The Hidden Pearl in the Biography of the Trusted Prophet
اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون
ناشر
المكتبة العامرية للإعلان والطباعة والنشر والتوزيع
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤٣٢ هـ - ٢٠١١ م
محل انتشار
الكويت
ژانرها
مِنْ ثَبَاتٍ وَقُوَّةٍ وتَأْثِيم ونَصْرٍ لَيْسَ إلَّا لأنَّهُ نَبِيٌّ حَقًّا، ومَا كَانَ اللَّهُ تَعَالَى أنْ يُؤَيِّدَ مَنْ يَكْذِبُ عَلَيْهِ هذَا التَّأيِيدَ الفَرِيدَ في التَّارِيخِ، فَسِيرَةُ رسُولِ اللَّهِ ﷺ تُثْبِتُ لَنَا صِدْقَ رِسَالَتِهِ عنْ طَرِيقٍ عَقْلِيٍّ بَحْتٍ، وما وَقَعَ لَهُ ﷺ مِنَ المُعْجِزَاتِ لمْ يَكُنْ الأسَاسَ الأوَّلَ في إيمَانِ العَرَبِ بِدَعْوَتِهِ، بلْ إنَّا لا نَجِدُ لهُ مُعْجِزَةً آمَنَ مَعَهَا الكُفَّارُ المُعَانِدُونَ، عَلَى أنَّ المُعْجِزَاتِ المَادِيَّةِ إنَّمَا تَكُونُ حُجَّةً عَلَى مَنْ شَاهَدَهَا، ومِنَ المُؤَكَّدِ أنَّ المُسْلِمِينَ الذِينَ لَمْ يَرَوا الرَّسُولَ ﷺ، ولَمْ يُشَاهِدُوا مُعْجِزَاتِهِ، إنَّمَا آمَنُوا بِصِدْقِ رِسَالَتهِ لِلْأَدِلَّةِ العَقْلِيَّةِ القَاطِعَةِ عَلَى صِدْقِ دَعْوَاهُ النُّبُوَّةَ، ومِنْ هَذِهِ الأدِلَّةِ العَقْلِيَّةِ: القُرْآنُ الكَرِيمُ، فإنَّهُ مُعْجِزَةٌ عَقْلِيَّةٌ، تُلْزِمُ كُلَّ عَاقِلٍ مُنْصِفٍ أنْ يُؤْمِنَ بِصِدْقِ مُحَمَّدٍ ﷺ في دَعْوَى الرِّسَالَةِ. . .
ومِنْ هُنَا نرى هَذِهِ المِيزَةَ الوَاضِحَةَ في سِيرَةِ الرَّسُولِ ﷺ، أنَّهُ مَا آمَنَ بِهِ واحِدٌ عنْ طَرِيقِ مُشَاهَدَتِهِ لِمُعْجِزَةٍ خَارِقَةٍ، بَلْ عَنِ اقْتِنَاع عَقْلِيِّ وُجْدَانِيٍّ، وإذَا كانَ اللَّهُ تَعَالَى قَدْ أكْرَمَ رَسُولَهُ ﷺ بِالمُعْجِزَاتِ الخَارِقَةِ، فمَا ذَلِكَ إلَّا إكْرَامٌ له ﷺ وإفْحَامٌ لِمُعَانِدِيهِ المُكَابِرِينَ، ومَنْ تتبَّعَ القُرْآنَ الكَرِيمَ وجَدَ أنَّهُ اعْتَمَدَ في الإِقْنَاعِ عَلَى المُحَاكَمَةِ العَقْلِيَّةِ، والمُشَاهَدَةِ المَحْسُوسَةِ لِعَظِيمِ صُنْعِ اللَّهِ تَعَالَى، والمَعْرِفَةِ التَّامَّةِ بِمَا كَانَ عَلَيْهِ الرَّسُولُ ﷺ مِنْ أُمِّيَّةٍ تَجْعَلُ إتْيَانَهُ بِالقُرْآنِ الكَرِيمِ دَلِيلًا عَلَى صِدْقِ رِسَالَتِهِ ﷺ (١).
* * *
_________
(١) انظر السِّيرة النَّبوِيَّة دروس وعبر للدكتور مصطفى السباعي ص ١٥ - ٢٣.
1 / 26