المسألة السابعة عشرة:
ما لا يتم الواجب المطلق إلا به واجب مطلقًا، أي: سواء كان سببًا شرعيًا مثل: الصيغة للعتق الواجب، أو سببًا عقليًا مثل: النظر المحصل للعلم الواجب، أو سببًا عاديًا كحز الرقبة بالنسبة إلى القتل، أو شرطًا شرعيًا كالوضوء للصلاة، أو شرطًا عقليًا كترك أضداد المأمور به، أو شرطًا عاديًا كغسل جزء من الرأس مع الوجه ليتحقق غسل كل الوجه.
وقلنا ذلك لأن الواقع يشهد له، حيث إن السيد لو قال لعبده: " أعطني ماء " ولا يوجد الماء إلا في البئر، فإنه لا يمكن أن يحضر الماء لسيده إلا بسحب الماء من البئر برشاء ودلو، فيلزمه - حينئذٍ - إحضار الرشاء والدلو ليسحب بهما الماء، وذلك ليفعل ما أمره به سيده إذا كان له طريق إليه، فلا يجوز له تركه - مع القدرة عليه - وإلا لاستحق العقوبة من السيد، فوجب عليه إحضار السبب وهو: الرشاء والدلو، حيث إنه بهما يمكنه تنفيذ أمر سيده، وهو جلب الماء، لأنه لا يمكن إحضار الماء إلا بهما، فلذلك وجبا، فينتج: أن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.