ونجح في كل ذلك وفي حياته وقبل موته سوى النبي العربي محمد بن عبد الله ﷺ.
ولهذا جعله مايكل هارت على رأس قائمة الخالدين المائة من أبناء آدم وعلل ذلك حسب منهجه العلمي ومقاييس العظمة عنده، بأن محمدا ﷺ كان الرجل الوحيد في التاريخ الذي نجح بشكل أسمي، وبرّز في كلا المستويين الديني والدنيوي، وأنه أسس ونشر أحد أعظم الأديان في العالم، وأصبح أحد الزعماء العالميين السياسيين العظماء. «وأنه بعد مرور أربعة عشر قرنا لا زال تأثيره قويّا ومتجددا» «١» .
وبالقياس نفسه يشهد لمحمد ﷺ المؤرخ العالمي الشهير ول ديورانت فيقول:
«وإذا ما حكمنا على العظمة بما كان للعظيم من أثر في الناس قلنا: إن محمدا كان من أعظم عظاماء التاريخ، فقد أخذ على نفسه أن يرفع المستوى الروحي والأخلاقي لشعب ألقت به في دياجير الهمجية حرارة الجو ولهيب الصحراء، وقد نجح في تحقيق هذا الغرض نجاحا لا يدانيه فيه أي مصلح آخر في التاريخ كله، وقلّ أن نجد إنسانا غيره حقق كل ما كان يحلم به، وقد وصل إلى ما كان يبتغيه عن طريق الدين، ولم يكن ذلك لأنه هو نفسه كان شديد التمسك بالدين وكفى؛ بل لأنه لم يكن ثمة قوة غير قوة الدين تدفع العرب في أيامه إلى سلوك ذلك الطريق الذي سلكوه، فقد لجأ إلى خيالهم وإلى مخاوفهم وآمالهم، وخاطبهم على قدر عقولهم، كانت بلاد العرب لما بدأ الدعوة صحراء جدباء، تسكنها قبائل من عبدة الأوثان، قليل عددها متفرقة كلمتها، كانت عند وفاته أمة موحدة متماسكة، وقد كبح جماح التعصب والخرافات، وأقام فوق اليهودية والمسيحية ودين بلاده القديم دينا سهلا واضحا قويّا، وصرحا خلقيّا قوامه البساطة والعزة، واستطاع في جيل واحد أن ينتصر في مائة معركة، وفي قرن واحد أن ينشئ دولة عظيمة، وأن يبقى إلى يومنا هذا قوة ذات خطر عظيم في نصف العالم» «٢» .
بعد كل ما تقدم- وهو قليل من كثير- عن شخصية الرسول الخاتم محمد بن عبد الله- ﵊ وليس عجبا أن تكون تلك الشخصية محور
_________
(١) انظر: الخالدون مائة، تأليف مايكل هارت، ترجمة أنيس منصور (ص ١٣) .
(٢) د. عبد الحليم عويس- المرجع السابق (ص ٨٩) نقلا عن قصة الحضارة (٢/ ٤٧) .
1 / 16
اهتمام كل الناس، مسلمين، وغير مسلمين على مدى تاريخه كله. وأظن أن هذا الاهتمام سيستمر ما استمرت الحياة، ولن يبلغ الكتّاب والمؤلفون مهما كتبوا وألفوا جوانب العظمة في شخصية الرسول ﷺ، وليس هناك أبلغ- في هذا المجال- من الكلمة التي قدّم بها فضيلة الإمام الأكبر الشيخ محمد مصطفى المراغي، شيخ الأزهر الأسبق، كتاب حياة محمد للأستاذ الدكتور محمد حسين هيكل حيث قال: «منذ وجد الإنسان على الأرض، وهو مشوق إلى تعرف ما في الكون المحيط به سنن وخصائص، وكلما أمعن في المعرفة ظهرت له عظمة الكون أكثر من ذي قبل، وظهر ضعفه وتضاءل غروره.
