أما تايلور فيقول:"إن ما قابله محمد وأتباعه في كل اتجاه لم يكن إلا خرافات منفرة ووثنية منحطة ومخجلة، ومذاهب كنسية مغرورة وطقوسًا دينية منحلة وصبيانية" (١).
ثم إن القرآن قد فند كثيرا من العقائد والتقاليد اليهودية والنصرانية فكيف ينقض النموذج الذي احتذاه - على حد مزاعمهم - (٢).
مرحلة الدعوة السرية:
بدأت الدعوة الإسلامية بمكة سرية، ويحدد ابن إسحاق والواقدي هذه المرحلة بثلاث سنين (٣)، وحددها البلاذري بأربع سنين (٤).
وكان المجتمع المكي - شأن سائر الجزيرة العربية - يعتمد في تنظيمه على القبيلة، فهي الوحدة الاجتماعية والسياسية ويعتمد في تلاحمه على العصبية القبلية فهي التي تشد أبناءها إلى بعضهم. ولما كانت مكة تخضع لقبيلة واحدة هي قريش بفروعها الأربعة عشر، فقد بدت هذه الفروع (العشائر) وحدات ذات كيان خاص، لكنها متحالفة داخل الكيان العام لقريش، وكان المتوقع أن ينتشر الإسلام في العشيرة التي ينتسب إليها الرسول ثم في قريش التي ينتمي إليها أخيرًا. ولكن يلاحظ أن انتشار الإسلام لم يرتبط بالعصبية القبلية، ولا العشائرية، فلم يكن نصيبه من أفراد بني هاشم أعظم من بقية عشائر قريش، وإن كان بنو هاشم يتعاطفون معه أكثر من سواهم، لكن هذا التعاطف لم يجرهم إلى الدخول في الإسلام، بل مات كبيرهم وأقوى مناصريهم للرسول ﷺ وهو أبو طالب دون أن يدخل في الإسلام.