أسماء المغتالين من الأشراف وأسماء من قتل من الشعراء - ضمن نوادر المخطوطات
أسماء المغتالين من الأشراف وأسماء من قتل من الشعراء - ضمن نوادر المخطوطات
پژوهشگر
عبد السلام هارون
ناشر
شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر
شماره نسخه
الثانية
سال انتشار
١٣٩٣ هـ - ١٩٧٢ م
ژانرها
كتاب أسماء المغتالين من الأشراف في الجاهلية والإسلام، وأسماء من قتل من الشعراء لمحمد بن حبيب
2 / 105
مقدمة كتاب أسماء المغتالين من الأشراف في الجاهلية والإسلام
وكلمة «المغتالين»، إنما تعنى الذين اغتيلوا، أي لقوا مصارعهم بأيدي غيرهم على صور شتى، من الطعن، والضرب، والخلق، ودس السموم، وغير ذلك من
أسباب الغيلة.
وقد استرعى هذا الكتاب نظري في أول الشباب، واستنسخت منه نسخة كنت أعنى بالرجوع إليها بين الفينة والأخرى، لتحقيق الأخبار النادرة، والمشكلات التي كانت تعترض في أثناء الدرس، وكنت أجد منذ ذلك العهد القديم رغبة ملحة في أن أقوم بنشر هذا الكتاب، فلا أجد فرصة النشر سانحة، إلى أن هديت إلى هذه الفكرة: فكرة نشر النوادر الصغيرة، فجعلت هذا الكتاب في ثبت الكتب الملائمة.
اسم الكتاب:
هذه النسخة التي تأدت إلينا عبر الأجيال، أراها مجموعة من كتب محمد بن حبيب، وليست كتابا واحدا. وهذه صورة ما كتب على صدرها:
«كتاب أسماء المغتالين من الأشراف في الجاهلية والإسلام. وأسماء من قتل من الشعراء، ومن غلبت كنيته على اسمه. وكنى الشعراء وألقابهم».
ولكن النسخة في باطنها تحمل غير الشقين الأولين - أي بدل «من غلبت كنيته على اسمه، وكنى الشعراء وألقابهم» - كتاب «كنى الشعراء ومن غلبت كنيته على اسمه» وكتاب «ألقاب الشعراء ومن يعرف منهم بأمه».
2 / 106
وعلى هذا الضوء الأخير نستطيع أن نعرف أسماء كتب ثلاثة لابن حبيب.
١ - أما الأول فهو ذو شقين: أحدهما «أسماء المغتالين من الأشراف في الجاهلية والإسلام»، والآخر «أسماء من قتل من الشعراء».
٢ - والثاني «كنى الشعراء ومن غلبت كنيته على اسمه».
٣ - والثالث «كتاب ألقاب الشعراء».
الكتاب الأول:
أما الكتاب الأول فهو الذي عرف قديما باسم «مقاتل الفرسان» ذكره ابن النديم (^١) المتوفى سنة ٣٨٥ أي بعد وفاة ابن حبيب بمائة وأربعين سنة. وتبعه ياقوت ناقلا عنه (^٢). وبهذه التسمية أثبته صاحب كشف الظنون (^٣)، وقال:
مقاتل الفرسان لأبى على إسماعيل بن قاسم القالى المتوفى سنة ٣٥٦، ولأبى عبيدة معمر بن المثنى البصري النحوي، وله مقاتل الأشراف وتوفى سنة ٢١١. ولأبى جعفر محمد بن حبيب البغدادي المتوفى سنة ٢٤٥».
أما ابن حبيب نفسه فكلامه يشعر أن كتابه ذو شقين، إذ يذكر عند الكلام على الشعراء ص ٨٢ من المصورة «عدى بن زيد العبادي»، ويقول:
«وقد مرّ حديثه في المغتالين (^٤)».
وكذلك في ص ٨٨ «سويد بن صامت الأوسي»، قال: «وقد كتبناه في أشراف المغتالين».
_________
(^١) الفهرست ص ١٥٥.
(^٢) في معجم الأدباء ١٨: ١١٦.
(^٣) كشف الظنون ٣: ٤٩١.
(^٤) انظر ص ٢٦ من أرقام المصورة.
2 / 107
وفي ص ٩٠ «كعب بن الأشرف اليهودي» قال «وقد كتبناه في المغتالين (^١)».
وكذلك «خالد بن جعفر بن كلاب» في ص ٩٤ من المصورة، يقول في شأنه: «وقد كتبت سبب قتله في المغتالين (^٢)».
وكذلك «سالم بن دارة» ص ١١١ يقول فيه «وقد مرّ حديثه في المغتالين (^٣)». وكلمة «مر» تدلّ على وحدة الشقين وعلى ذلك فأصدق تسمية له هي «أسماء المغتالين من الأشراف في الجاهلية والإسلام، وأسماء من قتل من الشعراء».
وأما صاحب الخزانة فيسميه تسمية إجمالية «كتاب المقتولين غيلة (^٤)» ويسميه مرة أخرى «كتاب أسماء المغتالين من الأشراف في الجاهلية والإسلام (^٥)» وثالثة «كتاب المغتالين من الأشراف في الجاهلية والإسلام (^٦)» ورابعة «كتاب المغتالين (^٧)».
وهذا يدل على أن صاحب الخزانة لا يعبر بدقة عن اسم الكتاب، شأن كثير من العلماء الذين يذكرون الكتب بأقرب شهرة لها.
