The Evidence of the Weakness of the Hadith: Whoever Performs Two Rak'ahs After Fajr Will Receive the Reward of Umrah and Hajj
الحجة بضعف حديث من صلى ركعتين بعد الصبح فله أجر عمرة وحجة
ژانرها
ـ (الْحُجَّةُ بِضَعْفِ حَدِيثِ مَنْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الصُّبْحِ فَلَهُ أَجْرُ عُمْرَةٍ وَحَجَّةٍ) ـ
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الْحَمْدُ للهِ الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ، الَّذِى نَصَبَ فِى كُلِّ جِيلٍ طَائِفَةً لِيَتَفَقَّهُوا فِى الدِّينِ وَيَسْتَقْرِئُوا سَالِفَ الآثَارِ، وَهَيَّأَهُمْ لإِدْرَاكِ الصَّحِيحِ وَالضَّعِيفِ مِنَ السُّنَنِ وَالأَخْبَارِ، أُولَئِكَ الَّذِينَ تَنْجَلِى بِهِمُ الظُّلَمُ، وَتَنْكَشِفُ بِهِمُ الْغُمَمُ، وَيُهْتَدَى بِهِمْ عَلَى كَرِّ الدُّهُورِ وَالأَعْصَارِ. وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، شَهَادَةً دَلائِلُهَا مُشْرِقَةُ الأَنْوَارِ، وَنَتِيجَةُ اعْتِقَادِهَا مُبَايَنَةُ أَهْلِ الْعِنَادِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَالْكُفَّارِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًَا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الْمُجْتَبَى وَنَبِيُّهُ الْمُخْتَارِ.
وَبَعْدُ..
1 / 1
مِنَ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ عِنْدَ عُلَمَاءِ الأَثَرِ أَنَّ مِنَ الأُمُورِ الْمُسْتَنْكَرَاتِ: تَتَبُّعَ الأَبَاطِيلِ وَالْمَوْضُوعَاتِ، وَتَطَلُّبَ الْغَرِائِبِ وَالْمُنْكَرَاتِ.
وَقَدْ أَفْرَدَ الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ فِي كِتَابِهِ «الْجَامِعُ لأَخْلاقِ الرَّاوِي» أَبْوَابًَا لِتَقْرِيرِ هَذَا الْمَطْلَبِ وَتَوْكِيدِهِ، مِنْهَا:
بَابُ مَا يَنْبَغِي أَنُ يُصْدَفَ عَنِ الاشْتِغَالِ بِهِ فِي الانْتِقَاءِ
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ: يَنْبَغِي لِلْمُنْتَخِبِ أَنْ يَقْصُدَ تَخَيُّرَ الأَسَانِيدِ الْعَالِيَةِ، وَالطُّرُقِ الْوَاضِحَةِ، وَالأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ، وَالرِّوَايَاتِ الْمُسْتَقِيمَةِ، وَلا يُذْهِبُ وَقْتَهُ فِي التُّرْهَاتِ مِنْ تَتَبُّعِ الأَبَاطِيلِ وَالْمَوْضُوعَاتِ، وَتَطَلُّبِ الْغَرِائِبِ وَالْمُنْكَرَاتِ.
وَأَسْنَدَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ الْقَاضِي قَالَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: مَنْ طَلَبَ الْمَالَ بِالْكِيمِيَاءِ أَفْلَسَ، وَمَنْ طَلَبَ الدِّينَ بِالْجِدَالِ تَزَنْدَقَ، وَمَنْ طَلَبَ غَرِيبَ الْحَدِيثِ كَذَبَ.
وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْخَلِيلِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْعَمِّيِّ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ الْمُبَارَكِ يَقُولُ: فِي صَحِيحِ الْحَدِيثِ شُغْلٌ عَنْ سَقِيمِهِ.
وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حِمْيَرٍ حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ قَالَ: إِذَا حَمَلْتَ شَاذَّ الْعُلَمَاءِ حَمَلْتَ شَرًَّا كَثِيْرًَا.
وَعَنْ التَّوَّزِيِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عُبَيْدَةَ يَقُولُ: مَنْ شَغَلَ نَفْسَهُ بِغَيْرِ الْمُهِمِّ أَضَرَّ بِالْمُهِمِّ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَالْغَرَائِبُ الَّتِي كَرِهَ الْعُلَمَاءُ الاشْتِغَالَ بِهَا، وَقَطْعَ الأَوْقَاتِ فِي طَلَبِهَا إِنَّمَا هِيَ مَا حَكَمَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِبُطْلانِهِ، لِكَوْنِ رُوَاتِهِ مِمَّنْ يَضَعُ الْحَدِيثَ، أَوْ يَدَّعِي السَّمَاعَ. فَأَمَّا مَا اسْتُغْرِبَ لِتَفَرُّدِ رَاوِيهِ بِهِ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الصِّدْقِ وَالأَمَانَةِ، فَذَلِكَ يَلْزَمُ كَتْبُهُ، وَيَجِبُ سَمَاعُهُ وَحِفْظُهُ.
1 / 2
وَبَابُ اسْتِحْبَابِ رِوَايَةِ الْمَشَاهِيْرِ وَالصُّدُوفِ عَنِ الْغَرَائِبِ وَالْمَنَاكِيْرِ
وَأَسْنَدَ عَنْ عَمْرِو بْنِ خَالِدٍ الْحَرَّانِيِّ قَالَ سَمِعْتُ زُهَيْرًَا يَقُولُ لِعِيسَى بْنِ يُونُسَ: يَنْبَغِي لِلرِّجُلِ أَنْ يَدَعَ رِوَايَةَ غَرِيبِ الْحَدِيثِ، فَإِنِّي أَعْرِفُ رَجُلًا كَانَ يُصَلِّي فِي يَوْمِهِ مِئَةَ رَكْعَةٍ، مَا أَفْسَدَهُ عِنْدَ النَّاسِ إِلاَّ رِوَايَةُ غَرِيبِ الْحَدِيثِ.
وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ التَّيْمِيِّ الْبَصْرِيِّ سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ يَقُولُ: شَرُّ الْعِلْمِ الْغَرِيبُ، وَخَيْرُ الْعِلْمِ الظَّاهِرُ الَّذِي قَدْ رَوَاهُ النَّاسِ.
وَعَنْ حِبَّانَ بْنِ مُوسَى قَالَ سَمِعْتُ النَّضْرَ بْنَ مُحَمَّدٍ يَقُولُ: أَفْضَلُ الْعِلْمِ الْمَشْهُورِ.
وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بِشْرِ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّزَّاقِ يَقُولُ: كُنَّا نَرَى أَنَّ غَرِيبَ الْحَدِيثِ خَيْرٌ، فَإِذَا هُوَ شَرٌّ.
قُلْتُ: وَهَذَا التَّقْرِيرُ عَظِيمُ النَّفْعِ لِمَنْ تَدَبَّرَ فَحْوَاهُ، وَفَهِمَ غَايَتَهُ وَمَرْمَاهُ، وَعَمِلَ بِدِلالَتِهِ وَمُقْتَضَاهُ. فَلْيَكُنْ هَذَا أَوَّلَ مَقَاصِدِ بَيَانِ نَكَارَةِ الْحَدِيثِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّهُ: مَنْ مَكَثَ فِي مُصَلاهُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَانَتَا لَهُ كَأَجْرِ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ.
1 / 3
الْمَقْصِدُ الثَّانِي: بَيَانُ طُرُقِ الْحَدِيثِ وَرِوَايَاتِهِ
[الْحَدِيثُ الأَوَّلُ] حَدِيثُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ﵁، وَلَهُ طُرُقٌ
[الطَّرِيقُ الأُولَى] أَبُو ظِلالٍ الْقَسْمَلِيُّ عَنْهُ
قَالَ التِّرْمِذِيُّ (٥٨٦): حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْجُمَحِيُّ الْبَصْرِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا أَبُو ظِلالٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَنْ صَلَّى الْغَدَاةَ فِي جَمَاعَةٍ، ثُمَّ قَعَدَ يَذْكُرُ اللهَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَانَتْ لَهُ كَأَجْرِ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ» . قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «تَامَّةٍ تَامَّةٍ تَامَّةٍ» .
وَأَخْرَجَهُ الْبَغَوِيُّ «شَرْحُ السُّنَّةِ» (٧١٠) قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عُثْمَانَ الضَّبِّيُّ نَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَرَّاحِيُّ نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْمَحْبُوبِيُّ نَا أَبُو عِيسَى بِهِ.
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ قَالَ: وَسَأَلْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْماَعِيلَ عَنْ أَبِي ظِلالٍ، فَقَالَ: هُوَ مُقَارِبُ الْحَدِيثِ. قَالَ مُحَمَّدٌ: وَاسْمُهُ هِلالٌ.
قُلْتُ: بَلْ هُوَ حَدِيثٌ غَرِيبٌ مُنْكَرٌ، لَمْ يَرْوِهِ عَنْ أَنَسٍ إِلاَّ أَبُو ظِلالٍ الْقَسْمَلِيُّ، وَلا يُحْتَمَلُ تَفَرُّدُهُ، فَهُوَ بَيِّنُ الأَمْرِ فِي الضُّعَفَاءِ.
وَلِلْبُخَارِيِّ قَوْلٌ ثَانٍ بِتَضْعِيفِهِ، وَتَفْسِيْرِهِ عِلَّةِ ضَعْفِهِ بِرِوَايَتِهِ الْمَنَاكِيْرَ.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الْعُقَيْلِيُّ «الضُّعَفَاءُ» (٤/٣٤٥): هِلالٌ أَبُو ظِلالٍ الْقَسْمَلِىُّ عَنْ أَنَسٍ، عِنْدَهُ مَنَاكِيْرُ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ ثَنَا الْعَبَّاسُ قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى قَالَ: أَبُو ظِلالٍ الْقَسْمَلِيُّ لَيْسَ بِشَيْءٍ. حَدَّثَنِي آدَمُ بْنُ مُوسَى قَالَ: سَمِعْتُ الْبُخَارِيَّ قَالَ: هِلالٌ أَبُو ظِلالٍ الْقَسْمَلِيُّ عَنْ أَنَسٍ، عِنْدَهُ مَنَاكِيْرُ. وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ ثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى قَالَ: أَبُو ظِلالٍ الْقَسْمَلِيُّ اسْمُهُ هِلالُ بْنُ كَثِيْرٍ لَيْسَ بِشَيْءٍ.
وَقَالَ أبُو عُبَيْدٍ الآجُرِّيُّ «سُؤَالاتُهُ لأبِي دَاوُدَ» (التَّرْجَمَةُ ٢٨٢): سَأَلْتُ أَبَا دَاوُدَ عَنْهُ، فَلَمْ يَرْضَهُ، وَغَمَزَهُ.
