271

The Multiplicity of Caliphs and the Unity of the Ummah: Jurisprudence, History, and Future

تعدد الخلفاء ووحدة الأمة فقها وتاريخا ومستقبلا

ژانرها

إبراهيم بن محمد الضبي، وأبي بكر بن هذيل (١).
وقد ألقى القاضي النعمان - فيلسوف الخلافة الفاطمية ومؤرخها الأول- في كتابه «المجالس والمسايرات» ضوءًا كاشفًا على قضية كراهية السُّنة للخلافة الفاطمية، ويمكن تلمس ذلك في غير موضع بالكتاب، فمن ذلك أن القاضي النعمان عندما عُيِّن قاضيًا بمدن المنصورية والمهدية والقيروان وسائر مدن إفريقية زمن الخليفة المنصور لم يعجب ذلك مخالفيه في المذهب من أهل السُّنة، الذين تكلموا في حقه، وتحدثوا عن أنه يثير الدولة عليهم ويحركها، فضاق صدر النعمان بذلك وصبر طويلًا، ثمَّ اشتكى للخليفة المعز الذي أوصاه بالصبر والإعراض عن المغرضين أسوة بجعفر الصادق (٢).
وكذلك فقد أورد القاضي النعمان في كتابه «المجالس والمسايرات» تصريحًا مهمًّا للخليفة المهدي يكشف فيه عن شدة كراهيته لأهل إفريقية السُّنة، إذ يقول: ... «وقد ابتلانا الله برعي الحمير الجهال، فإنا لم نزل نتلطف في هدايتهم ومسايرة أحوالهم إلى أن ختم الله لنا بالحسنى، والخروج من بين أظهرهم على أحسن ... حال» (٣).
وفي موضع آخر نجد اعترافًا من الخليفة المهدي بكراهية أهل إفريقية لحكم الفاطميين (٤).
وقد أسهمت الخلافة العباسية في تعميق موقف المجتمع الإفريقي الرافض للخلافة الفاطمية الشيعيَّة، وليس أدل على ذلك من تلك الوثيقة التاريخية المهمة التي أوردها القاضي النعمان في كتابه «رسالة افتتاح الدعوة»، وهي عبارة عن رسالة من الخليفة العباسي (المكتفي) إلى أهل السنة بإفريقية يأمرهم فيها بالثبات والوحدة ومناجزة المارقين المبدِّلين للدين المحرِّفين للكِلَم عن مواضعه (٥).

(١) انظر ترجمتهما في فهرس التراجم رقم (١).
(٢) المجالس والمسايرات للقاضي النعمان: ص ٣٤٨.
(٣) المجالس والمسايرات للقاضي النعمان: ص ٣٩٦ - ٣٩٧.
(٤) المجالس والمسايرات للقاضي النعمان: ص ٩٧.
(٥) رسالة افتتاح الدعوة للقاضي النعمان: ص ١٧٤ - ١٧٨.

1 / 271