ونبي الإسلام- صلوات الله عليه وسلامه- شبيه بالوجود. فقد جدّ العلماء منذ أشرقت الأرض بنوره يلتمسون نواحي العظمة الإنسانية فيه، ويلتمسون مظاهر أسماء الله جلت قدرته في عقله وخلقه وعلمه، ومع أنهم استطاعوا الوصول إلى شيء من المعرفة، فقد فاتهم حتى الآن كمال المعرفة. وأمامهم جهاد طويل وبعد شاسع وطريق لا نهاية له» «١» .
وندر أن نجد في التاريخ البشري رجلا عرفت حياته- الخاصة والعامة- بكل تفاصيلها ودقائقها كما عرفت ودرست حياة النبي محمد- ﵊ «فحتى قضاؤه لوطره، واغتساله بعده، وطريقة غسله، ونومه، وطريقة قضائه لحاجته واغتساله منها، كل ذلك نقله إلينا التاريخ، بطريقة موثقة، ندر أن توثق بها نصوص في التاريخ» «٢» .
يقول المستشرق مونتيه في وصف وضوح حياة الرسول ﷺ: «ولقد ندر بين المصلحين من عرفت حياتهم بالتفصيل مثل محمد، وإن ما قام به من إصلاح الأخلاق وتطهير المجتمع يمكن أن يعد به من أعظم المحسنين للإنسانية» «٣» .
* دوافع المسلمين للاهتمام بسيرة الرسول ﷺ:
ليس هناك شخصية تاريخية لقيت من اهتمام الدارسين والباحثين قديما وحديثا كما لقيت شخصية الرسول محمد ﷺ وليس هناك أمة اعتنت بتاريخ نبيها- بكل
_________
(١) من تقديم الإمام الأكبر الشيخ محمد مصطفى المراغي لكتاب حياة محمد.
(٢) د. عبد الحليم عويس- المرجع السابق (ص ٦٧) .
(٣) المرجع السابق (ص ٦٨) .
1 / 17
تفاصيله ودقائقه- كما اعتنت الأمة الإسلامية؛ وذلك لسببين رئيسيين:
الأول: أن هذه الحياة حياة مثالية في جميع جوانبها ومستوياتها ودراستها متعة روحية وذهنية؛ لأن الإنسان يبحث دائما عن المثل الأعلى والقدوة الحسنة، لعل الله يهديه إلى أقوم طريق وأفضل سلوك، وليس هناك حياة وسيرة يمكن أن يتعلم منها الناس أعظم من حياة وسيرة النبي ﷺ وصدق الله تعالى إذ يأمرنا بالاقتداء به فيقول: لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [الأحزاب: ٢١] .
الثاني: أن حياة وسيرة الرسول كانت موضع اهتمام الأمة وعنايتها بأحاديثه وأفعاله ومغازيه وأيامه، وتكاد تكون كل كلمة تلفظ بها الرسول، وكل حركة وكل فعل مرصودة من المسلمين، ويحفظونها عن ظهر قلب، ومدونة في صدورهم قبل أن تدون في الكتب عند بدء حركة التدوين مع نهاية القرن الأول الهجري وبداية القرن الثاني.