1 / 4
وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ «الْمَجْرُوحِينَ» (٣/٨٥): «أَبُو ظِلالٍ الْقَسْمَلِىُّ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، وَاسْمُ أَبِيهِ سُوَيْدٌ الأَزْدِيُّ الأَحْمَرِيُّ، وَقَدْ قِيلَ: إِنَّهُ هِلالُ بْنُ أَبِى هِلالٍ. يَرْوِى عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، رَوَى عَنْهُ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الضُّبَعِىُّ، وَمَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ. كَانَ شَيْخًَا مُغَفَّلًا، يَرْوِى عَنْ أَنَسٍ مَا لَيْسَ مِنْ حَدِيثِهِ، لا يَجُوزُ الاحْتِجَاجُ بِهِ بِحَالٍ»
وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ ابْنُ عَدِيٍّ «الْكَامِلُ» (٧/١١٩): حدثَنَا ابْنُ حَمَّادٍ ثَنَا عَبَّاسٌ عَنْ يَحْيَى قَالَ: أَبُو ظِلالٍ هُوَ هِلالٌ الْقَسْمَلِيُّ ضَعِيفٌ لَيْسَ بِشَيْءٍ. قَالَ النَّسَائِيُّ: أَبُو ظِلالٍ الْقَسْمَلِيُّ ضَعِيفٌ.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ عِقَالٍ وَجَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِرْيَابِيُّ وَاللَّفْظُ لابْنِ عِقَالٍ قَالا: ثَنَا أبو جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيُّ ثَنَا أبُو الدَّهْمَاءِ الْبَصْرِيُّ شَيْخُ صِدْقٍ سَمِعْتُهُ مِنْهُ نَحْوًَا مِنْ سَبْعِينَ سَنَةً عَنْ أَبِى ظِلالٍ الْقَسْمَلِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إِنَّ للهِ لَوْحًَا مِنْ زَبَرْجَدَةٍ خَضْرَاءَ جُعِلَتْ تَحْتَ الْعَرْشِ: إِنِّي لا إِلَه إِلاَّ الله أَنَا أَرْحَمُ وَأَتَرَحَّمُ، خَلَقْتُ بِضْعَةَ عَشَرَ وَثَلاثَمِئَةِ خُلُقٍ، مَنْ جَاءَ بِخُلُقٍ مِنْهَا مَعَ شَهَادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ» .
وَذَكَرَ ابْنُ عَدِيٍّ جُمْلَةً مِنْ مَنَاكِيْرِهِ، ثُمَّ قَالَ: وَلأَبِي ظِلالٍ غَيْرُ مَا ذَكَرْتُ، وَعَامَّةُ مَا يَرْوِى مِمَّا لا يُتَابِعُهُ الثِّقَاتُ عَلَيْهِ.
وَقَالَ أبو أَحْمَد الْحَاكِمُ كَمَا فِي «تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ» (١١/٨٥): لَيْسَ بِالْقَوِيِّ عِنْدَهُمْ.
وَضَعَّفَهُ كَذَلِكَ الذَّهَبِيُّ وَابْنُ حَجَرٍ.
1 / 5
قُلْتُ: وَمِنْ أَنْكَرِ مَا رَوَى عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًَا: «إِنَّ عَبْدًَا فِي جَهَنَّمَ يُنَادِي أَلْفَ سَنَةٍ: يَا حَنَّانُ يَا مَنَّانُ، فَيَقُولُ اللهُ ﷿ لِجِبْرِيلَ ﵇: اذْهَبْ، فَأْتِنِي بِعَبْدِي هَذَا، فَيَذْهَبُ جِبْرِيلُ ﵇، فَيَجِدُ أَهْلَ النَّارِ مُكِبِّينَ عَلَى وُجُوهِهِمْ يَبْكُونَ، فَيَرْجِعُ إِلَى رَبِّهِ ﷿، فَيُخْبِرُهُ، فَيَقُولُ: ائْتِنِي بِهِ، فَإِنَّهُ فِي مَكَانِ كَذَا وَكَذَا، فَيَجِيءُ بِهِ، فَيُوقِفُهُ عَلَى رَبِّهِ ﷿، فَيَقُولُ لَهُ: يَا عَبْدِي كَيْفَ وَجَدْتَ مَكَانَكَ، وَكَيْفَ وَجَدْتَ مَقِيلَكَ؟، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ شَرَّ مَكَانٍ، وَشَرَّ مَقِيلٍ، فَيَقُولُ: رُدُّوا عَبْدِي فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، مَا كُنْتُ أَرْجُو إِذْ أَخْرَجْتَنِي مِنْهَا أَنْ تَرُدَّنِي فِيهَا، فَيَقُولُ: دَعُوا عَبْدِي» .
أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ (٣/٢٣٠)، وَابْنُ أَبِي الدُّنْيَا «حُسْنُ الظَّنِّ بِاللهِ» (١١٠)، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ «التَّفْسِيْرُ» (١٥٥٧٢)، وَأَبُو يَعْلَى (٤٢١٠)، وَابْنُ خُزيْمَةَ «التَّوْحِيدُ وَإِثْبَاتُ صِفَاتِ الرَّبِّ»، وَابْنُ حِبَّانَ «الْمَجْرُوحِينَ» (٣/٨٥)، وَالْبَغَوِيُّ «شَرْحُ السُّنَّةِ» (٤٣٦١) و«مَعَالِمُ التَّنْزِيلِ»، وَابْنُ الْجَوْزِيُّ «الْمَوْضُوعَاتُ» (٣/ ٢٦٧) مِنْ طُرُقٍ عَنْ سَلاَّمِ بْنِ مِسْكِينٍ عَنْ أَبِي ظِلالٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ مرفوعًا بِنَحْوِهِ.
رَوَاهُ عَنْ سَلاَّمِ بْنِ مِسْكِينٍ: الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى الأَشَيْبُ، وَشَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ، وَأَبُو نَصْرٍ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ التَّمَّارُ، وَأَبُو النُّعْمَانِ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ السَّدُوسِيُّ، وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْفَرَاهِيدِيُّ.
قُلْتُ: وَهَذِهِ أَسَانِيدُ رِجَالُهَا ثِقَاتٌ كُلُّهُمْ، خَلا أَبَا ظِلالٍ الْقَسْمَلِيَّ، وَهُوَ الْمُتَّهَمُ بِهِ.
قَالَ أَبُو الْفَرَجِ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: «هَذَا حَدِيثٌ لَيْسَ بِصَحِيحٍ - يَعْنِي مَوْضُوعًَا _. قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: أَبُو ظِلالٍ اسْمُهُ هِلالٌ لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ مُغَفَّلًا يَرْوِى عَنْ أَنَسْ مَا لَيْسَ مِنْ حَدِيثِهِ، لا يَجُوزُ الاحْتِجَاجُ بِهِ بِحَالٍ» .
[تَنْبِيهٌ وَإِيْقَاظٌ] اقْتَصَرَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي «نَتَائِجِ الأَفْكَارِ» (١/٣١٨) عَلَى قَوْلِهِ: أَبُو ظِلالٍ، لَمْ أَرَ فِيهِ أَحْسَنَ مِمَّا نَقَلَ التِّرْمِذِيُّ عَن الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْهُ، فَقَالَ: هُوَ مُقَارِبُ الْحَدِيثِ. وَقَدْ خُولِفَ فِي مَتْنِ الْحَدِيثِ، أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ (٣٦٦٧)، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الدُّعَاءِ (١٧٦٦) مِنْ رِوَايَةِ مُوسَى بْنِ خَلَفٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ بِلَفْظِ: «لأَنْ أَقْعُدَ مَعَ قَوْمٍ يَذْكُرُونَ اللهَ تَعَالَى مِنْ صَلاةِ الْغَدَاةِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتِقَ أَرْبَعَةً مِنْ وَلَدِ إِسْماَعِيلَ» .
قُلْتُ: وَزَادَ أَبُو دَاوُدَ فِي حَدِيثِهِ «وَلأَنْ أَقْعُدَ مَعَ قَوْمٍ يَذْكُرُونَ اللهَ مِنْ صَلاةِ الْعَصْرِ إِلَى أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ أَحَبُّ إِلَيَّ مَنْ أَنْ أَعْتِقَ أَرْبَعَةً» . وَقَدْ يُوهِمُ اقْتِصَارُ الْحَافِظِ عَلَى قَوْلِ الْبُخَارِيِّ فِي أَبِي ظِلالٍ أَنَّهُ يُقَوِّي أَمْرَهُ، وَيَتَغَاضَى عَنْ ضَعْفِهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ.
فَقَدْ قَالَ فِي «فَتْحِ الْبَارِي»: وَهُوَ ضَعِيفٌ عِنْد الْجَمِيعِ، إِلاَّ أَنَّ الْبُخَارِيَّ قَالَ: إِنَّهُ مُقَارِبُ الْحَدِيثِ.
1 / 6
[الطَّرِيقُ الثَّانِيَةُ] ثَوَّابَةُ بْنُ مَسْعُودٍ عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنْهُ
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ «شُعَبِ الإِيْمانِ» (٧/١٣٧/٩٧٦١): أَخْبَرَنَا أبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ ثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ أَيُّوبَ الصِّبْغِىُّ ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِىِّ بْنِ زِيَادٍ السَّرِيُّ نَا ابْنُ أَبِى أُوَيْسٍ نَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ عَنْ ثَوَّابَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: تُوُفِّيَ ابْنُ لِعُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ، فَاشْتَدَّ حُزْنُهُ عَلَيْهِ حَتَّى اتَّخَذَ فِي دَارِهِ مَسْجِدًَا يَتَعَبَّدُ فِيهِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبيَّ ﷺ فَقَالَ: «يَا عُثْمَانُ، إنَّ اللهَ ﷿ لَمْ يَكْتُبْ عَلَيْنَا الرَّهْبَانِيَّةَ، إِنَّمَا رَهْبَانِيَّةُ أُمَّتِي الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ، يَا عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ، إِنَّ لِلْجَنَّةِ ثَمَانِيَةَ أَبْوَابٍ، ولِلنَّارِ سَبْعَةَ أَبْوَابٍ، فَمَا يَسُرُّكَ أَنْ لا تَأْتِيَ بَابًَا مِنْهَا إِلاَّ وَقَدْ وَجَدْتَ ابْنَكَ إِلَى جَنْبِكَ آخِذًَا بِحُجْزَتِكَ، يَسْتَشْفِعُ لَكَ إِلَى رَبِّكَ ﷿» قَالَ: بَلَى، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَلَنَا فِي فَرَطِنَا مَا لِعُثْمَانَ؟، قَالَ: «نَعَمْ، لِمَنْ صَبَرَ مِنْكُمْ وَاحْتَسَبَ»، ثُمَّ قَالَ لَهُ: «يَا عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ، مَنْ صَلَّى صَلاةَ الْفَجْرِ فِي جَمَاعَةٍ، ثُمَّ جَلَسَ يَذْكُرُ اللهَ حَتَّى مَطْلَعِ الشَّمْسِ كَانَ لَهُ فِي الْفِرْدَوْسِ سَبْعُونَ دَرَجَةً بَيْنَ كُلِّ دَرَجَتَيْنِ كَرَكْضِ الْفَرَسِ الْجَوَادِ الْمُضَمَّرِ سَبْعِينَ سَنَةً، وَمَنْ صَلَّى الظُّهْرَ فِي جَمَاعَةٍ كَانَ لَهُ فِي جَنَّاتٍ عَدْنٍ خَمْسُونَ دَرَجَةً بَيْنَ كُلِّ دَرَجَتَيْنِ كَرَكْضِ الْفَرَسِ الْجَوَادِ الْمُضَمَّرِ خَمْسِينَ سَنَةً، وَمَنْ صَلَّى صَلاةَ الْعَصْرَ فِي جَمَاعَةٍ، كَانَ لَهُ كَأَجْرِ ثَمَانِيَةٍ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ كُلُّهُمْ رَبَّ بَيْتٍ أَعْتَقَهُمْ، وَمَنْ صَلَّى الْمَغْرِبَ فِي جَمَاعَةٍ كَانَ كَحَجَّةٍ مَبْرُورَةٍ وَعُمْرَةٍ مُتَقَبَّلَةٍ، وَمَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ كَانَ لَهُ كَقِيَامِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ» .
