The Cascade of Meanings in Unveiling the Secrets of Sahih al-Bukhari
كوثر المعاني الدراري في كشف خبايا صحيح البخاري
ناشر
مؤسسة الرسالة
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤١٥ هـ - ١٩٩٥ م
محل انتشار
بيروت
ژانرها
كوثَر المَعَاني الدَّرَارِي في كَشْفِ خَبَايا صَحِيحْ البُخَاري
تأليف
الإِمَامِ المُحَدِّثِ العَلَّامَةِ الشَّيْخ مُحمَّد الخِضْر الجَكيني الشِّنقيطي (المتوفى سنة ١٣٥٤هـ)
الجُزْء الأوّلُ
مؤسسة الرسالة
1 / 1
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
1 / 2
كوثَر المَعَاني الدَّرَارِي في كَشْفِ خَبَايا صَحِيحْ البُخَاري
1 / 3
حقوق الطبع محفوظة
الطبعة الأولى
١٤١٥ هـ - ١٩٩٥ م
مؤسسة الرسالة بيروت -شارع سوريا- بناية صَمدي وصالحة
هاتف: ٦٠٣٢٤٣ - ٨١٥١١٢ - ص. ب: ٧٤٦٠ برقيًا: بيُوشرَان
1 / 4
تنبيه:
قد اشتمل هذا الكتاب على فنون كثيرة، استقل كل واحد منها بالتأليف عند علماء الحديث على رجال "البخاري"، حيثما جاءت في السند كانت أو في المتن، وأنساب الرجال وبلدانهم. وعلى إيضاح ما فيه من المبهمات، وعلى أصول الحديث بأجمعها، وعلى تعليق المعلقات، وعلى وصل الموقوفات والمرسلات والمقطوعات، وعلى ما في السند من اللطائف والنكت، وعلى تبيين مَنْ أخرج الحديث من الستة، وعلى تعريف الصحابة وطبقاتهم، والتابعين وطبقاتهم، وطبقات المحدثين، وعلى نبذة جليلة من السيرة النبوية، وترجمة الإِمام البخاري، إلى غير ذلك مما لا يحويه كتاب، ولا يستغني عنه راغب في العلم من جميع العلماء والطلاب.
1 / 5
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
والصلاةُ والسَّلامُ على النبيِّ الكريم، وعلى آله وصحبه أُولي الفضل العميم. وبعد: أيُّها القارىء الكريمُ، هذا شرحٌ لصحيح الإِمام محمَّد بن إسماعيل بن إبراهيم الجعفي البخاري، جاء فريدًا في أسلوبه، ودِقة أبحاثه، بزَّ ما قبله، رَغْمَ ما أولى علماءُ المسلمين هذا الصحيح من دِراسةٍ، وشرح، وتمحيص، متعدِّدة المناهج والمشارب، والتي قيل: إنها بلغت خمسين ما بَيْن تعليقٍ وشرحٍ.
لقد كان المؤلفُ ﵀ -في دروسه- يُوفي رجالَ السند حقَّهم من تعريفٍ وتجريحٍ وتعديلٍ، ثم يَعْمَدُ إلى شرحِ مفرداتِ الحديثِ، وما فيه من أمور لغوية، ومصطلح الحديث، ثم يبدأ في شرح الحديث، وما أخذه من العلماء، ومَنْ عَمِلَ به مِن علماءِ المذاهب، وذلك ما ستراه في هذا الكتاب (كوثر المعاني الدراري في كشف خبايا صحيح البخاري) وما أصعب كشف خباياه لولا ما مَنَّ الله به على صاحبه من سَعَةٍ في العلم ودِقة وجهد وإخلاص.
والمؤلفُ أَيها القارىء الكريم: هو محمَّد الخَضِر بن سيد عبد الله بن أحمد الملقب (بما يأبى) لكرمه وسخائه كان لا يرد سائلًا ولا يأبى حتى لُقِّبَ بهذا اللقب (الجكني) نسبة إلى قبيلة من أعظم قبائل شنقيط الجامعة بين العلم والسطوة. (الشنقيطي) نسبةً إلى قطر شنقيط. المعروف اليوم باسم الجمهورية الإِسلامية الموريتانية.
أخذ عن والده، وأجلَّة علماء ذلك القطر العربي الإِسلامي، حتى أُنيط به الافتاءُ العام، ثم القاضي الأكبر بلا منازع وكان القضاء في ذلك
1 / 7
الزمان لا يُنال بالتعيين، ولكن ببروزِ العالمِ وتفوقهِ، وإقرار العلماء له بالتفوُّق، فحينئذ يقومُ أمير البلاد باعتماد آرائه وتنفيذِ أحكامه.
وكان صاحبَ مدرسةِ علم يَؤُمُّهَا طلبةُ العلم من جميع أنحاء البلاد والبلدان الإفريقية المجاورة.