والبغدادي مع ذلك يعرف الشق المانى من الكتاب ويسميه «كتاب من قتل من الشعراء» وينقل عنه نصوصا ثلاثة، وهي مقتل سحيم (^٨)، وعبيد بن الأبرص (^٩)، وبشر بن أبي خازم (^١٠).
_________
(^١) انظر ص ٢٨ من المصورة.
(^٢) انظر ص ٢٠ من المصورة.
(^٣) انظر ص ٣٧ من المصورة.
(^٤) الخزانة ١: ١١ في ثبت الكتب التي استقى منها البغدادي، وكذلك في ٤: ٣٣١.
(^٥) الخزانة ١: ٢٥/ ٤: ٥٠٩.
(^٦) الخزانة ١: ٢٩٣.
(^٧) الخزانة ١: ٣٤٨/ ٤: ٥١٠.
(^٨) الخزانة ١: ٢٧٤. ولم نجد له ذكرا في النسختين.
(^٩) الخزانة ١: ٣٢٤. وانظر ص ٧٩ من المصورة.
(^١٠) الخزانة ٢: ٢٦٢. وانظر ص ٨٢ من المصورة وإقليد الخزانة للراجكوتى ص ٩٢.
2 / 108
الكتاب الثاني:
وأما الكتاب الثاني فهو كتاب «كنى الشعراء ومن غلبت كنيته على اسمه» والنسخة تسجل اسم هذا الكتاب بهذا التمام في ص ١٢٠ من صفحات المصورة.
ولا ريب أن هذا كتاب مستقل، ذكره ابن النديم (^١) باسم «كنى الشعراء» وتبعه ياقوت (^٢)، وتصحف في النسخة باسم «كنز الشعراء».
أما صاحب كشف الظنون (^٣) فيسميه «أكنى الشعراء»، ويذكره في حرف الهمزة! وهذا زلة وسهو منه.
الكتاب الثالث:
والكتاب الثالث كتاب «ألقاب الشعراء ومن يعرف منهم بأمه».
ولم يذكره أحد من المترجمين بهذه التسمية، ولكن ذكروا «كتاب من سمى ببيت قاله» ذكره ابن النديم (^٤) وتبعه ياقوت (^٥). ويظهر أن هذه التسمية الأخيرة تسمية من تسميات العلماء مرادفة للأولى ولا تتعارض معها، إذ أن الذي سمى ببيت قاله هو عين الذي لقب ببيت قاله، فهو ضرب خاص من الألقاب داخل في نطاقها.
والمتتبع لهذا الكتاب يجده مطابقا لترجمته مضافا إليه في أواخره تعليلات لمن سمى ببيت قاله. وهذا لا يخرجه عن عنوانه «ألقاب الشعراء».
_________
(^١) في الفهرست ١٥٥.
(^٢) معجم الأدباء ١٨: ١١٦.
(^٣) كشف الظنون ١: ١٣٥.
(^٤) الفهرست ١٥٥.
(^٥) في معجم الأدباء ١٨: ١٦٦.
2 / 109
إفراد الكتاب الأول:
بهذه الاعتبارات جميعا أفردت الكتاب الأول بالنشر، عازما بعون اللّه أن أنشر الكتابين الآخرين فيما أستقبل إن شاء اللّه.
مخطوطات الكتاب:
١ - الواقع أنها مخطوطة واحدة، لعلها الفريدة إذ لم نعثر بعد على شقيقة لها، وهي مخطوطة مكتبة عاشر بتركيا، المودعة فيها برقم ٨٧٢ ومنها صورة شمسية محفوظة بدار الكتب المصرية برقم ٢٦٠٦ تاريخ، جاء في خاتمتها:
«تم الكتاب بحمد الله وعونه بعد تعب شديد في كتبه، إذ كان أصله مكتوبًا بالكوفى بخط محرف، على يد الفقير إلى رحمة الله تعالى يوسف بن محمد الشهير بابن الوكيل الملوى غفر الله له ولوالديه ولمشايخه ولأقاربه، ليلة الثلاثاء المسفر صباحها عن ثامن عشر جمادى الأولى من شهور سنة ١١١٤، ألف ومائة وأربعة عشر (وكذا) هجرية».
وعبارة «كان أصله مكتوبا بالكوفي» تدلنا على قدم النسخة التي اعتمد عليها الناسخ.
والنسخة في ١٤٠ صفحة متوسطة مكتوبة بخط النسخ المعتاد الخالي من الضبط، ومع ما بها من تحريف شديد حاول ناسخها أن يكون دقيقا مقاربا للأصل القديم الذي نقل منه.
وقد رمزت لهذه النسخة بالرمز (ا)، وأثبت (أرقام صفحاتها) على جوانب نشرتى هذه.
٢ - وقد استنسخ العلامة المشنقيطى (^١) من هذا الأصل نسخة له تتفق معها
_________
(^١) محمد محمود بن التلاميد التركزى الشنقيطي، صاحب خزانة الكتب النفيسة المودعة بدار الكتب المصرية، المتوفى سنة ١٣٢٢.
2 / 110
كما وكيفا، يدل على ذلك التوافق التام في مقدار متن الكتاب، وفي الإسقاط ومواضعها وهي في خزانته بدار الكتب المصرية برقم ٥٧ أدب ش، وجاء في خاتمتها:
«تم الكتاب بحمد اللّه وعونه على يدي الفقير إلى رحمة الله تعالى يوسف بن محمد غفر اللّه له ولوالديه ولجميع المؤمنين كافة عامة في يوم الاثنين جمادى الأولى سنة ١٢٩٦».