وَأَخْرَجَهُ ابْنُ بَابَوَيْهِ الْقُمِّيُّ الرَّافِضِيُّ «الأَمَالِي» قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ الْمُتَوَكِّلِ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللهِ الْكُوفِيُّ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبَرْمَكِيُّ ثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنِي ثَوَّابَةُ بْنُ مَسْعُودٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ بِمِثْلِهِ.
قُلْتُ: هَذَا إِسْنَادٌ وَاهٍ بِمَرَّةٍ، أَعْضَلَهُ ثَوَّابَةُ بْنُ مَسْعُودٍ فَلَمْ يَذْكُرْ مَنْ حَدَّثَهُ لِيُخْفِيَ أَمْرَهُ، وَهُوَ أَشْبَهُ بِمَنَاكِيْرِ يَزِيدَ بْنِ أَبَانَ الرَّقَاشِيِّ عَنْ أَنَسٍ. وَثَوَّابَةُ بْنُ مَسْعُودٍ التَّنُوخِىُّ الْمِصْرِيُّ؛ قَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي تَارِيْخِهِ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ، قَالَهُ الذَّهَبِيُّ.
وَقَدْ قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ «الْجَرْحُ وَالتَّعْدِيلِ» (٢/٤٧٠/١٩١٢): ثَوَّابَةُ بْنُ مَسْعُودٍ التَّنُوخِىُّ رَوَى عَنْ نُوحِ بْنِ ذَكْوَانَ وَشَدَّادِ بْنِ الْمِنْهَالِ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُ وَهْبٍ.
وقال فِي (٤/٣٣١/١٤٥٢): شَدَّادُ بْنُ الْمِنْهَالِ رَوَى عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِىُّ. رَوَى عَنْهُ: ثَوَّابَةُ بْنُ مَسْعُودٍ شَيْخُ عَبْدِ اللهِ بْنِ وَهْبٍ.
1 / 7
[الطَّرِيقُ الثَّالِثَةُ] ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ عَنْهُ
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ «شُعَبِ الإِيْمانِ» (٧/١٣٨/٩٧٦٢): أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ أَنَا أَبُو الطَّيِّبِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْمُبَارَكِ نَا عَمْرُو بْنُ هِشَامٍ نَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الَجَرَّاحِ الْقُهَسْتَانِيُّ نَا عَبْدُ الْخَالِقِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ طَهْمَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ بَكْرِ بْنِ خُنَيْسٍ عَنْ ضَرَّارِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: تُوُفِّيَ ابْنٌ لِعُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ، فَحَزِنَ عَلَيْهِ حُزْنًَا شَدِيدًَا، وَاتَّخَذَ فِي دَارِهِ مُصَلَّىً يَتَعَبَّدُ فِيهِ، وَغَابَ عَنِ النَّبيِّ ﷺ خمس عشرة ليلة، فَسَأَلَ عَنْهُ النَّبيُّ ﷺ، فَأَخْبَرُوهُ أَنَّهُ مَاتَ لَهُ ابْنٌ، وَأَنَّهُ حَزِنَ عَلَيْهِ حُزْنًَا شَدِيدًَا، وَأَنَّهُ اتَّخَذَ فِي دَارِهِ مُصَلَّىً يَتَعَبَّدُ فِيهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «ادْعُهْ لِي، وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ»، فَلَمَّا أَتَاهُ قَالَ لَهُ: «يَا عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ، أَمَا تَرْضَى أَنَّ لِلْجَنَّةِ ثَمَانِيَةَ أَبْوَابٍ، وَلِلنَّارِ سَبْعَةَ أَبْوَابٍ، لا تَنْتَهِي إِلَى بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ، إِلاَّ وَجَدْتَ ابْنَكَ قَائِمًَا عِنْدَهُ آخِذًَا بِحُجْزَتِكَ يَشْفَعُ لَكَ عِنْدَ رَبِّكَ»، قَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ: وَلَنَا فِي أَبْنَائِنَا مِثْلُ ذَلِكَ؟، قَالَ: «نَعَمْ، وَلِكُلِّ مَنْ احْتَسَبَ مِنْ أُمَّتِي»، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «يَا عُثْمَانُ، هَلْ تَدْرِي مَا رَهْبَانِيَّةُ الإسلام!، الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ، يَا عُثْمَانُ؛ مَنْ صَلَّى الْغَدَاةَ فِي الْجَمَاعَةِ، ثُمَّ ذَكَرَ اللهَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ كَانَتْ لَهُ كَحَجَّةٍ مَبْرُورَةٍ وَعُمْرَةٍ مُتَقَبَّلَة، وَمَنْ صَلَّى صَلاةَ الظُّهْرِ فِي جَمَاعَةٍ كَانَتْ لَهُ بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ صَلاةً كُلُّهَا مِثْلُهَا وَسَبْعِينَ دَرَجَةً فِي الْفِرْدَوْسِ، وَمَنْ صَلَّى صَلاةَ الْعَصْرِ فِي جَمَاعَةٍ، ثُمَّ ذَكَرَ اللهَ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ كَانَتْ لَهُ كَعِتْقِ ثَمَانِيَةٍ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ دِيَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًَا، وَمَنْ صَلَّى صَلاةَ الْمَغْرِبِ فِي جَمَاعَةٍ كَانَتْ لَهُ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ صَلاةً كُلُّهَا مِثْلُهَا وَسَبْعِينَ دَرَجَةً فِي جَنَّةِ عَدْنٍ، وَمَنْ صَلَّى صَلاةَ الْعِشَاءِ فِي جَمَاعَةٍ كَانَتْ لَهُ كَأَجْرِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ» .
قُلْتُ: هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ شِبْهُ الْمَوْضُوعِ، وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ جِدًَّا. فِيهِ ثَلاثَةٌ مِنَ الضُّعَفَاءِ: ضَرَّارُ بْنُ عَمْرٍو، وَبَكْرُ بْنُ خُنَيْسٍ، وَعَبْدُ الْخَالِقِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ طَهْمَانَ. وَأَشَدُّهُمْ ضَعْفًَا: ضَرَّارُ بْنُ عَمْرٍو الْمَلْطِيُّ.
1 / 8
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ «الْكَامِلُ» (٤/١٠٠): ضَرَّارُ بْنُ عَمْرٍو، يُقَالُ: إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ مَلْطِيَةَ.
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعْدٍ يَعْنِي ابْنَ أَبِى مَرْيَمَ قَالَ: سَأَلْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ عَنْ ضَرَّارِ بْنِ عَمْرٍو فقَالَ: لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَلا يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. سَمِعْتُ ابْنَ حَمَّادٍ يَقُولُ: ضَرَّارُ بْنُ عَمْرٍو، رَوَى عَنْهُ الْحَكَمُ بْنُ عَمْرٍو فِيهِ نَظَرٌ.
وَذَكَرَ مِنْ مَنَاكِيْرِهِ: عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ النَّبيَّ ﷺ قَالَ: «لَوْ أَنَّ آدَمَ وَمَنْ دُونَهُ مِنَ النَّاسِ اشْتَرَكُوا فِي دَمِ مُؤْمِنٍ أَكَبَّهُمُ اللهُ فِي النَّارِ» .
وَعَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَنْ قَالَ إِنَّهُ فِي النَّارِ فَهُوَ فِي النَّارِ، وَمَنْ قَالَ إِنَّهُ فِي الْجَنَّةِ فَهُوَ فِي النَّارِ» .
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: وَضَرَّارُ بْنُ عَمْرٍو هَذَا مُنْكَرُ الْحَدِيثِ، وَلَهُ غَيْرُ مَا ذَكَرْتُ.
وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ «الْمَجْرُوحِينَ» (١/٣٨٠): ضَرَّارُ بْنُ عَمْرٍو الْمَلْطِيُّ، يَرْوِي عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِىِّ وَأَهْلِ الْبَصْرَةِ. رَوَى عَنْهُ النَّاسُ، مُنْكَرُ الْحَدِيثِ جِدًَّا، كَثِيْرُ الرِّوَايَةِ عَنِ الْمَشَاهِيْرِ بِالأَشْيَاءِ الْمَنَاكِيْرِ، فَلَمَّا غَلَبَ الْمَنَاكِيْرُ فِي أَخْبَارِهِ بَطَلَ الاحْتِجَاجُ بِآثَارِهِ.
وَأَمَّا بَكْرُ بْنُ خُنَيْسٍ، فَشَيْخٌ صَالِحٌ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ فِي نَفْسِهِ، لَكِنَّهُ يَرْوِي عَنِ أَقْوَامٍ ضُعَفَاءَ مَنَاكِيْرَ، فَضَعَّفُوه لِذَلِكَ.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ «الْجَرْحُ وَالتَّعْدِيلُ» (٢/٣٨٤): قَالَ أَبِي: كَانَ رَجُلًا صَالِحًَا غَزَّاءً، وَلَيْسَ بِقَوِيٍّ فِي الْحَدِيثِ، قُلْتُ: هُوَ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ؟، قَالَ: لا يَبْلُغُ بِهِ التَّرْكَ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ «الْكَامِلُ» (٢/٢٥): يُحَدِّثُ بِأَحَادِيثَ مَنَاكِيْرَ عَنْ قَوْمٍ لا بَأْسَ بِهِمْ، وَهُوَ فِي نَفْسِهِ رَجُلٌ صَالِحٌ، إِلاَّ أَنَّ الصَّالِحِينَ، يُشَبَّهُ عَلَيْهُمُ الْحَدِيثُ، وَرُبَّمَا حَدَّثُوا بِالتَّوَهُّمِ، وَحَدِيثُهُ فِي جُمْلَةِ حَدِيثِ الضُّعَفَاءِ، وَلَيْسَ مِمَّنْ يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ.