وحينما هاجم الإِفرنسيون تلك البلاد ١٣٢١ هـ / ١٩٠٣ م - دعا للجهادِ، وقال الجيوشَ مع أمير البلاد الأمير عثمان بن بكار بن أسويد أحمد (صهره) في حرب استمرَّت أربعَ سنين، ولما ظهر تغلُّبُ الإِفرنسيين، توجه مع الأمير عثمان إلى المغرب الأقصى يَطلبُ النجدة من سلطانها، وصادفَ أن كانت حربٌ بين السلطان عبد العزيز وأخيه السلطان مولاي عبد الحفيظ الذي استتبَّ له الأمرُ، وبذلك السبب لم يجد عونًا حقيقيًا مفيدًا، فقرَّر البقاء في المغرب ونوى الهجرة، فأقام فيها خمسَ سنين أستاذًا للسلطان عبد الحفيظ. (وهو من أجلِّ العلماء وصاحب تآليف كثيرة) ورئيسًا للعلماء.
وحينما أعلنت فرنسا الحماية على المغرب، قرر الاستمرار في الهجرة، ورحل إلى المدينة المنورة سنة ١٣٣٠ هـ - ١٩١٢ م مجاورًا، ومدرسًا بالحرم الشريف النبوي، وعُيِّنَ فيها مفتيًا للمذهب المالكي وفي سنة ١٣٤١ هـ - ١٩٢٢ م ذهب إلى الاردن، حيث عُينَ قاضيًا للقضاة، وأقام بضعَ سنين، ثم رأى التجوال في العالم الإِسلامي، ونشر العلم، فسافر إلى العراق ومصر وتركيا وسوريا وإِمارات الخليج والهند وقد ترك فيها كثيرًا من طلبة العلم، الذين اجتمعوا فيما بعد في أعلى المراكز الدينية، وكان دائم الرجاء من الباري جل شأنه الرجوع إلى المدينة المنورة والموت فيها، وقد تَمَّ له ما طلب فرجع إليها، ومات سنة ١٣٥٤ هـ - ١٩٣٦ م تغمَّده الله برحمته، وأسكنه فسيح جناته.
كان ﵀ مالكيَّ المذهب، وأراد المقارنَة بين المذاهب الأَربعة وأدلة كل منهم في كتابه "إيضاح مختصر خليل بمذاهب الأربعة وأصح
1 / 8
الدليل" الذي لم يشأ الله أن يتم.
وكان مع سَعة باعه في الحديث، وحفظه عن ظهر غيب لأغلب الكتب الستة، متمسكًا بالعمل بمذهب الإِمام مالك -سمعته يقول: لقد حفظتُ مختصر خليل وشروحه، وحواشيه- كما حفظتُ كتب الصحاح بما فيهم الموطأ، وأعتقد أني قد وصلتُ درجةَ الاجتهاد، ولكن كلما ازددتُ علمًا، ازددتُ تمسكًا بمذهب الإِمام مالك، إذ أني أجد فهمَه وعلمه أمامي في كل درجة أَصِلُ إليها.
وترى أيها القارىء أثر ذلك في كتابه "قمع أهل الزيغ والإلحاد عن الطعن في تقليد أئمة الجهاد" وكان ﵀ جريئًا في الحق لا يُداهن، قويَّ الشكيمة، حاضر البديهة، قوَّام الليل، صائم النهار، مع عدم تركه لدنياه وصلته بالمجتمع من رؤساء ومرؤوسين.
كان يُجِلُّ علماءَ الحقيقة في حرصهم على التمسك بأصول الدين القويم، والبعد عن البدع والضلالات، كما كان حاملًا لسور الإِمام الجيلاني، يُجل علماء الباطن، ناقمًا على من نزع عنهم، وشطًّ عن طريقهم المستقيم، وذلك ما تجده في كتابه "تصوف السادة والنجاح. والرد على متصوفة الرقص والصياح" وكتابه "مشتهى الخارف الجاني. في رد زلقات التجاني الجاني" ذلك الكتاب الذي عَمَّ نَفْعُهُ، وهدى الكثيرين إلى صراط الله المستقيم.
كان متبحرًا في علوم العربية - شاعرًا بليغًا، قوي الأسلوب، سهل المعاني، نرجو الله أن ييسر طبعَ ديوانه، ومن شعره حينما كان بالأردن وحنَّ إلى الرجوع إلى المدينة المنورة.
ألا لَيْتَ شِعرِي هَلْ إلى أُحُدٍ (١) عَوْدُ ... وهَلَ لي إلى سَلْعٍ ودَارَاته رَدَّ
_________
(١) أُحُد: الجبل المعروف بالمدينة المنورة وكذلك سلع وداراته وسوق المناخة أكبر سوق كان بالمدينة المنورة. وقد أصبح اليوم موقفًا للسيارات.
