الأحكام الملمة على الدروس المهمة لعامة الأمة
الأحكام الملمة على الدروس المهمة لعامة الأمة
ناشر
وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد
محل انتشار
المملكة العربية السعودية ١٤٢٣هـ
ژانرها
[المقدمة]
الأحكام الملمة
على الدروس المهمة لعامة الأمة
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
1 / 2
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: ١٠٢] (١) ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء: ١] (٢) ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا - يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب: ٧٠ - ٧١] (٣) . أما بعد:
فلما اطلعت على الرسالة الموسومة بالدروس المهمة
_________
(١) آل عمران، آية ١٠٢.
(٢) النساء، آية ١.
(٣) الأحزاب، الآيتان ٧٠-٧١.
1 / 3
لعامة الأمة لسماحة الوالد الشيخ: عبد العزيز بن باز ﵀ المفتي العام بالمملكة العربية السعودية، ورئيس هيئة كبار العلماء- فكرت بشرحها لأهميتها لكل مسلم بعينه فهي رسالة إلى جميع الأمة من ذكر وأنثى وعالم ومتعلم، فاستخرت الله، وشاورت بعض المشايخ الفضلاء فأيدوا الفكرة فتحولت الفكرة بعد ذلك إلى عزيمة على الشروع في المهمة لتوضيح الدروس المهمة. فاستأذنت شيخنا ووالدنا فأذن لي مشكورا بذلك.
وهذه الرسالة على صغر حجمها جمعت بين دفتيها سائر العلوم الشرعية من أحكام الفقه الأكبر والفقه الأصغر، وما ينبغي أن يكون عليه المسلم من الأخلاق الشرعية والآداب الإسلامية، وختم هذه الرسالة بالتحذير من الشرك وأنواع المعاصي، فأتت الرسالة بما ينبغي أن يكون عليه المسلم عقيدة وعبادةً، وسلوكا ومنهجا، فهذه الرسالة اسم على مسمى فهي بحق
1 / 4
الدروس المهمة لعامة الأمة.
وقد وضعت شرحا على هذه الرسالة ليس بالطويل الممل، ولا بالقصير المخل، ليكون عونا بعد توفيق الله ومرجعا سهلا لمن أراد أن يشرحها من الأئمة في مسجده، أو رب الأسرة في منزله، أو طالب العلم في حيه، أو قريته، وقد حرصت أن أقرن كل مسألة بدليلها ما أمكن. وسميته (الأحكام الملمة على الدروس المهمة. .) وقد علق عليه سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز بعض التعليقات ووضعت تحتها خطوطا تمييزا لها.
وفي الختام آمل من كل أخ كريم اطلع على هذا الكتاب أن لا يبخل علينا بتوجيهاته وملاحظاته فالمرء قليل بنفسه كثير بإخوانه.
هذا وأسأل الله بأسمائه الحسنى، وصفاته العُلى، أن ينفع بالرسالة وشرحها، وأن يجعل عملي خالصا لوجهه الكريم، كما أسأله أن يجزل الأجر والمثوبة لمؤلف الرسالة وشارحها خير الجزاء، وأن يجمعنا وإياه في
1 / 5
الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
عبد العزيز بن داود الفايز
الزلفي في ٢١ / ١٤١٥هـ
[الدرس الأول سورة الفاتحة وما أمكن من قصار السور]
الدرس الأول
1 / 6
سورة الفاتحة وما أمكن من قصار السور من سورة الزلزلة إلى سورة الناس تلقينا وتصحيحا وتحفيظا وشرحا لما يجب فهمه.
