انقلاب فرهنگی چین: مقدمهای بسیار کوتاه
الثورة الثقافية الصينية: مقدمة قصيرة جدا
ژانرها
لم يكن الوجود العسكري الأمريكي مجرد مصدر إزعاج، ولكنه كان تهديدا مسلحا. فقد بنت الولايات المتحدة قاعدة لقواتها وصواريخها في تايوان، ووفرت المعدات والتدريب لحكومتها العسكرية. وكانت الحكومة التايوانية دائما ما تتباهى بأنها «الصين الحرة» من أجل التودد للأمريكان المعادين للشيوعية. وكان الموقف التايواني استنساخا لعلاقة الولايات المتحدة بالديكتاتوريات الآسيوية اليمينية الأخرى، ولكن وحدها تايوان هي التي شنت غارات عسكرية على بر الصين الرئيسي. وفي عام 1970، كانت دور السينما التايوانية تبيع أكياسا من الفول السوداني كتب عليها «لنعد فتح البر الرئيسي.»
كان للحرب الباردة أبلغ الأثر على الاقتصاد الصيني؛ فعلى سبيل المثال، كان إقليم فوجان، وهو منطقة ساحلية لها باع طويل في التجارة الخارجية، بقعة معدمة بالنسبة لبكين للاستثمار فيها، بينما كانت الضفادع البشرية التابعة لشيانج كاي شي تهاجم المدن الساحلية. وأعيقت مدينة شيامن (آموي) التي كانت يوما مدينة مينائية كبرى، عن التنمية بسبب قواعد الكومنتانج العسكرية على جزيرة جينمن (كيموي) المجاورة. وفشلت الأزمات العسكرية في تغيير موقف جينمن في الخمسينيات. وعلى مدار الثورة الثقافية، كان الجيش الشيوعي وجيش الكومنتانج يتبادلان القصف بالقنابل حسب جدول غريب بمعدل ساعة في أيام متناوبة، وكان هذا كافيا لإبقاء الحرب القديمة مشتعلة. وقد تسببت ضغوط الحرب الباردة في إظهار برنامج الجبهة الثالثة للتصنيع الذي كان مفتقرا للفاعلية كبرنامج عملي، على الأقل من منظور استراتيجي؛ فمع عزوفها عن الاستثمار في المدن التي قد تتعرض للقصف، تحولت الصين بأنظارها إلى الداخل.
فرضت الولايات المتحدة حظرا تجاريا على الواردات الصينية؛ حتى الكتب والمجلات الصينية كان من الصعب الحصول عليها، وكانت العديد من مكتبات الأبحاث لا يزال لديها مطبوعات صينية من تلك الفترة مدموغة بتحذيرات الحكومة الأمريكية من أن المحتويات تشمل دعاية شيوعية. كذلك قطعت الثورة الثقافية تلك الصلة المربحة عادة بمجتمعات الصينيين بالخارج، الذين كان أقرباؤهم داخل الصين غالبا ما يتهمون بالرأسمالية والجاسوسية. وأصبح النهوض بالصناعة الصينية أمرا صعبا في ظل صعوبة الوصول للتكنولوجيا الأجنبية، وهو ما قوى من الإصرار الماوي على اكتشاف تطبيقات جديدة للطرق المحلية. ومع محدودية حجم التجارة، حاول التقنيون الصينيون تنفيذ مشروعات صعبة في الهندسة العكسية، كان يتم من خلالها تفكيك السلعة المستوردة لكشف أسرار تصنيعها، وكان من الأمثلة المبالغة لذلك ما تم من تفكيك طائرة من طراز بوينج 707، وكانت طائرة باكستانية تحطمت في الصين الشرقية في عام 1971. ولكن ظلت الصين مفتقرة للمقدرة التقنية التي تؤهلها لمضاهاة المنتج الأمريكي.
تسببت كبرياء الصين وعنادها في انتكاسات، مما جعلها أكثر من مجرد ضحية للولايات المتحدة الأقوى نفوذا. وعندما شب العداء بين الصين والاتحاد السوفييتي، وجدت نفسها في موقف لا تحسد عليه، بإثارتها حنق كلتا القوتين العظميين على نحو متزامن، وهو ما لم يسفر عن نتيجة دبلوماسية مثالية تماما.
عانت الصين من الحروب القتالية الأمريكية بالقرب من حدودها في فيتنام وكوريا، وقامت الولايات المتحدة ببناء قواعد لقواتها لتدعيم حكومات الجناح اليميني العميلة لها في تايوان، واليابان، وتايلاند، والفلبين، بينما لم يكن للصين قواعد عسكرية أو عملاء في كندا، أو المكسيك، أو كوبا. لقد واجهت سياسات الصين الوحشية، واللاتوسعية في الوقت ذاته، حربا قاسية ضد الشيوعية.
