تأويل الظاهريات: الحالة الراهنة للمنهج الظاهرياتي وتطبيقه في ظاهرة الدين
تأويل الظاهريات: الحالة الراهنة للمنهج الظاهرياتي وتطبيقه في ظاهرة الدين
ژانرها
ولا يكفي التحول من الظاهريات العقلية إلى الظاهريات الوجدانية لتحويل الظاهريات السكونية إلى ظاهريات حركية؛ ففي الظاهريات الوجدانية، الحب، ولا شك، حركة إلا أنه ليس خالقا، بل فعل قصدي كما هو الحال في الظاهريات العقلية؛ ومن ثم يستبعد كل نشاط خلاق في سكون عالم الماهيات. ويظل المنهج الظاهرياتي في الحدس الوجداني منهج تحليل معزولا، يمنع من أي تضارب للماهيات . ويتجلى غياب النشاط الخلاق في الشخصية، وفي الفعل، وفي الماهية، وفي الإرادة. صحيح أن الشخصية يمكن أن تتغير ولكنها لا تخلق نفسها بنفسها بالفعل. والفعل في الظاهريات فعل الشعور أو فعل الوجدان، ليس فعلا حقيقيا؛ فالشخص ليس جوهرا ثابتا بل مركز ممكن للنشاط الخلاق، تنفتح أمامه دائما إمكانيات جديدة، ويظل الفعل التركيبي بين الاستقلال والتبعية فعلا تأمليا من متفرج أكثر منه فعلا مباطنا لرسالة الإنسان. ليست الماهية كيانا ساكنا بل هي خلق مستمر ينتجه نشاط خلاق. وأخيرا للإرادة أيضا قصديتها في «الحدس-الفعل»، وليس في مجرد حدس لا عاطفي. وباختصار لو كانت القيم الساكنة في مواجهة الحدس الوجداني، فإن القيم الخلاقة تكون في مواجهة «الحدس-الفعل».
89
ويغيب أيضا النشاط الخلاق في الظاهريات الوجدانية من وصف القيم التي ما زالت منفصلة عن الحدس الإرادي، وغياب النشاط الخلاق هو أيضا غياب للحرية؛ فالحرية للفعل دائما وليست إلا للفعل. وأخيرا يغيب النشاط الخلاق في الظاهريات الوجدانية في ازدواجية بين القيم الشخصية والقيم اللاشخصية. توجد القيم الخلاقة في القيم بين الشخصية.
90
ومع أن التحول من الظاهريات العقلية إلى الظاهريات الوجدانية خطوة كبيرة نحو الظاهريات الحركية، إلا أن النشاط الخلاق ما زال بعيد المنال.
91
وحتى لو تضمنت الفلسفات المتولدة عن الظاهريات بعض الحركية واقتربت من الحياة الفعلية، فإنها تقدم أساسا اكتشافا للوجود تظهر فيها الحركية في الزمانية،
92
وقد تظهر في الفعل،
93
صفحه نامشخص