The Biography of the Prophet - Ragheb Al-Sergani
السيرة النبوية - راغب السرجاني
ژانرها
قصة إسلام سلمان وبحثه عن نور الهداية قبل البعثة وبعدها
لم يكن على الحق إلا النادر القليل قبل البعثة، ويوضح ذلك حديث سلمان الفارسي ﵁ كما جاء في مسند الإمام أحمد بن حنبل ﵀ وهو يحكي قصة إسلامه.
هذا الحديث يحكي فيه سلمان الفارسي ﵁ قصته مع الإيمان، وكيف أنه كان مجوسيًا يعبد النار، بل ويعمل خادمًا لها، يوقدها حتى لا تخبو، ثم لما سمع بصلاة من صلوات النصارى أعجب بها، فسأل عن أصل هذا الدين وهرب من بلده في قصة طويلة نذكرها مختصرة.
هرب من بلده أصبهان إلى بلاد الشام حيث يوجد النصارى، وهناك سأل عن أفضل أهل هذا الدين، فدله الناس على أسقف الكنيسة، فذهب إليه وعاش معه فترة، ولكنه اكتشف أنه رجل سوء، يأمرهم بالصدقة ويرغبهم فيها، فإذا جمعوا إليه منها أشياء اكتنزها لنفسه، حتى جمع من ذلك سبع قلال من الذهب والفضة.
يقول سلمان: فأبغضته بغضًا شديدًا؛ لأنه جاء من بلاد فارس من أجل هذا الرجل، ثم وجد أنه بهذا السوء، ثم مات الرجل وكشف سلمان ﵁ أمره للناس وأخرج لهم القلال، فغضب الناس على الأسقف وصلبوه وهو ميت ورجموه بالحجارة، ثم استخلفوا بعده رجلًا آخر، وكان عظيمًا تقيًا ورعًا فأحبه سلمان حبًا شديدًا وعاش إلى جواره فترة، ثم حضرت هذا الأسقف الوفاة، فقال له سلمان: قد حضرك ما ترى من أمر الله ﷿، فإلى من توصي بي، قال: أي بني! والله ما أعلم أحدًا اليوم على ما كنت عليه، لقد غير الناس وبدلوا، وتركوا أكثر ما كانوا عليه إلا رجلًا بالموصل.
يعني: من كل أهل الأرض لا يعرف إلا واحدًا صالحًا فقط في الموصل في أرض العراق، وفي كل الشام ليس هناك رجل على الحق، فذهب إليه سلمان ومكث عنده فترة وكان رجلًا طيبًا كصاحبه، ثم اقتربت وفاته، فقال له سلمان: إلى من توصي بي؟ قال: والله ما أعلم رجلًا على مثل ما كنا عليه إلا بنصيبين، وهو فلان فالحق به، فلما مات ذهب سلمان إلى نصيبين.
بقي حياة طويلة من الكفاح والبحث عن الحق ﵁ وأرضاه، ونحن نكسل عن البحث في المكتبة عن كتاب -وهو داخل البيت- من أجل معلومة معينة، انظر لـ سلمان الفارسي من بلد إلى بلد من أجل أن يعبد الله ﷿ حق العبادة.
عاش سلمان في نصيبين مع الرجل فترة، وكان رجلًا صالحًا، ثم ما لبث أن حضرته الوفاة، فقال له سلمان: إلى من توصي بي؟ قال: أي بني! والله ما أعلم أحدًا بقي على أمرنا إلا رجلًا بعمورية -تركيا حاليًا- فالحق به، يقول سلمان: فلحقت بصاحب عمورية، وكان الرجل على هدي أصحابه، فاكتسبت من التجارة حتى كان لي بقرات وغنيمة، ثم حضرت الرجل الوفاة، فقال له سلمان: إلى من توصي بي؟ فقال الرجل: أي بني! والله ما أعلم أن أحدًا قد أصبح على ما كنا عليه آمرك أن تأتيه، ولكن قد أظلك زمان نبي هو مبعوث بدين إبراهيم ﵇، يخرج بأرض العرب مهاجرًا إلى أرض بين حرتين بينهما نخل، بها علامات لا تخفى، يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة، بين كتفيه خاتم النبوة، فإن استطعت أن تلحق بتلك البلاد فافعل، قال سلمان: ثم مات الرجل.
ثم مكث سلمان ﵁ فترة في عمورية وهو يبحث عن طريقة يصل بها إلى أرض العرب، حتى مر به مجموعة من التجار، فقال لهم: تحملونني إلى أرض العرب وأعطيكم بقراتي هذه وغنيمتي، قالوا: نعم، يريد أن يضحي بكل الذي امتلكه من أجل أن يصل إلى هذا الدين، يقول: فأعطيتهم إياها وحملوني، حتى إذا قدموا به وادي القرى في شمال المدينة المنورة ظلموني، فباعوني إلى رجل من يهود عبدًا، ثم مرت الأيام وسلمان الفارسي عبد وقد كان ابنًا لأحد رؤساء القرى في بلاد فارس.
يقول سلمان: فبينما أنا عنده إذ قدم عليه ابن عم له من المدينة من بني قريظة فابتاعني منه فاحتملني إلى المدينة، فوالله ما هو إلا أن رأيتها فعرفتها بصفة صاحبي، فأقمت بها، وبعث الله رسوله فأقام بمكة ما أقام، لا أسمع له بذكر مع ما أنا فيه من شغل الرق، ثم هاجر إلى المدينة ﷺ فوالله إني لفي رأس عذق لسيدي -يعني: أعلى النخلة- أعمل فيه بعض العمل، وسيدي جالس إذا أقبل ابن عم له حتى وقف عليه فقال: قاتل الله بني قيلة -الأوس والخزرج-، والله إنهم الآن لمجتمعون بقباء على رجل قدم عليهم من مكة اليوم يزعمون أنه نبي، يقول سلمان: فلما سمعتها أخذتني العرواء -رعشة شديدة في جسده- حتى ظننت أني سأسقط على سيدي، فنزلت عن النخلة فجعلت أقول لابن عمه ذلك: ماذا تقول؟ ماذا تقول؟ فغضب سيدي فلكمني لكمة شديدة، ثم قال: ما لك ولهذا، أقبل على عملك، فقلت: لا شيء لا شيء، إنما أردت أن أستثبت عما قال.
ثم كانت له قصة إسلام لطيفة مع رسول الله ﷺ ليس الآن مجال ذكرها.
الشاهد من القصة أن بقاع النور في الأرض كا
2 / 13