" إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها فائت الذى هو خير، وكفر عن يمينك "
، نزلت الآية فى عبدالله بن رواحة: إذا حلف ألا يتكلم لزوج أخته بشير بن النعمان، ولا يصلح بينهما، ولا يدخل عليه، فإذا قيل له افعل. قال، قد حلفت ولا أنقض اليمين، وفى الصديق إذ حلف ألا ينفق على مسطح لافترائه على عائشة، وكان فقيرا { والله سميع عليم } لا يخفى عنه قول ولا حال ولا شىء ما.
[2.225]
{ لا يؤاخذكم الله } لا يوجب عليكم كفارة الحنث ولا عذابا { باللغو فى أيمنكم } هو ما يتعمد من ألفاظ اليمين بلا قصد بمين، كقولك، ولا والله، وبلى والله، وما يحلف به غلطا ، مثل أن يريد أن يقول، قد قام زيد فغلظ وقال، والله لقد قام زيد، وما يحلف به لفظا ولا يدرى أنه قسم، مثل أن يقول، تالله لأقومن، ولا يدرى أن معناه، والله لأقومن، وما يحلف به وقلبه غير حاضر، بل ذاهل، وما يحلف به غضبان أو نائما أو سكران، لعله بحيث لا يعرف ما قال، ومثله، الحلف بالقلب دون اللسان، كل ذلك لغو، روى البخارى وأبو داود عن عائشة، موقوفا، نزلت فى قول الرجل، لا والله، وبلى والله، رواه أبو داود أيضا مرفوعا عنها، أنه قول الرجل فى بيته كلا والله وبلى الله، فأقول الحديث تمثيل وما ذكرته مثل لجامع عدم عزم القلب، وبدل لذلك قوله عز وجل { ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم } وقوله، بما عقدتم الإيمان، أيى بعقدك الأيمان فى قلوبكم، وكسب قلوبكم لها مع ألسنتكم، وعن أبى حنيفة، اليمين على معتقده المخالف للواقع، وعن أبى حنيفة أنه يوجب الكفارة فى اللغو، وأن المؤاخذة المنفية عقاب الآخرة، ولا يوجبها فى اليمين على ظنه، وقيل اليمين على المعصية لا يؤخذ بالكفارة بل بالترك، كما روى ضعيفا، الكفارة تركها، وزعم بعض أن يمن اللغو يمين المكره، وعن ابن عباس، أن تحرم ما أحل عليك، مثل مالى على حرام، وبه أخذ مالك إلا فى الزوجة، ولا يصح ذلك، وعن زيد ابن أسلم، قول الرجل، أعمى الله بصره إن لم يفعل، أو هو مشرك إن لم يفعل، ما لم يكن من قلبه { والله غفور حليم } إذ لم يؤاخذكم باللغو ولا بالجد فى أيمانكم عاجلا، بل جعل لكم كفارة الحنث، وانتظركم للتوبة من اليمين على فعل المعصية أو ترك الطاعة.
[2.226]
{ للذين يؤلون } يحلفون، أحرارا أو عبيدا ولو خصيمين أو مجبوبين { من نسآئهم } على جماع نسائهم، أو ضمن معنى يبعدون، بل الا تدا لا يخلو عن فعد الفعل المبتدأ منه، أو لهم فى نسائهم تربص أربعة أشهر ألا يجامعوهن مطلقا أو مدة تزيد على أربعة اشهر { تربص أربعة أشهر } من إضافة الحدث إلى ظرفه، أى تربص فى أربعة أشهر، لا يحكم عليه فيها بجماع، ولا يقع طلاق بذلك فإن لم يطيقوا الجماع لمرضهم أو مرضهن، أو رتقهن أو صغر بحيث لا تطيق غيوب الحشفة، أو حدث فى ذكر الرجل، أو بعد المسافة، أو منع جبار أو عدو أو غير ذلك من الموانع فإنهم يشهدون على الفىء، وتلزمه كفارة مرسلة للحنث يعطيها بعد الفىء، وهى ذمة بلا أجل محدود { فإن فآءوا } رجعوا قبل تمامها إلى جماعهن، فجامعوا إن قدروا، أو أشهدوا على الفىء إن لم يقدروا كما مر { فإن الله غفور رحيم } لم يعاقبهم الله على ترك الجماع فى تلك المدة لأنه غفور رحيم، أو لم يعاقبهم بوقوع الطلاق، والأول أنسب الذكر الغفران والرحمة.
[2.227]
{ وإن عزموا الطلق } بالتصميم على ترك الجماع حتى مضت الأربعة وقع الطلاق واحدا، وتزوجن بلا عدة بعد، بل الأربعة عدة سابقة ولا رجعة، وسمى ترك المراجعة وهى الفىء تطليقا وعده الله عليه { فإن الله } أى لأن الله { سميع عليم } لا يخفى عنه قولهم ولا عزمهم، وذلك مذهب أصحابنا ومذهب أبى حنيفة، وقال غيرهم من أصحاب المذاهب، فاءوا للجماع ولو بعد الأربعة فهن باقيات بلا طلاق، وإلا أجبرهم الإمام أو نحوه على الطلاق بعد الأربعة، وهن أزواجهن ما لم يطلقوا وإن أبوا طلق عليهم الإمام أو نحوه، وقال الشافعى: لا إيلاء إلا بأكثر من أربعة أشهر وبعد تمام ما زاد على الأربعة يجبر على الفىء أو الطلاق، وإن أبى طلق عليه نحو الإمام، وإن حلف على أربعة فلا حكم إيلاء عليه، ولكن إن فاء لزمته كفارة الحنث، كما عندنا، إن حلف على أقل من أربعة، وإنما يلحق الإيلاء إذا كان غضبها على المرأة، أو عقابا لها، أو أراد ولده مثلا ذلك أو صديقه أو نحو ذلك، أما إن آلى منها لئلا يلزمه غسل فى الشقاء، أو لئلا يلحقه هزله أو ليتم رضاع ولده فعندى لا إيلاء فى ذلك، فإن حنث فكفارة يمين، ثم رأيت بعضه لعلى بن أبى طالب، سأله رجل آلى من امرأته سنتين، فقال: لزمك حكم الإيلاء، فقال: إنما آليت لأنها ترضع ولدى، فقال: لا، إذن، وعبارة بعض، إنما الإيلاء لغضب، أى، أو لقصد إضرارها.
[2.228]
{ والمطلقت يتربصن بأنفسهن ثلثة قروء } أطهار أو حيض، إلا إن لم تمس فلا عدة عليها، وإلا التى لم تبلغ والآيسة فثلاثة أشهر، وإلا الأمة فحيضتان، وإن أيست، أو لم تبلغ خسمة وأربعين يوما، وإلا الحامل فعدتها الوضع، وذلك للقرآن؛ إلا الأمة فبالسنة، والجملة إخبار لفظا ومعنى، أى الشرع تربصهن، وأجاز بعض كون الاسمية بمعنى الأمر، وبعض الإخبار عن المبتدأ بالطلب بل هو كثير، فيتربصن أمر معنى، أو مع المطلقات، وفى كونها أمرا مبالغة، بإخراجه مخرج الخبر، حتى لا يخالف فيكو كالكذب، وبكونه كأنه امتثل فأخبر به، وقال: يتربصن لأن نفوس النساء إلى الرجال مائلات أضعاف ما يميلون إليهن، إلا أنهن يكتمن، والواحد قرء بضم القاف أو فتحها وإسكان الرا، وهو الحيض، لقوله صلى الله عليه وسلم:
صفحه نامشخص