1 / 9
وهَلْ لي إلى سُوقِ المنَاخَةِ نَظْرَةٌ ... بِهَا القلْبُ يُشْفى بَعْدما شَفَّهُ الوَجْدُ
إلى غُرفٍ في حَوْش وَرْدَةَ أَثوى ... بَهَا غُرَرٌ عِيْنٌ بأردانها النَّدُّ
إلى ذِرْوَة العَلْيَاءِ مِنْ آلِ يوسُفٍ ... سراة بني جاكان يُسترفد الرفدُ
ومن شعره أيضًا:
كُنَّا زَمَانًا مِثْلَ غُصْنَيْ بانِ ... يَأْتي النَّسيمُ مَعًا فَيهْتَزَّانِ
مَيَلانُ هَذَا إنْ يَمِلْ مَيَلَانُ ذا ... لا سَابِقٌ ذَا ذَاكَ بالمَيَلَانِ
واليَومَ فَرَّقَنا الزَّمانُ بصَرْفِهِ ... فرَأَى الوُشَاةُ طَرِيقَةَ الشَّنَاَنِ
وقد أثنى عليه العلماءُ، والأدباءُ، ومدحوه بقصائد ورسائل تَجِدُ أكثرها مطبوعًا مع تقارير كتاب مشتهى الخارف الجاني.
﵀، وتغمده برحمته، وأسبل عليه رضوانه، وجزى الله القائمين بطبع هذا الكتاب خيرَ الجزاء والله ولي التوفيق، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
محمَّد الأمين بن المؤلف
قاضي قضاة، ووزير المعارف بالأردن سابقًا
1 / 10
﴿وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ﴾ [يونس: ٢].
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ والصلاة والسلام على النبي الكريم
الحمدُ لله الموحي إلى عبده ما أوحى، من الأياتِ والأحاديثِ الشارحة لها شرحًا، المقيِّض لها جَهَابذَة نقادًا، لا تَعْرَى معهم ولا تَضْحَى، مصونةً بهِمْ عَنْ زَيْغِ مَنْ حَاوَلَ فيَها قدحًا، والصلاة والسَلامُ على مَن اصطفاه الَباري قديمًا لنبوته، فكان نبيًا وإن آدم لَمُجَدَّلٌ في طينته، متقلبًا في الساجدين إلى أن أظهره الله تعالى رحمة لخليقته، متدثِّرًا بأعباء رسالته، قامعًا كلَّ ماردٍ خارجٍ عن طريقته، محمدٍ الذي ما كان الكون إلا لكون حقيقته، وعلى آله الذين سبق لهم من الله تعالى التطهير، فكانوا في جميع العصور قادة لكل خير وخير، وعلى أصحابه المشمِّرين لإِظهار الحق غاية التشمير، حتى أبادوا ودمروا من خالفه أفظع إبادةٍ وشرَّ تدمير، والتابعينَ لهم فيما سلكوا من مناهج التبصير.
أما بعد: فقد منَّ الله تعالى على هذا العاجز الحقير الفقير، فضلًا منه ورحمة وإحسانًا على أهل التقصير بخدمة جامع الصحيح للإِمام الحجة أبي عبد الله محمَّد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري الشهير، فجمعت في خدمته ما يَعْجزُ عن تحريره كل عالمٍ نحرير خبير، فجعلت عليه كالشرح قاصدًا به تعريف ما فيه من الرجال سندًا كان، أو مذكورًا في خلال المتن على أي وجه جاء ذكره في الخلال، محيلًا كل ما تكرر من الرجال على الحديث المعرف فيه بالنص لا بالاحتمال، كي لا يتريَّث الناظرُ في طلبه لالتماس المحال، آتيًا بما لهم من الأنساب والبلدان على أكمل حال، موضحًا ما فيه من المبهمات، عازيًا وَصْلَ ما
1 / 11
فيه من التعليقات والموقوفات، والمرسلات والمقطوعات إلى من أوصل ذلك من أجلاء علماء الحديث الثقات، ذاكرًا عند كل محلٍّ ما فيه من أصول الحديث، فاحتوى على كل ما ألَّفه فيها العلماء من قديم وحديث، مبينًا عند كل حديث من أخرجه من الستة أهل الاعتماد، موشحًا ذلك بذكر ما فيه من لطائف الإِسناد، فجاء بحمد الله تعالى جامعًا لكل ما يحتاجه القارىء لصحيح البخاري مما انفرد كُلُّ نوع منه بالتآليف السَّنيَّة، فلم يبق من مطالبه سوى إيضاح المعاني اللغوية، وتناولها سهل على كل متعاط للغة العربية، وسميته.
