The Fifth Pillar
الركن الخامس
ناشر
دار اقرأ للطباعة والنشر والتوزيع
محل انتشار
دمشق- سوريا
ژانرها
الهدف المنشود من جهاد الحجاج في مسيرة الحج كل عام، هو ترويض جيلٍ من المسلمين على الخشونة وركوب الصعاب والصبر على المكاره، وألوان المشاق، في دورة تدريبية من نوع خاص تسمى الركن الخامس، لها خصوصيتها الزمانية والمكانية والتنفيذية؛ لاكتساب قدرات جديدة تمكّن المسلم المتدرّب هناك من مواجهة التحديات التي تعترض مستقبل دينه وأمته، يوم يقبل بوجهه على أهله في أرض الوطن، وقد نال حظًا من الانتماء لأُمة التوحيد، ونصيبًا من الجرعات الإيمانية، وثقةً بالله، ويقينًا بوعده واطمئنانًا إلى سلامة الطريق الذي بدأه رسول الله ﷺ مبلغًا عن ربه، والذي ما يزال يشق طريقه إلى اليوم، رغم التحديات، ورغم الجبال الاصطناعية التي تنتصب عند مفترق
_________
= خُلق وإليها يعود، كما لا تقطعه عن سمائه التي منها يستمد العون والوجود، ومن موضوعية الإسلام في هذا الجانب أنه أعلن بالنص الإلهي أنّ الله خلق الإنسان بيديه، ونفخ فيه من روحه وأرسل إليه الرسل، وأنزل عليه الكتب، وفتح له باب التوبة إذا عصى، فهذا كله يدخل في باب تشريف الله للإنسان حتى إنه إذا عصاه لا يبادره بالعقوبة والانتقام، وإنما يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، ويمده بالمغتسلات الإسلامية التي منها الصلاة والصيام والحج في مراعاة لتلك الطبيعة المزدوجة أما الوسيلة الناجحة في التعامل مع تلك الطبيعة فهو ما تقترن به تلك العبادات من مشقة تروّضه على القيادة الصحيحة ليملك القدرة على التحكم بنوازع الهوى داخل كيانه، بما يحقق تلبية حاجاته على الوجه المباح، ولجم تسلطها الذي ينذر بَشَرٍّ بِنَهَمِ المعاصي، وبما يقوي حالة التوازن والاستقرار في النفس البشرية، وكذا بالإيمان الراسخ بوعد الله مما يهون على المسلم كل مصائب الدنيا. بيد أن رحلة الحج إلى بيت الله الحرام لها نصيب وافر من المشقة المقدور عليها، بما لا تجده في أيّ عبادة إسلامية أخرى، ولها طريقتها الخاصة في ترويض نفوس طالما اشرأبت إلى المعصية ومارستها وطالما أخلدت إلى الأرض وغفلت عن وظيفتها في هذا الوجود، وفي بناء شخصيات طالما تملكتها دواعي الدّعة والأنانية، وفي تأسيس فكر إسلامي يرتقي إلى مستوى هذا المؤتمر السنوي الجامع، وعلى ترسيخ عقيدة هي قوام الأمر كله، لذلك فإنّ تكاليف الشريعة في الحج تشترط الاستطاعة البدنية والمالية؛ لأنه ليس بمقدور كل إنسان أن يمارس هذه المشقة الخاصة، من هنا فإنّ ربط فريضة الحج بالعمر، وربطه بالأقدم سنًا هو خروج عن جادة الصواب، وجهل بحقيقة هذا الركن الذي تختلف تكاليفه الشرعية عن سائر التكاليف الإسلامية من حيث بذل الجهد والمشقة؛ لأن ما هو منتظر منها كبير جدًا، وهل رأيت أمة ترسل شيوخها إلى مراكز التدريب وتتأمل منهم أن يعودوا، بل ترسل هي شبابها لتلك المهمة، وتبني عليهم الآمال.
1 / 31