The Approach of Al-Qurtubi in Resolving Apparent Contradictions in Verses in His Book Al-Jami' Li-Ahkam Al-Qur'an
منهج القرطبي في دفع ما يتوهم تعارضه من الآيات في كتابه الجامع لإحكام القرآن
ژانرها
المملكة العربية السعودية
جامعة الملك سعود
كلية التربية
قسم الثقافة الإسلامية
شعبة (التفسير والحديث)
منهج القرطبي في دفع ما يُتَوهَّم تَعارضه من الآيات في كتابه: الجامع لأحكام القرآن
قدَّمَت هذه الرِّسالة استِكمالًا لِمُتَطَلبات الحصول على درجة الماجستير في الآداب في التفسير والحديث
كلية التربية - جامعة الملك سعود
أعدها الباحث: عبد الرحمن بن عبد الله بن صالح السحيم
إشراف فضيلة الدكتور: ناصر بن محمد المنيع
نوقشت هذه الرسالة وتم إجازتها يوم السبت ٢٥/ ٤/ ١٤٢٨ هـ
أعضاء لجنة المناقشة:
١ - د ناصر بن محمد المنيع مقررًا
٢ - د صالح بن ناصر الناصر عضوًا
٣ - د. عادل بن علي الشدي عضوًا
العام الدراسي ١٤٢٧ - ١٤٢٨ هـ
1 / 1
المقدمة
(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ) [الأنعام: ١] و(تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا) [الفرقان: ١]، والصلاة والسلام على مَنْ بَعَثَه رَبُّه هَادِيا ومُبَشِّرًا ونَذِيرًا. أزَال بِه كُلّ غُمَّة، وكَشَف بِه كُلّ مُدْلَهِمَّة، وأبَان بِه وَجْه صُبْح الْحَقّ أبْيَض نَيِّرا؛ حَتى تَرَك أمَّتَه على الْمَحَجَّة البَيْضَاء، لَيْلُهَا كَنَهَارِها، لا يَزِيغُ عَنها إلَّا هالِك.
أمَّا بعد:
فإنَّ العِلْم يَشْرُف بِشَرَف مُتَعَلِّقِه، وإنَّ أفْضَل العُلُوم مَا تَعَلَّق بِكِتَاب رَبِّ العَالَمِين، كيف لا؟ وكِتَاب الله فِيه نَبأ مَا قَبْلَنا، وخَبَر مَا بَعْدَنا، وحُكْم مَا بَيْننا، هو الفَصْل ولَيس بالْهَزْل، وهو حَبْل الله الْمَتِين، والذِّكْر الْحَكِيم، والصِّرَاط الْمُسْتَقِيم.
وَلَمَّا كَان "كِتَاب الله هو الكَفِيل بِجَمْع عُلُوم الشَّرْع الذي اسْتَقَل بِه السُّنَّة والفَرْض، وَنَزَل بِه أمِين السَّمَاء إلى أمِين الأرْض، رَأيْتُ أن أشْتَغِل بِه مَدَى عُمُرِي، وأسْتَفْرِغ فِيه مُنَّتِي" (^١).
فَقَد اسْتَخَرْتُ الله ﵎ أن أُقدِّم شَيئًا لَه تَعَلُّق بِكِتَاب الله وتَفْسِيرِه، ولَمَّا كان تَفْسير أبي عبد الله القرطبي الْمُسَمَّى "الْجَامِع لأحْكَام القُرآن والْمُبِين لِمَا تَضَمَّن مِنْ السُّنَّة وآي الفُرْقَان" (^٢)، مِنْ التَّفَاسِير الْمُعْتَمَدَة الْمَشْهُورَة لَدَى أهْل العِلْم، مَع سَعَة العِبَارَة، وتَنَوُّع الْمَعَارِف فيه، وعَدَم اقْتِصَارِه على آيات الأحْكَام -وإن كان أوْلَاهَا عِنَايَة خَاصَّة- فهو سِفْر جَلِيل، وكِتَاب نَفيس؛ وكَان ذَلك السِّفْر مِنْ أجَلّ كُتُب التَّفْسِير، رَأيتُ أن أدْرُس جَانِبًا مِنْ جَوَانِب ذلك الكِتَاب، أذبّ مِنْ خِلالِه عن كِتَابِ رَبّ العَالَمِين، وأُبِين للقَارِئ الكَرِيم عِنايَة القرطبي بِهذا الشأن، وهو دَفْعُ وَهُّم التَّعارُض.
_________
(^١) من كلام القرطبي في مقدمة تفسيره المسمى "الجامع لأحكام القرآن" (١/ ٢٩) ومعنى "مُنَتِي" قوتي. "والمنة بِالضَّم: القُوة" لسان العرب، ابن منظور (١٣/ ٤١٥).
(^٢) ذَكَره بهذا الاسم: القرطبي في المقدمة، وفي "كشف الظنون"، حاجي خليفة (١/ ٥٣٤): جامع أحكام القرآن والْمُبِين لِمَا تَضَمَّن مِنْ السُّنَّة وآي الفُرْقَان.
1 / 2
وقَدَّمْتُ لِهذا البَحْث بِمُقَدِّمَة، وتتضمن هذه الْمُقَدِّمَة:
أهَمِّيَّة البَحْث، وأسْبَاب اخْتِيَارِه، والدِّرَاسَات السَّابِقَة، وأهداف البحث، وأسئلة البحث، وإجراءات البحث ومنْهَج البَاحِث.
أهمية البحث:
١ - تَعَلُّق هَذا البَحْث والْمَوضُوع بِأجَلِّ العُلُوم وأشْرَفِها، وهو كِتَاب الله تَعَالى.
٢ - الانْتِصَار لِدِين الله ﷿ الدِّين الْحَقّ - في زَمَان كَثُر فِيه التَّآمُر على هذا الدِّين العَظِيم، ومِن ذلك مَا يُزْعَم - قَديمًا وحَدِيثًا - مِنْ وُجُود تَعَارُض وتَنَاقُض بَيْن آيَات الكِتَاب العَزِيز.
ولا يَخْفَى أنَّ إزَالَة مَا يَعْلَق بالأذْهَان مِنْ شُبُهَات هو مِنْ تَثْبِيت دين الإسْلام.
٣ - كَون هذا الْمَوْضُوع لَم يُفْرَد بِبَحْث مُسْتَقِلّ - فيمَا أعْلَم -، رَغْم أهَمِّيَّة تفسير القرطبي "الْجَامِع لأحْكَام القرآن" لَدى العُلَمَاء قَدِيمًا وحَدِيثًا، ورَغْبة في إبْرَاز هذا الْجَانِب للإفَادَة مِنه في دَفْع تَوَهُّم التَّعَارُض.
