The Biography of the Prophet - Ragheb Al-Sergani

راغب السرجاني d. Unknown
72

The Biography of the Prophet - Ragheb Al-Sergani

السيرة النبوية - راغب السرجاني

ژانرها

الجهر بالدعوة لعامة الناس من قريش وغيرهم حصل إعلان لقريش، وحصل إعلان لأقارب الرسول ﷺ خاصة قبل ذلك، ثم جاء بعد ذلك إعلان أوسع، الإعلان العام لأهل مكة ولغيرها، ويتضح من هذا التدرج في الدعوة التي قام بها رسول الله ﷺ. قال الله ﷿: ﴿فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ﴾ [الحجر:٩٤] أي: فاصدع يا محمد بأمر الدعوة. هناك أمران متلازمان سيبقيان معنا طوال مرحلة جهرية الدعوة: الأمر الأول: هو إعلان الدعوة للناس كافة مع خطورة هذا الأمر. الأمر الثاني: الإعراض عن المشركين، بمعنى: عدم قتال المشركين، وهذا يتضمن معنى ضمنيًا، وهو أنه سيحاول المشركون قدر استطاعتهم أن يوقفوا مد هذه الدعوة، وهذا هو ما أشار إليه ورقة بن نوفل من قبل لرسول ﷺ، وعلى الرسول ﷺ في هذه الفترة أن يتجنب الصدام مع المشركين: ﴿وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ﴾ [الحجر:٩٤]، حتى لو حدث كيد وتعذيب وقتل فأعرض عن المشركين، هذه ظروف مرحلة معينة تمر بها الدعوة في هذه الفترة من حياة رسول الله ﷺ. إذًا: الرسول ﷺ صدع بما أُمر به، فماذا حدث في مكة؟ حدث انفجار في مكة، مشاعر الغضب والاستنكار والرفض، اجتماعات وتخطيطات ومكائد ومؤامرات، قامت الدنيا ولم تقعد في مكة، إنها الحرب لا هوادة فيها. المسلمون في مكة لم يعلنوا إسلامهم باستثناء رسول الله ﷺ، ولا أحد من البشر يدافع عن رسول الله ﷺ في مكة إلا أبو طالب، ورسول الله ﷺ يقبل بدفاع أبي طالب مع كونه كافرًا، فهو رجل واقعي يقدر خطورة الموقف، لم يقل: هذا كافر ولا يجوز أن أحتمي به، ولكنه في ذات الوقت ما فرط في كلمة واحدة من الدين، ما تنازل ما بدل ما غير ﷺ، إنما كانت مساعدة غير مشروطة من أبي طالب، مساعدة دون أن يفرض رأيًا أو يخطط مستقبلًا لرسول ﷺ أو للمسلمين والإسلام. إذًا: هذا هو موقف الرسول ﷺ وموقف أبي طالب وموقف مكة بصفة عامة.

6 / 5