وَبَالَغَ ابْنُ حِبَّانَ فَاتَّهَمَهُ بِالْوَضْعِ، فَقَالَ «الْمَجْرُوحِينَ» (١/١٩٥): يَرْوِي عَنِ الْبَصْرِيِّينَ وَالْكُوفِيِّينَ أَشْيَاءَ مَوْضُوعَةً يَسْبِقُ إِلَى الْقَلْبِ أَنَّهُ الْمُتَعَمِّدُ لَهَا.
فَرَدَّهُ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ بِقَوْلِهِ «التَّقْرِيبُ» (١/١٢٦): كُوفِيٌّ عَابِدٌ صَدُوقٌ لَهُ أَغْلاطٌ، أَفْرَطَ فِيهِ ابْنُ حِبَّانَ.
1 / 9
[الْحَدِيثُ الثَّانِي] حَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ ﵁
[الطَّرِيقُ الأُولَى] الْقَاسِمُ أبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْهُ
قَالَ الطَّبَرَانِيُّ «الْكَبِيْرُ» (٨/١٧٨/٧٧٤١) و«مُسْنَدُ الشَّامِيِّينَ» (٨٨٥): حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بن إِسْحَاقَ التُّسْتَرِيُّ حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحَرَّانِيُّ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ مُوسَى بْنِ عَلِيٍّ عَنْ يَحْيَى بْنِ الْحَارِثِ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ ﵁ قَال َ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَنْ صَلَّى صَلاةَ الْغَدَاةِ فِي جَمَاعَةٍ، ثُمَّ جَلَسَ يَذْكُرُ اللهَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، ثُمَّ قَامَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ، انْقَلَبَ بِأَجْرِ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ» .
قُلْتُ: هَذَا مُنْكَرٌ بِهَذَا الإِسْنَادِ، وَلَهُ عِلَّتَانِ:
[الأُولَى] تَفَرُّدُ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بِهَذَا الْمَتْنِ، مَعَ ضَعْفِهِ لِرِوَايَتِهِ الْمَنَاكِيْرَ عَنِ الْمَجَاهِيلِ، وَرُمِيَ بِالتَّدْلِيسِ (١) .
قَالَ الْحَافِظُ أَبُو الْحَجَّاجِ الْمِزِّيُّ «تَهْذِيبُ الْكَمَالِ» (١٩/٤٢٨/٣٨٣٨): «عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُسْلِمٍ الْحَرَّانِيُّ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ، الْمَعْرُوفُ بِالطَّرَائِفِيِّ، وَإِنَّمَا قِيلَ لَهُ ذَلِكَ لأَنَّهُ كَانَ يَتَتَبَّعُ طَرَائِفَ الْحَدِيثِ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: يَرْوِي عَنْ قَوْمٍ ضُعَفَاءِ.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ: ذَكَرَهُ أَبِي عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ مَنْصُورٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ أَنَّهُ قَالَ: عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ التَّيْمِيُّ ثِقَةٌ. وَسَأَلْتُ أَبِي عَنْهُ، فَقَالَ: صَدُوقٌ وَأَنْكَرَ عَلَى الْبُخَارِيِّ إدْخَالَهُ فِي «كِتَابِ الضُّعَفَاءِ»، يُشْبِهُ بَقِيَّةَ فِي رِوَايَتِهِ عَنِ الضُّعَفَاءِ. وَقَالَ الْحَاكِمُ أَبُو أَحْمَدَ: يُعْرَفُ بِالطَّرَائِفِيِّ وَإِنَّمَا لُقِّبَ بِذَلِكَ لأَنَّهُ كَانَ يَتَتَبَّعُ طَرَائِفَ الْحَدِيثِ، يَرْوِي عَنْ قَوْمٍ ضِعَافٍ، حَدِيثُهُ لَيْسَ بِالْقَائِمِ. وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ أَبَا عَرُوبَةَ يِنْسُبُهُ إِلَى الصِّدْقِ، وَقَالَ: لا بَأْسَ بِهِ، مُتَعَبَّدٌ، وَيُحَدِّثُ عَنْ قَوْمٍ مَجْهُولِينَ بِالْمَنَاكِيْرِ. وَقَالَ أَيْضًَا: سَمِعْتُ أَبَا عَرُوبَةَ يَقُولُ: كَانَ الطَّرَائِفِيُّ يَرْوِي عَنْ مَجْهُولِينَ، وَعِنْدَهُ عَجَائِبُ، وَهُوَ فِي الْجَزَرِيِّينَ كَبَقِيَّةَ فِي الشَّامِيِّينَ، لأَنَّ بَقِيَّةَ أَيْضًَا يَرْوِي عَنْ مَجْهُولِينَ، وَعِنْدَهُ عَجَائِبُ.
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ: وَصُورَةُ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ لا بَأْسَ بِهِ كَمَا قَالَ أَبُو عَرُوبَةَ إِلاَّ أَنَّهُ يُحَدِّثُ عَنْ قَوْمِ مَجْهُولِينَ بِعَجَائِبَ، وَتِلْكَ الْعَجَائِبُ مِنْ جِهَةِ الْمَجْهُولِينَ، وَهُوَ فِي أَهْلِ الْجَزِيرَةِ كَبِقَيَّةَ فِي أَهْلِ الشَّامِ، وَبَقِيَّةُ أَيْضًَا يُحَدِّثُ عَنْ مَجْهُولِينَ بِعَجَائِبَ، وَهُوَ فِي نَفْسِهِ لا بَأْسَ بِهِ، صَدُوقٌ، وَمَا يَقَعُ فِي حَدِيثِهِ مِنَ الانْكَارِ فَإِنَّمَا هُوَ مِنْ جِهَةِ مَنْ يَرْوِي عَنْهُمْ» .
وَفَاتَ الْحَافِظَ الْمِزِّيَّ قَوْلُ ابْنِ حِبَّانَ «الْمَجْرُوحِينَ» عَنْهُ: «يَرْوِي عَنْ أَقْوَامٍ ضِعَافٍ أَشْيَاءَ يُدَلِّسُهَا عَنِ الثِّقَاتِ حَتَّى إِذَا سَمِعَهَا الْمُسْتَمِعُ لَمْ يَشُكَّ فِي وَضْعِهَا، فَلَمَّا كَثُرَ ذَلِكَ فِي أَخْبَارِهِ أُلْزِقَتْ بِهِ تَلِكَ الْمَوْضُوعَاتِ، وحمل على الناس فِي الجرح، فَلا يَجُوزُ عِنْدِيَ الاحْتِجَاجُ بِرِوَايَاتِهِ كُلِّهَا عَلَى حَالَةٍ مِنَ الأَحْوَالِ لِمَا غَلَبَ عَلَيْهَا مِنَ الْمَنَاكِيْرِ عَنِ الْمَشَاهِيْرِ، وَالْمَوْضُوعَاتِ عَنِ الثِّقَاتِ» .
قُلْتُ: وَأَوْجَزُ الأَقْوَالِ وَأَعْدَلُهَا: قَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ «التَّقْرِيبِ» (٢/١١): صَدُوقٌ، أَكْثَرَ الرِّوَايَةَ عَنِ الضُّعَفَاءِ وَالْمَجَاهِيلِ، فَضُعِّفَ بِسَبَبِ ذَلِكِ. فَمِثْلُهُ لا يُحْتَجُّ بِهِ إِذَا تَفَرَّدَ، فَكَيْفَ إذَا خَالَفَ؟!، وَبَيَانُهُ فِيمَا يَأْتِي.
_________
(١) تَرْجَمَةُ الطَّرَائِفِيِّ: التَّارِيْخُ الْكَبِيْرُ لِلْبُخَارِيِّ (٦/٢٣٨/٢٢٦٩)، وَالْكُنَى لِمُسْلِمٍ (الْوَرَقَةُ ٦٧)، وَضُعَفَاءُ الْعُقَيْلِيِّ (٣/٢٠٧)، والْجَرْحُ وَالتَّعْدِيلُ لابْنِ أَبِي حَاتِمٍ (٦/١٥٧/٨٦٨)، وَالْمَجْرُوحِينَ لابْنِ حِبَّانَ (٢/٩٦)، وَالْكَامِلُ لابْنِ عَدِيٍّ (٥/١٧٣)، وَثِقَاتُ ابْنِ شَاهِينَ (التَّرْجَمَةُ ٧٣٥)، وَالأَنْسَابُ لِلسَّمْعَانِيِّ (٨/٢٢٧)، وَضُعَفَاءُ ابْنِ الْجَوْزِيِّ (٢/١٦٩)، وَتَهْذِيبُ الْكَمَالِ (١٩/٤٢٨)، وَتَذْهِيبُ التَّهْذِيبِ (٣/ الْوَرَقَةُ ٣٢)، وَدِيوَانُ الضُّعَفَاءِ (التَّرْجَمَةُ ٢٧٧٣)، وَرِجَالُ ابْنِ مَاجَهْ (الْوَرَقَةُ ١٥)، وَسِيَرُ أَعْلامِ الْنُبَلاءِ (٩/٤٢٦)، وَالْعِبَرُ فِي خَبَرِ مَنْ عَبَرَ (١/٣٤٠)، وَالْكَاشِفُ (٢/١٠/٣٧١٨)، وَالْمُغْنِي فِي الضُّعَفَاءِ (التَّرْجَمَةُ ٤٠٣٦)، وَمِيزَانُ الاعْتِدَالِ (٥/٦٠/٥٥٣٨)، وَنِهَايَةُ السُّولِ (الْوَرَقَةُ ٢٣٧)، وَالتَّبْيِينُ لأَسْمَاءِ الْمُدَلِّسِينَ (التَّرْجَمَةُ ٥٢)، وَتَهْذِيبُ التَّهْذِيبِ (٧/١٣٤ - ١٣٥)، وَتَقْرِيبُ التَّهْذِيبِ (٢/١١)، وَطَبَقَاتُ الْمُدَلِّسِينَ (التَّرْجَمَةُ ١٤٦)، وَلِسَانُ الْمِيزَانِ (٧/٣٠٢)، وَخُلاصَةُ الْخَزْرَجِيِّ (التَّرْجَمَةُ ٤٧٦٣) .