ويبدو أن الشنقيطي قد راجع نسخته على نسخة مكتبة عاشر، واستدرك بعض ما فات كاتب نسخته الذي وافق اسمه اسم كاتب نسخة مكتبة عاشر، فاسمه كذلك «يوسف بن محمد».
لذلك نستطيع أن نقول بعد الدراسة الطويلة: إن هذه النسخة ما هي إلا صورة أخرى من نسخة عاشر، امتازت بتلك التصحيحات التي صنعها الشنقيطي بقلمه، مستعملا المحو تارة والترميج مرة أخرى.
وليست تصحيحات الشنقيطي من الكثرة بمكان، إذ تكاد أن تحتل مقدار العشر من التصحيحات التي انفردت بها من دونه ولكن كثيرا منها بلغ الغاية في الدقة، لذلك حفظت له حقه في التنويه بفضل السبق إليها مع إمكان اهتدائى إليها في كثير من الأمر، فنسبت تصحيحاته إليه وزدتها تأييدا بأن وثّقتها من مختلف المراجع.
وقد رمزت لهذه النسخة بالرمز (ب).
وأما بعد فقد عنّانى هذا الكتاب في تحقيق متنه، إذ أن نصوصه من النوادر التي لا يعثر على معظمها في الكتب المعروفة.
ولكني مغتبط إذ تسنى لي أن أقيم كثيرا مما فيه من تحريف وتصحيف، وأن ألقى الضوء على كثير من غوامضه وإشاراته.
وللّه الحمد على ما أنعم، وهو ولى التوفيق.
2 / 111
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
أسماء المغتالين من الأشراف، وأسماء من قتل من الشعراء، وأسماء من
غلبت كنيته على اسمه، وكنى الشعراء وألقابهم (^١) من المغتالين:
جذيمة الأبرش
بن مالك بن فهم بن غنم (^٢) بن دوس بن عدثان (^٣) الأزدي. وكان أفضل ملوك العرب رأيًا (^٤)، وأبعدهم مغارًا، وأشدهم نكاية. وهو أول من استجمع له الملك بأرض العراق. وكانت منازله ما بين الأنبار وبقة وهيت وعين التمر وأطراف البر والقطقطانة وخفية (^٥) والحيرة. وكان يغير على الأمم الخالية من العرب العاربة الأول. وكان ملك العرب بأرض الجزيرة ومشارف الشام (^٦) عمرو بن الظرب بن حسان بن أذينة بن السميدع بن هوبر العاملي، من عاملة العماليق.
فجمع جذيمة جموعه من العرب وسار إليه، فالتقى هو وعمرو بن الظّرب فقتل
_________
(^١) هذا ما أثبت في صدر النسخة. وانظر المقدمة ص ١٠٨.
(^٢) في النسختين: «غانم»، تحريف.
(^٣) في: «عدنان»، صوابه في ب.
(^٤) في الأغانى ١٤: ٧١ حيث نقل الخبر: «وكان جذيمة من أفضل الملوك رأيا».
وانظر مجمع الأمثال في: (خطب يسير في خطب كبير).
(^٥) ليست في الأغانى. وخفية: أجمة في سواد الكوفة. وفي النسختين: «خفة» صوابه في كامل ابن الأثير ١: ١٩٧.
(^٦) في النسختين: «مشارق الشام». ومشارف الشام: قرى قرب حوران، منها بصرى، تنسب إليها السيوف المشرفية. وانظر ابن الأثير ١: ١٩٨.
2 / 112
جذيمة عمرًا وفض جموعه. فملك من بعد عمرو ابنته الزباء، وكانت تخاف أن يغزوها ملوك العرب، فبنت لنفسها حصنا على شاطئ الفرات، وسكرت الفرات على قلة (^١) الماء، وبنت في بطنه أزجًا من الآجر (^٢)، وأجرت عليه الماء، فكانت إذا خافت عدوًا دخلت النفق، فخرجت إلى مدينة أختها الزبيبة (^٣).
فلما اجتمع لها أمرها، واستحكم ملكها، جمعت لتغزو جذيمة ثائرة بأبيها، فقالت لها أختها زبيبة (^٤)، وكانت ذات رأى وحزم: إنك إذا غزوت جذيمة فإنما هو يوم له ما بعده، وإن ظفرت أصبت ثأرك، وإن قتلت هلك ملكك، والحرب سجال، وعثراتها لا تستقال، ولم يزل كعبك ساميًا على من ناواك، ولا تدرين لمن تكون العاقبة، وعلى من تكون الدائرة. والرأي أن تحتالي له وتخدعيه، وتمكري به!
فكتبت الزباء إلى جذيمة تدعوه إلى نفسها وملكها، وأن تصل بلاده ببلادها، وأنها لم تجد ملك النساء إلا إلى قبح في السماع، وضعف في السلطان، وقلة في بسط المملكة، وأنها لم تجد لها كفوًا غيرك، فأقبل إلي واجمع ملكي بملكك، وصل بلادي ببلادك، وتقلد أمري مع أمرك.