" كوثر المعاني الدراري، في خبايا صحيح البخاري"
وأسأل الله تعالى الكريم الحنان المنان وأتوسل وأتشفع وأتوجه إليه بسيد ولد عدنان وقحطان، محمَّد الحاوي من الفضائل ما لم يحوه مَلَك ولا إنس ولا جان. أنْ يعينَني ويوفقَني لإتمام هذا الكتاب، ويجعله نافعًا لمن حاول النفعَ به من العلماء والطلاب، مقبولًا عند الله تعالى يومَ الجزاء والحساب، ليس بينه وبينه -يوم تُجزى كلُّ نفس بما لها- حجاب (١).
هذا ولما كان الصحابةُ والتابعون، عليهم رضوان الله تعالى أجمعين، سببًا في اتصال الشريعة والسند لسائر علماء المسلمين، أردتُ أن أُثبت مقدمةً في حقيقتهم، وما لهم من الطبقات، فتمتاز عند العارف بذلك المرفوعات من المرسلات، ويجني من معرفة حقيقتهم يانعَ الثمرات.
_________
(١) بعد أن أتم الله تعالى الكتاب على ما بينتُه في نحو ست مجلداتٍ، بدا لي أن أشرح المتن شرحًا، جامعًا لجميع المعاني المتفرقة مما لم يتيسر لأحد قبلي جمعه، ليكون الكتاب مغنيًا لأهل العلم العلماء المدرسين وطلبته عن جميع شراح البخاري، وجميع كتب الرجال والصحابة، وكتب أصول الحديث فيكون إن شاء الله تعالى كما في المثل:
"كل الصيد في جوف الفرا، وفي أعين ناظريه أحسن من نار القرى، في عين ابن السرى".
1 / 12
فأقول وعلى الله اعتمادي، وبه توفيقي ورشدي وسدادي:
مقدمة في حقيقة الصحابة والتابعين عليهم رضوان الله تعالى
وأقتصر في هذا المبحث على ما ذكره فيه "فتح الباري"، سوى زيادات يسيرة من "المواهب" وشرحه للزَّرْقاني والنووي وغير ذلك، وأبدأ في تعريف الصحابي بما عرفه به البخاري.
قال البخاري في "صحيحه": الصحابي من صَحِب النبي ﷺ أو رآه من المسلمين فهو من أصحابه.
قال في "الفتح": يعني أن اسم صُحبة النبي ﷺ مستحق لمن صحبه أقل ما يُطلَق عليه اسم الصحبة لغةً، وإن كان العُرف يُخصُّ ذلك ببعض الملازمة، فالصحابي مشتق من الصحبة، جارٍ على من صحب غيرَه قليلًا كان أو كثيرًا؛ يقال: صحبه شهرًا ويومًا وساعة، وهذا يوجب في حكم اللغة إجراء هذا على من صحب النبي ﷺ ولو ساعة. وما ذكره البخاري هو الراجح، وسبقه إليه شيخُه علي بن المديني، وهو قول أحمد بن حَنْبل وجمهور المحدثين، وقال النووي: كافة المحدثين.
وذهب أكثر أصحاب الفقه والأصول إلى أنه مَنْ طالت صحبته، له ﷺ قائلين: إن عُرف الأمة هو أنهم لا يستعملون لفظ الصحبة إلا فيمن كثرت صحبته، واتصل لقاؤه، ولا يجري ذلك على مَنْ لَقِيَ المرءَ ساعة، ومشى معه خَطَوات، وسمع منه حديثًا، فوجب أن لا يجري في الاستعمال إلا على من هذا حاله.
قال النووي: ويُستدل على ترجيح مذهب المحدثين بأنهم نقلوا عن أهل اللغة أن الاسم يتناول صحبة ساعة، وأكثر أهل الحديث قد نقلوا الاستعمال في الشرع والعرف على وفق اللغة، فوجب المصير إليه.
وعُلِم من قول البخاري: "أو رآه" أنه يُطلَق على من رآه رؤيةً، ولو
1 / 13
على بعد، وهل يُشتَرط في الرائي أن يكون بحيث يميز ما رآه أو يُكتفى بمجرد حصول الرؤية؟ محل نظر، وعمل من ألَّف في الصحابة يدل على الثاني، فإنهم ذكروا مثل محمد بن أبي بكر الصديق، وإنما وُلد قبل وفاة الرسول، ﷺ بثلاثة أشهر وأيام كما ثبت في الصحيح: "إن أمه أسماء بنت عميس ولدته في حجة الوداع، قبل أن يدخلوا مكة" وذلك في أواخر ذي القعدة سنة عشر من الهجرة، ومع ذلك فأحاديث هذا الضرب مراسيل.
والخلاف الجاري بين الجمهور وبين أبي إسحاق الإسفراييني ومَنْ وافقه على رد المراسيل مطلقًا، حتى مراسيل الصحابة لا يجري في أحاديث هؤلاء؛ لأن أحاديثهم لا من قبيل مراسيل الصحابة الذين سمعوا من النبي ﷺ بل من قبيل مراسيل كبار التابعين.