1 / 10
وَنَزِيدُكَ إِيْضَاحًَا وَتَبْصِيْرًَا بِبَعْضِ مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ حِبَّانَ عَنْهُ: «يَرْوِي عَنْ أَقْوَامٍ ضِعَافٍ أَشْيَاءَ يُدَلِّسُهَا عَنِ الثِّقَاتِ حَتَّى إِذَا سَمِعَهَا الْمُسْتَمِعُ لَمْ يَشُكَّ فِي وَضْعِهَا، فَلَمَّا كَثُرَ ذَلِكَ فِي أَخْبَارِهِ أُلْزِقَتْ بِهِ تَلِكَ الْمَوْضُوعَاتِ»، فَإِنَّ مَنْ لَمْ يَسْبُرْ رِوَايَاتِ الطَّرَائِفِيِّ رُبَّمَا يَسْتَنْكِرُ قَوْلَهُ، وَلا يُدْرِكُ دِلالَتَهُ، وَيَصِفُ ابْنَ حِبَّانَ بِالْعَنَتِ وَالتَّشَدُّدِ. فَهَذِهِ ثُلاثِيَّةٌ مِنَ الْمَوْضُوعَاتِ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ مِنْ تَعْصِيبِ التُّهْمَةِ بِهِ دُونَ شُيُوخِهِ، لِجَهَالَتِهِمْ وَنَكَارَتِهِمْ:
[١] قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ (٢/٨٥): أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْعَبَّاسِ الطَّيَالِسِيُّ ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُفَضَّلٍ الْحَرَّانِيُّ ثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ثَنَا تَمِيمُ بْنُ خَرْشَفٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَا اغْرَوْرَقَتْ عَيْنٌ بِمَائِهَا إِلاَّ حَرَّمَ اللهُ عَلَى النَّارِ جَسَدَ صَاحِبِهَا، فَإِنَّ فَاضَتْ عَلَى جَسَدِ صَاحِبِهَا لَمْ يَرْهَقْ وَجْهَهُ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ، وَمَا مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ وَلَهُ ثَوَابٌ إِلاَّ الدَّمْعَةَ، فَإِنَّهَا تُطْفِئُ بُحُورَ النَّارِ، وَلَوْ أَنَّ عَبْدًَا بَكَى فِي أُمَّةٍ لَرَحِمَ اللهُ تِلْكَ الأُمَّةَ بِبُكَاءِ ذَلِكَ الْعَبْدِ» .
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ: وَتَمِيمُ بْنُ خَرْشَفٍ هَذَا لا أَعْرِفْ لَهُ غَيْرَ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ قَتَادَةَ، لَمْ يَرْوِهِ عَنْهُ غَيْرُهُ، وَهُوَ مُنْكَرٌ يَرْوِيهِ عَنْ تَمِيمٍ: عُثْمَانُ الطَّرَائِفِيُّ. وَسَمِعْتُ أَبَا عَرُوبَةَ يَقُولُ: عُثْمَانُ فِينَا كَبَقِيَّةَ فِي أَهْلِ الشَّامِ، بَقِيَّةُ يَرْوِي عَنِ الْمَجْهُولِينَ، وَكَذَلِكَ عُثْمَانُ يَرْوِي عَنِ الْمَجْهُولِينَ، وَتَمِيمٌ مَجْهُولٌ.
[٢] وَقَالَ (١/١٦٨): حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَاجِيَةَ الْحَرَّانِيُّ ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُفَضَّلٍ ثَنَا عُثْمَانُ الطَّرَائِفِيُّ ثَنَا أَحْمَدُ الشَّامِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَا أُطْعِمَ طَعَامٌ عَلَى مَائِدَةٍ، وَلا جُلِسَ عَلَيْهَا، وَفِيهَا اسْمِي إِلاَّ قُدِّسُوا كُلَّ يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ» .
[٣] وَقَالَ (١/١٦٨): وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَاجِيَةَ الْحَرَّانِيُّ ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُفَضَّلٍ ثَنَا عُثْمَانُ الطَّرَائِفِيُّ ثَنَا أَحْمَدُ الشَّامِيُّ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ قَطُّ فِي مَشُورَةٍ، فِيهِمْ رَجُلٌ اسْمُهُ مُحَمَّدٌ لَمْ يُدْخِلُوهُ فِي مَشُورَتِهِمْ إِلاَّ لَمْ يُبَارَكْ لَهُمْ» .
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ: وَهَذَانِ الْحَدِيثَانِ لَيْسَا مَحْفُوظَيْنِ، وَأَحْمَدُ الشَّامِيُّ هَذَا هُوَ ابْنُ كِنَانَةَ يَرْوِي عَنْهُ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ. وَسَمِعْتُ أَبَا عَرُوبَةَ يَقُولُ: عُثْمَانُ الطَّرَائِفِيُّ يَرْوِي عَنْ مَجْهُولِينَ، وَعِنْدَهُ عَجَائِبُ، وَهُوَ فِي الْجَزَرِيِّينَ كَبَقِيَّةَ فِي الشَّامِيِّينَ، لأَنَّ بَقِيَّةَ أَيْضًَا يَرْوِي عَنْ مَجْهُولِينَ، وَعِنْدَهُ عَجَائِبُ.
1 / 11
[الثَّانِيَةُ] مُخَالِفَتُهُ لأَثْبَاتِ أَصْحَابِ يَحْيَى الذِّمَّارِيِّ، إذْ يَرْوُونَهُ بِلَفْظِ «مَنْ مَشَى إِلَى صَلاةٍ مَكْتُوبَةٍ فَأَجْرُهُ كَأَجْرِ الْحَاجِّ، وَمَنْ مَشَى إِلَى تَسْبِيحِ الضُّحَى فَأَجْرُهُ كَأَجْرِ الْمُعْتَمِرِ»، وَهَذَا أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ الطَّرَائِفِيِّ، وَهُوَ مِنْ عُيُونِ حَدِيثِ يَحْيَى الذِّمَّارِيِّ، وَقَدْ جَوَّد مَتْنَهُ أَثْبَاتُ الشَّامِيِّينَ، وَمُتْقِنِي أَصْحَابِهِ.
قَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ (٥/٢٦٨): حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ الْحَارِثِ عَنِ الْقَاسِمِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «مَنْ مَشَى إِلَى صَلاةٍ مَكْتُوبَةٍ وَهُوَ مُتَطَهِّرٌ كَانَ لَهُ كَأَجْرِ الْحَاجِّ الْمُحْرِمِ، وَمَنْ مَشَى إِلَى سُبْحَةِ الضُّحَى كَانَ لَهُ كَأَجْرِ الْمُعْتَمِرِ، وَصَلاةٌ عَلَى إِثْرِ صَلاةٍ لا لَغْوَ بَيْنَهُمَا كِتَابٌ فِي عِلِّيِّينَ» .
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ (سُنَنِهِ / كِتَابُ الصَّلاةِ، بَابُ مَا جَاءَ فِي فَضْلِ الْمَشْيِ إِلَى الصَّلاةِ /ح٥٥٨): حَدَّثَنَا أَبُو تَوْبَةَ ثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ الْحَارِثِ عَنْ الْقَاسِمِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «مَنْ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ مُتَطَهِّرًَا إِلَى صَلاةٍ مَكْتُوبَةٍ فَأَجْرُهُ كَأَجْرِ الْحَاجِّ الْمُحْرِمِ، وَمَنْ خَرَجَ إِلَى تَسْبِيحِ الضُّحَى لا يَنْصِبُهُ إِلاَّ إِيَّاهُ فَأَجْرُهُ كَأَجْرِ الْمُعْتَمِرِ، وَصَلاةٌ عَلَى أَثَرِ صَلاةٍ لا لَغْوَ بَيْنَهُمَا كِتَابٌ فِي عِلِّيِّينَ» .
وَأَخْرَجَهُ كَذَلِكَ الطَّبَرَانِيُّ «الْكَبِيْرُ» (٨/١٧٦/٧٧٣٤، ٧٧٣٥) عَنِ الْهَيْثَمِ بْنِ حُمَيْدٍ وَالْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ، وَالْبَيْهَقِيُّ «الْكُبْرَى» (٣/٤٩، ٦٣) عَنْ صَدَقَةَ بْنِ خَالِدٍ وَالْهَيْثَمِ بْنِ حُمَيْدٍ، وَالرُّويَانِيُّ «الْمُسْنَدُ» (١٢٠٤)، وَالْبَغَوِيُّ «شَرْحُ السُّنَّةِ» (٤٧٢) كِلاهُمَا عَنِ الْهَيْثَمِ بْنِ حُمَيْدٍ، ثَلاثَتُهُمْ - الْهَيْثَمُ وَالْوَلِيدُ وَصَدَقَةُ - عَنْ يَحْيَى بْنِ الْحَارِثِ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ بِمِثْلِهِ، إِلاَّ أَنَّهُمْ قَالُوا «مَنْ مَشَى»، وَقَالَ صَدَقَةُ «لا يُنْهِضُهُ» .
قُلْتُ: فَهَؤُلاءِ الأَرْبَعَةُ: إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، وَصَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ، وَالْهَيْثَمُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَالْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ أَقْوَمُ بِحَدِيثِ يَحْيَى الذِّمَارِيِّ وَأَحْفَظُ لَهُ مِنَ الطَّرَائفِيِّ وَحْدَهُ، وَحَدِيثُهُمْ مَحْفُوظٌ مَشْهُورٌ، وَحَدِيثُهُ غَرِيبٌ مُنْكَرٌ.
1 / 12
[الطَّرِيقُ الثَّانِيَةُ] الأَحْوَصُ بْنُ حَكِيمٍ عَلَى أَلْوَانٍ عَنْهُ وَعَنْ عُتْبَةَ وَابْنِ عُمَرَ
قَالَ الطَّبَرَانِيُّ «الْكَبِيْرُ» (١٧/١٢٩): حدثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ دُحَيْمٍ حَدَّثَنَا أَبِي ثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنِ الأَحْوَصِ بن حَكِيمٍ حَدَّثَنِي أَبُو عَامِرٍ الأَلْهَانِيُّ عَنْ عُتْبَةَ بن عَبْدٍ وَأَبِي أُمَامَةَ (ح) وَحَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ مُوسَى شِيرَانُ الرَّامَهُرْمُزِيُّ ثَنَا رُزَيْقُ بن السَّخْتِ ثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ الْقَاسِمِ الأَلْهَانِيُّ ثَنَا الأَحْوَصُ بْنُ حَكِيمٍ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ غَابِرٍ أَنَّ أَبَا أُمَامَةَ، وَعُتْبَةَ بْنَ عَبْدٍ السُّلَمِيَّ حَدَّثَاهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ صَلَّى صَلاةَ الصُّبْحِ فِي جَمَاعَةٍ، ثُمَّ ثَبَتَ فِي الْمَسْجِدِ يُسَبِّحُ اللهَ سُبْحَةَ الضُّحَى، كَانَ لَهُ كَأَجْرِ حَاجٍّ وَمُعْتَمِرٍ، تَامًَّا لَهُ حَجَّتُهُ وَعُمْرَتُهُ» .
وَأَخْرَجَهُ الْمَحَاملِيُّ «أَمَالِيهِ» (٤٨١/٢)، وَابْنُ شَاهِينَ «التَّرْغِيبُ فِي فَضَائِلِ الأَعْمَالِ» (١١٦) كِلاهُمَا عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ الْقَاسِمِ، وَالدِّيِّنَوْرِىُّ «الْمُجَالَسَةُ وَجَوَاهِرُ الْعِلْمِ» (٣٠٨٩) عَنْ بِشْرِ بْنِ عُمَارَةَ، كِلاهُمَا عَنِ الأَحْوَصِ بْنِ حَكِيمٍ بِمِثْلِهِ.