فلما قدم عليه رسلها وكتابها استخفّه ذلك، ورغب فيما أطمعته فيه، فجمع أهل الحجا من ثقات أصحابه وهو بالبقة (^٥)، فاستشارهم، فأجمعوا على أن يسير
_________
(^١) سكرته: صنعت له سدا يحجز الماء. في الأغانى: «وسكنت الفرات في وقت قلة الماء»، وفيه تحريف.
(^٢) الأزج: بيت يبنى طولا.
(^٣) تقرأ في ا «الزبيبة» و«الرنيبة» وفي ب بالقراءة الأخيرة فقط. وفي الطبري ٢: ٣٢ «زبيبة».
(^٤) انظر الحاشية السابقة.
(^٥) في ا: «بالثقة» وصححها الشنقيطي. وبقة: مدينة على شاطئ الفرات.
2 / 113
إليها ويستولي على ملكها، وخالفهم قصير بن سعد بن عمرو بن جذيمة بن قيس ابن هليل بن دمى بن نمارة بن لخم (^١)، فقال: هذا رأي فاتر، وغدر حاضر.
فإن كانت صادقة فلتقبل إليك، وإلا فلا تمكنها (^٢) من نفسك فتقع في حبالها، وقد وترتها وقتلت أباها!
فلم يوافق جذيمة ما أشار به قصير وقال: أنت امرؤ رأيك في الكن لا في الضح. ومضى جذيمة في وجوه أصحابه فأخذ على شاطئ الفرات الغربي، فلما نزل الفرضة دعا قصيرًا فقال: ما الرأي؟ فقال: «ببقة تركت الرأي». قال: فما ظنك بالزباء؟ قال: «القول رداف، والحزم عثراته لا تخاف». واستقبله رسلها بالهدايا والألطاف. فقال: يا قصير، كيف ترى؟ قال: «خطر (^٣) يسير في خطب كبير»، وستلقاك الخيول، فإن سارت أمامك فالمرأة صادقة، وإن أخذت [جنبيك وأحاطت بك (^٤)] فالقوم غادرون بك.
فلقيته الخيول فأحاطت به حتى دخل على الزباء، فلما رأته كشفت عن فرجها فإذا هي مضفورة الإسب (^٥)، فقالت: يا جذيمة، أذات عروس ترى؟ قال (^٦):
بلغ المدى، وجف الثرى، وأمر غدر أرى! فقالت: والله ما بنا من عدم مواس، ولا قلة أواس، ولكنها شيمة ما أناس (^٧). ثم أجلسته على نطع،
_________
(^١) في الأغانى: «بن هلال بن نمارة بن لخم» بإسقاط «دمى». وفي المقتضب ٨٠: «ربى».
(^٢) هذا تصحيح الشنقيطي، ويوافق ما في الأغانى. وفي ا: «فلا تملكها».
(^٣) كذا. والمعروف «خطب».
(^٤) التكملة من الأغانى وابن الأثير والطبري ٢: ٣٣ ومجمع الأمثال. وموضعها بياض في النسختين.
(^٥) الإسب، آخره باء: شعر الاست. نص عليه ابن الأثير ١: ١٩٩.
(^٦) بين هذه الكلمة وتاليتها في الأغانى: «بل أرى متاع أمة لكعاء غير ذات خفر ثم قال».
(^٧) وكذا عند بن الأثير ١: ١٩٩. وفي الأغانى والطبري: «شيمة من أناس».
2 / 114
وسقته الخمر، ثم أمرت بقطع رواهشه، فجعل دمه يسيل في طست من ذهب، فلما رأى دمه قال: «لا يحزنك دمٌ أهراقه أهله!».
ومنهم:
حسان بن تبع
وكان أعسر أحول، وإنه خرج من اليمن سائرًا حتى وطئ أرض العجم، وقال: لأبلغن من البلاد ما لم يبلغه أحد من التبابعة! فأوغل بهم في أرض خراسان، ثم مضى إلى المغرب فبلغ رومة (^١) وخلف عليها ابن عم له، وأقبل إلى العراق حتى إذا صار إلى فرضة نعم (^٢) بشاطئ الفرات قالت وجوه حمير: ما نفنى أعمارنا إلا مع هذا، يطوف في الأرض كلها، نغيب عن أولادنا وعيالنا وبلادنا وأموالنا؛ وما ندري ما يخلف عليهم بعدنا. فكلموا أخاه عمرا وقالوا: كلّم أخاك في الرجوع إلى بلده وملكه. فقالوا: هو أعسر من ذاك وأنكد. فقالوا:
فاقتله وتملك علينا فأنت أحق بالملك من أخيك، وأنت أعقل وأحسن نظرًا لقومك! فقال: أخاف ألا تفعلوا، وأكون قد قتلت أخي وخرج الملك عن يدي. فواثقوه حتى ثلج إلى قولهم (^٣)، واجتمع الرؤساء كلهم معه على قتل أخيه إلّا ذا رعين. فإنه خالفهم وقال: ليس هذا برأي، يذهب الملك من حمير! فشجعه الباقون على قتل أخيه، فقال ذو رعين: إن قتلته باد (^٤) ملكك. فلما رأى
_________
(^١) في الأغانى: «رومية».
(^٢) في النسختين: «تغم»، تحريف، صوابه عند ابن الأثير ١: ٢٤٦. وقال ياقوت:
«بشط الفرات. قال ابن الكلبي: سميت بأم ولد لتبع ذي معاهر، وهو حسان بن تبع أسعد أبى كرب الحميري. يقال لها نعم، وكان أنزلها على الفرضة وبنى لها بها قصرا، فسميت بها».
