272

تیسیر البیان لاحکام القرآن

تيسير البيان لأحكام القرآن

ناشر

دار النوادر

ویراست

الأولى

سال انتشار

١٤٣٣ هـ - ٢٠١٢ م

محل انتشار

سوريا

ژانرها

وأما الشافعيُّ، فلمّا قامَ الدليلُ عندَهُ على الفرقِ بينَ قليلِ السفرِ وكثيرِهِ، طلبَ دليلًا في التحديدِ، فلم يجدْ إلاّ ما رُوِيَ عنِ ابنِ عباسٍ وابنِ عمرَ -رضيَ اللهُ تعالى عنهم-: أنهم قَصَروا وأفطروا في أربعةِ بُرُدٍ (١)، فقضى به (٢)؛ إذْ لم يجدْ أقل منهُ في التحديد، ومثلُه تقوم به حجَّة في مثلِ هذا المقامِ.
- وأما المرضُ، فإنه لما قامَ الدليلُ -أيضًا- على أنه لا بدَّ من فرقٍ بين قليلهِ وكثيرِهِ؛ إذْ لا عبرَةَ بالمشقَّةِ اليسيرةِ؛ كالسفر القريب، طلبَ دليلًا على التحديد، فلم يجدْ، فنظرَ في المعنى المقصودِ بالرخصةِ، فوجدهُ المشقَّةَ، فجوز للمريض الفِطْرَ إذا جَهَدَهُ الصومُ جَهْدًا غير مُحْتَمَلٍ، ومنعه إذا لم يَجْهَدْهُ؛ إذ هو كالصحيح، ولو جَوَّزَ له الإفطارَ بغير مَشَقَّةٍ، لوُجِدَ المعلولُ ولا عِلَّةَ معهُ، وبطلَ المعنى الذي لأجله رُخِّصَ في الفِطْر.
وذهبَ أهلُ الظاهرِ إلى أنَّ ما يقعُ عليهِ اسمُ المَرضِ يبيحُ الفِطْرَ، وهو قول ابن سيرينَ، ورويَ عن الحَسَنِ أيضًا، وقال الحسنُ وإبراهيمُ: إنه المرضُ الذي تجوزُ معه الصلاةُ من قُعودٍ.

= قدامة (٣/ ١٠٦)، و"المجموع في شرح المهذب" للنووي (٤/ ٢١٢)، و"رد المحتار" لابن عابدين (٢/ ٥٢٥).
(١) ذكره البخاري في "صحيحه" تعليقًا بصيغة الجزم (١/ ٣٨٦)، وأسنده البيهقي في "السنن الكبرى" (٣/ ١٣٧) عن عطاء بن أبي رباح: أن عبد الله بن عمر وابن عباس كانا يقصران ويفطران في أربعة بُرُدٍ.
(٢) وهو قول المالكية والحنابلة وغيرهم. وبه قال ابن عباس وابن عمر ﵃.
انظر: "الذخيرة" للقرافي (٢/ ٣٥٨)، و"المجموع في شرح المهذب" للنووي (٤/ ٢١٢)، و"المغني" لابن قدامة (٣/ ١٠٦).

1 / 233