ظهر الاحتكاك الحتمي بين البلاغة الثورية والممارسة الحذرة في ماكاو البرتغالية وهونج كونج البريطانية، تلك المستعمرتان المتجاورتان في مصب نهر اللؤلؤ بإقليم جوانجدونج. وعلى عكس بعض التوقعات، لم تستول الصين على هاتين الجزيرتين اللتين تعتبران من أطلال الإمبريالية في عام 1949، وشعرت الصين بالحرج حين زحفت القوات الهندية نحو مقاطعة جوا ذات الظروف المشابهة الخاضعة للحكم البرتغالي في عام 1961، إلا أن الصين كانت تتهاون مع المستعمرات كجزء من دبلوماسيتها العملية. ولم تكن ماكاو الخاملة، بما تحتويه من كازينوهات، على نفس القدر من الأهمية مثل هونج كونج الأكبر والأكثر ازدحاما. وقد تضافر القانون البريطاني، مع الموهبة التجارية للاجئي شنغهاي، والتدفق المنتظم للعمالة الكانتونية، لتخلق معا اقتصادا منتعشا موجها بشكل مكثف نحو التصدير. كانت هونج كونج مهمة للصين كنقطة اتصال مع الغرب، وحلقة وصل مع مجتمعات الصينيين بالخارج في جنوب شرق آسيا، ومجرى للتجارة الأجنبية، وقد كانت كلتا المستعمرتين ملاذا لأعداد كبيرة من اللاجئين الهاربين من الثورة الشيوعية، بمن فيهم مؤيدو الكومنتانج، ولكنهما أيضا ضمتا مجتمعات يسارية راسخة، متمركزة في محيط المدارس، والنقابات، والمحلات متعددة الأقسام.
زحفت التوترات القائمة داخل الصين إلى هاتين المستعمرتين، اللتين كان حكامهما يواجهون تحديات ممثلة في انتشار أعمال الشغب، والإضرابات، والتفجيرات. وكما في البر الرئيسي، عاد النظام بقمع الراديكالية التي انطلقت مع بداية الثورة الثقافية. وفي عام 1974 أطاحت البرتغال بديكتاتوريتها الفاشية، وسرعان ما تخلت عن ممتلكاتها الاستعمارية في أفريقيا وتيمور. لكن الصين رفضت فيما يبدو قبول استرداد ماكاو، خوفا من احتمال أن يرغم ذلك بكين على الاستيلاء على مقاليد هونج كونج فجأة دون أن يكون لدى الشيوعيين الجاهزية لاستيعاب اقتصاد رأسمالي ضخم. وظلت ماكاو تحت الإدارة البرتغالية حتى عام 1999، بعد عامين من إعادة هونج كونج للصين.
استكشفت الصين الخيارات الاستراتجية المتاحة أمامها للإفلات من العزلة، وكان أحدها هو إحداث انشقاق بين حلفاء أمريكا. كانت الصين سعيدة بفرنسا تحت حكم ديجول لوقوفها في وجه الولايات المتحدة، وانسحابها من منظمة معاهدة شمال الأطلنطي، وتطوير سياسة نووية مستقلة. وحلمت الصين بظهور ثغرات أو منافذ تتيح لليابان استقلالية مماثلة، ولكن هذه الآمال تحطمت بفعل معاهدة التعاون الأمني المشترك بين اليابان والولايات المتحدة الموقعة عام 1960.
كان الخيار الثاني للصين هو جمع التأييد من دول العالم الثالث الأخرى، وكانت الرابطة الأكثر متانة وثباتا تلك التي جمعتها بباكستان، التي كانت تنظر للصين كثقل موازن ضد نفوذ الهند. ولكن علاقات الصين السيئة مع الهند بعد الحرب الحدودية في عام 1962 أظهرت مدى صعوبة تضافر دول العالم الثالث معا. وعملت الصين جاهدة لكسب أصدقاء في أفريقيا، من خلال توفير المساعدات لبناء خط سكة حديد تانزام الواصل بين زامبيا وتنزانيا من أجل تجنب الاعتماد على جنوب أفريقيا العنصرية. وأثبتت الجزائر أنها حليف دبلوماسي دائم في شمال أفريقيا.
علقت الصين آمالا كبيرة على إندونيسيا، التي كانت آنذاك تحت إدارة حكومة سوكارنو ذات النزعة اليسارية، وتعاونت معها من أجل بناء وجود دولي للعالم الثالث، وهو ما شمل إقامة أولمبياد مضادة تحت اسم جانفو («دورة ألعاب القوى الصاعدة الجديدة»). وعلى أعتاب الثورة الثقافية، حدث انقلاب عسكري في إندونيسيا أعقبه مذبحة لليساريين الإندونيسيين، شملت أعدادا كبيرة من الصينيين المغتربين. وقد قتل ما يقرب من مليون شخص، بدعم أمريكي صامت، مما قضى على فكرة إقامة تحالف صيني إندونيسي.
صفحه نامشخص