مثلت أمام الأنظار الأطوار المختلفة لعهد «هاتاسو»، تمر على هينة متعاقبة، «هاتاسو» إلهة النضار، فاتحة أقطار الأرض، ومحيية القلوب بعد مماتها.
وبعد مصارعة الدهر، ومناهضة الدسائس، ظفرت «هاتاسو» بعقبى النصر والفخر المجيد برعاية الإله «هاتور».
كان الأرباب يتكلمون، وأدوار التاريخ تتوالى، ونحن ننظر سادرة أعيننا، مبهورة نفوسنا إلى مشاهد تلك الحياة. وفي روضات «آمون» تتسامى الأشجار الطريفة العطرية، مرسلة عبيرها في الأطناف الثلاثة الواسعة الأرجاء. ثم كأني أرى المجاهدين آيبين من بلاد «الصومال واليمن»، ينوء بهم الفخر والغنيمة، والأسطول الملكي يتهادى في اليم بين شهود ينظرون بأعين شاخصة، منصتين إلى أقاصيص البحارة السعداء الظافرين. ذلك مشهد فريد!
ولاح لي المهندس الكبير «سمنوت» - الذي كان صاحب الطابع الملكي، وكان لا يألو جهدا في الزلفى إلى فؤاد ربة التاج بميعة نشاطه - يسير الهوينى في المهيع الفخم المكتنف من جانبيه بتماثيل أبي الهول؛ ليؤدي التحية «لهاتاسو» عندما صارت صاحبة الجلالة الإلهية، بينما أقاليم القطرين تكمل بهجة الاحتفال، وافدة لوضع الهدايا عند أقدام «فرعون» العزيز.
لا يضير «هاتاسو» بعد هذا ما كان من انتقام أعدائها الدنيء، وتتبعهم لها بالإساءة تتبعا لا يني حتى في قبرها.
لا يضيرها أن تكون جثتها الهامدة وجدت في بطن بئر مهجورة، مجردة من كل أثر كتابي، وأن يكون «توتمس الثالث» لم يجعل لضغنه عليها حدا.
لقد عاشت آثارها، وعاشت هي أيضا حين باد غيرها.
من ذا الذي يستطيع أن يسلبها ملك اثنين وعشرين عاما، أو يسلبها فتوحها ومجدها؟!
من ذا الذي يمحو آثار همتها التي لم تعرف الفتور؟! أو يشك في حكمة سياستها، ويجعل وجودها عدما؟!
من ذا الذي يستطيع أن يقول مثل مقالتها المنقوشة على بعض جدران بني حسن:
صفحه نامشخص