The Civilization of the Arabs - Gustave Le Bon
حضارة العرب - غوستاف لوبون
ناشر
مؤسسة هنداوي للنشر والثقافة القاهرة
محل انتشار
مصر
ژانرها
والهند أيضًا، وكانت النفائس، كالعاج والعطور والأفاويه والحجارة الكريمة والتبر والأرقاء ... إلخ، أهم ما يتاجر به العرب.
واستعان العرب بالفينيقيين، القريبين منهم لغة، زمنًا طويلًا لبيع سلعهم، وكان الفينيقيون يخونون سلع العرب في مدنهم الكبيرة كمدينة صور، ثم يبعثون بها إلى الخارج لبيعها.
وكان العرب والبابليون يتنافسون في الاتجار مع الهند، وكان البابليون يصلون إلى الهند بطريق البر أو بطريق البحر من خليج فارس، وكانت قوافل البابليين تنقل السلع إلى سورية؛ لتوزعها على العالم، مارة في طريقها إلى دمشق من تدمر وهليوبوليس (بعلبك) المهمتين اللتين لا تزال بقاياهما الماثلة في الصحراء تثير عجب السياح.
فبمثل تلك العلاقات التجارية التي دامت مئات السنين نتصور ما كانت عليه مدن جزيرة العرب، ولا سيما مدن اليمن النضرة التي اغتنت بالتجارة وألفت أطيب النفائس، وندرك سر إجماع مؤلفي اليونان واللاتين والعرب على امتداح ازدهار تلك المدن العجيب.
ولم يسطع نجم حضارة العرب قبل محمد في اليمن وحدها، فما جاء في أقدم روايات التاريخ عن حضارة الحيرة والغساسنة يثبت، أيضًا، درجة استعداد أتباع محمد للقيام برسالتهم في عالم المدنية.
وقد تحدثنا عن الحيرة التي مجدها العرب، وقلنا إنها كانت تنافس القسطنطينية وعاصمة الفرس، ولم تقل عنها أهميةً مملكة غسان التي أسسها عرب اليمن بعد ظهور المسيح بزمن قليل، والتي دام سلطانها نحو خمسمائة سنة، واشتملت على ستين مدينةً محصنة كما جاء في كتب التاريخ.
وظهرت عظمة حضارة مملكة غسان من حل الكتابات الحميرية المنقوشة على آثارها التي اكتشفت بالقرب من عاصمتها القديمة بصرى الواقعة على حدود سورية، ومن بقايا قنواتها التي تشهد بما كان عند سكانها من الاستعداد الكبير للقيام بالأعمال العظيمة.
وإذ كان عرب الحيرة وغسان متصلين بالفرس والرومان كان تأثير هؤلاء في حضارة أولئك كبيرًا، وغير ذلك أمر حضارة اليمن العربية التي هي أقدم من حضارة الرومان، والتي يجب أن يبحث فيها عن بقايا حضارة العرب القديمة، والتي نأسف على بقائها بعيدةً من يد البحث والتنقيب حتى الآن، فيظل اطلاعنا على أمر مدن اليمن القديمة ناقصًا نقصان اطلاعنا السابق على آثار الآشوريين التي كانت مطمورة تحت رمال الصحراء.
1 / 99