هو السبب الأول والأهم للهجرة، ولقد سبق الاتجاه إلى يثرب لتكون قاعدة للدعوة الجديدة عدة اتجاهات، سبقها الاتجاه إلى الحبشة، حيث هاجر إليها كثير من المؤمنين الأوائل، القول بأنهم هاجروا إليها لمجرد النجاة بأنفسهم لا يستند إلى قرائن قوية، فلو كان الأمر كذلك لهاجر إذن أقل الناس جاها وقوة ومنعة من المسلمين، غير أن الأمر كان على الضد من هذا، فالموالي المستضعفون الذين كان ينصب عليهم معظم الاضطهاد والتعذيب والفتنة لم يهاجروا، إنما هاجر رجال ذوو عصبيات، لهم من عصبيتهم في بيئة قبلية ما يعصمهم من الأذى، ويحميهم من الفتنة، وكان عدد القرشيين يؤلف غالبية المهاجرين (^١).
ومنها البحث عن مكان آمن للمسلمين:
وهذا السبب هو نتيجة لفرار المسلمين بدينهم، فلا بد لهم أن يبحثوا عن المكان الآمن والأرض الخصبة التي تمكنهم من ممارسة شرائع الإسلام والدعوة إليه.
وهكذا كانت الخطة الأمنية للرسول ﵌ تستهدف الحفاظ على الصفوة المؤمنة؛ ولذلك رأى الرسول ﵌ أن الحبشة تعتبر مكانًا آمنًا للمسلمين ريثما يشتد عود الإسلام وتهدأ العاصفة، وقد وجد المهاجرون في أرض الحبشة ما أمنهم وطمأنهم، وفي ذلك تقول أم سلمة ﵂: (لما نزلنا أرض الحبشة جاورنا بها خير جار النجاشي، أَمِنَّا على ديننا وعبدنا الله تعالى لا نؤذى (^٢) ....... الخ).