وأما لزوم الوفاء باليمين :فالمعنى لا تحنثوا؛ وهذا يدل على تحريم الحنث عموما، لكنه إذا كان الممنوع قربة لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((من حلف على شيء فرأى غيره خيرا منه فليكفر عن يمينه وليأت الذي هو خير))، فلو فرضنا أن الممنوع مباح بأن يحلف لا دخل السوق ونحو ذلك. فعموم الآية :أن الحنث لا يجوز، وهذا المحكي عن الناصر, وأبي حنيفة ,والقاضيين زيد وأبي مضر , والزمخشري (1) ، وعن الشافعي: يجوز الحنث، وقد أطلقه بعض المفرعين من المتأخرين الفقهاء :الفقيه يحيى وحسن.
وقال الإمام يحيى: الحنث أولى؛ لأن لا يبقى على منع نفسه من شيء علم الله أن المصلحة إباحته.
وأما تأكيد اليمين:فقد أخذ من قوله تعالى: ((بعد توكيدها)) وتأكيدها :بذكر صفات الله تعالى, وتكرارها، وبالمكان, والزمان، وفي الحديث: ((من حلف على منبري يمين كاذبة فليتبوأ مقعده من النار)) ولا إشكال في عظم اليمين المؤكدة.
وأما اختيار الحاكم عليها فليس بمأخوذ من الآية، وفي ذلك اختلاف بين أهل الفقه.
ومن ثمرات الآية :
أن قول القائل علي عهد الله :يمين صريح في اليمين على ما ذكره أهل المذهب, وأبو حنيفة, ومالك.
وقال الشافعي: ذلك كناية، وبها استدل علي بن موسى القمي :على أن العهد يمين، وهو مروي عن الحسن.
قوله تعالى:
{ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا تتخذون أيمانكم دخلا بينكم أن تكون أمة هي أربى من أمة}
هذا مثل ضربه الله تعالى لمن ينقض يمينه وعهده (2) ، أو ينقض أيمانه بمن تغزل وتقوي غزلها ثم تنقضه.
صفحه ۱۳۰