وَخَالَفَ ثَلاثَتَهُمْ الْمُحَارِبِيُّ، فَرَوَاهُ عَنِ الأَحْوَصِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ غَابِرٍ الأَلْهَانِيِّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، فَلَمْ يَذْكُرْ عُتْبَةَ.
قَالَ الطَّبَرَانِيُّ «الْكَبِيْرُ» (٨/١٨٠/٧٦٦٣): حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْحَاقَ التُّسْتَرِيُّ ثَنَا سَهْلُ بْنُ عُثْمَانَ ثَنَا الْمُحَارِبِيُّ عَنِ الأَحْوَصِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ غَابِرٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ أَنْ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: فَذَكَرَهُ مِثْلَهُ.
وَخَالَفَ الأَرْبَعَةَ مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، فَرَوَاهُ عَنِ الأَحْوَصِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ غَابِرٍ عَنْ عُتْبَةَ بْنِ عَبْدٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، وَزَادَ فِي مَتْنِهِ.
فَقَدْ أَخْرَجَهُ الْمَحَاملِيُّ «أَمَالِيهِ» (٤٨١): ثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى ثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ ثَنَا الأَحْوَصُ بْنُ حَكِيمٍ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ غَابِرٍ عَنْ عُتْبَةَ بْنِ عَبْدٍ السُّلَمِيِّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ قَالَ: «مَنْ صَلَّى صَلاةَ الصُّبْحِ فِي جَمَاعَةٍ، ثُمَّ ثبت حَتَّى يُسَبِّحَ فِيهِ تَسْبِيحَةَ الضُّحَى، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ أَوْ أَرْبَعًَا، كَانَ لَهُ مثل أَجْرِ حَاجٍّ وَمُعْتَمِرٍ، تَامٍّ لَهُ حَجُّهُ وَعُمْرَتُهُ» .
وَخَالَفَ الْجَمِيعَ أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ، فَجَعَلَهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَاخْتُلِفَ عَلَيْهِ عَلَى وَجْهَيْنِ:
[أَوَّلُهُمَا] قَالَ ابْنُ حِبَّانَ «الْمَجْرُوحِينَ» (١/١٧٦): ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى الصَّنْعَانِيُّ ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الأَحْوَصِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ﷺ: «مَنْ صَلَّى الْفَجْرَ، ثُمَّ جَلَسَ فِي مُصَلاهُ يَذْكُرُ اللهَ ﷿ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ مِنَ الضُّحَى كَانَتْ لَهُ صَلاتُهُ تَعْدِلُ حَجَّةً وَعُمْرَةً مُتَقَبَّلَتَيْنِ» .
[ثَانِيهِمَا] قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ «الْكَامِلُ» (١/٤١٥): حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْقَطَّانُ ثَنَا مُوسَى بْنُ مَرْوَانَ ثَنَا أبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الأَحْوَصِ بْنِ حَكِيمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ بِمِثْلِهِ، لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ: خَالِدَ بْنَ مَعْدَانَ.
قُلْتُ: فَهَذَا حَدِيثٌ مُضْطَرِبٌ، رَكَّبَهُ الأَحْوَصُ بْنُ حَكِيمٍ الشَّامِيُّ عَلَى أَلْوَانٍ مُتَفَاوِتَةٍ مِنَ الأَسَانِيدِ، يَقْلِبُهَا كَيْفَ شَاءَ، فَمَرَّةً شَامِيًَّا، وَمَرَّةً مَدَنِيًَّا، وَمَرَّةً مُتَّصِلًا، وَمَرَّةً مُعْضَلًا، سَيْءُ الْحِفْظِ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ.
قَالَ ابْنُ أبِي حَاتِمٍ «الْجَرْحُ وَالتَّعْدِيلُ» (٢/٣٢٧): أَخْبَرَنَا صَالِحُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ قَالَ أَبِى: قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ: قِيلَ للأَحْوَصِ بْنِ حَكِيمٍ: مَا هَذِهِ الأَحَادِيثُ الَّتِى تُحَدِّثُ بِهَا عَنِ النَّبيِّ ﷺ؟، قَالَ: لِمَ، أَلَيْسَ الْحَدِيثُ كُلُّهُ عَنِ النَّبيِّ ﷺ. وَأَخْبَرَنَا صَالِحُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ قَالَ أَبِى: الأَحْوَصُ بْنُ حَكِيمٍ لا يُرْوَى حَدِيثُهُ، يَرْفَعُ الأَحَادِيثَ إِلَى النَّبيِّ ﷺ. ذَكَرَ أَبِي عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ مَنْصُورٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ قَالَ: الأَحْوَصُ بْنُ حَكِيمِ بْنِ عُمَيْرٍ لا شَيْءَ. وَسَمِعْتُ أَبِي ﵀ يَقُولُ: الأَحْوَصُ بْنُ حَكِيمٍ لَيْسَ بِقَوِيٍّ، مُنْكَرُ الْحَدِيثِ، وَكَانَ ابْنُ عُيَيْنَةَ يُقَدِّمُ الأَحْوَصَ عَلَى ثَوْرٍ فِي الْحَدِيثِ، فَغَلَطَ ابْنُ عُيَيْنَةَ فِي تَقْدِيْمِ الأَحْوَصِ عَلَى ثَوْرٍ، ثَوْرٌ صَدُوقٌ، وَالأَحْوَصُ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ.
1 / 13
[الْحَدِيثُ الثَّالِثُ] حَدِيثُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ ﵁
[الطَّرِيقُ الأُولَى] مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْهُ
قَالَ الطَّبَرَانِيُّ «الْكَبِيْرُ» و«الأَوْسَطُ» (٥٦٠٢): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْحَضْرَمِيُّ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْهَيَّاجِيُّ ثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوَفَّقٍ ثَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إِذَا صَلَّى الْفَجْرَ لَمْ يَقُمْ مِنْ مَجْلِسِهِ حَتَّى تُمْكِنَهُ الصَّلاةُ، وَقَالَ: «مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ، ثُمَّ جَلَسَ فِي مَجْلِسِهِ حَتَّى تُمْكِنَهُ الصَّلاةُ، كَانَتْ بِمَنْزِلَةِ عَمْرَةٍ وَحَجَّةٍ مُتَقَبَّلَتَيْنِ» .
وَقَالَ: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ إِلا الْفَضْلُ بْنُ مُوَفَّقٍ.
قُلْتُ: وَهَذَا إِسْنَادٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ كُلُّهُمْ خَلا الْفَضْلَ بْنَ مُوَفَّقٍ، وَهُوَ ابْنُ أَبِي الْمُتَئِّدِ أَبُو الْجَهْمِ الْكُوفِيُّ.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَأَلْتُ أَبِي عَنْهُ، فَقَالَ: كَانَ شَيْخًَا صَالِحًَا، ضَعِيفَ الْحَدِيثِ، وَكَانَ قَرَابَةً لابْنِ عُيَيْنَةَ، وَكَانَ يَرْوِي أحَادِيثَ مَوْضُوعَةً.
قُلْتُ: لَيْسَ لأبِي الْجَهْمِ هَذَا فِي الْكُتُبِ السِّتَّةِ إِلاَّ حَدِيثًَا وَاحِدًَا عِنْدَ ابْنِ مَاجَهُ.
قَالَ ابْنُ مَاجَهُ (٧٧٨): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التُّسْتَرِيُّ ثَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْمُوَفَّقِ أَبُو الْجَهْمِ ثَنَا فُضَيْلُ بْنُ مَرْزُوقٍ عَنْ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَنْ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ إِلَى الصَّلاةِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ السَّائِلِينَ عَلَيْكَ، وَأَسْأَلُكَ بِحَقِّ مَمْشَايَ هَذَا، فَإِنِّي لَمْ أَخْرُجْ أَشَرًَا، وَلا بَطَرًَا، وَلا رِيَاءً، وَلا سُمْعَةً وَخَرَجْتُ اتِّقَاءَ سُخْطِكَ وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِكَ، فَأَسْأَلُكَ أَنْ تُعِيذَنِي مِنْ النَّارِ، وَأَنْ تَغْفِرَ لِي ذُنُوبِي، إِنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ أَقْبَلَ اللهُ عَلَيْهِ بِوَجْهِهِ وَاسْتَغْفَرَ لَهُ سَبْعُونَ أَلْفِ مَلَكٍ» .
قُلْتُ: وَلَمْ يَتَفَرَّدْ بِهَذَا أَبُو الْجَهْمِ، فَقَدْ رَوَاهُ كَذَلِكَ عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحِ بْنِ مُسْلِمٍ الْعِجْلِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، ويَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَرْبَعَتُهُمْ عَنْ فُضَيْلِ بْنِ مَرْزُوقٍ بِهِ. وَإنَّمَا الْمُتَّهَمُ بِهِ عَطِيَّةُ بْنُ سَعْدٍ الْعَوْفِيُّ، فَإِنَّهُ ضَعِيفٌ، وكَانَ شِيعِيًَّا، وَيُدَلِّسُ أَقْبَحَ التَّدْلِيسِ وَأَفْحَشَهُ.
_________
(١) تَرْجَمَةُ الْفَضْلِ بْنِ مُوَفَّقٍ: التَّارِيْخُ الْكَبِيْرُ لِلْبُخَارِيِّ (٧/١١٨/٥٢٧)، والْجَرْحُ وَالتَّعْدِيلُ لابْنِ أَبِي حَاتِمٍ (٧/٦٨/٣٨٧)، وَضُعَفَاءُ ابْنِ الْجَوْزِيِّ (الْوَرَقَةُ ١٢٧)، وَتَهْذِيبُ الْكَمَالِ (٢٣/)، وَتَذْهِيبُ التَّهْذِيبِ (٣/ الْوَرَقَةُ ١٤٠)، وَتَارِيْخُ الإِسْلامِ (الْوَرَقَةُ ١٤٧ أيا صوفيا ٣٠٠٧)، وَدِيوَانُ الضُّعَفَاءِ (التَّرْجَمَةُ ٣٣٨٤)، وَالْكَاشِفُ (٢/١٢٣)، وَالْمُغْنِي (٢/ التَّرْجَمَةُ ٤٩٤٥)، وَمِيزَانُ الاعْتِدَالِ (٥/٤٣٧)، وَرِجَالُ ابْنِ مَاجَهْ (الْوَرَقَةُ ١٥)، وَنِهَايَةُ السُّولِ (الْوَرَقَةُ ٢٩٦)، وَتَهْذِيبُ التَّهْذِيبِ (٨/٢٥٨)، وَتَقْرِيبُ التَّهْذِيبِ (٢/١١٢)، وَلِسَانُ الْمِيزَانِ (٧/٣٣٦)، وخُلاصَةُ الْخَزْرَجِيِّ (٢/ التَّرْجَمَةُ ٧٢٩) .