* بداية التأليف في السيرة النبوية:
من سنن الله الكونية أن كل شيء يخضع للتدرج في النشأة والتكوين، يتساوى في ذلك الإنسان والحيوان، والأفكار والعلوم والفنون، فلا شيء يخلق كاملا، أو ينشأ ناضجا مستوي التكوين، وإنما يمر بمراحل زمنية متتابعة، حتى يصل إلى نضجه واستوائه وكماله، وسيرة الرسول ﷺ لم تشذ عن تلك القاعدة ولم تخرج عن ذلك الناموس، فنحن نعلم أن سيرة الرسول لم تدون في حياته، أعني أنه لم يكن من بين الكتّاب الذين كانوا يكتبون للرسول ﷺ الوحي وغيره- وهم كثيرون- من تخصص في تسجيل أحداث حياته ﷺ الخاصة والعامة، واستمر الحال على ذلك طوال خلافة الخلفاء الراشدين الأربعة (١١- ٤٠ هـ) ويبدو أنه كان لذلك أسباب كثيرة من أهمها أن الرجال الذين عاصروا الرسول ﷺ وهم صحابته- رضوان الله عليهم جميعا- لم يكونوا في حاجة إلى تسجيل تلك الأحداث، فهم قد عايشوها وانفعلوا بها وتفاعلوا معها بدرجة لم يسبق لها مثيل في تاريخ الرسالات والدعوات الدينية؛ فكل مشهد منطبع في ذاكرتهم، وكل كلمة نطق بها الرسول حفظوها، وكل عمل من أعماله معروف لديهم تمام المعرفة وبكل التفاصيل، هذا مع ما امتازوا به من قوة الحافظة وسرعة البديهة. لم تكن الحاجة إذن تدعو لتدوين أحداث الرسول وسيرته؛ لاستغنائهم بالمشاهدة والحفظ ولا نشغالهم بالغزوات والفتوحات،
1 / 18
غير أنه لم يكد جيل الصحابة- وهم شهود وحفاظ السيرة- يختفي حتى ظهرت الحاجة إلى تدوين وتسجيل السيرة النبوية، والتأريخ للعهد النبوي، فجيل التابعين- وهم الذين رأوا الصحابة وعاصروهم وتعلموا منهم- لم يروا بأنفسهم الأعمال الرائعة والجهاد المجيد الذي قام به الرسول ﷺ من أجل الرسالة الإسلامية وتبليغها للناس، ولكنهم سمعوا عن ذلك من الصحابة، فبهرتهم الأعمال والمواقف والأخلاق فتاقت نفوسهم لمعرفة كل شيء بالتفصيل، ولم يفوتوا الفرصة، بل عضوا عليها بالنواجذ. وأخذوا يسألون الصحابة الذين صحبوا الرسول وضحوا معه، وشهدوا جميع مشاهده ومواقعه، ومن الأسئلة التي كانوا يسألونها- على سبيل المثال- متى وكيف كانت بيعة العقبة؟ متى كانت الهجرة إلى الحبشة؟ وكم عدد الذين هاجروا في الأولى والثانية؟ ومتى عادوا؟ وكيف كانت غزوة بدر؟ ومن الذين شهدوها؟ هذه الأسئلة وأمثالها كانت تلقى على الصحابة ويجيبون عنها، وأسلوب السؤال والجواب- كما هو المعروف- من أهم روافد العلم، خصوصا في مراحل النشأة والتكوين.
بل إن القرآن الكريم حافل باستخدام أسلوب السؤال والجواب حتى في مجال العقيدة وإثباتها، وإقامة الحجة على الكافرين الجاحدين، مثل قول الله تعالى: قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيها إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٨٤) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ (٨٥) قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (٨٦) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ [المؤمنون ٨٤- ٨٧] .
وكان من الطبيعي أن تكون المدينة المنورة هي أصلح بيئة للإجابة عن كل ما يتعلق بحياة الرسول وسيرته، حيث عاش معظم الصحابة الذين عايشوا أحداث الإسلام الكبرى في عهد الرسول، ونقلوها للتابعين، الذين لم يكتفوا بالتلقي والحفظ، بل بدؤوا تدوين الوقائع والأحداث كما سمعوها من الذين شاهدوها، وكانت تلك لحظة البداية، بداية التأليف في السيرة النبوية. واتسعت دائرة السؤال والجواب، ولم تعد قاصرة على المدينة وحدها، بل سارع الناس في خطى الصحابة في كل مصر حلوا به، مثل البصرة والكوفة ودمشق والفسطاط.. إلخ.
