387

تیسیر العزیز الحمید در تفسیر کتاب التوحید

تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد

پژوهشگر

زهير الشاويش

ناشر

المكتب الاسلامي،بيروت

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤٢٣هـ/٢٠٠٢م

محل انتشار

دمشق

قوله: "أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن". أي: من أفعال أهلها بمعنى أنها معاصي ستفعلها هذه الأمة، إما مع العلم بتحريمها، وإما مع الجهل بذلك كما كان أهل الجاهلية يفعلونها. والمراد بالجاهلية هنا ما قبل المبعث، سموا بذلك لفرط جهلهم، وكل ما يخالف ما جاءت به الأنبياء والمرسلون فهو جاهلية منسوبة إلى الجاهل، فإن ما كانوا عليه من الأقوال والأعمال إنما أحدثه لهم جاهل وإنما يفعله جاهل. قال شيخ الإسلام: أخبر أن بعض أمر الجاهلية لا يتركه الناس كلهم ذمًّا لمن لم يتركه، وهذا يقتضي أن ما كان من أمر الجاهلية وفعلهم، فهو مذموم في دين الإسلام وإلا لم يكن في إضافة هذه المنكرات إلى الجاهلية ذم لها. ومعلوم أن إضافتها إلى الجاهلية خرج مخرج الذم وهذا كقوله تعالى: ﴿وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى﴾ ١ فإن في ذلك ذمًّا للتبرج، وذمًّا لحال الجاهلية الأولى وذلك يقتضي المنع من مشابهتهم في الجملة.
قوله: "الفخر بالأحساب"، أي: التشرف بالآباء والتعاظم بعدِّ مناقبهم ومآثرهم وفضائلهم وذلك جهل عظيم، إذ لا شرف إلا بالتقوى كما قال تعالى: ﴿وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلاَّ مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ...﴾ ٢ الآية. وقال تعالى: ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾ ٣. وروى أبو داود عن أبي هريرة مرفوعًا: "إن الله قد أذهب عنكم عبية الجاهلية وفخرها بالآباء مؤمن تقي، أو فاجر شقي، الناس بنو آدم وآدم من تراب، لَيَدَعَنَّ رجال فخرهم بأقوام إنما هم فحم من فحم جهنم، أو ليكونن أهون

١ سورة الأحزاب آية: ٣٣.
٢ سورة سبأ آية: ٣٧.
٣ سورة الحجرات آية: ١٣.

1 / 389