141

The Biography of the Prophet - Ragheb Al-Sergani

السيرة النبوية - راغب السرجاني

ژانرها

طريقة مصعب في الدعوة إلى الله في المدينة
عاد الأنصار ومعهم الصحابي الجليل القدوة مصعب بن عمير ﵁ إلى يثرب، وبدءوا يقومون بعمل منظم في يثرب، وفي تلك السنة كانت يثرب مختلفة تمامًا عن السنوات التي قبلها، بعد أن كانت غارقة بالدم نتيجة الصراع بين الأوس والخزرج.
نزل مصعب بن عمير ﵁ في ضيافة أسعد بن زرارة الخزرجي ﵁، وأسعد لم يكن عمره آنذاك قد وصل ثلاثين عامًا، لكنه كان من أحكم الصحابة ﵃، كان أسعد يعرف كل أهل المدينة، وكانت له علاقات جيدة بمعظمهم، لكن ليس عنده علم مصعب، ومصعب عنده علم غزير، لكن لا يعرف أحدًا في المدينة.
كان أسعد ﵁ يأخذ مصعبًا ﵁ إلى كل بقعة في يثرب، ويدخل به كل بيت وملتقى وشارع، ويعرفه بكل من لقيه، وبعد أن يعرفه عليه يبتدئ مصعب بن عمير ﵁ بالتعريف بالإسلام وقراءة القرآن، وهكذا كانا، فـ مصعب بغير أسعد لن يستطيع أن يصل إلى أهل يثرب، وأسعد بغير مصعب لا يستطيع أن يقنع الناس بحلاوة الإسلام، وأسعد بهذه الطريقة كان من خير الدعاة، نعم هو لا يخطب ولا يتكلم، لكن من غيره مصعب لن يتكلم، وهذه حلاوة الدعوة، والعمل الجماعي، كلٌ يجد له دورًا يكمل به دور الآخر، وكل هذا يفيد الدعوة بلا شك.
والجميل في أسعد بن زرارة ﵁ أنه لم يكن يأخذ مصعبًا إلى الخزرج فقط، ولكنه كان يأخذه إلى الأوس أيضًا، نسي الصراعات القديمة والدم والثأر والقبلية، وعاش حياته كلها للإسلام فقط.

12 / 11