ومن حسن الحظ أن من كبار التابعين الذين بدأوا التدوين في السيرة النبوية، وأصبحوا مصدرا رئيسيّا من مصادرها كانوا من أبناء كبار الصحابة الذين أخذوا العلم عن آبائهم الكرام، وهم الذين رأوا كل شيء وشاركوا بأنفسهم، بل كان من
1 / 19
أوائل علماء السيرة من هم على صلة قريبة ووثيقة ببيت النبي ﷺ مثل عروة بن الزبير بن العوام، فأمه أسماء بنت الصديق ﵄ وخالته أم المؤمنين عائشة ﵂، فتتلمذ عليها ونقل عنها أخبارا كثيرة عن حياة النبي وسيرته. وقد قسم العلماء كتاب السيرة النبوية والمؤلفين فيها إلى طبقات، والطبقة في اصطلاح المحدثين: هم جماعة تقاربوا في السن، واجتمعوا في لقاء الشيوخ.
طبقات كتّاب السيرة
* رجال الطبقة الأولى من كتّاب المغازي والسير:
١- أبان بن عثمان:
هو ابن الخليفة الثالث عثمان بن عفان ﵁ ولد في المدينة المنورة حوالي سنة عشرين للهجرة، وتوفي فيها في خلافة يزيد بن عبد الملك بن مروان (١٠١- ١٠٥ هـ) على أرجح الأقوال، وقد نشأ أبان في كنف أبيه، الخليفة الراشد، أحد السابقين إلى الإسلام والمبشرين بالجنة، والذي كانت تستحي منه الملائكة كما أخبر الصادق الأمين ﷺ فهو من كبار الصحابة وفضلائهم، وبيته من أصلح وأطهر البيوت، في أصلح وأطهر بيئة على وجه الأرض في ذلك الزمان، وهي بيئة المدينة المنورة، في هذا الجو وتلك البيئة وذلك البيت- حيث الصلاح والتقى- نشأ أبان وتعلم، حتى أصبح من كبار فقهاء المدينة المعدودين والمشهورين.
ومن أعلام رواة الحديث الشريف. فقد روى عن أبيه ﵁ وغيره من كبار الصحابة. كما تتلمذ على يديه كثيرون من كبار المحدثين والفقهاء، أمثال محمد ابن مسلم بن شهاب الزهري، أستاذ إمام المؤلفين في السيرة النبوية وعمدتهم محمد ابن إسحاق بن يسار المطلبي.
ولقد اشتهر أبان بن عثمان بالمغازي والسير- فوق شهرته في الفقه والحديث- حتى أصبح من أساتذة هذا الفن الحائزين على ثقة العلماء فقد قال ابن سعد في الطبقات، وهو يترجم للمغيرة بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة، قال عنه: «كان ثقة قليل الحديث، إلا مغازي رسول الله ﷺ أخذها عن أبان بن عثمان» «١» .
فهذا الخبر على وجازته يؤكد أستاذية أبان بن عثمان في المغازي والسير، فقد
_________
(١) انظر الطبقات الكبرى لابن سعد (٥/ ١٧٩) .
1 / 20
كان الحديث والمغازي والسير من أحب الأشياء إلى أهل المدينة، ولعل ابتعاد أبان عن الاشتغال بالسياسة- باستثناء الفترة التي عمل فيها واليا على المدينة من (سنة ٧٥) إلى (سنة ٨٣ هـ) - في خلافة عبد الملك بن مروان- أقول: لعل ابتعاده عن السياسة- وقد عمر طويلا حيث نيف على الثمانين عاما- مكّنه من التفرغ للعلم درسا وتدريسا، وإذا كانت مؤلفاته قد ضاعت فيما ضاع أو تلف من تراث الإسلام ولم تصل إلينا؛ فقد بقيت لنا- من حسن الحظ- رواياته وآراؤه في المصادر التي وصلتنا بروايات تلاميذه.
