The Phenomenon of Postponement in Islamic Thought
ظاهرة الإرجاء في الفكر الإسلامي
ناشر
دار الكلمة
ویراست
الأولى
سال انتشار
١٤٢٠ هـ - ١٩٩٩ م
ژانرها
والدين الموروث والحديث يستمر طويلًا، ويحل الجديد محل القديم تدريجيًا، وقل أن يتلاشى بتاتًا" (١) .
ولذلك تم تصنيف الفرق الإسلامية وفقًا لتصنيف الأحزاب السياسية والدينية الأوروبية، وابتدأوا ذلك منذ وفاة الرسول ﷺ، بل وفي حياته!!
فجعلوا في الأمة يمينًا ويسارًا ووسطًا، وفي كل من اليسار واليمين متطرفون ومعتدلون ... إلخ، وكذلك قسموها إلى ديموقراطيين وثيوقراطيين ودكتاتوريين ... إلخ.
ولسنا في مقام تفصيل المهازل الساخرة التي أدى إليها تطبيق هذا القياس الفاسد، والخلافات التي لا يقوم أي منها على أساس موضوعي؛ مثل أن يجعل أحدهم الشيعة من اليسار المتطرف، والآخر يجعلها من اليمين المعتدل، ويجعل الخوارج بالعكس ... وهكذا.
ولكن الذي يهمنا هنا هو أن هذا التصنيف أدى إلى اعتبار الطائفة الممسكة عن الفتنة - من أصحاب النبي ﷺ هي مجرد طائفة سياسية محايدة، ومن ثم جرى طرد القياس على كل طائفة شابهتها في الموقف أو بعضه، ثم إنهم لما رأوا أن لبعض هذه الفرق - التي تنتمي في أصل تصنيفهم إلى الوسط المحايد، كالمعتزلة وثورة الحارث بن سريج - آثارًا إيجابية في عالمي السياسة والفكر، كان لابد لهم من التعسف والتكلف، فقالوا: إن المرجئة تحولت من تيار الوسط إلى تيار اليسار بفعل التناقضات السياسية.. أو ما أشبه هذا من التعليلات!
فليس مهمًّا لديهم أن تنقلب حقائق التاريخ، فتصبح المعتزلة مرجئة، وتصبح المرجئة حركة ثورية يسارية، وإنما المهم أن تظل معاييرهم الاعتباطية هي الأصل الذي لا ينقلب ولا ينتقض!!
وها هو ذا ما جاء في كتاب "فجر الإسلام" الذي يمثل خلاصة آراء المستشرقين، والذي نقل عنه أكثر من بعده، ومنهم أبو زهرة:
"إن الشيعة والخوارج كانا أول أمرهما حزبين سياسيين (٢) تكونا حول الخلافة، وإن رأي الخوارج فيها رأي ديمقراطي، ورأي الشيعة رأي ثيوقراطي، أما المرجئة فكانت حزبًا سياسيًا محايدًا.
(١) ص ٩٤، وفي ص ٩٨ يطعنون في إسلام كل من أسلم يوم الفتح، وفي إسلام سكان البوادي جملة، فإذا كان الأمر كذلك وكان تأثر الصفوة من أهل المدينة كما ذكروا ص ٩٤، فماذا صنع الإسلام ونبيه ﷺ إذن؟
(٢) انظر "مبحث الخوارج الآتي"، ص ٢٣٩.
1 / 172