٤ - مَا تَضَمَّنَه تَفْسِير القُرْطبي "الْجَامِع لأحْكَام القرآن" مِنْ إجَابَات عن إشْكَالات، ومِن جَمْع بَيْن الآيَات التي ظَاهِرُها التَّعَارُض، أو التي يَبْدو أنَّ فِيها تَعَارُضًا.
٥ - أنَّ تَفْسير "الْجَامِع لأحْكَام القرآن" قد يُظَنّ أنه مِنْ تَفَاسِير الأحْكَام فَحَسْب وقد لا يَرْجِع إليه البَاحِث في إزَالَة إشْكَال، أوْ طَلَب وَجْه جَمْع بَيْن الآيَات، في حِين أنه اشْتَمَل على عُلُوم مُخْتَلِفَة مُتَنَوِّعَة، بَلْ هو مِنْ التَّفَاسِير الْمَوْسُوعِيَّة.
و"يَظْهر أنَّ تَفْسِيره - رحمه الله تَعالى - ليس تَفْسِيرًا لآيَات الأحْكَام فَحَسْب، وإنَّمَا لِجَمِيع آيَات القُرْآن، وإن كان أوْلَى آيَات الأحْكَام تَفْصِيلًا كاد يُغْنِي عن كُتُب الفِقْه الْمُقَارَن، لِمَا فيه مِنْ عَرْض للآرَاء الفِقْهِيَّة وسَوْق الأدِلَّة" (^١).
٦ - أنَّ الله تَكَفَّل بِحِفْظ كِتَابِه، وتَكْذِيب أعْدَائه، ومن ذلك فَضْح مَنْ زَعَم أنَّ القرآن فِيه تَعَارُض أوْ تَنَاقُض.
_________
(^١) منهج المدرسة الأندلسية في التفسير: صفاته وخصائصه، فهد الرومي (ص ١٣، ١٤).
1 / 3
ومِن حِفْظِ الله لِكِتَابِه أنْ تَكَفَّل سُبْحَانه بِرَدِّ كُلّ فِرْيَة، ودَحْضِ كُلّ شُبْهَة؛ بِحُجَجٍ عقلية، وبَرَاهِين قطعية - يَحْسُن بِطَالِب العِلْم أن يَتَزَوّد مِنها لِتَكُون عَوْنا له - بعد الله في مَوَاجَهَة الشُّبُهَات التي يَقْذِف بها خُصُوم الإسْلام وأعْدَاؤه.
قال ﷾: (وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا) [الفرقان: ٣٣].
ومِن ذلك الْحِفْظ أن قَيَّض الله لِهَذا الدِّين أئمَّة أعْلاها يَنْفُون عنه تَحْرِيف الغَالِين، وانْتِحَال الْمُبْطِلين، وتَأوِيل الْجَاهِلِين.
أسباب اختيار المَوضُوع:
١ - أهَمِّيَّة هَذا الفَنّ، وضَرُورَة دِرَاسَته وتَعَلُّمَه. قال النَّووي: هَذا فَنّ مِنْ أهم الأنْوَاع، ويُضْطَرّ إلى مَعْرِفَتِه جَمِيع العُلَمَاء مِنْ الطَّوائف (^١).
وقال ابن تيمية: تَعَارُض دَلالات الأقْوَال وتَرْجِيح بَعْضها على بَعْض بَحْرٌ خِضَم (^٢).
٢ - أهَمِّيَّة دِرَاسَة هَذا الْجَانِب نَظَرًا لاسْتِغْلالِه مِنْ بَعْض أعْدَاء الْمِلَّة للتَّشْكِيك في صدق القُرْآن، وأنه ليس من عند الله.
٣ - تَجْلِيَة هَذا الْجَانِب، وإبْرَاز أنَّ بَعْض مَا يُعْتَبَر تَنَاقُضًا أوْ تَعَارُضًا إنَّمَا هو من مَحَاسِن التَّعْبِير القُرْآني.
٤ - الذَّبّ عن دِين الإسْلام.
فإنَّ الذَّب عن دِين الله ﷿ إمَّا أن يَكُون بِجِلاد أوْ بِجِدَال.
فَـ "أمَّا الْمُعَارِضُون الْمُدَّعُون للحَقّ فَنَوْعَان:
نَوْع يُدْعَون بِالْمُجَادَلة بِالتي هي أحْسَن، فإن اسْتَجَابُوا، وإلَّا فَالْمُجَالَدَة؛ فهؤلاء لا بُدّ لَهم مِنْ جِدَال أوْ جِلاد، ومَن تأمَّل دَعْوة القُرْآن وَجَدَها شَامِلَة لِهَؤلاء الأقْسَام،
_________
(^١) قاله النووي فيما يتعلق بـ (مُخْتَلَف الْحَدِيث). انظر: تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي (٢/ ١٧٥)، والْجَامِع بيْن الْفَنين: دَفْع تَوَهُّم التَّعَارُض في نُصُوص الوَحْيَيْن.
(^٢) رفع الملام عن الأئمة الأعلام، ابن تيمية (ص ٣٩).
1 / 4
مُتَنَاوِلَة لَها كُلّها، كَمَا قَال تَعالى: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) [النحل: ١٢٥].
فَهَؤلاء الْمَدْعُوُّون بِالكَلام، وأمَّا أهْل الْجِلاد فَهم الذِين أمَرَ الله بِقِتَالِهم حتى لا تَكُون فِتْنَة، ويَكُون الدِّين كُلّه لله" (^١).
٦ - زِيَادَة ثِقَة الْمُسْلِمِين بِكِتَاب رَبّ العَالَمِين، خَاصَّة في هذا الوَقْت، الذي كَثُرَت فِيه وَسَائل الاتِّصَال، وأصْبَح الطَّعْن والتَّشْكِيك في الإسْلام والقُرْآن عَلانِيَة، سَوَاء مِنْ قِبَل أعْدَائه، أوْ مِنْ قِبَل بعض أدْعِيَائه! مِمَّا يُؤكَّد ضَرُورَة بَيَان تَهَافُت دَعَاوَى تَنَاقُض القُرْآن، وإزَالَة مَا يَعْلَق بِالذِّهْن مِنْ تَعَارُض مُتَوَهَّم.
وبَيَان أنَّ طَرِيقَة أهْل العِلْم في الْجَمْع بَيْن الآيَات هي أحْسَن الطُّرُق، بَلْ هِي الشَّافِيَة الكَافِيَة.
٧ - رَغْبَتِي في خِدْمَة كِتَاب الله وتَفْسِيرِه، فإنَّ مِنْ خِدْمَتِه الذَّبّ والْمُنَافَحَة عنه، وإحْقَاق الْحَقّ، وإبْطَال البَاطِل الذِي أُلصِق بِكِتَاب الله ﷿.