1 / 14
[الطَّرِيقُ الثَّانِيَةُ] مِسْعَرٌ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْهُ
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ «حِلْيَةُ الأَوْلِيَاءِ»: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ الْعَبَّاسِ الْوَرَّاقُ ثَنَا عَبَّادُ بْنُ الْوَلِيدِ الْعَنْبَرِيُّ ثَنَا سَلْمُ بْنُ الْمُغِيْرَةِ ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ عَنْ مِسْعَرٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَنْ صَلَّى الْغَدَاةَ، ثُمَّ جَلَس فِي مَسْجِدِهِ حَتَّى يُصَلِّيَ الضُّحَى رَكْعَتَيْنِ، كُتِبَتْ لَهُ حَجَّةٌ وَعُمْرَةٌ مُتَقَبَّلَتَيْنِ» .
وَقَالَ: تَفَرَّدَ بِهِ سَلْمٌ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ.
وَأَخْرَجَهُ ابْنُ حَجَرٍ «نَتَائِجُ الأَفْكَارِ» (١/٣١٨) قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الْفَضْلِ ابْنُ الْحُسَيْنِ يَعْنِي الْعِرَاقِيَّ أَخْبَرَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ ابْنُ الْقَيِّمِ أَنَا أَبُو الْحَسَنِ ابْنُ الْبُخَارِيِّ أَنَا أحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيُّ فِي كِتَابِهِ أَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ أَنَا أَبُو نُعَيْمٍ بِهِ.
قُلْتُ: هَكَذَا سَاقَ إِسْنَادَهُ، فَلَمْ يَذْكُرْ: سَلْمُ بْنُ الْمُغِيْرَةِ.
وَقَالَ الْحَافِظُ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَرِجَالُ هَذَا الإِسْنَادِ ثِقَاتٌ، لَكِنْ فِي سَمَاعِ خَالِدٍ مِنَ ابْنِ عُمَرَ نَظَرٌ.
قُلْتُ: بَلْ ضَعِيفٌ بِمَرَّةٍ، وَقَدْ خَفِيَ أَمْرُهُ عَلَى الْحَافِظِ، وَلَمْ يَتَنَبَّهْ لِسَقَطِ سَلْمِ بْنِ الْمُغِيْرَةِ مِنَ الإِسْنَادِ
وَإِلاَّ، فَقَدْ قَالَ فِي «لِسَانِ الْمِيزَانِ» (٣/٦٥): سَلْمُ بْنُ الْمُغِيْرَةِ أَبُو حَنِيفَةَ الأَسَدِيُّ عَنْ مَالِكٍ، وَعَنْهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ الْوَرَّاقُ، ضَعَّفَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ. وَقَالَ مَرَّةً: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَأَخْرَجَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي غَرَائِبِ مَالِكٍ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، وَعُمَرَ بْنِ الْوَلِيدِ الْوَاسِطِيِّ كِلاهُمَا عَنْ سَلْمِ بْنِ الْمُغِيْرَةِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ رَفَعَهُ: «مَنْ قَالَ فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةً: لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ الْمُبِينِ أَمِنَ مِنَ الْفَقْرِ» الْحَدِيثَ. وَأَخْرَجَهُ أَيْضًَا مِنْ طَرِيقِ الْفَضْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ، وَمِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ يُوسُفَ الزُّهْرِىِّ كُلُّهُمْ عَنْ مَالِكٍ، ثُمَّ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: كُلُّ مَنْ رَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ ضَعِيفٌ.
وَعِلَّةٌ أُخْرَى قَادِحَةٌ سَكَتَ عَنْهُا الْحَافِظُ مَعَ عِلْمِهِ التَّامِّ بِهَا، فَقَدْ ذَكَرَ فِي «تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ» (٩/١٢٠): قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ فِي غَيْرِ حَدِيثِ الأَعْمَشِ مُضْطَرِبٌ لا يَحْفَظُهَا حِفْظًَا جَيِّدَاُ. وَقَالَ الدُّورِيُّ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: أَبُو مُعَاوِيَةَ ثَبْتٌ فِي الأَعْمَشِ، وَرَوَى عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ مَنَاكِيْرَ. وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ: كَانَ مِنَ الثِّقَاتِ وَرُبَّمَا دَلَّسَ. وَقَالَ ابْنُ خِرَاشٍ: صَدُوقٌ، وَهُوَ فِي الأَعْمَشِ ثِقَةٌ، وَفِي غَيْرِهِ فِيهِ اضْطِرَابٌ.
وَقَالَ فِي «تَقْرِيبِهِ» (١/٤٧٥): أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ ثِقَةٌ أَحْفَظُ النَّاسِ لِحَدِيثِ الأَعْمَشِ، وَقَدْ يَهِمُ فِي حَدِيثِ غَيْرِهِ.
وَمِمَّا دَلَّ عَلَى اضْطِرَابِ أبِي مُعَاوِيَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: الْوَجْهَانِ الْمَاضِي ذِكْرُهُمَا عَنْهُ فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ.
1 / 15
[الْحَدِيثُ الرَّابِعُ] حَدِيثُ عَائِشَةَ ﵂
[الطَّرِيقُ الأولَى] هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْهَا
أَخْرَجَهُ ابْنُ عَدِيٍّ «الْكَامِلُ» (١/٣٣٧) مِنْ طَرِيقِ أبِي حُذَيْفَةَ إِسْحَاقَ بْنِ بِشْرٍ الْبُخَارِيِّ ثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبيِّ ﷺ قَالَ: «مَنْ صَلَّى الْفَجْرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، ثُمَّ وَحَّدَ اللهَ فِي مَجْلِسِهِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ غَفَرَ لَهُ اللهُ ﷿ مَا سَلَفَهُ، وَأَعْطَاهُ اللهُ أَجْرَ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ، وَكَانَ ذَلِكَ أَسْرَعَ ثَوَابًَا، وَأَكْثَرَ مَغْنَمًَا» .
قُلْتُ: وَهَذَا مَوْضُوعٌ بِهَذَا الإِسْنَادِ بِلا شَكٍّ. أَبُو حُذَيْفَةَ إِسْحَاقُ بْنُ بِشْرٍ الْبُخَارِيُّ كَذَّابٌ أَشِرُّ
قَالَ الْحَافِظُ الذَّهَبِيُّ «الْمِيزَانُ» (١/٣٣٥): «صَاحِبُ كِتَابِ الْمُبْتَدَأِ تَرَكُوهُ، وَكَذَّبَهُ عَلِىُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ يَضَعُ الْحَدِيثَ عَلَى الثِّقَاتِ، لا يَحِلُّ كَتْبُ حَدِيثِهِ إِلاَّ عَلَى جِهَةِ التَّعَجُّبِ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: كَذَّابٌ مَتْرُوكٌ.
قُلْتُ: يَرْوِي الْعَظَائِمَ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، وَابْنِ جُرَيْجٍ، وَالثَّوْرِيِّ» .
وَزَادَ ابْنُ حَجَرٍ «لِسَانُ الْمِيزَانِ»: «وَقَالَ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ: أَبُو حُذَيْفَةَ تَرَكَ النَّاسُ حَدِيثَهُ. وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ: كَذَّابٌ. وَقَالَ النَّقَّاشُ: يَضَعُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمَوْضُوعَاتِ: أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ كَذَّابٌ. وَقَالَ الْخَلِيلِيُّ فِي الإِرْشَادِ: اتُّهِمَ بِوَضْعِ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: أَحَادِيثُهُ مُنْكَرَةٌ إِمَّا إِسْنَادًَا وَإِمَّا مَتْنًَا لا يُتَابِعُهُ عَلَيْهَا أَحَدٌ. وَقَالَ الْخَطِيبُ: كَانَ غَيْرَ ثِقَةٍ. وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ: مَجْهُولٌ حَدَّثَ بِمَنَاكِيْرَ لَيْسَ لَهَا أَصْلٌ. وَقَالَ الأَزْدِيُّ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ سَاقِطٌ رُمِيَ بِالْكَذِبِ» .
1 / 16
[الطَّرِيقُ الثَّانِيَةُ] عَمْرَةُ بِنْتُ أَرْطَأَةَ الْعَدَوِيَّةُ عَنْهَا
أَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى «مُسْنَدُهُ» (٤٣٦٥)، وَعَنْهُ ابْنُ السُّنِّيِّ «عَمَلُ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ» (١٤٤): ثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ ثَنَا طَيِّبُ بْنُ سَلْمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ عَمْرَةَ تَقُولُ سَمِعْتُ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةُ تَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «مَنْ صَلَّى الْفَجْرَ أَوْ قَالَ الْغَدَاةَ، فَقَعَدَ فِي مَقْعَدِهِ، فَلَمْ يَلْغُ بِشَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا، يَذْكُرُ اللهَ حَتَّى يُصَلِّيَ الضُّحَى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ لا ذَنْبَ لَهُ» .
وَخَالَفَ أَبَا يَعْلَى عَلَى مَتْنِهِ: مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّمَّار الْبَصْرِيُّ، فَقَالَ «غَفَرَ اللهُ لَهُ ذُنُوبَهِ» .
قَالَ الطَّبَرَانِيُّ «الأَوْسَطُ» (٥٩٤٠): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّمَّارُ ثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ ثَنَا الطَّيِّبُ بْنُ سَلْمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ عَمْرَةَ تَقُولُ سَمِعْتُ عَائِشَةُ تَقُولُ: قَالَ رَسُولَ اللهِ ﷺ: «مَنْ صَلَّى الْغَدَاةَ، وَقَعَدَ فِي مُصَلاهُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، ثُمَ صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ غَفَرَ اللهُ لَهُ ذُنُوبَهِ» .
وَبِهَذَا الإِسْنَادِ (٥٩٤١) عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «يَا نِسَاءَ الْمُؤْمِنِينَ، تَهَادَيْنَ، وَلَوْ بِفِرْسَنِ شَاةٍ، فَإِنَّهُ يُثْبِتُ الْمَوَدَّةَ، وَيُذْهِبُ الضَّغَائِنَ» .
وَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ: لَمْ يَرْوِ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ أَرْطَأَةَ وَهِيَ الْعَدَوِيَّةُ الْبَصْرِيَّةُ، وَلَيْسَتْ بِعَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، إِلاَّ الطَّيِّبُ بْنُ سَلْمَانَ الْمُؤَدِّبُ، وَيُكْنَى أَبَا حُذَيْفَةَ بَصْرِيٌّ ثِقَةٌ.