(^٣) أي اطمأن إليه وسكن.
(^٤) جعلها الشنقيطي «بار».
2 / 115
ذو رعين ما اجتمع عليه القوم أتاه بصحيفة مختومة فقال: يا عمرو، إني مستودعك هذا الكتاب، فضعه عندك في مكان حريز. وكتب فيه:
ألا من يشتري سهرًا بنومٍ … سعيدٌ من يبيت قريرَ عينِ
فإن تك حميرٌ غدرت وخانت … فمعذرة الإله لذي رعين (^١)
وإن عمرًا أتى حسان أخاه، وهو نائم على فراشه، فقتله واستولى على ملكه فلم يبارك له فيه (^٢)، وسلط عليه السهر، وامتنع منه النوم، فسأل الكهان والعياف، فقال له كاهن منهم: إنه ما قتل رجل أخاه قط بغيانًا (^٣) عليه إلا امتنع نومه فقال: هذا عمل رؤساء حمير، هم حملوني على قتله ليرجعوا إلى بلادهم. لم ينظروا لي ولا لأخي. فجعل يقتل من أشار بقتله رجلًا رجلا، حتى خلص الأمر إلى ذي رعين، وأيقن بالشر، فقال له ذو رعين: أما تعلم أني أعلمتك ما في قتله، ونهيتك؟ قال: ما أذكر هذا، ولئن كان ليس عندك إلا ما تدعي لقد طل دمك! قال: إن عندك لي براءة وشاهدا. قال: وما هو؟ قال: الكتاب الذي استودعتك. فدعا بالكتاب فلم يجده، فقال ذو رعين: ذهب دمي على أخذى بالحزم فصرت كمن أشار بالخطأ (^٤)، فقال الملك أن ينعم طلبه (^٥)، فأتى به فقرأه، فإذا فيه البيتان اللذان كتبناهما، فلما قرأهما قال: لقد أخذت بالحزم.
قال: إني حسبت (^٦) ما رأيتك صنعت بأصحابي.
_________
(^١) السيرة ١٨ جوتنجن: «فإما حمير غدرت».
(^٢) كلمة «فيه» ساقطة من ب.
(^٣) بغيانا، كذا وردت في النسختين. وفي السيرة: «بغيا على مثل ما قتلت أخاك عليه إلا ذهب نومه».
(^٤) الخطاء: الخطأ. وفي الأغانى ٢٠: ٨: «بالخطإ».
(^٥) كذا. وفي الأغانى: «ثم سأل الملك أن ينعم في طلبه».
(^٦) أي ظننت وحدست. وفي الأغانى: «خشيت».
2 / 116
وتشعّت أمر حمير حين قتل أشرافها، واختلفوا عليه، حتى وثب على عمرو لخنيعة ينوف (^١)، ولم يكن من أهل المملكة، فقتله.
ومنهم:
عمليق ملك طسم
بن لاوذ (^٢) بن إرم (^٣) بن سام بن نوح. وكان منازلهم «عذرة» في موضع اليمامة.
وكان سبب قتله أنه تمادى في الظلم والغشم، والسيرة بغير الحق، وأن امرأة من جديس كان يقال لها هزيلة ولها زوج يقال له قديس (^٤)، فطلقها وأراد أخذ ولدها منها، فخاصمته إلى عمليق، فقالت: أيها الملك، إني حملته تسعًا، ووضعته دفعًا، وأرضعته شفعًا (^٥)، حتى إذا تمت أوصاله (^٦) أراد أن يأخذه كرهًا، وأن يتركني بعده ورها (^٧). فقال لزوجها: ما حجتك؟ قال: حجتي أيها الملك أنها قد أعطيت المهر كاملًا، ولم أصب منها طائلا، إلا وليدا خاملا (^٨)، فافعل
_________
(^١) لخنيعة، كذا وردت في السيرة ١٩ جونتجن. وعند ابن الأثير ١: ٢٤٩ والقاموس (شنتر): «لختيعة» بالتاء. وفي (لخع): «لخيعة بن ينوف». وهو المطابق لما في كتب التيجان ص ٣٠٠.
(^٢) في النسختين وابن الأثير ١: ٢٣: «لوذ». وفي الخزانة ١: ٣٤٨: «لوز»، صوابه في الأغانى ١٠: ٤٥.
(^٣) في النسختين: «ادم» تحريف، صوابه في الخزانة.
(^٤) في الأغانى: «ماشق»
(^٥) هذا تصحيح الشنقيطي، وهو الموافق لما في الأغانى والخزانة، وابن الأثير ١: ٢٠٣. وأرادت بالشفع أنها أرضعته سنتين.
(^٦) بعده في الأغانى: «ودنا فصاله».
(^٧) الورهاء: الحمقاء وفي النسختين: «درها»، تحريف، صوابه في الخزانة وابن الأثير.
(^٨) في النسختين: «حاملا»، صوابه من ابن الأثير، ونقل الخزانة عن كتاب ابن حبيب.