ورَغْبَتِي في الانْتِظَام في سِلْك أهْل العِلْم الذِين يَنْفُون عن كِتَاب الله وسُنَّة نَبِيِّه ﷺ تَحْرِيف الغَالِين، وانْتِحَال الْمُبْطِلين، وتَأوِيل الْجَاهِلِين، فَقَد وَرَدَ في الْحَدِيث: "يَحْمِل هذا العِلْم مِنْ كُلّ خَلَفٍ عُدُولُه؛ يَنْفُون عنه تَحْرِيف الغَالِين، وانْتِحَال الْمُبْطِلِين، وتَأوِيل الْجَاهِلِين" (^٢).
_________
(^١) من كلام ابن القيم في "مفتاح دار السعادة" (١/ ٥١٧).
(^٢) رواه الطبراني في مسند الشاميين (ح ٥٩٩) من حديث أبي هريرة، ورواه الخطيب البغدادي في شرف أصحاب الحديث (ص ١١) من حديث معاذ.
ورواه ابن عبد البر في التمهيد (١/ ٥٩) من حديث عبد الله بن عمرو وأبي هريرة.
ورواه ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (٢/ ١٧)، وابن حبان في "الثقات" (١٦٠٧)، وابن عبد البر في التمهيد (١/ ٥٩)، والبيهقي في الكبرى (ح ٢٠٧٠٠) عن إبراهيم بن عبد الرحمن العذري، وقال ابن حبان في "الثقات" (١٦٠٧) عن العذري هذا: يَرْوى المراسيل. وقال الذهبي في "الميزان" (١/ ١٦٧): تابعي مُقِلَ، ما علمته واهيًا، أرْسَل حديث "يَحْمِل هذا العِلْم ....
وقد أشار الحافظ بن حجر إلى تخريجه في "الإصابة" (١/ ٢٢٥)، وفي لسان الميزان (١/ ١٧٥) في ترجمة إبراهيم بن عبد الرحمن العذري. وقال فيه: وقال مهنأ: قلت لأحمد: حديث معان بن رفاعة كأنه كلام موضوع قال: لا، بل هو صحيح. ويُنظر تخريجه في "مفتاح دار السعادة"، ابن القيم (١/ ٤٩٧ - ٥٠٠)، وتعليقات مُحقق الكتاب - علي بن حسن الحلبي - عليه.
1 / 5
٨ - أنَّ الإمَام القُرْطُبي رَغْم خِدْمَتِهِ للعِلْم إلَّا أنَّ تَفْسِيره لَم يُخدَم - فِيمَا أعْلَم - مِنْ هَذا الْجَانب، وهو جَمْع وإبْرَاز الْمَوَاضِع التي جَمَع فِيها بَيْن الآيَات التي يُتَوَهَّم فِيها التَّعَارُض.
الدراسات السابقة
حَظِي تفسير القرطبي بِدِرَاسَات كَثِيرَة، وسوف أقْتَصِر على ذِكْر أرْبَعة أنْواع مِنها، وهي على النحو التالي:
دِرَاسَات عقائدية، وفيها:
مَنْهَج الإمام القرطبي في أُصُول الدِّين - البَاحِث: أحمد بن عثمان بن أحمد المزيد - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
ردود القرطبي على الشيعة، تأليف: مشهور بن حسن بن سلمان. مطبوع.
القرطبي والتصوف، تأليف: مشهور بن حسن بن سلمان. مطبوع.
دِرَاسَات منهجية، وفيها:
القرطبي ومنهجه في التفسير - الباحث: يوسف بن عبد الرحمن الفرت - جامعة القاهرة.
القرطبي مُفسِّرا - الباحث: علي بن سليمان العبيد - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
تفسير القرطبي: تحقيق ودراسة في المصادر التفسيرية - الباحث: رشاد أحمد يوسف - جامعة القاهرة.
القرطبي ومنهجه في التفسير - الباحث: مفتاح السنوسي أحمد بلعم.
1 / 6
دِرَاسَات فِقْهِيَّة، وفيها:
كشاف تحليلي للمسائل الفقهية في تفسير القرطبي، تأليف: مشهور بن حسن بن سلمان، وجَمَال عبد الطيف. مطبوع.
دِرَاسَات لُغَوَية، وفيها:
القرطبي نحويًا من خلال تفسيره الجامع لأحكام القرآن - الباحثة: فاطنة لمحرش - جامعة محمد الأول.
أبو عبد الله القرطبي وجهوده في اللغة في كتابه الجامع لأحكام القرآن - الباحث: عبد القادر رحيم الهيتي.
الإعراب والاحتجاج للقراءات في تفسير القرطبي - الباحث: سيدي عبد القادر بن محمد الطفيل - كلية الدعوة - ليبيا.
المعنى والإعراب في تفسير القرطبي - الباحث: محمد سعد محمد السيد.
القضايا النحوية في تفسير القرطبي - الباحث: كاظم إبراهيم كاظم.
أهداف البحث:
١ - درء التعارض، وإزالة توهّم الاختلاف، ودحض دعاوى التناقض بين آيات الكتاب العزيز.
٢ - إبراز جهود العلماء السابقين واللاحقين في دراسة تلك الجوانب، وما أولوها من عناية بالغة.
٣ - دراسة الطرق والأساليب التي اتّبعها القرطبي في الجمع بين الآيات التي ظاهرها التعارض.
٤ - التأكيد على أن الله تكفّل بِحفظ كتابه، ودرء التعارض المُتَوهَّم في القرآن.
٥ - زيادة ثقة المسلمين بِكتاب رب العالمين، وترسيخ الإيمان بالقرآن.
1 / 7
أسئلة البحث:
١ - ما هو التعارض؟ وما حقيقته؟ وما هي أسباب التعارض؟
٢ - بيان حقيقة التَّعَارُض الْمُتَوهَّم في القرآن؟
٣ - كيف جَمَع القرطبي بين الآيات التي يُتوهَّم فيها التعارُض؟
٤ - ما هي الطّرق التي يتبعها القرطبي للجمع بين الآيات؟
٥ - هل أفاد القرطبي ممن سبقوه، وهل أفاد منه من أتى بعده؟
٦ - ما هي خلاصة الجمع بين الآيات؟
إجراءات البحث:
أ- دراسة كاب "الجامع لأحكام القرآن" للإمام القرطبي، واستخلاص منهجه في الجمع بين الآيات التي تُوهّم التَّعارض.
ويتضمّن ذلك ما يلي:
دراسة حقيقة التعارض، وهل هو تَوهّم وارد فِعلًا؟ أو هو تَوهّم ناشئ عن تَوهّم؟ أو هو نتيجة مُقَرر سابق؟ وهل هذا التوهّم متأثّر بِمُعْتَقَد الْمُفَسِّر؟
ب- إجراء مُقارنة في بعض المواطن بين أسلوب القرطبي وغيره من المفسِّرين ممن سَبقوه أو ممن أتوا بعده فتأثّروا بطريقته، ويُقتصَر في الدراسة على خمسة أمثلة في كل مبحث.