قُلْتُ: فَهَذِهِ ثَلاثُ فَوَائِدَ لِلطَّبَرَانِيِّ أَبَانَتْ:
[أَوَّلًا] خَطَأَ مَنْ سَلَكَ الْجَادَّةَ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ، فَتَوَهَّمَ أَنَّهَا عَمْرَةُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدِ بْنِ زُرَارَةَ الأَنْصَارِيَّةُ الْمَدَنِيَّةُ رَاوِيَةُ عَائِشَةَ. وَإِنَّمَا هِيَ عَمْرَةُ بِنْتُ أَرْطَأَةَ الْعَدَوِيَّةَ الطَّاحِيَّةُ الْبَصْرِيَّةُ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ «فَضَائِلُ الصَّحَابَةِ» (١/٥٠١/٨١٧) و«فَضَائِلُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ» (١٤١): ثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَدَوِيُّ حَوْثرَةُ بْنُ أَشْرَسَ بْنِ عَوْنِ قَالَ: نَا جَعْفَرُ بْنُ كَيْسَانَ أَبُو مَعْرُوفٍ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ أَرْطَأَةَ الْعَدَوِيَّةَ قَالَتْ: خَرَجْتُ مَعَ عَائِشَةَ سَنَةَ قُتِلَ عُثْمَانُ إِلَى مَكَّةَ، فَمَرَرْنَا بِالْمَدِينَةِ، وَرَأَيْنَا الْمُصْحَفَ الَّذِي قُتِلَ وَهُوَ فِي حِجْرِهِ، فَكَانَتْ أَوَّلُ قَطْرَةً قُطِرَتْ مِنْ دَمِهِ عَلَى هَذِهِ الآيَةِ «فَسَيْكَفِيكَهُمُ اللهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ»، قَالَتْ عَمْرَةُ: فَمَا مَاتَ مِنْهُمْ رَجُلٌ سَوِيًَّا.
[ثَانِيًَا] تَوْثِيقَ الطَّيِّبِ بْنِ سَلْمَانَ الْمُؤَدِّبِ الْبَصْرِيِّ فَقَدْ أَوْرَدَهُ ابْنُ أبِي حَاتِمٍ فِي «الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ» (٤/٤٩٧/٢١٩١)، فَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ جَرْحًَا وَلا تَعْدِيلًا، حَيْثُ قَالَ: طَيِّبُ بْنُ سَلْمَانَ رَوَى عَنْ مُعَاذَةَ الْعَدَوِيَّةِ. رَوَى عَنْهُ: بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَبُو أَحْمَدَ الْعَسْكَرِىُّ. وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي «الثِّقَاتِ» (٦/٤٩٣) قَالَ: الطَّيِّبُ بْنُ سَلْمَان يَرْوِي عَنْ عَمْرَةَ قَالَتْ سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ: نَهَى رَسُولُ اللهِ ﷺ عَنِ اتِّبَاعِ النِّسَاءِ الْجَنَائِزَ، وَقَالَ: «لَيْسَ لَهُنَّ فِي ذَلِكَ أَجْرٌ» . ثَنَاهُ السَّخْتِيَانِيّ قالُ: ثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ ثَنَا الطَّيِّبُ بْنُ سَلْمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ عَمْرَةَ سَمِعْتُ عَائِشَةَ بِهِ.
وَأَمَّا قَوْلُ الدَّارَقُطْنِيِّ عَنْهُ: بَصْرِيٌّ ضَعِيفٌ، فَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ مِقْدَارَ مَا يَرْوِيهِ بِهَذَا الإِسْنَادِ عَشَرَةُ أَحَادِيثَ، لَيْسَ فِيهَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، إِلاَّ حَدِيثَهُ هَذَا، وَهُوَ مُتَعَقَّبٌ بِمَا يَلَي.
[ثَالِثًَا] الاخْتِلافُ عَلَى لَفْظِ الْحَدِيثِ، فَقَالَ أبِي يَعْلَى «خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ لا ذَنْبَ لَهُ»، وَقَالَ التَّمَّارِ «غَفَرَ اللهُ لَهُ ذُنُوبَهِ» . وَإِنْ كَانَ أَبُو يَعْلَى أَوْثَقَ وَأَثْبَتَ مِنَ التَّمَّارِ، لَكِنْ لَفْظُ التَّمَّارِ أَشْبَهُ بِالصَّوَابِ، وَأَوْفَقُ لِلأُصُولِ.
[إيْضَاحٌ وَتَنْبِيهٌ] ذَكَرَاهُ فِي «الْمِيزَانِ» (٣/٤٧٣) و«اللِّسَانِ» (٣/٢١٤): طَيِّبُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وفِي نُسْخَةٍ مُصَحَّحَةٍ مِنَ «الْمِيزَانِ»: ابْنُ سَلْمَانَ، وَهُوَ الصَّوَابُ كَمَا فِي الْمَصَادِرِ السَّابِقَةِ آنِفًَا.
1 / 17
[فَائِدَةٌ عَزِيزَةٌ] عِدَّةُ مَنْ رَوَى عَنْ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ مِمَّنْ يُسَمَّيْنَ عَمْرَةٌ سَبْعَةٌ:
فَأَمَّا الأُولَى وَالثَّانِيَةُ فَهُمَا الْمَاضِيَتَانِ.
[الثَّالِثَةُ] عَمْرَةُ بِنْتُ حَيَّانَ السَّهْمِيَّةُ.
قَالَ الدَّارِمِيُّ (١١٦٣): أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ قَالَ حَدَّثَتْنِى حَبِيبَةُ بِنْتُ حَمَّادٍ قَالَتْ: حَدَّثَتْنِى عَمْرَةُ بِنْتُ حَيَّانَ السَّهْمِيَّةُ قَالَتْ: قَالَتْ لِى عَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ: أَمَا تَسْتَطِيعُ إِحْدَاكُنَّ إِذَا طَهُرَتْ مِنْ حَيْضِهَا أَنْ تُدَخِّنَ شَيْئًا مِنْ قُسْطٍ، فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فَشَيْئًا مِنْ آسٍ، فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فَشَيْئًا مِنْ نَوَىً، فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فَشَيْئًا مِنْ مِلْحٍ.
[الرَّابِعَةُ] عَمْرَةُ بِنْتُ قَيْسٍ الْعَدَوِيَّةُ.
قَالَ الإمَامُ أَحْمَدُ (٦/٨٢): حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ ثَنَا جَعْفَرُ بْنُ كَيْسَانَ قَالَ: حَدَّثَتْنِي عَمْرَةُ بِنْتُ قَيْسٍ الْعَدَوِيَّةُ قَالَتْ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «الْفَارُّ مِنْ الطَّاعُونِ كَالْفَارِّ مِنْ الزَّحْفِ» .
وَأَخْرَجَهُ كَذَلِكَ ابْنُ سَعْدٍ «الطَّبَقَاتُ» (٨/٤٩٠) عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ «الْمُسْنَدُ» (١٤٠٣) عَنْ يَزِيدَ وَعَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ عَبْدِ الْوَارِثِ، كِلاهُمَا عَنْ جَعْفَرِ بْنِ كَيْسَانَ أبِي مَعْرُوفٍ الْمُؤَذِّنِ الْبَصْرِيِّ بِهِ.
[الْخَامِسَةُ] عَمْرَةُ عَمَّةُ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ (٣٧١٢): حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ قَالَ سَمِعْتُ شَبِيبَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ يُحَدِّثُ عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ قَالَ: حَدَّثَتْنِي عَمَّتِي عَمْرَةُ عَنْ عَائِشَةَ ﵂: أَنَّهَا كَانَتْ تَنْبِذُ لِلنَّبِيِّ ﷺ غُدْوَةً، فَإِذَا كَانَ مِنْ الْعَشِيِّ، فَتَعَشَّى شَرِبَ عَلَى عَشَائِهِ، وَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ صَبَبْتُهُ، أَوْ فَرَّغْتُهُ، ثُمَّ تَنْبِذُ لَهُ بِاللَّيْلِ، فَإِذَا أَصْبَحَ تَغَدَّى، فَشَرِبَ عَلَى غَدَائِهِ، قَالَتْ: يُغْسَلُ السِّقَاءُ غُدْوَةً وَعَشِيَّةً، فَقَالَ لَهَا أَبِي: مَرَّتَيْنِ فِي يَوْمٍ؟، قَالَتْ: نَعَمْ.
قَالَ الْحَافِظُ أَبُو الْحَجَّاجِ الْمِزِّيُّ «تَهْذِيبُ الْكَمَالِ»: ذَكَرَ أَبُو الْقَاسِمِ ابْنُ عَسَاكِرَ هَذَا الْحَدِيثَ فِي «الأَطْرَافِ» فِي تَرْجَمَةِ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ، وَذَلِكَ وَهْمٌ، وَاللهُ أَعْلَمُ.
[السَّادِسَةُ] عَمْرَةُ أُمُّ أَسِيدِ بْنِ طَارِقٍ.
قَالَ الْبُخَارِيُّ «التَّارِيْخُ الكبيرُ» (٢/١٥/١٥٣٧): أَسِيدُ بْنُ طَارِقٍ عَنْ أُمِّهِ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ، يُعَدُّ فِي الْبَصْرِيِّينَ، رَوَى عَنْهُ عِمْرَانُ بْنُ الْجَارُودِ.
وَقَالَ (٦/٤٢٨/٢٨٧٨): عِمْرَانُ بْنُ الْجَارُودِ مِنْ بَنِى الْحَارِثِ بْنِ عَبَّادٍ. سَمِعَ أَسِيدَ بْنَ طَارِقٍ عَنْ أُمِّهِ عَمْرَةَ قَالَتْ: سَمِعْتُ عائِشَةَ رَضِىَ اللهُ عَنْهَا تَقُولُ: كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، سَمِعَ مِنْهُ مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبَصْرِيُّ.
وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ هَاتَيْنِ التَّرْجَمَتَيْنِ بِمِثْلِهِمَا فِي «الْجَرْحُ وَالتَّعْدِيلُ» (٢/٣١٧/١١٩٩) و(٦/٢٩٥/١٦٣٩)، وَابْنُ حِبَّانَ بِنَحْوِهِمَا فِي «الثِّقَاتِ» (٦/٧٢/٦٧٨١) و(٨/٤٩٨/١٤٦٤٩) .
وَزَادَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: أَسِيدُ بْنُ طَارِقٍ مَجْهُولٌ.
[السَّابِعَةُ] عَمْرَةُ أُمُّ الْقَلُوصِ الْغَاضِرِيَّةُ.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ «السُّنَنُ» (١/١٢٥/٦): حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْحَنَّاطُ ثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِى إِسْرَائِيلَ ثَنَا الْمُتَوَكِّلُ بْنُ الْفُضَيْلِ عَنْ أُمِّ الْقَلُوصِ عَمْرَةَ الْغَاضِرِيَّةِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ لاَ يَرَى عَلَى الثَّوْبِ جَنَابَةً، وَلاَ الأَرْضِ جَنَابَةً، وَلاَ يُجْنِبُ الرَّجُلُ الرَّجُلَ.
قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: لاَ يَثْبُتُ هَذَا، أُمُّ الْقَلُوصِ لاَ تَثْبُتُ بِهَا حُجَّةٌ.
1 / 18