وهذا مما يُلغَز به، فيقال: صحابي حديثه مرسل ولا يقبله من يقبل مراسيل الصحابة، ومنهم -يعني أهل الحديث- من بالغ فكان لا يعد في الصحابة إلا من صَحِب الصحبة العرفية، كما جاء عن عاصم الأحول قال: رأى عبد الله بن سَرْجِسَ النبيَّ ﷺ غير أنه لم تكن له صحبة. أخرجه أحمد؛ هذا مع كون عاَصم قد روى عن عبد الله بن سَرْجسَ هذا عدة أحاديث، وهي عند مسلم، وأصحاب السنن، وأكثرها من رواية عاصم عنه، ومن جملتها قوله: "إن النبي ﷺ استغفر له".
فهذا رأي عاصم: أن الصحابي من يكون صحب الصحبة العرفية؛ وكذا روي عن سعيد بن المسيِّب: أنه كان لا يعد في الصحابة إلا من أقام مع النبي ﷺ سنة فصاعدًا، أو غزا معه غزوة فصاعدًا.
والعمل على خلاف هذا القول، لأنهم اتفقوا على عَدّ جمع جَمٍّ في الصحابة، لم يجتمعوا مع النبي ﷺ إلا في حجة الوداع، ومن اشترط الصحبة العرفية أخرج مَن له رؤية، أو من اجتمع به، لكن فارقه عن قرب، كما جاء عن أنس أنه قيل له: "هل بقي من أصحاب النبي ﷺ أحد غيرك؟ قال: لا" مع أنه كان في ذلك الوقت عدد كثير ممن لقيه من
1 / 14
الأعراب، ومنهم من يشترط في ذلك أن يكون حين اجتماعه به بالغًا، وهو مردودٌ أيضًا؛ لأنه مخرج، مثل الحسن بن علي رضي الله تعالى عنهما، ونحوه من أحداث الصحابة.
وقول البخاري: من المسلمين، قَيْد يخرج به مَنْ صَحِبه أو مَنْ رآه من الكفار، فأما من أسلم منهم بعد موته فإن كان قوله "من المسلمين" حالًا، خرج مَنْ هذا صفته، وهو المعتمد.
ويَرِدُ على التعريف من صحبه أو رآه مؤمنًا به ثم ارتد بعد ذلك، ولم يعد إلى الإِسلام، فإنه ليس صحابيًا اتفاقًا، فينبغي أن يُزاد فيه: ومات على ذلك.
وقد وقع في مسند أحمد حديث ربيعة بن أمية بن خَلَفٍ الجُمَحِىّ، وهو ممن أسلم في الفتح، وشهد مع رسول الله ﷺ حجة الوداع، وحدَّث عنه بعد موته، ثم لحقه الخِذْلانُ، فلحِق في خلافة عمر بالروم، وتنصَر بسبب شيء أغضبه، وإخراج حديث مثل هذا مشكل، ولعل من أخرجه لم يقف على قصة ارتداده والله تعالى أعلم. فلو ارتد ثم عاد إلى الإِسلام لكن لم يره ثانيًا، بعد عوده؛ فالصحيح أنه معدود في الصحابة، لإطباق المحدثين على عدّ الأشعثِ بن قيس ونحوه ممن وقع له ذلك فيهم، وإخراجهم أحاديثهم في المسانيد.
وقال العراقي: إن في ذلك نظرًا كبيرًا، فإن الردة مُحبطة للعمل عند أبي حنيفة، ونص عليه الشافعي في "الأم" وإن كان الرافِعي قد حكى عنه: أنها إنما تَبطُل بشرط اتصالها بالموت، وهو المعتمد عند الشافعية؛ وحينئذ فالظاهر أنها محبطة للصحبة المتقدمة.
قلت: يعني على ما في "الأم" لا على ما للرافعي، فتأمل.
ثم قال: والجواب عن هذا أنها محبطة لثوابها، لا لعملها الذي هو الصحبة أو الرؤية، فيُعتَدُّ به في عدِّه صحابيًا، وتخريج أحاديثه في المسانيد، كما يُعتد بما فعله المسلم قبل ردته من صلاة وزكاة وصيام
1 / 15
ونحوها، فلا يعيد ذلك إذا ارتد ثم عاد إلى الإِسلام، وإن سقط ثوابه بالردة، وحينئذ فلا نظر. أما من ارتد ثم عاد إلى الإِسلام في حياته ﷺ فهو داخل في الصحبة بدخوله الثاني في الإِسلام اتفاقًا إن رآه ﵊ مرة أخرى بعد العود للإسلام، وعلى الصحيح المعتمد: إن لم يره ثانيًا، والتقييد بالرؤية المراد به عند عدم المانع كالعمى، فإن كان كابن أم مَكْتوم الأعمى فهو صحابي جزمًا، فالأحسن أن يُعبَّر باللقاء بدل الرؤية.