ويُبرِز الباحث في الأمثلة التي يدرسها ما يلي:
جواب القرطبي باختصار.
مُقارنة جوابه وجَمْعه بجَمْع غيره من العلماء.
رأي الباحث.
منْهَج الباحث:
أولًا: جَعَلتُ البحث في ثلاثة فُصُول هي على النحو التالي:
1 / 8
الفصل الأول:
في طُرق دفع توهّم التعارض بين الآيات، وفيه أربعة مباحث:
المبحث الأول: من خلال النَّسْخ.
المبحث الثاني: فيما يتعلّق بالخصوص والعموم.
المبحث الثالث: مِنْ خلال القول بالتقديم والتأخير.
المبحث الرابع: فيما يتعلّق باختلاف المناسبة.
وقد تَضَمَّن هذا الفَصْل عشرين مِثَالًا في كُلّ مَبْحَث خَمْسَة أمْثِلَة.
والفصل الثاني:
في منهج الإمام القرطبي في دفع التعارض، وفيه أربعة مباحث:
المبحث الأول: الجمع بين الآيات بالاستدلال بالأحاديث المرفوعة.
المبحث الثاني: الجمع بين الآيات من خلال إيراد أقوال السلف.
المبحث الثالث: الاحتكام إلى اللغة العربية وقواعدها لِدفع التعارض المتوهّم.
المبحث الرابع: منهجه في إيراد الآية وما يُتوهّم تعارضه معها، وفيه مطلبان:
المطلب الأول: الجمع بين الآيات بإيراد الآية وما يُعَارِضُها في الظاهر.
المطلب الثاني: الجمع بين الآيات والاكتفاء بالإشارة إلى معنى الآية المقابِلة.
وقد تَضَمَّن هذا الفَصْل تِسْعَة عَشَر مِثَالًا.
والفصل الثالث:
في عناية الإمام القرطبي بِالْجَمْع بين الآيات وفيه ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: إفادة القرطبي ممن سَبقوه، وإفادته لمن أتوا بعده، وموافقة غيره له.
المبحث الثاني: الفَرْق بين كشف معنى الآية بإكثار الأقوال والعناية بِدفع توهّم التعارض، ومظانّ الجمع بين الآيات.
المبحث الثالث: أثر عقيدة القرطبي في توهّم التعارض.
1 / 9
وقَدَّمْتُ بِتَمْهِيد تَضَمَّنَ:
- ترجمة الإمام القرطبي، وبيان عقيدته باختصار.
- أهمية تفسير القرطبي بين التفاسير، وما تميّز به.
- معنى التعارض، وحقيقته، وأهمية دفعه.
وخَتَمْت البحث بِخاتِمَة وفيها أبْرَز النَّتَائج وأهَمّ التَّوْصِيَات.
ثم أعْقَبْتُ ذلك بالفهارس العامة للبحث.
وطَرِيقَتِي في أمْثِلَة هَذا البَحْث أن أُورِد في الْمِثَال مَا يُتَوهَّم تَعَارُضه مِنْ آيات - مِنْ غير حَصْرٍ للآيَات في المثال الواحِد -، فقد يَتَكرَّر وُرُود الآيات في أكْثَر مِنْ مَوْضِع، فأُورِد مَوْضِعًا أو مَوْضِعَين، إذْ بِهما يَتَحقَّق الْمَقْصُود.
ثم أُوَضِّح صُورَة التَّعَارُض، وأُعْقِبه بجَمْع القرطبي بَيْن الآيَات وطَرِيقتِه في دَفْع تَوَهُّم التَّعَارُض، ثم أُلَخَّص جَوَاب القرطبي في نُقَاط مُحَدَّدَة مُخْتَصَرَة.
وأُجْرِي مُقارَنَة بَيْن جَمْعِه وجَمْع غيره مِنْ العُلَمَاء، وحَرَصْتُ على أن تَكُون تِلك الْمُقَارَنَة بَيْن مَنْ سَبَقُوه وبَيْن مَنْ أتَوا بَعْدَه.
وأخْتِم كُلّ مِثَال بِـ "رَأي البَاحِث"، أُوَضِّح فيه مَا تَبَيَّن لي مِنْ خِلالِ مُعَايَشَة أقْوَال الْمُفَسِّرِين، مع ما يَعِنّ مِنْ رَأي مُدَعَّم بِدَلِيل نَقْليّ أو عَقْلِيّ.
وعندما أذْكُر أسْمَاء الأئمَّة الأعْلام فإني أذْكُرَها مُجَرَّدَة عن الأوْصَاف، مُتَّبِعًا مَنْهَجًا عِلْمِيًّا صِرْفًا، وليس لِحَاجَة في النَّفْس! ثم إن أكابر أتْبَاع الأَئمة أصْحَاب الْمَذَاهِب الْمَتْبُوعَة يَذْكُرُون أسْمَاء الأئمة مُجَرَّدَة عن كُلّ وَصْف (^١).
_________
(^١) انظر: "الاستذكار"، ابن عبد البر (١/ ١٣، ١٦، ٢١) ومواضع أُخرى كثيرة، و"الجامع لأحكام القرآن"، مرجع سابق (١/ ١٠، ٨٨ ومواضع أُخرى)، و"المغني" ابن قدامة (١/ ٢٣، ٢٥، ٢٨ ومواضع أُخرى كثيرة).
1 / 10
كَمَا أني لم أُتَرْجِم للأعلام أثْنَاء بَحْثِي، واعْتَضْتُ عن ذلك بفوائد ومُلَح لُغَويَّة وحديثية رأيت أنها تُفيد القارئ أكثر مِنْ مُجرّد ترجمة في سطر أو سطرين.
وفي التَّخْرِيج لَم ألْتَزِم اسْتِيعَاب التَّخْرِيج؛ لأنه ليس مَقْصدًا أصلِيًّا في البَحْث، واكْتَفَيت بالعَزو بِرَقْم الْحَدِيث، خاصَّة مع توفَّر طَبَعَات الكُتُب وتَرْقِيمها، وهو أسْهَل في الرُّجوع إلى رقم الْحَدِيث.
وأذكُر خُلاصَة الْحُكْم على الْحَدِيث مُسْتَفِيدًا مِنْ تَخْرِيجات أصْحَاب الشَّأن.
وأسْتَثْنِي مِنْ ذلك مَا إذا كان الْحَدِيث مُخَرَّجًا في الصَّحِيحَين أو في أحَدِهما، فإنَّ شُهْرَة الصَّحِيح أغْنَت عن الْحُكْم على الْحَدِيث.