2 / 117
ما كنت فاعلًا. فأمر بالغلام أن ينزع منهما جميعا ويجعل في غلمانه، وقال لهزيلة: أبغيه ولدا، ولا تنكحي أحدًا، واجزيه صفدا (^١). فقالت هزيلة:
أما النكاح فإنما يكون بمهر، وأما السّفاح فإنّما يكون بلا مهر (^٢)، وما لي فيهما من أمر! فلما سمع عمليق ذلك منهما أمر أن تباع وزوجها، فيعطي زوجها خمسها (^٣)، وتعطي هزيلة عشر ثمن زوجها، ويسترقا (^٤). فأنشأت تقول:
أتينا أخا طسمٍ ليحكمَ بيننا … فأنفذَ حكمًا في هزيلة ظالما
لعمري لقد حكِّمتَ لا متورِّعا … ولا كنتَ فيما تبرم الحكمَ عالما
ندمتُ ولم أندمْ وأبتُ بعبرتي … وأصبح بعلي في الحكومة نادما
فلما سمع عمليق قولها أمر ألا تزوج بكر من جديس فتهدى إلى زوجها إلا يؤتى بها عمليق فيفترعها هو قبل زوجها. فلقوا من ذلك جهدًا وذلا ولم يزل يفعل ذلك أربعين سنة فيهم، حتى زوجت الشموس عفيرة بنت عفار الجديسية، أخت الأسود الذي وقع إلى جبلى طيّئ وسكنوا الجبلين بعده، فلما أرادوا أن يهدوها إلى زوجها وانطلقوا بها إلى عمليق لينالها قبله، ومعها الوليدات يتغنين ويقلن:
أبدي بعمليقٍ وقومي فاركبي … وبادري الصُّبح بأمرٍ معجبِ
فسوف تلقين الذي لم تطلبي … وما لبكرٍ عنده من مهربِ
فلما دخلت عليه افترعها، وخلى سبيلها، فخرجت إلى قومها في دمائها، شاقة درعها عن قبلها ودبرها، وهي تقول:
_________
(^١) في النسختين: «واحتريه»، ووجهه من الأغانى. وفي الخزانة: «أو اجزيه».
والصفد: العطاء.
(^٢) في الخزانة: «بالقهر».
(^٣) في الأغانى وابن الأثير: «خمس ثمنها».
(^٤) هذه الكلمة ساقطة من الأغانى.
2 / 118
لا أحدٌ أذلَّ من جديس … أهكذا يفعل بالعروس
يرضى بهذا يا لقوم حرُّ … أهدى وقد أعطى وسيقَ المهر (^١)
لأخذةُ الموتِ كذا من نفسهِ … خيرٌ منَ أنْ يفعلَ ذا بعرسه
ثم قالت تحرض قومها فيما أتى عليها (^٢):
أيصلح ما يؤتى إلى فتياتكم … وانتمْ رجالٌ فيكم عدد النَّمل
وتصبح تمشى في الدماء صبيحةٌ (^٣) … عشيّةَ زفَّت في النساء إلى بعل
فإنْ أنتم لم تغضبوا بعد هذه … فكونوا نساءً لا تغبُّ من الكحلِ (^٤)
ودونكمُ طيبَ العروس فإنَّما … خلقتم لأثواب العروس وللغسلِ (^٥)
فلو أنَّنا كنا رجالًا وانتمُ (^٦) … نساءٌ لكنّا لا نقيم على الذلِّ
فبعدًا وسحقًا للذي ليس دافعًا (^٧) … ويختال يمشي بيننا مشيةَ الفحلِ
فموتوا كرامًا أو أميتوا عدوَّكم … ودبُّوا لنار الحرب بالحطب الجزل
فلما سمع ذلك أخوها الأسود، وكان سيدا مطاعًا، قال لقومه: يا معشر جديس، إن هؤلاء القوم ليسوا بأعز منكم في داركم، إلا بما كان من ملك صاحبهم علينا وعليهم وانتم أذل من النيب (^٨)، ولولا عجزنا لما كان له فضل علينا، ولو امتنعنا كان له منه النّصف (^٩)، فأطيعونى فيما آمركم به؛ فإنه عز الدهر وذهاب ذل العمر، واقبلوا رأيي. وقد أحمس جديسًا قولها، قالوا: نطيعك،
_________
(^١) في النسختين: «وساق المهر»، صوابه في الأغانى والخزانة.
(^٢) الأغانى: «أتى إليها»
(^٣) في الأغانى: «عفيرة».
(^٤) الأغانى: «لا تعاب».
(^٥) الأغانى: «وللنسل».
(^٦) الأغانى وابن الأثير: «وكنتم».
(^٧) في النسختين: «رافعا»، صوابه في الأغانى والخزانة وابن الأثير.
(^٨) النيب: جمع ناب، وهي الناقة المسنة.
(^٩) النصف: الإنصاف.
2 / 119
ولكن القوم أكثر منا عددًا وأقوى. قال: فإني أصنع للملك طعامًا، ثم أدعوهم إليه، فإذا جاءوا يرفلون في حللهم متفضلين (^١) مشينا إليهم بالسيوف فقتلناهم، فأنفرد أنا بالعمليق، وينفرد كل واحد بجليسه. فاجتمع رأيهم على ذلك.
