تيسير التفسير

قطب اطفیش d. 1332 AH
211

تيسير التفسير

تيسير التفسير

ژانرها

[3.174]

{ فانقلبوا } خرجوا لبدر فانقلبوا، كقوله تعالى: فانفلق أى فضرب فانفلق { بنعمة من الله } ربح تجارة { وفضل } ثواب الآخرة، إذ خرجوا للجهاد، أوالعكس، أو النعمة السلامة والثبات على الإيمان، والزيادة فيه، والفضل الربح، وافوا بدرا ولم يوافها أبو سفيان، وهو سوق لبنى كنانة يجتمعون فيه كل عام ثمانية أيام، ووافقوه، ومعهم تجارة فباعوا واشتروا أدما وزبيبا، وأصابوا بالدرهم درهمين، فرجعوا إلى المدينة سالمين { لم يمسسهم سوء } جرح أو كيد، عدو أو قتل،وعير أهل مكة جيش أبى سفيان، خرجتم لتشربوا السويق، فأنهضه ذلك إلى غزوة الأحزاب ولم تفدهم، ورجعوا خائبين، فكانت آخر غزوهم { واتبعوا رضوان الله } موجبه بخروجهم إلى بدر الصغرى ومطاوعة الرسول صلى الله عليه وسلم، ورضوانه، ولا يته أو ثوابه { والله ذو فضل عظيم } للمطيعين، ومنه ما فعل بكم من خزى عدوكم ونصركم وحفظكم وتوفيقكم وتصليبكم فى الدين وغير ذلك.

[3.175]

{ إنما ذلكم } القائل، أو الأمر له بالقول من الناس، أو القائل جنى، إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم { الشيطان } أى إبليس، أو بعض أولاده، أو الإنسى إبو سفيان، أو نعيم بن مسعود، أو الحنس الشامل له الصادق بركب عبد القيس، أو جنس الخبيث المضر الشامل لهؤلاء كلهم من الجن والإنس إلا أن تفسير الشيطان بنعيم لا يناسب إسلامه بعد ولو بتأويل تشبيه فعله بفعل الشيطان، والكاف خطاب للمؤمنين { يخوف أوليآءه } منافقى المدينة، والمفعول الثانى محذوف، أى القتال، أو غلبة المشركين، أو حذف الأول، أى يخوف نعيم أو الركب أو إبليس، المسلمين أولياءه، الذين هم أبو سفيان وأصحابه { فلا تخافوهم } لا تخافوا أيها المسلمون بالخروج مع الرسول الله صلى الله عليه وسلم الناس الذين قيل إنهم قد جمعوا لكم، أو لا تخافوا أولياء الشيطان أبا سفيان وأصحابه فى القعود عن القتال { وخافون } فى مخالفة أمرى وترك الذهاب معه صلى الله عليه وسلم إلى القتال، بحذف ياء المتكلم خطا ونطقا، وجملة ما حذف خطا اثنتان وستون، يوقف بحذفها وإسكان ما قبلها { إن كنتم مؤمنين } حقا، فإن الإيمان الحقيقى يحمل على إيثار ما أمر الله به وترك ما نهى عنه، وقيل الخطاب للخارجين والمتخلفين، والقصد التعريض بالمتخلفين، وقيل الخطاب للمتخلفين، لأن الخارجين لم يخافوا إلا الله، وقالوا: حسبنا الله ونعم الوكيل، ووضع الظاهر موضع المضمر نعيا عليهم بأنهم أولياء للشيطان،وإذا كان للمؤمنين فقوله إن كنتم مؤمنين زيادة تهييج إلى الإيمان.

[3.176]

{ ولا يحزنك الذين يسارعون فى الكفر } إلى الكفر، أو ضمن يسارعون معنى يقعون، فعدى بفى إشارة إلى الرسوخ، مثل يسارعون فى الخيرات وهذا تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم على تعنتهم فى الكفر وتعرضهم له بالأذى، والمراد يسارعون فى زيادة الكفر، وزيادته كفر، كلما عن لهم أمر كفر دخلوه، أو هم المنافقون كلما خلوا أظهروا ما أبطنوا من الشرك، أو كلما تخيل غلبة المشركين على المؤمنين أظهروا الشرك معاونة للمشركين، أو يسارعون من الإيمان إلى الشرك على أنهم قوم أسلموا، ثم ارتدوا سريعا خوفا من قريش،أو المنافقون وطائفة من اليهود، كما ذكروا معا فى قوله تعالى:

يا أيها الرسول لا يحزنك

[المائدة: 41] الخ، والمراد، والله أعلم، لا تحزن على ما فاتك من نصرهم لك على المشركين ولا على واقع من إعانتهم لهم، كما قال { إنهم لن يضروا } بمسارعتهم للكفر { الله } أولياءه { شيئا } أى ضرا أو بشىء ما، ولا يبطلون دينه عز وجل، وإنما ضروا أنفسهم بذل الدنيا وعذاب الآخرة وفوت نعيمها { يريد الله ألا يجعل لهم حظا } نصيبا { فى الآخرة } من نعيمها،مع أنه أرحم الراحمين، لمزيد كفرهم ومسارعتهم إليه وإصرارهم، بل كفرهم ومسارعتهم إليه خذلان لهم، إذ لم يرد الله لهم حظا فى الآخرة، ولا أثر لشىء إلا بالله، ولا يكون فى الوجود شىء إلا بإرادة الله تعالى ومشيئته من كفر وإيمان وغيرها، وإرادته ومشيئته لا تتبدلان، بخلاف حبه وبغضه إذا كانا بمعنى أمره بالشىء ونهيه عن الشىء، فإنه يحب الشىء، أى يأمر به ولا يفعله عاص، وببغض الشىء أى ينهى ويفعله عاص، وأما حبه بمعنى إثابته أو مدحه، وبغضه بمعنى عقابه أو ذمة فلا يتخلفان، وبطل بالآية قول المعتزلة إن الله أراد الإيمان والطاعة للعاصى وإنما يريدهما لفاعلهما، والآية فى قوم أشقياء { ولهم عذاب عظيم } على تلك المسارعة الحقيرة فى النار.

[3.177]

{ إن الذين اشتروا الكفر } استبدلوه { بالإيمان لن يضروا } بكفرهم { الله } أولياءه من النبى وأصحابه وغيرهم { شيئا ولهم عذاب أليم } الآية تأكيد للتى قبلها، أو الأولى فى المنافقين المتخلفين عن أحد وأشياعهم والمرتدين، والثانية لعموم الكفرة، أو الأولى فى المرتدين والمتخلفين والثانية فى المنافقين، أو الأولى المنافقون، أو من ارتد.

صفحه نامشخص