كَمَا أني لَم الْتَزِم عَزْو كُلّ قَوْل إلى قَائِله، خَاصَّة في أقْوَال أئمة مُفَسِّرِي السَّلَف مِنْ الصحابة والتابعين؛ لأنَّ مِنْ شأن ذلك إطالة البَحْث وإتْخَامه بِالْحَوَاشِي.
واسْتَثْنَيتُ مِنْ ذلك مَا دَعَت الْحَاجَة إلى تَخْرِيجه وعَزْوِه؛ كأن يَكون القَوْل لا يَصِح عن ذلك الإمَام، أو وُجِد اخْتِلاف في الْمَنْقُول عنه، ونحو ذلك.
ومِثْلُه مَا يَتَعَلَّق بأقْوَال الْمُفَسِّرِين في كُتُبهم؛ فإني لا أعْزُوها في الغَالِب إلى مَوَاضِع الكُتُب، إلَّا ما دَعَتِ الْحَاجَة إليه؛ فإذا نَقَل الْمُتَأخِّر عن الْمُتَقَدِّم قَولًا فإني أتْرك عَزوه قَصْدًا، إلَّا بِقَدْر الْحَاجَة؛ لِوُجُود اخْتِلاف ونحوه.
وقد أَطَلْتُ في إيرَاد أقْوَال بعْض الْمُفَسِّرِين، وعُذْرِي في ذلك أنهم أطَالُوا في الأصْل فقد يَكُون الْمُفَسِّر قَرَّر مسألةً مَا في عَشْر صَفَحَات، فإذا اخْتَصَرْتُ ذلك في صَفْحَة واحِدة، فإني أرَى أني اخْتَصَرْت، وعُذْر آخَر، وهو أنه لا يَسْتَبِين وَجْه وقُوَّة جَوَاب العَالم إذا مَا اخْتَصَرْتُه جدًّا.
هذا ولَم أسْتَوْعِب جَمِيع الْمَواضِع التي دَفَع عنها القرطبي تَوَهُّم التَّعَارُض؛ لِكَون هذا البَحْث ليس اسْتِقْرَائيًّا، وقد رَأت لجْنَة مَسَار التفسير الاكْتِفاء بِخَمْسَة أمثِلة في كل مَبْحَث، والْتَزَمْتُ ذلك في الْغَالِب إلَّا مَا رَأيتُ أنَّ مَا سَبَقَه مِنْ مَبَاحِث خَدَم ذلك الْمَبْحَث، فَزِيَادَة الأمْثِلَة إطَالَة وتِكْرَار.
1 / 11
وأتقَدَّم بِجزِيل شُكْرِي إلى أستاذي الفاضل وشيخي الكَرِيم د. ناصر بن محمد المنِيع - حفظه الله - فهو الْمُشْرِف على هذا البَحْث، وقد أسْعَدَني بِحِرْصِه الذي كان دَفِعًا لإنْهَاء هَذا البَحْث، كَمَا أتحَفَني بِملْحُوظَاته، وأفادَنِي بِتَوْجِيهَاتِه.
فَشَكَرَ الله سَعْيَه، ويَسَّر له أمْرَه، وجَزَاه عَنِّي خَيْر الْجَزَاء وأوْفَاه وأَوْفَرَه.
كَمَا أتقَدَّم بِالشُّكْر لِكُلّ مَنْ أفادني بِفَائدَة، وأخُصّ أسَاتِذَتِي في هَذِه الدِّرَاسَة العُلْيَا وكُلّ مَنْ وَجَّه وأقَام الاعْوِجَاج.
وأعْتَذِر عن كُل تَقصِير يَرَاه قارئ هذا البَحْث؛ إذ "لو عُورِض كِتَاب سَبْعِين مَرَّة لَوُجِد فيه خَطأ، أبَى الله أن يَكُون كِتَاب صَحِيحًا غَير كِتَابِه" (^١).
وعُذْري كَثْرَة الشَّواغِل والصَّوَارِف، مَع قِصَر البَاع، وتَحْدِيد زَمَن البَحْث.
"فَمَنْ وَقَف على هذا الكِتاب مِنْ أهْل العِلْم، ورَأى فِيه شيئًا مِنْ الْخَلل فلا يَعْجَل بِالْمُؤَاخَذَة! فأني تَوَخَّيْتُ فيه الصِّحَّة حَسْب مَا ظَهَر لي، مع أنه كَمَا يُقَال: أبَى الله أن يَصِحّ إلَّا كِتَابه. لكن هذا جُهْد الْمُقِلّ، وبَذْل الاسْتِطَاعَة، ولا يُكَلِّف الله نَفْسًا إلَّا وُسْعَها، ولا يُكَلِّف الإنْسَان مَا لا تَصِل قُدْرَته إليه، وفُوْق كُلّ ذِي عِلْم عَليم" (^٢).
كَمَا أنَّ النَّاظِر في الكِتَاب أبْصَر بمواقِع الْخَلل، فقد راجَعْتُ هذا البحث أكثر مِنْ أربع مرّات، وفي كُلّ مرة يَظهر مِنْ الْخَطَأ ما لَم يَظهر في السابق، وهذا هو شأن أي عَمل بشري أنه لا يَخلو من نَقص وخَلل.
قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: عَارَضْتُ بِكِتَابٍ لأَبِي ثلاث عشرة مَرَّة، فَلَمَّا كان في الرَّابِعَة (^٣) خَرَج فيه خطأ! فَوَضَعَه مِنْ يَدِه، ثم قال: قد أَنْكَرْتُ أن يَصِحّ غَير كِتَاب الله ﷿ (^٤). والله الْهَادي إلى سَوَاء السَّبِيل.
كتبه/ عبد الرحمن بن عبد الله بن صالح السحيم.
_________
(^١) قاله: إسماعيل بن يحيى المزني. (موضح أوهام الجمع والتفريق، الخطيب البغدادي ١/ ١٤).
(^٢) مُقْتَبَس مِنْ: مرآة الجنان، اليافعي (٤/ ١٩٦).
(^٣) أي: الرابعة عشرة.
(^٤) موضح أوهام الجمع والتفريق، مرجع سابق (١/ ١٤).
1 / 12
التمهيد
ويَتضَمَّن هذا التَّمْهيد:
- تَرْجَمَة الإمَام القرطبي، وبَيَان عَقِيدَتِه بِاخْتِصَار.
- أهَمِيَّة تَفْسِير القُرْطُبي بَيْنَ التَّفَاسِير، ومَا تَمَيّز به.
- مَعْنَى التَّعَارُض، وحَقِيقَته، وأهَمِّيَّة دَفْعِه.
أولًا: تَرْجَمَة الإمام القرطبي، وبَيَان عَقِيدَتِه بِاخْتِصَار.
تَتَلَخَّص تَرْجَمَة القرطبي في النُّقَاط الآتِيَة بِاخْتِصَار:
اسمه: محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فَرْح (^١).