وإن الأسود اتخذ طعامًا كثيرًا، وأمر القوم فاخترطوا سيوفهم، ودفنوها في الرمل تحتهم، ودعا القوم فجاءوا يرفلون في الحلل، حتى إذا أخذوا مجالسهم ومدوا أيديهم إلى الطعام أخذوا سيوفهم من تحت أقدامهم، فشد الأسود على عمليق وكل رجل على جليسه حتى أناموهم (^٢)، فلما فرغوا من الأشراف شدوا على السفلة فأفنوهم، فلم يدعوا منهم شطرًا، فقال الأسود:
ذوقي ببغيك يا طسمٌ مجلَّلةً … فقد أتيتِ لعمري أعجبَ العجبِ
إَّنا أتينا فلم ننفكَّ نقتلهم … والبغي هيَّجَ منَّا سورةَّ الغضب
فلن يعودَ علينا بغيهم أبدًا … ولن يكونوا لدى أنفٍ ولا ذنب (^٣)
ولو رعيتم لنا قربى مؤكَّدةً … كنَّا الأقاربَ في الأرحامِ والنَّسبِ
ومنهم أيضًا:
الأسود بن عفار
هذا، وكان هرب من حسان بن تبع، حين استغاثه الطسمي، فغزا جديسًا فقتلها، وأخرب جوا (^٤)، فمضى الأسود فأقام بجبلي طيئ قبل نزول طيئ إياهما.
_________
(^١) التفضل: التوشح، وأن يخالف اللابس بين أطراف ثوبه على عاتقه. والكلمة ليست في الأغانى.
(^٢) الأغانى: «أماتوهم».
(^٣) في الأغانى: «كذى أنف»، تحريف.
(^٤) جو: اسم لناحية اليمامة.
2 / 120
وكان سبب قتله أن طيئًا كانوا يسكنون الجوف (^١) من أرض اليمن، وهو اليوم محله مراد وهمدان، وكان مسكنهم واديًا يدعى ظريبًا (^٢)، وكان سيدهم يومئذ أسامة بن لؤي (^٣) بن الغوث بن طيئ، وكان الوادي مسبعة (^٤) وهم قليل عديدهم (^٥)، وقد كان ينتابهم بعير في أزمان الخريف، فيضرب في إبلهم، فإذا انقطع الخريف لم يدر أين يذهب، ولم يروه إلى قابل. وكانت الأزد قد خرجت من اليمن أيام العرم (^٦) فتفرقت، فاستوحشوا لذلك، وقالوا:
قد ظعن إخوتنا فصاروا إلى الأرياف. فلما هموا بالظعن قالوا: يا قوم، إن هذا البعير الذي يأتينا، من بلد ريف وخصب، وإنا لنصيب في بعره النوى، ولو أنا تعهدناه عند انصرافه فشخصنا معه لعلنا نصيب مكانًا خيرًا من مكاننا هذا.
فأجمعوا أمرهم على ذلك. فلما كان الخريف جاء الجمل فضرب في إبلهم، فلما انصرف احتملوا فتبعوه، فجعلوا يسيرون بسيره، ويبيتون حيث يبيت، حتى هبط بهم على الجبلين، فقال أسامة بن لؤي:
اجعلْ ظريبًا كحبيبٍ ينسى … لكلِّ قومٍ مصبحٌ وممسي
فهجمت طيئ على النخل في الشعاب، ومواش كثيرة وحشية كانت لقوم من جديس، وإذا هم برجل في شعب من تلك الشّعاب، وهو الأسود بن عفار،
_________
(^١) ا: «الحرف» وصححها الشنقيطي بما يوافق ما في أخبار عبيد بن شرية ٤٨٨.
وعند ابن الأثير ١: ٢٠٥: «الجرف». وفي معجم البلدان ٣: ١٧٥ «أبو زياد:
الجوف: جوف المحورة ببلاد همدان ومراد».
(^٢) في النسختين: «طرنيا»، تحريف. وظريب، بفتح أوله وكسر ثانيه، قال ياقوت: «موضع كانت طيئ تنزله قبل حلولها بالجبلين، فجاءهم بعير ضرب في إبلهم فتبعوه حتى قدم بهم الجبلين».
(^٣) في العرب «سامة بن لؤي بن غالب بن فهر». وأما هذا فهو أسامة.
(^٤) ا: «مسلعة» وصححها الشنقيطي موافقا ما في الأغانى ١٠: ٤٧. والمسبعة:
الموضع الكثير السباع.
(^٥) ا: «عديلهم» وصححها الشنقيطي. وفي الأغانى: «عددهم».
(^٦) ا: «العرب»، والتصحيح للشنقيطى في نسخته. وفي الأغانى: «الصرم»، تحريف.
2 / 121
فها لهم ما رأوا من عظم خلقته وتخوفوه، فنزلوا ناحية من الأرض، [وسبروها هل يرون بها أحدًا غيره؟ فلم يروا، فقال (^١)] أسامة بن لؤي لابن له يقال له الغوث: أي بني، إن قومك قد عرفوا فضلك عليهم في الجلد والبأس والرمي، فإن كفيتنا هذا الرجل سدت قومك آخر الدهر، وكنت أنت الذي أنزلتنا هذا البلد. فانطلق الغوث حتى أتى الرجل فكلمه وساءله، فعجب الأسود من صغر خلق الغوث (^٢)، فقال له: من أين أقبلتم؟ قال: من اليمن. وأخبره خبر البعير، وأنا رهبنا ما رأينا من عظم خلقك. فشغلوه بالكلام، وختله الغوث فرماه بسهم فقتله، فأقامت طيئ بالجبلين.