ــ
[الشرح]
ذكر العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز ﵀ ونفع به الإسلام والمسلمين وأعظم له الأجر والمثوبة في الدرس الأول من الدروس المهمة لعامة الأمة أنه ينبغي على كل مسلم- كل على حسب طاقته- أن يتعلم سورة الفاتحة وما أمكن من قصار السور لأن تعلم قراءة الفاتحة واجب على كل مسلم بعينه؛ لأنه لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب؛ كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح عن المصطفى ﷺ. وعلى معلم الناس هذه السورة أن يتبع الخطوات التالية:
المرحلة الأولى: أن يلقنهم القراءة إن كانوا لا يعرفون القراءة؛ وإن كانوا يعرفون القراءة فعليه أن ينتقل من هذه المرحلة إلى المرحلة الثانية وهي: تصحيح القراءة، ثم بعد
1 / 7
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
ذلك ينتقل إلى المرحلة الثالثة وهي: تحفيظهم هذه السور، ويكون التحفيظ بطرق منها:
- أن يقرأ المعلم الآيات بتأن وترتيل ويطلب من الحاضرين أن يرددوها معه حتى يحفظوها، ثم بعد ذلك يشرح معنى الآيات شرحا واضحا حسب ما يفهم المخاطب، ثم بعد ذلك يستنبط بعض الأحكام من الآيات التي قرأها. مثال ذلك من سورة الفاتحة يبين لهم أن قراءة الفاتحة ركن من أركان الصلاة لقول الرسول ﷺ: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب» (١) وكذلك يقول لهم: إن من القواعد المتفق عليها بين سلف الأمة وأئمتها الإيمان بأسماء الله وصفاته، وأنهم يثبتون ما أثبته الله لنفسه، أو أثبته له رسوله ﷺ، وينفون ما نفاه الله عن نفسه، أو نفاه عنه رسول الله ﷺ من غير تحريف ولا تشبيه، ولا تمثيل ولا تكييف، وكذلك يخبرهم أن العبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه
_________
(١) رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي والإمام أحمد.
1 / 8
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة.
ومن الأحكام التي في سورة الفاتحة التي ينبغي للمعلم أن يبينها: أن العبادة إذا خالطها شرك فسدت وبطلت، وكذلك يبين لهم أنه ينبغي على المسلم أن يتذكر يوم الدين، وأن عدم نسيان ذلك اليوم العظيم يساعد الإنسان على فعل الطاعات، واجتناب المحرمات.
وهكذا يفعل في باقي السور، تلقينا وتصحيحا للقراءة وتحفيظا وشرحا. والله أعلم.
ذكر المؤلف -رحمه الله تعالى- في هذا الدرس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ﷺ ولعلنا نتناول المراد على النحو التالي:
أولا: مكانتهما: هاتان الشهادتان هما الركن الأول من أركان الإسلام، فقد روى ابن عمر ﵄ عن النبي ﷺ أنه قال: «بُني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام لمن استطاع إليه سبيلا.» (١) .
فكلمة التوحيد هي أساس الدين وحصنه الحصين
_________
(١) رواه البخاري ومسلم والإمام أحمد والترمذي.
1 / 9
[الدرس الثاني شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله]
الدرس الثاني شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله بشرح معانيها مع بيان شروط لا إله إلا الله، ومعناها (لا إله) نافيا جميع ما يعبد من دون الله، (إلا الله) مثبتا العبادة لله وحده لا شريك له.
1 / 10
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وهي أول واجب على العبد، وقبول جميع الأعمال متوقف على النطق بها والعمل بموجبها.
ثانيا: معناها: لا معبود بحق إلا الله، ولا يجوز أن يقال: لا خالق إلا الله، أو لا موجود، أو لا رازق إلا الله، لأمور منها:
- أن كفار قريش كانوا لا ينكرون أنه لا خالق إلا الله ومع ذلك لم ينفعهم ذلك. وهم يفهمون معناها لذلك أنكروا على الرسول ﷺ عندما قال لهم قولوا لا إله إلا الله. ونحن نعجب في هذا الزمان ممن يقولون لا إله إلا الله ولا يعرفون معناها ويدعون مع الله غيره من الأولياء وأصحاب القبور، ويقولون نحن موحدون والله المستعان.
ثالثا: أركانها: للشهادة ركنان:
الأول: النفي في قوله: (لا إله) .
الثاني: إثبات في قوله: (إلا الله) .
فلا إله نفت الألوهية عن كل ما سوى الله،
1 / 11
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
و(إلا الله) أثبتت الألوهية لله وحده لا شريك له.
رابعا: فضل لا إله إلا الله: فلها فضائل عظيمة، ولها عند الله مكانة رفيعة من قالها صادقا أدخله الله الجنة، ومن قالها كاذبا حقنت دمه وأحرزت ماله في الدنيا والآخرة وحسابه على الله- ﷿ وكان له حكم المنافقين.
وهي كلمة وجيزة اللفظ، قليلة الحروف، خفيفة على اللسان، ثقيلة في الميزان.
