تأويل الظاهريات: الحالة الراهنة للمنهج الظاهرياتي وتطبيقه في ظاهرة الدين
تأويل الظاهريات: الحالة الراهنة للمنهج الظاهرياتي وتطبيقه في ظاهرة الدين
ژانرها
يقوم «الوجود والعدم» أنطولوجيا مجاورة لأنطولوجيا «الوجود والزمان»، ويبين العنوان الفرعي «محاولة في الأنطولوجيا الظاهراتية» تحول الظاهريات إلى أنطولوجيا بدأها من قبل «الوجود والزمان»،
22
وقد أخذت فكرة الظاهرة أو العلاقة بين النسبي والمطلق كنقطة بداية للتحليل، واستعمل «الرد» الظاهرياتي من أجل تجاوز الظاهرة الحسية بالرؤية الحدسية لماهيتها، وبعد الرد اعتبر «الشيء في ذاته» لا واقعيا، وأن وجوده هو المدرك، وأن كل معرفة هي معرفة بشيء، وتم التأكيد على ضرورة الواقعة من أجل إثبات استحالة رد الوجود إلى ما هو أقل منه في معرض نقد الدليل الأنطولوجي، لم تستمر الحدوس الأولى لمؤسس الظاهريات إلى نهاياتها، وظلت الأنطولوجيا على أرضية الظاهريات، وربط العدم بسلبية صورة الشعور. ولم تنجح الطبقة الهيولانية لصورة الشعور في تجاوز الذاتي إلى الموضوعي، ولا يكفي تحريك النواة الهيولانية بالقصديات وحدها التي تملؤها هذه الهيولى في الخروج من الذاتية، الشعور تجاوز وتعال ومفارقة، وهو عدم إخلاص للمبادئ الأولى، ومع ذلك يظل لتحليل القصدية ما يبرره تماما، هذه هي الموضوعات الظاهراتية في مقدمة «الوجود والعدم» بحثا عن الوجود لتأسيس الأنطولوجيا الظاهراتية.
23
وتم استعمال التحليل الظاهرياتي في وصف العدم؛ فالأحمر مجرد لأن اللون لا يوجد دون الشكل، ورد العالم إلى حالة التضايف مع مضمون الشعور بداية بالمجرد عن قصد، فهل اللاوجود نمط من وجود مضمون الشعور؟ والقصدية لها طابع انتزاع الذات، والقصديات الفارغة تكون إلى حد كبير الإدراك، أليس هذا وقوعا في الإدراك الخاطئ الشيئي؟ يظهر الوعي أساسا كغياب، هذه هي الموضوعات الظاهراتية التي تبدأ منها معالجة مشكلة العدم.
24
وقد انتهى استكشاف الوجود إلى الوجود لذاته، ولتجنب الوقوع في خطأ النزعة الجوهرية تظل الظاهريات على مستوى الوصف الوظيفي، ومن ناحية أخرى صحيح أن «الوجود المرئي» يجلب معه لكل «تجربة حية» تغييرا كليا، ومع ذلك يظل الكوجيتو سابقا على التفكير، الشعور المتأمل وحده يستطيع أن ينفصل عن الشعور المتأمل فيه، وعلى مستوى التفكير يمكن رفض العمل المشترك. وتساعد ضرورة الواقعة باعتبارها مكونا على إدراك بداهة الكوجيتو،
25 «أنا أفكر» مصيدة للطيور، مبهر وجذاب، وقد أعطى للشعور على نحو مفتعل استباقات من البنية التحتية، ليست القصدية إلا كاريكاتير للمفارقة المرجوة، واللحظة المتناهية في الصغر ليست إلا الحد المثالي لقرار دفع إلى حد اللانهائي، ويقوم المفكر فيه نفسه وكأنه كان موجودا قبل التفكير، والحدس هو حضور الشيء بشخصه للشعور، وتستبعد الضرورة التي توجد بطريقة لا مشروطة اللون والشكل، والملاء يترك مكانه للخلاء، وليست المقولات إلا المرات المثالية للأشياء التي تتركها كلية دون المساس بها، هذه هي الموضوعات الظاهراتية التي يستعملها سارتر في وصف الوجود لذاته.
26
وقد تميز وجود الآخر بتحليل مفصل للنظرة،
صفحه نامشخص