ومنهم:
عامر الضحيان (^٣)
بن سعد بن الخزرج بن تيم الله بن النمر بن قاسط، وكان صاحب مرباع ربيعة بن نزار، ومنزلها في نجعها، وحكمها في خصوماتها، وكانت ربيعة تغزو المغازي وهو في منزله، فتبعث له نصيبه ولنسائه حصة، إعظامًا له، فمكث بذلك حينًا، وفي ذلك قول بعضهم:
تعجبني أسدٌ ضارياتٌ … ويأكل مرباعهنَّ الضَّبع (^٤)
تمارس عنَّا بصمِّ القنا … لشيخ (^٥) أمامة أن يضطجع
وكان أعرج. وأنه شرب الخمر فاشتهى لحما، فذكرت له نعجة غربية (^٦)
_________
(^١) التكملة من الأغانى ١٠: ٤٧، وموضعها بياض في النسختين.
(^٢) في النسختين: «حال الغوث»، صوابه من الأغانى» ومما بدل له السياق.
(^٣) الاشتقاق ٢٠٢.
(^٤) ا: «من باعهن»، وصححها ناسخ ب.
(^٥) جعلها الشنقيطي «بشيخ»، بالباء.
(^٦) في النسختين: «عربية».
2 / 122
لكعب بن الحارث بن عامر بن عبد القيس، كانت امرأته مرضت فخلفها ظئرًا لابنه، فبعث إليها الضحيان فذبحها وكعب غائب، فرجع كعب فرأى ابنه يضغو جوعًا، فسأل عن النعجة فأخبروه أن الضحيان أكلها، فخرج بحربته حتى انتهى إلى منزله ليلًا فصرخ به فقالت له امرأته: الذي يدعوك يريد قتلك، فلا تخرج إليه! فقال: لو دعي عامر لطعنة أجاب! وخرج فبدره كعب فأوجره الحربة (^١) فقتله.
ومنهم:
عبدة بن مرارة
بن سوار بن الحارث بن سعد بن مالك بن ثعلبة بن. . . . . . . . (^٢). وهلال بن أمية الخزاعي، فحبا الأسدي حباء كثيرًا، ولم يحب هلالا شيئًا فأقفلا (^٣) حتى إذا كانا بواد يقال له وادي طفيل مالا إليه، فنزلا، فغدا الخزاعي على عبدة بن مرارة وهو راقد فقتله، وأخذ ما حبي به. فلما قدم سئل عنه فقال: مات! فصدقوه، واشترى بما أخذ منه إبلًا وخيلا.
فتغنى يومًا الخزاعي وقد أخذ فيه الشراب:
أبلغْ بني أسدٍ بأنَّ أخاهم … بلوى طفيل عبدة بن مراره (^٤)
_________
(^١) أوجره الحربة: طعنه بها في حلقه.
(^٢) في النسختين بياض بقدر ست كلمات.
(^٣) جعلها الشنقيطي «فقفلا». وجاء في اللسان: «وتكرر في الحديث وجاء في بعض رواياته: أقفل الجيش، وقلما [يقال] أقفلنا. والمعروف قفل وقفلنا، وأقفلنا غيرنا».
قلت: وهذا النص مما يضم إلى ما ورد في الحديث وتكرر.
(^٤) البيتان في معجم البلدان ٧: ٣٤٠.
2 / 123
يؤتى فقيرهم ويمنع ضيمهم … ويريح بعد المعتمين عشارة (^١)
فلما سمعت بذلك بنو أسد نهضوا إلى بني كنانة فقالوا. حليفكم هذا قتل أخانا، فإن تدوه دية الملوك نقبل، وإن تأبوا نقتل! فودوه دية الملوك:
ألف بعير.
ومنهم:
زهير بن عبد شمس
من بني صيفي بن سبأ الأصغر، وقتلته بلقيس بنت [اليشرح بن ذي جدن بن يشرح بن الحارث بن قيس بن (^٢)] صيفي.
وكان سبب ذلك أنه كان ملكًا، فعلا في مملكته وتكبر، وجعل يعتذر النساء قبل أزواجهن، كما كان يفعل عمليق، حتى أدركت بلقيس فقالت لأبيها: إن هذا الرجل قد فضح نساءكم فائته فقل له: إن لي بنتًا قد أعصرت (^٣)، وليس في قومها شبيه لها حسنًا وجمالًا. فإن قال لك: فابعث بها إلي، فقل: إن مثلي في شرفي ونسبي لا تعتذر ابنته إلا في بيته! فأتاه فذكر ذلك له، فلما قال له: ابعث بها قال له ما علمته ابنته، فقال له: كيف بنزلى
_________
(^١) ياقوت: «يروى فقيرهم». المعتم: الذي دخل في العتمة، وهو الثلث الأول من الليل بعد غيبوبة الشفق. جاء في اللسان: «وأهل البادية يريحون نعمهم بعيد المغرب وينيخونها في مراحها ساعة يستفيقونها، فإذا أفاقت - وذلك بعد ما مر قطعة من الليل - أثاروها وحلبوها».
وعلى ذلك فالأجود من هذه الرواية رواية ياقوت: «قبل المعتمين»، أي هو يتهيأ لقرى الضيف قبل نزوله به.
(^٢) التكملة من المحبر لابن حبيب ٣٦٧، وموضعها بياض في النسختين. وقد أثبت الشنقيطي في نسخته كلمة «شرحبيل» موضع «اليشرح». قال ابن حبيب: وهي صاحبة الهدهد، ولقتلها زهيرا حديث. وتزوجها سليمان بن داود صلى اللّه عليهما.
(^٣) أعصرت: أدركت، كأنها دخلت في عصر شبابها.
2 / 124