وَبِهَذَا ظهر وَجه التَّفْرِيع، وَهَذَا مَا أَشَارَ إِلَيْهِ بعض الْمُحَقِّقين من أَن فَائِدَة قيد الْحَيْثِيَّة أَن جَمِيع الْعَوَارِض المبحوث عَنْهَا فِي الْعلم لَا بُد أَن يكون لَهَا مدْخل فِي الْمَعْنى الَّذِي صَار قيدا للموضوع (وَهُوَ) أَي الْإِثْبَات الَّذِي هُوَ مرجع الْأَحْوَال عرض (ذاتي للدليل) السمعي الَّذِي هُوَ مَوْضُوع الْعلم، فمرجع الْأَحْوَال عرض ذاتي لَهُ مبحوث عَنهُ بِالْقُوَّةِ، وَهَذَا مَا وعدناك آنِفا (وَإِن لم يحمل الْإِثْبَات بِعَيْنِه) على الدَّلِيل: أَن وصلية، وَالْمعْنَى هُوَ ذاتي لَهُ مبحوث عَنهُ بإثباته لَهُ فِي ضمن إِثْبَات مَا يرجع إِلَيْهِ بجزئياته: وَإِن لم يكن هُوَ بِعَيْنِه مَحْمُولا عَلَيْهِ، وَوضع الظَّاهِر مَوضِع الضَّمِير للتنصيص على أَن الْمَنْفِيّ عَنهُ الْحمل إِنَّمَا هُوَ نفس الْإِثْبَات لَا مَا يرجع إِلَيْهِ، وَقد عرفت (وَنَظِيره) أَي الْإِثْبَات فِي كَونه عرضا ذاتيا للموضوع غير مَحْمُول عَلَيْهِ مَا يرجع إِلَيْهِ (فِي الْمنطق) الإيصال، لِأَنَّهُ (لَا مَسْأَلَة) فِيهِ (محمولها الإيصال) كَمَا لَا مَسْأَلَة فِي الْأُصُول محمولها الْإِثْبَات وموضوع الْمنطق الْمَعْلُوم التصوري أَو التصديقي من حَيْثُ الإيصال إِلَى التَّصَوُّر، أَو التَّصْدِيق بِمَعْنى أَن جَمِيع الْأَحْوَال المبحوث عَنْهَا فِيهِ يرجع إِلَى الإيصال (وَمُقْتَضى الدَّلِيل خُرُوج عنوان الْمَوْضُوع) أَي خُرُوج الْبَحْث عَن عنوان الْمَوْضُوع عَن مبَاحث الْعلم الَّذِي هُوَ مَوْضُوعه: والبحث عَنهُ إثْبَاته لنَفس الْمَوْضُوع، وَالْمرَاد بعنوانه مَا جعل آلَة ملاحظته عِنْد تَعْيِينه فِي قَوْلهم: مَوْضُوع الْعلم كَذَا من حَيْثُ كَذَا، مَأْخُوذ من عنوان الْكتاب الدَّال على مضمونه إِجْمَالا، فالعنوان هَهُنَا الدَّلِيل السمعي من حَيْثُ يُوصل الخ، وَذَلِكَ لِأَن وَظِيفَة الْعلم بَيَان أَحْوَال الْمَوْضُوع، وَذَلِكَ إِنَّمَا يكون بعد الْعلم بِذَاتِهِ وعنوانه الَّذِي بِهِ يعرف وَلِأَن الْمَوْضُوع إِنَّمَا وضع لِأَن يحمل عَلَيْهِ، لَا لِأَن يحمل على شَيْء، فَإِنَّهُ قلب الْمَوْضُوع (فالبحث عَن حجية الْإِجْمَاع) بِأَن يُقَال الْإِجْمَاع حجَّة (وَخبر الْوَاحِد وَالْقِيَاس) بِأَن يُقَال هما حجتان (لَيْسَ مِنْهُ) أَي علم الْأُصُول لِأَن معنى " حجَّة " دَلِيل. وَهُوَ عنوان الْمَوْضُوع (بل من) مسَائِل (الْفِقْه لِأَن موضوعاتها أَفعَال الْمُكَلّفين ومحمولاتها الحكم الشَّرْعِيّ إِذْ معنى حجَّة يجب الْعَمَل بِمُقْتَضَاهُ وَهُوَ) أَي مَا ذكرنَا (فِي الْقيَاس على تَقْدِير كَونه فعل الْمُجْتَهد) بِأَن يُفَسر ببذل الْجهد فِي اسْتِخْرَاج الْحق أَو حمل الشَّيْء على غَيره بإجراء حكمه عَلَيْهِ وَنَحْوه (أما على) تَقْدِير (أَنه الْمُسَاوَاة الكائنة عَن تَسْوِيَة الله تَعَالَى بَين الأَصْل وَالْفرع فِي الْعلَّة) المشيرة للْحكم (فَلَيْسَتْ) حجيته (مَسْأَلَة) أصلا (لِأَنَّهَا) أَي حجية الْمُسَاوَاة الْمَذْكُورَة (ضَرُورِيَّة دينية) أَي بديهية فِي الدّين وضروريات الدّين لَا تكون مسَائِل، لِأَن المسأله مَا يبرهن عَلَيْهِ فِي الْفَنّ، والبديهي لَا يبرهن عَلَيْهِ، أما البداهة فَلِأَن من عرف معنى الْقيَاس على الْوَجْه الْمَذْكُور وَعرف معنى الحجية لَا يتَوَقَّف فِي الحكم بِأَنَّهُ حجَّة، وَلَا يضر فِي بداهة الحكم نظرية طَرفَيْهِ (بِخِلَاف) الْبَحْث عَن
1 / 20