نَسَبه: الأنْصارِي الْخَزْرَجِي.
نسبته: الْمَالِكِيّ (^٢) القُرْطُبي.
كنيته: أبو عبد الله (^٣).
مولده ونشأته: وُلِد القرطبي بِقُرْطُبة، ونُسِب إليها، بل أصْبح أشْهَر عَلَمٍ مِنْ أعلامِها (^٤).
_________
(^١) وقع عند السيوطي في "طبقات المفسرين" (ص ٩٢): محمد بن أحمد بن أبي فَرْح. فلعل فيه سَقْط.
(^٢) نِسْبة للمذْهَب.
(^٣) يُنْظَر لمَا تَقَدَّم: الوافي بالوفيات، الصفدي (٢/ ٨٧)، و"طبقات المفسِّرين"، الداودي (ص ٢٤٦)، و"طبقات المفسرين"، السيوطي (ص ٩٢).
(^٤) الإمام القرطبي شيخ أئمة التفسير، مشهور حسن (ص ١٤).
1 / 13
رحلاته: تَلَقَّى القرطبي في قرطبة "ثَقَافَة وَاسِعَة مِنْ الفِقْه والنَّحْو والقِرَاآت وغَيْرِها على جَمَاعة مِنْ العُلَمَاء الْمَشْهُورِين" (^١).
ثم انْتَقَل القرطبي إلى مِصْر، "واسْتَقَرّ بِها، وأخَذ عن عُلَمَائها، يُؤكِّد هذا أنه أَخَذ في "الإسْكَندرية" عن شيخه أبي محمد عبد المعطي اللخمي (المتوفَّى سنة ٦٣٨) " (^٢).
وقد رَحَل إلى الْمُدُن المصرية التالية:
الإسكندرية.
المنصورة.
القاهرة.
منية بني خصيب: وهي تلك المدينة التي اسْتَقَرّ بها الإمام القرطبي، ومات بها" (^٣).
ونَزَل القرطبي مرّة "الفَيُّوم" بِرِفْقَة القَرافي" (^٤).
مشايخه:
أ- مِنْ أبُرَزِهم في الأنْدَلس:
١ - ابن أبي حجة، وهو أبو جعفر أحمد بن محمد بن القيسي. من أهل قرطبة (^٥).
"وقد اسْتَفَاد إمامُنا مِنْ شَيْخِه هذا كثيرًا، لا سِيما إذا عَلِمْنا أنَّ ابن أبي حجة كان نَحويًا ومُحدِّثًا وفَقِيها، بالإضَافَة إلى كَونه مُقْرِئا (^٦).
٢ - أبو سليمان ربيع بن عبد الرحمن بن أحمد بن أُبيّ الأشعري. وهو مِنْ أهل قُرطبة أيضًا، وآخِر قُضَاتِها (^٧).
_________
(^١) الإمام القرطبي شيخ أئمة التفسير، مرجع سابق (ص ١٥).
(^٢) المرجع السابق (ص ١٧).
(^٣) المرجع السابق (ص ٣٨ - ٤٠).
(^٤) انظر: الوافي بالوفيات، مرجع سابق (٢/ ٨٧) فقد ذَكَر قصة تَدُلّ على ذلك.
(^٥) الإعلام الزركلي (١/ ٢١٩)، و"الإمام القرطبي شيخ أئمة التفسير"، مرجع سابق (ص ٦٣).
(^٦) الإمام القرطبي شيخ أئمة التفسير، مرجع سابق (ص ٦٤).
(^٧) انظر: الإمام القرطبي شيخ أئمة التفسير، مرجع سابق (ص ٦٥).
1 / 14
٣ - أبو عامر يحيى بن عبد الرحمن بن أحمد بن ربيع الأشعري. "ذَكَرَه القرطبي، ونَعَتَه بـ "الشيخ الفقيه الإمام الْمُحدِّث القاضي" (^١). وقال الذهبي عنه: القرطبي صَاحِب التَّصَانِيف الكَلامِيَّة، ووَالِد الْمُتَكَلِّم أبي الحسين محمد، تُوفِّي بِمَالقة (^٢).
٤ - أبو الحسن علي بن قُطْرَال. "هو القاضي العَلامَة القُدْوة أبو الحسن علي بن عبد الله بن محمد بن يوسف الأنْصَاري القُرطبي الْمَالِكِيّ" (^٣).
٥ - أبو محمد بن حَوْط الله. "هو الحافظ الإمام مُحدِّث الأندلس، أبو محمد عبد الله بن سليمان بن داود بن حَوْط الله الأنصاري الحارثي الأندلسي" (^٤).
ب- مِنْ أبرزهم في مصر:
١ - أبو العباس القرطبي، صَاحِب "الْمُفْهِم في شَرح مُسلم" وهو أحمد بن عمر بن إبراهيم بن عمر الأنصاري الْمَالِكِيّ الفَقِيه، الْمُحَدِّث الْمُدَرِّس الشَّاهِد بِالإسكندرية وُلِد بِقُرْطُبة سنة ٥٧٨، وسَمِع الكثير هنالك، ثم انْتَقَل إلى الْمَشْرِق واشْتَهَر وطَارَ صِيتُه، وأخَذ النَّاس عنه، وانتفعوا بِكُتُبِه، وقَدِم مِصر وحَدَّث بِها، واخْتَصَر الصَّحِيحَين، وكان بَارِعًا في الفِقْه والعَرَبِيَّة، عَارِفًا بِالْحَدِيث، ومِمَّن أخَذَ عنه القرطبي صَاحِب التَّذْكِرَة (^٥).
وقد أكثر القرطبي الْمُفَسِّر النقل عن أبي العباس القرطبي في تَفْسِيرِه، ويَنْعَتُه كَثِيرًا بـ "شيخنا أبي العباس" وبـ "الإمام أبي العباس"، ويَتَرضَّى عنه كَثِيرًا.
وقال مَرَّة: قال شَيخنا الفقيه الإمام أبو العباس أحمد ﵁ (^٦).
_________
(^١) المرجع السابق (ص ٦٦).
(^٢) سير أعلام النبلاء الذهبي (٢٣/ ٨٠).
(^٣) الإمام القرطبي شيخ أئمة التفسير، مرجع سابق (ص ٦٨).
(^٤) المرجع السابق (ص ٦٩).
(^٥) نفح الطيب، التلمساني (٢/ ٦١٥)، وانظر: "الإمام القرطبي شيخ أئمة التفسير"، مرجع سابق (ص ٧٠).
(^٦) الجامع لأحكام القرآن
، القرطبي (٦/ ٢٧٥).
1 / 15
وقال أخرى: شيخنا الإمام أبو العباس .... (^١).
وقال ثَالِثة: قال شيخنا الإمام أبو العباس أحمد بن عمر القرطبي في كِتاب "الْمُفْهِم" له … (^٢).