٢- عروة بن الزبير:
هو الرجل الثاني من رجال الطبقة الأولى من كتاب المغازي والسير، وأبوه الزبير ابن العوام بن خويلد، أحد السابقين الأولين إلى الإسلام، وأحد المبشرين بالجنة، وهو حواري الرسول ﷺ وابن عمته صفية بنت عبد المطلب، وخديجة أم المؤمنين ﵂ عمته، أي: عمة الزبير بن العوام، أما أم عروة فهي ذات النطاقين السيدة أسماء بنت أبي بكر الصديق ﵄ وخالته عائشة أم المؤمنين وأحب أزواج النبي إليه، وقد ولد عروة في المدينة المنورة، حوالي (سنة ٢٦ هـ)، على أرجح الأقوال؛ لأنه كان صغير السن عندما حدثت موقعة الجمل (سنة ٣٦ هـ)، ولم يشهدها فقد قال هو في نفسه: «رددت أنا وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، يوم الجمل، استصغرونا» .
فالبيت الذي نشأ فيه عروة ركناه: أبوه الزبير بن العوام حواري الرسول، وأمه ذات النطاقين أسماء بنت الصديق، أما أستاذته الكبرى ومعلمته فهي خالته السيدة عائشة أم المؤمنين، التي كان كثير التردد عليها والمداومة على زيارتها والتعلم منها والحديث إليها.
وإذا كان عروة قد شهد- وهو صبي في العاشرة من عمره تقريبا- الفتنة الكبرى التي حلّت بالمسلمين وزلزلت كيانهم، في الشطر الثاني من خلافة عثمان بن عفان (سنة ٣٠- ٣٥ هـ) والتي استغرقت عهد علي بن أبي طالب كله (٣٥- ٤٠ هـ) فإن الله سبحانه تعالى قد تدارك الأمة الإسلامية برحمته، ووحد كلمتها في (عام ٤١ هـ) وهو العام الذي سماه المسلمون عام الجماعة- بعد الفتنة والفرقة- حينما تنازل
1 / 21
الحسن بن علي ﵄، عن الخلافة لمعاوية بن أبي سفيان ﵄ إيثارا لمصلحة الأمة، وحقنا لدماء المسلمين، مصدقا بذلك نبوءة جده- ﵊ حيث قال عنه: «ابني هذا سيّد- يقصد الحسن- ولعل الله يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين» «١» .
ولقد استفتح معاوية ﵁ عهده بالإحسان إلى أهل المدينة بصفة عامة، وإلى الصحابة وأبنائهم بصفة خاصة، وأغدق عليهم من الأموال ما أتاح لهم التفرغ للعلم والتعليم، فزخر مسجد الرسول ﷺ بأعداد هائلة من الفقهاء والمحدّثين والمفسرين وأصحاب السير والمغازي، وكان عروة بن الزبير فارسا من فرسان هذه الحلقات وأبرز رجالها.
فتروي المصادر وكتب الطبقات أنه كان يجتمع كل ليلة، بطريقة تكاد تكون منتظمة في المسجد النبوي، بمجموعة من كبار التابعين ومن رجال الطبقة الأولى منهم، كانت تضم أخاه مصعب بن الزبير، وأبا بكر بن عبد الرحمن، وعبد الملك ابن مروان، وعبد الرحمن بن مسور، وإبراهيم بن عبد الرحمن، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة وقبيصة بن ذؤيب الخزاعي، ولم تكن هذه الاجتماعات سوى حلقات علمية، يدور الحديث فيها عن العلوم الإسلامية من فقه وتفسير وحديث وسير ومغاز، وكما اشتهر عروة بن الزبير بأنه أحد فقهاء المدينة السبعة الكبار- كما هو الحال بالنسبة لأبان بن عثمان- فقد اشتهر بأنه من أكابر علماء السيرة والمغازي، وكان الناس- حتى زملاؤه في الدراسة- يتجهون إليه، ليسألوه ويتعلموا منه السيرة النبوية بصفة خاصة، لقربه من بيت النبي، ولمعرفته أكثر من غيره بما كان يدور في ذلك البيت الكريم عن طريق خالته السيدة عائشة ﵂ فعبد الملك بن مروان الخليفة الأموي المشهور (٦٥- ٨٦ هـ) مع أنه كان أحد تلاميذ مدرسة المدينة المشهورين ومن فقهائها، وقد لقب بحمامة المسجد؛ لشدة ملازمته مسجد الرسول ﷺ، وانكبابه على حلقات العلم، وهو من زملاء عروة وأصدقائه، إلا أنه كان كثير الرجوع إليه في كل ما يتعلق بأحداث السيرة النبوية، وذلك عندما شغلته السياسة عن طلب العلم بعد أن أصبح خليفة ويبدو أن عروة قد ألف كتبا كثيرة في
_________
(١) صحيح البخاري (٤/ ٢١٦) .
