The Major Issues

Malek Bennabi d. 1393 AH
102

The Major Issues

القضايا الكبرى

ناشر

دار الفكر المعاصر بيروت-لبنان / دار الفكر دمشق

شماره نسخه

١٤٢٠هـ ٢٠٠٠م / ط ١

محل انتشار

سورية

ژانرها

وقد جاءَت كلُّ الديانات- وأعني هنا جميع المفهوميَّات الدينية- لترويض الطاقة الحيويَّة للإنسان، وجعلها مخصَّصة للحضارة. وبناءً على ذلك يضع الدين الحرية الفردية بين حدود عمل المجتمع، ومقتضيات الحرية الخاصة بهذا المجتمع. والتشريعات المدنية نفسها لا يمكنها أن تُخِلَّ بهذا المبدأ دون أن تعرِّض للخطر نظامَ المجتمع في الداخل، وكرامَتَهُ في الخارج. وتتمثل خاصِّيَّةُ المفهومية السياسية في ترسيخها لمثل هذا المبدأ بقرارة الفرد، بطريقة تجعله يدرك كيف ينخرط في حريَّة: بحريَّته ونشاطه الفرديَّيْن داخل حرية المجتمع ونشاطه المشترك (١) وحرية بلاد ما إنما تُشادُ مع مثل هذه التَّقييدات للحرية الفردية؛ ثم يَتَبَقَّى لهذه البلاد أن تختار جنسَ هذه التقييدات وذلك إما بفرضها عن طريق الإكراه الحكوميِّ (الذي يقدِّم مصلحة الدولة على ما عداها)؛ وإما بترسيخها في الأفراد عن طريق تربية كل فرد بصورة تجعل سلوكه راضخًا لمراقبة وازِعِه الأخلاقي الخاص. وقد أعرب الشعب الجزائري عن وجهة نظره في هذا الموضوع بتَبَنيهِ للمبدأ الديمقراطي في دستوره؛ ولذا يجب على التربية الوطنية أن تُفْهِمَ الجيلَ الفَتيِيَّ أن دربَ الحريَّة يمرُّ بين أقصى طرفين هما: المحافظة المفرطة، التي تفضي إلى تحجُّر الفكر داخل الغشاوة السياسيَّة، وتعمّد (عدم المحافظة) بطريقة منهجيَّة، مما يؤدِّي إلى فوضى الأشخاص، والأشياء، والأفكار، وبالتالي إلى انفجار الإطار السياسيِّ.

(١) أتى أحدهم يومًا وسأل (Yenorate) عما علمه لطلابه فأجاب: «علمتهم أن يعملوا بأنفسهم ما يلزمهم به القانون» (عن الجمهورية لشيشرون. Cète in) بالنسبة لمنتسكيو (الفضيلة السياسية) هي «أن يذهب المرء للخير العام وهو يعتقد أنه يذهب من أجل مصلحة الخاصة» (الكتاب الثالث الفصل السابع روح الشرائع). [ط. ف].

1 / 110