٢ - أبو محمد بن رَوَاج، وهو رشيد الدين أبو محمد عبد الوهاب بن رَواج (^٣)، واسمه ظافر بن علي بن فتوح بن حسين الأزْدِي القُرشي حَلِيفهم، الإسْكَنْدَرَاني الْمَالِكِيّ الْجَوْشَنِيّ" (^٤).
و"أسمع مِنْ ابنِ رواج، ومِن الجميزي، وعِدّة" (^٥).
٣ - أبو محمد عبد المعطي بن أبي الثناء اللخمي، وهو عبد المعطي بن محمود بن عبد المعطي بن عبد الخالق، الإسكندري، ثم الْمَكِّيّ، الفقيه الصَّوفي (^٦).
أوْرَده في غير موضع من التَّفْسِير، فمن ذلك قوله:
ذَكَر شيخنا أبو محمد عبد المعطي الأسكندراني ﵁ (^٧).
وسمعت شيخنا الإمام أبا محمد عبد المعطي بثغر الإسكندرية (^٨).
وقد ذَكَر شيخنا الإمام أبو محمد عبد المعطي بن محمود بن عبد المعطي اللخمي (^٩).
٤ - أبو الحسن علي بن هبة الله اللخمي، المعروف بـ "ابن الجمّيزي". "هو شَيخ الدِّيَار المصرية العَلامَة المفتي المقرئ بهاء الدين أبو الحسن علي بن هبة الله بن سَلامة بن الْمُسَلَّم اللخمي المصري الشافعي" (^١٠).
_________
(^١) الجامع لأحكام القرآن، القرطبي (٥/ ٤٤)، (١١/ ٣٨، ٣٩)، (١٤/ ٢٠٢).
(^٢) المرجع السابق (١٣/ ٢١١).
(^٣) الإمام القرطبي شيخ أئمة التفسير، مرجع سابق (ص ٧٤).
(^٤) سير أعلام النبلاء، الذهبي (٢٣/ ٢٣٧).
(^٥) طبقات المفسِّرين، الداودي (ص ٢٤٦)، وانظر: "طبقات المفسرين"، السيوطي (ص ٩٢).
(^٦) الإمام القرطبي شيخ أئمة التفسير، مرجع سابق (ص ٧٦).
(^٧) الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق (٤/ ٢١١).
(^٨) المرجع السابق (١٠/ ٣٦٦).
(^٩) المرجع السابق (٩/ ٤٢).
(^١٠) الإمام القرطبي شيخ أئمة التفسير، مرجع سابق (ص ٨٠).
1 / 16
وقد رَوى الكثير عن ابن الجميزي، وسَمِع منه (^١).
تلاميذه:
رَوى عنه بِالإجَازة ولَده الشِّهاب أحمد (^٢).
ومِن تلاميذه:
"أبو جعفر أحمد بن إبراهيم بن الزبير بن محمد بن إبراهيم بن الزبير العاصمي الغرناطي.
و"إسماعيل بن محمد بن عبد الكريم الخراستاني".
و"أبو بكر محمد بن الإمام الشهيد كمال الدين أبي العباس أحمد بن أمين الدين الميموني القسطلاني المصري الفَقِيه المالكي".
و"ضياء الدين أحمد بن أبي السعود بن أبي المعالي البغدادي" (^٣).
ومحمد بن إبراهيم بن عبد الملك الأزدي، من أهل قيجاطة، يُعْرَف بالقَارجي، سَمِع بِالقاهرة أبا عبد الله القرطبي (^٤).
"وسَمِع مِنْ الخشوعي وغيره، وبِمِصْر مِنْ أبي عبد الله القرطبي، ثم رجع وأخذ القراءات عن أبي جعفر الحصار، وأقْرَأ بِمَرْسية، توفي في المحرم سنة ثلاث وأربعين وسِتّ مِئة" (^٥).
وفاته:
توفي القرطبي بمنية بني خَصيب مِنْ الصعيد الأدنى سنة إحدى وسبعين وستمائة (^٦) وذلك "بعد أن اسْتَقَرّ القرطبي بِمِصْر قُرَابة ثَمَانية وثلاثين عَامًا .... تَوفَّاه الله .... وكان
_________
(^١) الإمام القرطبي شيخ أئمة التفسير، مرجع سابق (ص ٤٠).
(^٢) طبقات المفسِّرين، الداودي (ص ٢٤٦)، وانظر: "طبقات المفسرين"، السيوطي (ص ٩٢).
(^٣) يُنظر: الإمام القرطبي شيخ أئمة التفسير، مرجع سابق (ص ٩١ - ٩٤).
(^٤) التكملة لكتاب الصلة، القضاعي (٢/ ١٤٨).
(^٥) معرفة القراء الكبار، الذهبي (٢/ ٦٤٦).
(^٦) انظر: طبقات المفسرين، الداودي (ص ٢٤٦)، و"طبقات المفسرين"، السيوطي (ص ٩٢).
1 / 17
ذلك ليلة الاثنين، التاسع من شوّال، سنة إحدى وسبعين وسِتمائة. وهذا يَكَاد يَكون مَوْضِع اتِّفاق بين الكُتُب التي تَرْجَمَت له" (^١).
آثاره:
أشهر مؤلَّفات القرطبي:
١ - كِتاب "الجامع لأحكام القرآن"، وهو "التفسير الْمَشْهُور الذي سَارَتْ به الرُّكبان" (^٢).
٢ - كتاب "التذكرة في أحوال الموتى وأمُور الآخرة" (^٣).
"وهو كِتاب مَشْهُور في مُجَلَّد ضَخْم (^٤).
٣ - كِتاب "الأسْنَى في أَسمَاء الله الْحُسْنَى" (^٥).
٤ - كتاب "التِّذْكَار في أفْضَل الأذْكَار" (^٦).
٥ - كتاب "قَمْع الْحِرْص بِالزُّهْد والقَنَاعَة وَرَدّ ذُلّ السُّؤالِ بِالكَسْب والصِّنَاعَة (^٧). والصِّنَاعَة".
_________
(^١) الإمام القرطبي شيخ أئمة التفسير، مرجع سابق (ص ٤٥).
(^٢) طبقات المفسرين، السيوطي، مرجع سابق (ص ٧٩)، وانظر: الدِّيباج المذَهَّب، ابن فرحون (ص ٣١٧).
(^٣) الدِّيباج المذَهَّب، مرجع سابق (ص ٣١٧)، وطبقات المفسِّرين، الداودي، مرجع سابق (ص ٢٤٦)، وانظر: "طبقات المفسرين"، السيوطي، مرجع سابق (ص ٩٢)، وسَمَّاه حاجي خليفة في كَشف الظنون (١/ ٣٩٠): تذكرة القرطبي.
