تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك".
فقد نهى عنه في آخر حياته، ثم إنه لعن - وهو في السياق - من فعله، والصلاة عندها من ذلك، وإن لم يُبْنَ مسجد، وهو معنى قولها: خشي أن يتخذ مسجدًا، فإن الصحابة لم يكونوا ليبنوا حول قبره مسجدًا، وكل موضع قصدت الصلاة فيه فقد اتخذ مسجدًا، بل كل موضع يصلى فيه يسمى مسجدًا، كما قال ﷺ: "جعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا". ولأحمد بسند جيد عن ابن مسعود ﵁ مرفوعًا: " إن من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء والذين يتخذون القبور مساجد" [رواه أبو حاتم في صحيحه] .
فيه مسائل:
الأولى: ما ذكر الرسول ﷺ فيمن بنى مسجدًا يعبد الله فيه عند قبر رجل صالح، ولو صحت نية الفاعل.
الثانية: النهي عن التماثيل، وغلظ الأمر في ذلك.
الثالثة: العبرة في مبالغته ﷺ في ذلك. كيف بيّن لهم هذا أولًا، ثم قبل موته بخمس قال ما قال، ثم لما كان في السياق لم يكتف بما تقدم.
الرابعة: نهيه عن فعله عند قبره قبل أن يوجد القبر.
الخامسة: أنه من سنن اليهود والنصارى في قبور أنبيائهم.
السادسة: لعنه إياهم على ذلك.