التفسير المنير - الزحيلي
التفسير المنير - الزحيلي
ناشر
دار الفكر (دمشق - سورية)
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤١١ هـ - ١٩٩١ م
محل انتشار
دار الفكر المعاصر (بيروت - لبنان)
ژانرها
خيبر، فعاذت اليهود بهذا الدعاء: «اللهم إنا نسألك بحق محمد النّبيّ الأميّ الذي وعدتنا أن تخرجه لنا في آخر الزمان، إلا نصرتنا عليهم» فكانوا إذا التقوا دعوا بهذا الدعاء فهزموا غطفان. فلما بعث النّبي ﷺ كفروا به، فأنزل الله تعالى:
﴿وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ أي بك يا محمد، إلى قوله:
﴿فَلَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْكافِرِينَ﴾ (^١).
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس أن يهود كانوا يستفتحون على الأوس والخزرج برسول الله ﷺ قبل مبعثه، فلما بعثه الله من العرب، كفروا به، وجحدوا ما كانوا يقولون فيه، فقال لهم معاذ بن جبل وبشر بن البراء وداود بن سلمة: يا معشر اليهود: اتقوا الله وأسلموا، فقد كنتم تستفتحون علينا بمحمد، ونحن أهل شرك، وتخبروننا بأنه مبعوث، وتصفونه بصفته، فقال أحد بني النضير: ما جاءنا بشيء نعرفه، وما هو بالذي كنا نذكر لكم، فأنزل الله:
﴿وَلَمّا جاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ﴾ [البقرة ٨٩/ ٢].
وقال السدي: «كانت العرب تمرّ بيهود، فتلقى اليهود منهم أذى، وكانت اليهود تجد نعت محمد في التوراة أنه يبعثه الله، فيقاتلون معه العرب، فلما جاءهم محمد ﷺ كفروا به حسدا، وقالوا: إنما كانت الرسل من بني إسرائيل، فما بال هذا من بني إسماعيل» (^٢).
التفسير والبيان:
اليهود قساة القلوب، عبدة المصالح المادية، والأهواء الذاتية، فتجددت فيهم الإنذارات الإلهية، وأرسلت إليهم الرسل، بعضهم إثر بعض، فكان
(^١) أخرجه الحاكم في المستدرك والبيهقي في الدلائل بسند ضعيف عن ابن عباس. (^٢) أسباب النزول للواحدي: ص ١٥، أسباب النزول للسيوطي: ص ١٩ وما بعدها.
1 / 220