وأشار إليه القرطبي في التفسير في غير موضع، فمن ذلك: (١/ ٢٨٢)، و(٢/ ٧٧)، و(١٤/ ٢٠٢).
(^٤) كشف الظنون، حاجي خليفة (١/ ٣٩٠).
(^٥) الدِّيباج المذَهَّب، مرجع سابق (ص ٣١٧)، والوافي بالوفيات، مرجع سابق (٢/ ٨٧)، وذَكَره القرطبي وأحال عليه في غير موضع من التفسير، فمن ذلك (١/ ٩١، ٣٠٣، ٣٦٧) وسَمَّاه "الكِتاب الأسْنَى في شَرْح أسْمَاء الله الحسنى"، وستأتي الإشارة إليه.
وذَكَره مشهور حَسَن في "الإمام القرطبي شيخ أئمة التفسير" (ص ١٤٦) ضمن الكتب المخطوطة والمفقودة، وقال البراك: طُبِع مُحققًا، ويَنْقُص مِنه الجزء الأول (تحقيق كِتاب العُلُو ٢/ ١٣٧٦).
(^٦) الدِّيباج المذَهَّب، مرجع سابق (ص ٣١٧)، وكشف الظنون، مرجع سابق (١/ ٣٨٣).
(^٧) ذَكَره القرطبي في الجامع (١٣/ ١٨)، وذكره باخْتِصَارِ عُنْوَانِه في (٥/ ١٥٨)، (١٧/ ٤١)، وانظر: الدِّيباج المذَهَّب، مرجع سابق (ص ٣١٧).
1 / 18
قال ابن فرحون: لم أقِف على تَأليف أحْسَن مِنه في بَابِه (^١).
٦ - كتاب "الإعلام بِما في دِين النَّصَارَى مِنْ الْمَفَاسِد والأوْهَام وإظْهَار مَحَاسِن دِين الإسلام" (^٢).
٧ - كتاب "منهج العُبَّاد ومَحَجَّة السَّالِكين والزُّهَّاد" (^٣).
٨ - كتاب "الْمُقْتَبس في شرح موطأ مالك بن أنس" (^٤).
٩ - كتاب "الأعلام في معرفة مَولِد المصطفى ﵊" (^٥).
١٠ - "أرْجُوزَة جَمَع فِيها أسْمَاء النبي ﷺ" (^٦).
ثناء العلماء عليه:
قال عنه الصَّفَدِي: أمام مُتَفَنِّن مُتَبَحِّر في العِلْم، له تَصانيف مُفيدة تَدُلّ على كثرة اطِّلاعه، ووفُور فَضْله (^٧) .... وقد سارتْ بِتفسيره الرُّكبان، وهو تفسير عظيم في بَابِه، وله كتاب "الأسْنَى في أسماء الله الْحُسْنَى"، وكتاب التذكرة وأشياء تَدُلّ على إمَامَتِه، وكَثْرة اطِّلاعِه (^٨).
_________
(^١) الدِّيباج المذَهَّب، مرجع سابق (ص ٣١٧).
(^٢) الإمام القرطبي شيخ أئمة التفسير، مرجع سابق (ص ١٤٢).
(^٣) الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق (١٥/ ١٩٠).
(^٤) المرجع السابق (٣/ ١٣) وفي مواضع أُخَر.
(^٥) الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق (ص ٣١٧).
(^٦) الِّديباج المذَهَّب، مرجع سابق (ص ٣١٧).
(^٧) هذا القَدْر من النّص نُسِب إلى الذهبي في طبقات المفسِّرين، الداودي (ص ٢٤٦)، وفي "طبقات المفسرين"، السيوطي (ص ٩٢).
(^٨) الوافي بالوفيات، مرجع سابق (٢/ ٨٧).
1 / 19
وقال عنه ابن فرحون: الشَّيْخ الإمَام أبو عبد الله الأنصاري الأنْدَلُسي القرطبي، الْمُفَسِّر، كان مِنْ عِبَاد الله الصَّالِحِين، والعُلَمَاء العَارِفِين الوَرِعِين الزَّاهِدِين في الدُّنيا الْمَشْغُولِين بِمَا يَعْنِيهم مِنْ أمُور الآخِرَة، أوْقَاتُه مَعْمورَة مَا بَيْن تَوَجُّه وعِبَادَة وتَصْنِيف (^١) وتَصْنِيف (^٢).
وقال: جَمَع في تَفْسِير القُرْآن كِتَابًا كَبِيرًا في اثْنَي عَشَر مُجَلَّدًا، سَمَّاه كِتاب "جَامِع أحْكَام القرآن والْمُبِين لِمَا تَضَمَّن مِنْ السُّنَّة وآي القُرآن" وهو مِنْ أجَلّ التَّفَاسِير وأعْظَمها نَفْعًا، أسْقَط مِنه القَصَص والتَّوَارِيخ وأثْبَت عِوَضَها أحْكَام القرآن واسْتِنْبَاط الأدِلَّة، وذَكَر القِرَاءات والإعْرَاب، والنَّاسِخ والْمَنْسُوخ (^٣).
قال ابن فَرْحُون وهو يَذْكُر مُؤلَّفَات القرطبي: وكِتاب "التِّذْكَار في أفْضَل الأذْكَار" وَضَعَه على طَرِيقَة "التِّبْيَان" للنووي، لكن هذا أتَم مِنه، وأكْثَر عِلْمًا (^٤).
وقال عن كتاب "قَمْع الْحِرْص بِالزُّهْد والقَنَاعَة وَرَدّ ذُلّ السُّؤالِ بِالكَسْب والصِّنَاعَة": لَم أقِف على تَألِيف أحْسَن مِنه في بَابِه (^٥).
وقد أحْسَن ابن تيمية الثَّنَاء على القرطبي، حيث سُئل ابن تيمية "أيّ التَّفَاسِير أقْرَب إلى الكِتَاب والسُّنَّة؟ الزمخشري، أم القرطبي، أم البغوي أوْ غير هؤلاء؟ "
فكان مِمَّا أجَابَ بِه - مُقَارِنًا بين تفسير القرطبي وبين تفسير الزمخشري: وتَفْسِير القرطبي خَيْر مِنه بِكَثِير، وأقْرَب إلى طَرِيقَة أهْل الكِتَاب والسُّنَّة وأَبْعَد عن البِدَع (^٦).
_________
(^١) الدِّيباج المذَهَّب، مرجع سابق (ص ٣١٧).
(^٢) الدِّيباج المذَهَّب، مرجع سابق (ص ٣١٧).
(^٣) المرجع السابق (ص ٣١٧).
(^٤) المرجع السابق، الموضع السابق.
(^٥) المرجع السابق، الموضع السابق.
(^٦) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (١٣/ ٣٨٥ - ٣٨٧).
1 / 20