1 / 22
السيرة وغيرها، فهناك خبر جدير بالتنويه، يرويه ابن سعد «١» عن هشام بن عروة أن أباه أحرق يوم الحرة- يقصد يوم وقعة الحرة المشهورة بين ثوار المدينة وجيش الخليفة الأموي يزيد بن معاوية بن أبي سفيان (سنة ٦٣ هـ) - عدة كتب، وقد حزن كثيرا على فقدها فيما بعد، فهذا الخبر يدل على انتشار الكتابة والتأليف في ذلك الوقت المبكر من عهد المسلمين بالتأليف والتدوين العلمي.
وإذا كانت مؤلفات عروة بن الزبير لم تصل إلينا، فقد حفظت لنا المصادر الباقية لدينا، الكثير من المادة العلمية والروايات التي كان مصدرها عروة ففي سيرة ابن إسحاق ومغازي الواقدي وطبقات ابن سعد وتاريخ الطبري روايات كثيرة عن أحداث سيرة الرسول ﷺ ومغازيه عن عروة بن الزبير، وقد توفي رحمه الله تعالى (سنة ٩٤ هـ) «٢» .
٣- شرحبيل بن سعد:
ثالث الثلاثة في الطبقة الأولى من كتّاب السيرة المدنيين؛ وهو مولى بني خطمة، نشأ في المدينة، وتلقى عن جمع من الصحابة، منهم زيد بن ثابت وأبو هريرة، وأبو سعيد الخدري، وغيرهم من كبار الصحابة «٣» . وروي عن سفيان بن عيينة أنه لم يكن أحد أعلم بالمغازي والبدريين منه، وبرهن موسى بن عقبة أن شرحبيل دوّن قوائم بأسماء المهاجرين إلى المدينة، وأسماء الرجال الذين اشتركوا في غزوتي بدر وأحد «٤» . وقد امتد العمر بشرحبيل، حيث توفي (عام ١٢٣ هـ) .
٤- وهب بن منبه:
يعتبر وهب بن منبه من رجال الطبقة الأولى من كتّاب المغازي والسير وهو من مواليد اليمن، فقد ولد في قرية تسمى زمار بجوار صنعاء حوالي (سنة ٣٤ هـ) .
وهو من هذه الناحية- ناحية النشأة والميلاد- يختلف عن الرجال الثلاثة الذين سبق الحديث عنهم، فكلهم مدنيون، نشؤوا في مدينة الرسول ﷺ، ومعنى هذا أنّ
_________
(١) الطبقات الكبرى (٥/ ١٣٣) .
(٢) انظر ترجمة عروة في المصدر السابق (٥/ ١٧٨- ١٨٢) .
(٣) انظر الطبقات الكبرى لابن سعد (٥/ ٣١٠) وفيها ترجمة لشرحبيل بن سعد.
(٤) انظر كتاب: المغازي الأولى ومؤلفوها. ليوسف هوروفتس مطبعة الحلبي بالقاهرة ١٣٦٩- ١٩٤٩ م. ترجمة د/ حسين نصار (ص ٧٢) .
1 / 23