قال الحافظ زين الدين العراقي: قولهم: مَنْ رأى النبي- ﷺ هل المراد به: من رآه في حال نبوته، أو أعم من ذلك حتى يدخلَ من رآه قبل النبوة ومات قبل النبوة على دين الحنيفة: كزيد بن عمرو بن نُفَيْل، فقد قال النبي ﷺ: "إنه يُبعَثُ أمةً وَحْدَهُ بيني وبين عيسى بن مَريم" رواه البغوي في "الصحابة" من حديث جابر، ورواه أبو أسامة زيادة على رواية البخاري، وأخرجه البزار من طريق جابر أيضًا، والطَّيالِسِيُّ من طريق ابنه سعيد، وقد ذكره في الصحابة أبو عبد الله بن مَنْدَةَ. وكذلك لو رآه قبل النبوة، ثم غاب عنه، وعاش إلى بعد زمن البعثة، وأسلم ثم مات ولم يره، ولم أر من تعرض لذلك.
ويدل على أن المراد رآه بعد نبوته أنهم ترجموا في الصحابة لمن وُلِدَ للنبي ﷺ بعد النبوة، كإبراهيم من مارية، وعبد الله من خديجة، ولم يترجموا لمن ولد له ﷺ قبل النبوة كالقاسم.
وأما من رآه وآمن به بعد البعثة وقبل الدعوة، كوَرقَةَ بن نَوْفل، فإنه صحابي، كما جزم به ابن الصلاح.
وهل يختص جميع ذلك ببني آدم، أو يَعُمُّ غيرهم من العقلاء؟ محل نظر، أما الجِنُّ فالراجح دخولهم، لأنّ النبي ﷺ بُعِث إليهم قَطْعًا وهم مكلفون، فيهم العصاة والطائعون؛ فمن عُرف اسمه منهم لا ينبغي التردد في ذكره في الصحابة، وإن كان ابن الأَثير عاب ذلك على أبي
1 / 16
موسى، ولم يستند في ذلك إلى حجة، فليس ذلك بمعيب.
وأما الملائكة فيتوقف عندهم فيهم على ثبوت بعثته إليهم، فإنَّ فيه خلافًا بين الأصوليين، حتى نقل بعضهم الإجماع على ثبوته وعَكس بعضهم.
وهذا كله فيمن رآه وهو في قيد الحياة الدنيوية، أما من رآه بعد موته وقبل دفنه فالراجح أنه ليس بصحابي، وإلا لعد من اتفق أن يرى جسده الشريف المكرم وهو في قبره المعظم، ولو في هذه الأعصار، وكذلك من كشف له عنه من الأولياء، فرآه كذلك على طريق الكرامة، إذ حجة من أثبت الصحبة لمن رآه قبل دفنه أنه مستمر الحياة، وهذه الحياة ليست دنيوية، وإنما هي أخروية لا تتعلق بها أحكام الدنيا، فإن الشهداء أحياءٌ، ومع ذلك فإن الأحكام المتعلقة بهم بعد القتل جارية على أحكام غيرهم من الموتى، وكذلك المراد بهذه الرؤية من اتفقت له ممن تقدم شرحه وهو يقظان، أما من رآه في المنام وإن كان قد رآه حقًا فذلك مما يرجِعُ إلى الأمور المعنوية لا الأحكام الدنيوية، فلذلك لا يُعَدُّ صحابيًا، ولا يجب عليه أن يعمل بما أمر به في تلك الحالة.
طبقات الصحابة
وقد ذكر العلماء للصحابة ترتيبًا على طبقات، وقسمهم أبو عبد الله الحاكم في كتاب "علوم الحديث" إلى اثنتي عشرة طبقة.
الأولى: قوم أسلموا بمكة أول المبعث، وهم سُبّاقُ المسلمين، مثل خديجة بنت خُوَيلد والعشرة المبشرين بالجنة.
الثانية: أصحاب دار النَّدْوة، بعد إسلام عُمر بن الخطاب حمل عُمر النبي ﷺ ومن معه من المسلمين إلى دار الندوة، فأسلم لذلك جماعة من أهل مكة.
الثالثة: الذين هاجروا إلى الحبشة، كجعفر بن أبي طالب، وأبي
1 / 17
سَلَمَة بن عبد الأسد، فرارًا بدينهم من أذى المشركين، أهل مكة.