ولهذه الكلمة العظيمة فضائل كثيرة ذكر جملة منها الحافظ ابن رجب ﵀ في رسالته المسماة: «كلمة الإخلاص» واستدل لكل فضيلة، ومنها:
- أنها ثمن الجنة، ومن كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة، وهي نجاة من النار وهي توجب المغفرة، وهي أحسن الحسنات، وهي تمحو الذنوب، وهي تخرق الحجب التي تصل إلى الله- ﷿، وهي الكلمة التي يصدق الله قائلها، وهي أفضل ما قاله النبيون، وهي أفضل الذكر، وهي أفضل الأعمال، وأكثرها
1 / 12
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
تضعيفا وتعدل عتق الرقاب، وتكون حرزا من الشيطان، وهي أمان من وحشة القبر، وهول المحشر، وهي شعار المؤمنين إذا قاموا من قبورهم. ومن فضائلها أنها تفتح لقائلها أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء، ومن فضائلها أن أهلها وإن دخلوا النار بتقصيرهم في حقوقها فإنهم لا بد وأن يخرجوا منها (١) .
خامسا: أن شهادة أن محمدا رسول الله تقتضي الإيمان به. وتصديقه فيما أخبر، وطاعته فيما أمر، والانتهاء عما عنه نهى وزجر، وأن يعظم أمره ونهيه، ولا يقدم عليه قول أحد كائنا من كان.
سادسا: ليعلم أن من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم، وروح منه، والجنة حق، والنار حق، كما روى ذلك عبادة بن الصامت عن النبي ﷺ. أدخله الله الجنة على ما كان من العمل.
_________
(١) انظر رسالة الشيخ صالح الفوزان بعنوان لا إله إلا الله.
1 / 13
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وأما شروط لا إله إلا الله فهي: العلم المنافي للجهل، واليقين المنافي للشك، والإخلاص المنافي للشرك، والصدق المنافي للكذب، والمحبة المنافية للبغض، والانقياد المنافي للترك، والقبول المنافي للرد، والكفر بما يعبد من دون الله.
ذكر العلماء أن لكلمة الإخلاص شروطا سبعة وبعضهم يعدها ثمانية كما فعل المؤلف حفظه الله.
الأول: العلم: فإذا علم العبد أن الله- ﷿ هو المعبود وحده وأن عبادة غيره باطلة، وعمل بمقتضى ذلك فهو عالم بمعناها. قال تعالى: ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ﴾ [محمد: ١٩] (١) وقال تعالى: ﴿إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ [الزخرف: ٨٦] (٢) وقال رسول الله ﷺ: «من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة» (٣) .
الثاني: اليقين: فيجب على من أتى بها أن يوقن قلبه ويعتقد صحة ما يقول من أحقية إلهية
_________
(١) محمد، آية ١٩.
(٢) الزخرف، آية ٨٦.
(٣) رواه مسلم وأحمد.
1 / 14
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
الله- تعالى-، وبطلان إلهية من عداه، قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ﴾ [البقرة: ٤] (١) . وكما رُوي عن أبي هريرة ﵁ أن النبي ﷺ قال: «من لقيت خلف هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله مستيقنا بها من قلبه فبشره بالجنة» (٢) .
الثالث: القبول: أي يقبل كل ما اقتضته هذه الكلمة بقلبه ولسانه، قال تعالى: ﴿قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا﴾ [البقرة: ١٣٦] (٣) .
الرابع: الانقياد: وذلك بأن ينقاد لما دلت عليه هذه الكلمة العظيمة؛ فهو الاستسلام والإذعان، قال تعالى: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ﴾ [النساء: ١٢٥] (٤) وقال تعالى: ﴿وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى﴾ [لقمان: ٢٢] (٥) .
_________
(١) البقرة، آية ٤.
(٢) انظر: السلسلة الصحيحة للألباني، جـ٣، ص١٢٧.
(٣) البقرة، آية ١٣٦.
(٤) النساء، آية ١٢٥.
(٥) لقمان، آية ٢٢.
1 / 15
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
الخامس: الصدق: وذلك بأن يصدق مع الله في إيمانه، صادقا في عقيدته، صادقا في أقواله، صادقا في دعوته، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾ [التوبة: ١١٩] (١) .
السادس: الإخلاص: وذلك بأن تصدر منه جميع الأقوال والأفعال خالصة لوجه الله، وابتغاء مرضاته ليس فيها شائبة، قال تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ [البينة: ٥] (٢) وكما جاء في الحديث الصحيح عن أبي هريرة ﵁ عن النبي ﷺ أنه قال: «أسعد الناس بشفاعتي من قال: لا إله إلا الله خالصا من قلبه» (٣) .
السابع: المحبة: وذلك بأن يحب هذه الكلمة وما دلت عليه واقتضته، فيحب الله ورسوله، ويقدم محبتهما على كل محبوب، قال تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ﴾ [البقرة: ١٦٥]
_________
(١) التوبة، آية ١١٩.
(٢) البينة، آية ٥.
