The Biography of the Prophet as Narrated in Authentic Hadiths
السيرة النبوية كما جاءت في الأحاديث الصحيحة
ناشر
مكتبة العبيكان
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٤ م
ژانرها
وحيد في حرة يثرب
لم يكن ضماد هو الوافد الوحيد الذي استمع إلى رسول الله ﷺ .. فهناك الكثير .. الكثير .. منهم من منعه الخوف من التَّفَوُّهِ فاكتفى بنظرات كلها حسرة .. وعاد بصمت إلى موطنه .. ومنهم من كشف عما يتردد في صدره لرسول الله ﷺ .. ثم عاد إلى دياره بالطريقة التي تعجبه .. لكن هناك من استمع إلى الحق حتى فرغ رسول الله ﷺ .. فلما هم أن يبوح بما في قلبه من إيمان .. ارتدت أنفاسه الحارة جمرًا .. حممًا بين أضلاعه .. عندما امتدت يد التسلط تحشو فمه بالتراب وتلجمه بالصمت .. فلم يتمكن من البوح إلا ساعة الممات .. ساعة لقاء ربه .. عندها تحول الحب شلال نور يزيح تراب الأصنام ويحطم قبضة المتسلط كان ذلك لما (قدم أبو الحيسر "أنس بن رافع" مكة، ومعه فتية من بني عبد الأشهل، وفيهم: "إياس بن معاذ"، يلتمسون الحلف من قريش على قومهم من الخزرج، سمع بهم رسول الله ﷺ، فأتاهم، فجلس إليهم، فقال ﷺ لهم: هل لكم في خير مما جئتم له؟ فقالوا له: وماذا؟ قال ﷺ:
أنا رسول الله، بعثني إلى العباد، أدعوهم إلى أن يعبدوا الله ولا يشركوا به شيئًا، وأنزل علي كتاب. ثم ذكر لهم الإِسلام، وتلا عليهم القرآن. فقال إياس بن معاذ -كان غلامًا حدثًا-: أي قوم: هذا والله خير مما جئتم به. فأخذ أبو الحيسر "أنس بن رافع" حفنة من تراب البطحاء، فضرب بها وجه إياس بن معاذ، وقال: دعنا منك، فعمري لقد جئنا لغير هذا، فصمت إياس. وقام رسول الله ﷺ، عنهم، وانصرفوا إلى المدينة، وكان وقعة (بعاث) بين الأوس والخزرج، ثم لم يلبث إياس بن معاذ أن هلك. قال محمود بن لبيد: فأخبرني من حضره من قومه عند
1 / 158