الرابعة: أصحاب العقبة الأولى، وهم سُبّاق الأنصار إلى الإِسلام وكانوا ستة، وأصحاب بيعة العقبة الأولى من العام المقبل وكانوا اثني عشر رجلًا، والستة الأُوَلُ كلهم من الخزرج، وهم أبو أُمامة أسْعد بن زُرارة، وعوفُ بن الحارث بن رِفاعة وهو ابن عَفْراء، ورافعُ بن مالك بن العَجْلان، وقُطبة بن عامر بن حديدة، وعُقبة بن عامر بن نابي، وجابر بن عبد الله بن رِئاب لا جابر بن عبد الله بن حَرام، وعد بعض أهل السير فيهم عُبادة بن الصّامتِ بدل جابر بن عبد الله بن رِئاب، وكل هؤلاء من الاثني عشر أهل بيعة العقبة الأولى إلا جابر بن رِئاب، والسبعة الباقية هم: معاذُ ابن الحارث ابن رِفاعة وهو ابن عَفْراءَ أيضًا، وذَكوانُ بن عبد القَيس الزُّرَقِي، وعبادةُ بن الصامت، وأبو عبد الرحمن يزيدُ بن ثعلبةَ البَلَوِيّ، والعباس بن عُبادة بن نَضْلة وهؤلاء من الخَزْرج أيضًا، ومن الأوس: أبو الهَيْثَم بن التيهان من بني عبد الأشهل، وَعُويم بن ساعدة.
الخامسة: أصحاب العقبة الثانية، وكانوا سبعين من الأنصار، منهم البراء بن مَعْرور، وسعدُ بن عبادة، وعبد الله بن رَوَاحة، وعبد الله بن حَرَام، وسعدُ بن الرّبيع.
السادسة: المهاجرون الذين وصلوا إلى النبي ﷺ بعد هجرته، وهو بِقباء، قبل أن يبني المسجد، وينتقل إلى المدينة المنورة.
السابعة: أهل بدر الكُبرى، قال النبي ﷺ لعمر في قصة حاطِب بن أبي بَلْتَعَة كما في "البخاري" و"مسلم": "وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللهَ اطَّلَعَ على هذه العصابةِ من أهل بدرٍ فقال: اعْمَلُوا ما شِئْتُم فَقَدْ غَفرْتُ لَكُم" وعند أحمد وأبي داود بالجزمَ، ولفظه: "إن الله اطلَع على أهلِ بدرٍ" إلخ.
قال النوويُّ: الرجاء هنا راجع إلى عُمر، لأن وقوع هذا الأمر محققٌ عند الرسول، وقد قال العلماء: الترجي في كلام الله وكلام الرسول للوقوع.
1 / 18
وقال الحافظ: فيه بشارة عظيمة لم تقع لغير أهل بدر، واتفقوا على أن هذه البشارة فيما يتعلق بأحكام الآخرة، لا فيما يتعلق بأحكام الدنيا، من إقامة الحدود وغيرها.
الفرقُ بين الترجي بلعل وعسى في كلام الله تعالى.
قلت: فرق السُّهَيْلِيُّ بين الترجي في كلام الله تعالى بـ "بلعل" و"عسى"، فقال: إن الترجي بعسى واجب الوقوع وبلعل ليس كذلك، ونصه عند الكلام على آية ﴿عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ﴾ [التوبة: ١٠٢] في توبة أبي لُبابة في غزوة بني قُرَيْظة.
فإن قيل: إن القرآن نزل بلسان العرب، وليست عسى في كلام العرب بخبر، ولا تقتضي وجوبًا، فكيف تكون واجبةً في القرآن، وليس بخارج عن كلام العرب؟ وأيضًا فإن لعل تعطي معنى الترجي، وليست من الله واجبة، فقد قال: ﴿لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ﴾ [إبراهيم: ٣٧]، فلم يشكروا وقال: ﴿لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى﴾ [طه: ٤٤]، فلم يتذكر ولم يخش، فما الفرق بين لعل وعسى حتى صارت عسى واجبة؟! قلنا: لعل تعطي الترجي، وذلك الترجي مصروف إلى الخلق، وعسى مثلها في الترجي، وتزيد عليها بالمقاربة، ولذلك قال: ﴿عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا﴾ [الإسراء: ٧٩]، ومعنى الترجي مع الخبر بالقرب، كأنه قال: قَرُبَ أن يبعثك ربك، فالترجي مصروف إلى العبد كما في لعل، والخبر عن القرب والمقاربة مصروف إلى الله تعالى، وخبره حق، ووعده حَتْمٌ، فما تضمنته من الخبر فهو الواجب، دون الترجي الذي هو محال على الله تعالى، ومصروف إلى العبد، وليس في لعل من تضمن الخبر مثل ما في عسى، فمِن ثَمَّ كانت عسى واجبةَ الوقوع إذا تكلم بها، ولم تكن لعل كذلك.
وهو كلام تُشَدُّ له الرحال، مبين عدم الإطلاق الوارد عن العلماء في كون الترجي في كلام الله تعالى للوقوع، فإنه بين اختصاص ذلك بعسى
1 / 19
دون لعل، وأظهر الفرق الواضح.