(٣) رواه البخاري والإمام أحمد.
1 / 16
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
(١) .
الثامن: الكفر بما يعبد من دون الله: كما ورد عن النبي ﷺ أنه قال: «من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله» (٢) .
الدليل على ذلك حديث جبريل المشهور عندما سأل النبي ﷺ عن الإيمان قال: «الإيمان بأن تؤمن بالله وملائكته وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره» (٣) .
أولا: الإيمان بالله: يتضمن الإيمان بالله تعالى أربعة أمور:
أ- الإيمان بوجود الله تعالى، وقد دل على وجوده تعالى: الفطرة، والعقل، والشرع، والحس.
أما دلالة الفطرة على وجوده فإن كل مخلوق قد فُطر على الإيمان بخالقه من غير سبق تفكير أو تعليم كما قال رسول الله ﷺ: «ما من مولود إلا ويولد على
_________
(١) البقرة، آية ١٦٥.
(٢) رواه الإمام مسلم.
(٣) رواه مسلم وأبو داود والترمذي والإمام أحمد.
1 / 17
[الدرس الثالث أركان الإيمان]
الدرس الثالث أركان الإيمان: وهي: أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، وباليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره من الله تعالى.
1 / 18
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه» (١) .
وأما دلالة العقل على وجود الله تعالى: فلأن هذه المخلوقات سابقها ولاحقها لا بد لها من خالق أوجدها، إذ لا يمكن أن توجد نفسها بنفسها، ولا يمكن أن توجد صدفة.
وأما دلالة الشرع على وجود الله تعالى: فلأن جميع الكتب السماوية تنطق وتخبر بذلك. وأعظمها وأفضلها القرآن الكريم. وهكذا جميع الرسل وأفضلهم خاتمهم وإمامهم محمد ﷺ كلهم أرشدوا إلى ذلك وبينوه.
وأما دلالة الحس على وجوده تعالى فمن وجهين:
أحدهما: أننا نسمع ونشاهد من إجابة الداعين، وغوث المكروبين ما يدل دلالة قاطعة على وجوده تعالى.
والوجه الثاني: أن آيات الأنبياء التي تسمى معجزات، ويشاهدها الناس، أو يسمعون بها، برهان قاطع على وجود خالق ومدبر ومتصرف بالكون وهو الله تعالى.
_________
(١) رواه البخاري ومسلم.
1 / 19
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
ب- الإيمان بربوبيته: أي بأنه وحده الرب لا شريك له، ولا معين غيره، والرب من له الخلق والملك والأمر، فلا خالق إلا الله، ولا مالك إلا هو، قال تعالى: ﴿أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ﴾ [الأعراف: ٥٤] (١) وقال سبحانه: ﴿ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ﴾ [فاطر: ١٣] (٢) .
جـ- الإيمان بألوهيته: أي بأنه وحده الإله الحق لا شريك له. والإله بمعنى «المألوه» أي المعبود حبا وتعظيما، قال تعالى: ﴿وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ﴾ [البقرة: ١٦٣] (٣) وقال تعالى: ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ﴾ [الأعراف: ٥٩] (٤) .
د- الإيمان بأسمائه وصفاته: أي إثبات ما أثبته الله لنفسه في كتابه، أو سنة رسوله ﷺ من الأسماء والصفات على الوجه اللائق به من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل، قال تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى: ١١]
_________
(١) الأعراف، آية ٥٤.
(٢) فاطر، آية ١٣.
(٣) البقرة، آية ١٦٣.
(٤) الأعراف، آية ٥٩.
1 / 20
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
(١) .
الثمرات التي يثمرها الإيمان بالله: منها:
١ - تحقيق توحيد الله؛ بحيث لا يتعلق القلب بغيره، رجاءً ولا خوفا، ولا يعبد غيره.
٢ - كمال محبة الله تعالى، وتعظيمه بمقتضى أسمائه الحسنى، وصفاته العليا.
٣ - تحقيق عبادته بفعل ما أمر به، واجتناب ما نهى عنه.
ثانيا: الإيمان بالملائكة: أ- تعريف الملائكة: عالم غيبي مخلوقون من النور عابدون لله تعالى، وليس لهم من خصائص الربوبية والألوهية شيء، خلقهم الله من نور، ومنحهم الانقياد التام لأمره، والقوة على تنفيذه، وهم عدد كثير لا يحصيهم إلا الله تعالى.
ب- يتضمن الإيمان بالملائكة أربعة أمور:
الأول: الإيمان بوجودهم.
_________
(١) سورة الشورى، آية ١١.
1 / 21