The Multiplicity of Caliphs and the Unity of the Ummah: Jurisprudence, History, and Future
تعدد الخلفاء ووحدة الأمة فقها وتاريخا ومستقبلا
ژانرها
(١) اختلف الفقهاء في حكم الخمس الخاص برسول الله ﷺ بعد وفاته والذي ذكره الله ﷿ في الأنفال/الآية ٤١ ... ﴿وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِاللهِ﴾ فقال مالك والشافعي والثوري: هو موكول إلى نظر الإمام واجتهاده فيأخذ منه تقديرًا ويعطي منه القرابة باجتهاده ويصرف الباقي في مصالح المسلمين وبه قال الخلفاء الأربعة وبه عملوا. انظر: العواصم من القواصم لابن العربي: ص ١١٢. تفسير القرطبي: ٨/ ١١. فتح القدير لابن الهمام: ١٣/ ٣٣ كتاب السير باب الغنائم وقسمتها. أحكام القرآن للجصاص: ٣/ ٧٩ وما بعدها، سورة الأنفال، باب قسمة الخمس. بداية المجتهد لابن رشد: ١/ ٢٨٥. التمهيد لابن عبد البر: ٢٠/ ٤٥. إذًا فتصرف عثمان بالخمس كان تصرفًا في حقه وفيما يملكه، ولا يلام عليه. وكان هذا رأي الإمام علي بن أبي طالب ﵁ وقتادة كما روى عنه الطبري في تفسيره: ١٠/ ٧. ولكن عليًا جعله في سبيل الله اقتداء بأبي بكر وعمر ﵃. انظر: شرح معاني الآثار: ٣/ ٢٣٤. واحتج من رأى أن سهم النبي ﷺ للإمام بعده بما روي عنه ﷺ أنه قال: «إن الله ﷿ إذا أطعم نبيًا طعمة ثم قبضه جعله للذي يقوم من بعده» رواه أحمد في مسنده: ١/ ١٩١ رقم (١٤) من مسند أبي بكر ﵁ قال محقق الكتاب: «إسناده حسن ورجاله ثقات رجال الشيخين غير الوليد بن جميع فمن رجال مسلم وفيه كلام يحطه عن رتبة الصحيح». سنن البيهقي الكبرى: ٦/ ٣٠٣ كتاب قسم الفيء والغنيمة، باب بيان مصرف خمس الخمس، بدون رقم، عن أبي بكر ﵁. قال القاضي أبو يوسف في كتاب الخراج ص ٢١: «كان الخمس في عهد رسول الله ﷺ على خمسة أسهم: لله وللرسول سهم، ولذي القربى سهم، ولليتامى والمساكين وابن السبيل ثلاثة أسهم، وسقط سهم الرسول وسهم ذوي القربى وقسم على الثلاثة الباقي، ثم قسمه علي على ما قسمه عليه أبو بكر وعمر وعثمان». (٢) لم يكن مروان هو الوحيد الذي اشترى من عثمان ﵁ ما كان يأتي من الفيء، فقد كانت هذه سياسة عامة من عثمان ﵁، فقد كان يبيع الفيء لصعوبة نقله إلى المدينة، أو لأنه كان عقارات لا يمكن نقلها، وقد اشترى كثيرون منه ﵁ كطلحة بن عبيد الله والأشعث بن قيس، ولكن الناس إنما ذكروا ما اشتراه مروان وضخموه. ولابد من التنبيه إلى أن المال كان قد فاض بشكل كبير، وجاءت الغنائم من كل مكان، وتوسع كثير من الصحابة في معاشهم، فامتلاك الأموال الكثيرة كان شيئًا طبيعيًا. انظر التمهيد والبيان في مقتل الشهيد عثمان للمالقي: ص ٤٧، ٦١. والاستقصا للسلاوي: ١/ ٣٣، ٣٤. هذا وقد نفى الباقلاني أن يكون عثمان ﵁ قد أعطى مروان شيئًا من الخمس انظر التمهيد في الرد على الملحدة للباقلاني: ص ٢٢٤. وانظر أيضًا كمثال على سياسة عثمان بالمال ما رواه الطبري في تاريخه: ٣/ ١٤٧ عن ذهل بن الحارث (وكان يريد مصقلةُ بن هبيرة عاملُ عليٍ على أردشير خره أن يبعثه إلى معقلِ ابن قيس قائدِ الجيش الذي بعثه علي ﵁ لقتال الخوارج) قال: دعاني مصقلة بن هبيرة إلى رَحْله فقُدم عشاؤه فطعمنا منه ثم قال: والله إن أمير المؤمنين - يعني عليًا ﵁ يسألني هذا المال (الذي اشترى به الأسرى النصارى من سيدنا علي ﵁ بعد المعركة التي قتل فيها الخارجي الخريت بن راشد وكانوا قد اشتركوا مع الخارجي بالقتال فلما هُزموا ساقهم معقل إلى علي ولما مروا بمصقلة ارتفع فيهم العويل والبكاء فرقَّ لهم وفداهم بالمال) ولا أقدر عليه. فقلت: والله لو شئت ما مضت عليك جمعة حتى تجمع جميع المال. فقال: والله ما كنت لأحملها قومي ولا أطلب فيها إلى أحد. ثم قال: «أما والله لو أن ابن هند (أي معاوية ﵁) هو طالبني بها أو ابن عفان لتركها لي، ألم تر إلى ابن عفان حيث أطعم الأشعث من خراج أذربيجان مائة ألف في كل سنة. فقلت له: إن هذا (يعني الإمام عليًا ﵁) لا يرى هذا الرأي لا والله ما هو بباذل شيئًا كنتَ أخذتَه. فسكت ساعة وسكتُّ عنه، فلا والله ما مكث إلا ليلة واحدة بعد هذا الكلام حتى لحق بمعاوية».
1 / 96