The Excuse of Ignorance Under Shariah Scrutiny
العذر بالجهل تحت المجهر الشرعي
ناشر
دار الكتاب والسنة
شماره نسخه
الثانية
سال انتشار
١٤١٦ هـ - ١٩٩٥ م
محل انتشار
باكستان
ژانرها
والتشريع لكافة الخلق وأنه تعالى يحكم لا معقب لحكمه وهذا القبول للأحكام يفترض في كل من نطق بالشهادتين.
التصديق والانقياد ركنا الإيمان:
قال ابن تيمية: وهذا موضع زاغ فيه خلق من الخلف: تخيل لهم أن الإيمان ليس في الأصل إلا التصديق ثم يرون مثل إبليس وفرعون ممن لم يصدر عنهم تكذيب، أو صدر عنهم تكذيب باللسان لا بالقلب، وكفره من أغلظ الكفر فيتحيرون ولو أنهم هدوا لما هدى إليه السلف الصالح لعلموا أن الإيمان قول وعمل أعني في الأصل قولًا في القلب وعملًا في القلب. فإن الإيمان بحسب كلام الله ورسالته. وكلام الله ورسالته يتضمن إخباره وأوامره فيصدق القلب أخباره تصديقًا يوجب حالًا في القلب بحسب المصدق به. والتصديق هو نوع من العلم والقول، وينقاد لأمره ويستسلم وهذا الانقياد والاستسلام هو من نوع الإرادة والعمل، ولا يكون مؤمنًا إلا بمجموع الأمرين. فمتى ترك الانقياد كان مستكبرًا فصار من الكافرين وإن كان مصدقًا.
للكفر (١) أعم من التكذيب. يكون تكذيبًا وجهلًا، ويكون استكبارًا وظلمًا، ولهذا لم يوصف إبليس إلا بالكفر والاستكبار دون التكذيب، ولهذا كان كفر من يعلم مثل اليهود ونحوهم من جنس كفر إبليس، وكان كفر من يجهل مثل النصارى ونحوهم ضلالًا وهو الجهل.
ألا ترى أن نفرًا من اليهود جاءوا إلى النبي وسألوه عن أشياء فأخبرهم فقالوا: نشهد إنك نبي ولم يتبعوه وكذلك هرقل وغيره فلم ينفعهم هذا العلم وهذا التصديق. ألا ترى أن من صدق الرسول بأن ما جاء به هو رسالة الله وقد تضمنت خبرًا وأمرًا فإنه يحتاج إلى مقام ثان وهو تصديق خبر الله وانقياده لأمر الله فإذا قال: (أشهد أن لا إله إلا الله) فهذه الشهادة تتضمن تصديق خبره والانقياد لأمره (وأشهد أن محمدًا رسول الله) تضمنت تصديق الرسول فيما جاء به من عند الله فبمجموع هاتين الشهدتين يتم الإقرار. فلما كان التصديق لا بد منه في كلا الشهادتين وهو الذي يتلقى الرسالة بالقبول ظن من ظن أنه أصل لجميع الإيمان وغفل عن أن الأصل الآخر لا بد منه وهو الانقياد. وإلا فقد يصدق الرسول ظاهرًا وباطنًا ثم يمتنع
(١) هكذا في الأصل وإن كان السياق يقتضي وضع "والكفر".
1 / 123