الثامنة: الذين هاجروا بين بدر والحُدَيْبيَة.
التاسعة: أهل بيعة الرضوان الذين بايعوا بالحُدَيْبيَة تحت الشجرة، قال ﷺ: "لا يدخُلُ النارَ إن شاءَ الله تعالى من أصحاب الشجرة أحدٌ". رواه مسلم من حديث أم مبشر، وفي حديث جابر عند مسلم وغيره: "لا يدخلُ النارَ من شَهِدَ بَدرًا والحُدَيْبيَةَ".
العاشرة: الذين هاجروا بعد الحُديبية، وقبل الفَتْح كخالد بن الوليد، وعمرو بن العاص، قال الحافظُ العراقي: أما التمثيل بأبي هُرَيْرة كما جاء عن بعضهم فلا يَصِحُّ، لأنه هاجر عقيب خيبر في أواخرها، وذلك كان في المحرم سنة سبع.
قلت: هذا سهو شديد فإن خيبر كانت بين الحُديبية والفتح، وهي المغانم التي وعد الله تعالى نبيه ﵊ في سورة الفتح، النازلة بعد الرجوع من الحديبية، فالتمثيل بأبي هُريرة فيمَنْ أسلم بين الحديبية والفتح صحيح.
الحادية عشرة: الذين أسلموا يوم الفتح، وهم خلق كثير، فمنهم من أسلم طائعًا، ومنهم من أسلم كرهًا، ثم حسن إسلامه.
الثانية عشرة: صبيان أدركوا الرسول ﷺ ورأوه يوم الفتح، وبعده في حجة الوداع، وغيرهما كالسائب بن يزيد.
قلت: هذا تقسيم الحاكم، والعجب منه، كيف أغفل الذين هاجروا إلى المدينة المنورة قبله ﷺ بإذنه، كمصعب بن عُمير وغيره؟ ولعل هذه الطبقة هي المراد في قول ابن الصلاح: ومنهم من زاد على اثنتي عشرة طبقة.
وقال ابن سعد: إنهم خمس طبقات: الأولى: البدريون، والثانية: من أسلم قديمًا ممن هاجر عامتهم إلى الحبشة وشهدوا أُحُدًا وما بعدها،
1 / 20
الثالثة: من شهد الخندق وما بعدها، الرابعة: مسلمة الفتح فما بعدها، الخامسة: الصبيان والأطفال ممن لم يغْزُ.
ما قيل في عدَّة الصحابة رضي الله تعالى عنهم
وأما عدة أصحابه ﵊ فمن رَامَ حصر ذلك رام أمرًا بعيدًا، ولا يعلم حقيقة ذلك إلا الله تعالى، لكثرة من أسلم من أول البعث إلى أن مات. ﵊، وتفرقهم في البلدان والبوادي، وقد روى البخاري في حديث كعب بن مالك في تخلفه عن غزوة تَبُوك: "وأصحاب رسول الله ﷺ كثير لا يجمعهم كتاب حافظ، يعني الديوان" لكن قد جاء ضبطهم في بعض مشاهده كتبوك وقد روي أنه سار عام الفتح في عشرة آلاف من المقاتلة، وإلى حنين في اثني عشر ألفًا، وإلى حجة الوداع في تسعين ألفًا، وإلى تبوك في سبعين ألفًا، وقد روي أنه قُبِضَ عن مئة ألف وأربعة وعشرين ألفًا من رجل وامرأة.
وجاء عن أبي زُرْعَةَ الرَّازي أنه قيل له: أليس يقال: إن حديث النبي ﷺ أربعة آلاف حديث؟ فقال ومن قال هذا قلقل الله أنيابه؟ هذا قول الزنادقة، قبض ﷺ عن مئة وأربعة عشر ألفًا من الصحابة ممن روى عنه وسمع منه، وفي رواية ممن رآه وسمع منه، فقيل له: هؤلاء أين كانوا؟ وأين سمعوا منه؟ فقال أهل المدينة، وأهل مكة، ومن بينهما، والأعراب، ومن شهد معه حجة الوداع، كل رآه وسمع منه بعرفة. قال محمَّد بن فَتْحون في "ذيل الاستيعاب": أجاب أبو زرعة سؤال من سأله عن الرواة خاصة فكيف بغيرهم؟
وثبت عن الثَّوْرِيِّ فيما أخرجه الخطيب بسنده الصحيح إليه، قال: من قدّم عليًّا على عثمان فقد أزرى باثني عشر ألفًا، مات النبي ﷺ وهو عنهم راض. قال النَّوَوِيُّ: وذلك بعد النبي ﷺ باثني عشر عامًا بعد أن مات، في خلافة أبي بكر في الردة والفتوح، الكثير ممن لم تضبط أسماؤهم، ثم مات في خلافة عمر في الفتوح، وفي الطاعون العام، وفي
1 / 21