تأویلات نجمیه
التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي
ژانرها
واعلم أن الطريق إليه بغير هدايته منسد، فأحال بعد إقامته شروط العبودية هداية الربوبية عليه، قال: { سيهدين } ليهديه الله إليه بقدم الوصال كما هداه بنظر التوحيد متى رأى القمر بازغا قال:
هذا ربي
[الأنعام: 76]، إلى أن قال:
لا أحب الآفلين
[الأنعام: 76]،
إني وجهت وجهي
[الأنعام: 79] لأن الهداية بالنظر والتوحيد هداية أهل البداية، والبداية بالقدم والوصول إلى الوحدة هداية أهل النهاية، وبين النظر والقدم مسالك ومهالك كثيرة وقد انقطع فيها خلق عظيم من العلماء المتقين، وأعزة السالكين وهلك فيها جمهور الحكماء المتفلسفين اللهم إلا عبادك منهم المخلصين المجذوبين بجذبات المحبة من الأنبياء والمرسلين وأوليائك المحفوظين على صراط المستقيم والدين القويم كما خلصت بفضلك ورحمتك خليلك عليه السلام حين ابتليته بالإلقاء بالنار ليتخلص بالكلية من آفة التفاته كما تخلص من آفة الالتفات إلى المال والولد فلما ألقي في النار أدركته العناية الأزلية، وخلصت إبريز خلته عن آفة الالتفات إلى غير خليله من نفسه ومن الوسائط كلها حتى جبريل حين تلقاه في الهواء ليمتحن إبريز خلته: " بمحك هل لك من حاجة " ، فيرى هل هو صاف خالص أم فيه بقية روحانية بعد بذل الجسم والروح تتعلق بالمناسبة الروحانية بجبريل عليه السلام فاشتعلت نار الخلة بكبريت الغيرة وأحرقت بقيته الغيرية، فاشتعلت منها شعلة: " أما إليك فلا " فرجع جبريل عليه السلام بخفي حنين، فعبر عن مقاطع الوسائط بدلالية نور الخلة في خفاء العناية وصل الخليل إلى الجليل بالسلامة، فالنار كانت واسطة تخليصه وتمحيصه بترك سلامة أهل بلاء النعمة لنيل سلامة أهل بلاء المنحة وهي الوصول إلى المليك بالسلام.
وكذلك الفرق بين بلاء أهل المنحة وبين بلاء أهل النعمة أن بلاء المحنة يكون الامتحان لأحباء في دار الدنيا كما كان محنة أيوب عليه السلام فلا يدفع أنها تنقضي في دار الدنيا صورة ومعنى، وإما تنقضي في الدنيا بالمعنى وبالموت صورة. بخلاف بلاء النعمة فإنه إما يدفع في الدنيا والآخرة صورة ومعنى وإما أن يكون في الدنيا بالمعنى لا بالصورة بأن يكون في التنعم ويكون في الآخرة بالصورة والمعنى.
وأما مناسبة حمل الميم في المرتبة الثالثة من حروف بسم على معروفه مع أهل بلائه وولائه في أثناء ابتلائه، وعلى منته على أهل سلامة في الابتلاء بآلائه ونعمائه فظاهر، فإنه لو لم يكن معروفه ومع أهل بلائه بنعمة الصبر لزال قدمهم عن جادة العبودية ورؤية رحمة الربوبية في عين البلاء وانقطع نظريهم بحجاب البلاء عن الجمع كما كان في حق الأكثرين من المخذولين.
قال تعالى:
صفحه نامشخص