معه بستة أشياء القارورة والمقصين والمكحلة والمرآة والمشط والسواك فسفر النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن إلا مع أصحابه أهل دعوته وكان يخرج بأهله وليس ذلك كسفر المسافر الواحد الذي ينزع عن أهله ويتفرد بنفسه الذي مثله مثل الضارب فى الأرض المهاجر لطلب العلم لقول الله:@QUR07 «ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها» [1] وسيأتى ذكر معنى السفر فى موضعه فمثل سفر النبي صلى الله عليه وسلم بأهله وأصحابه مثل إفادتهم فى الباطن العلم والحكمة وسفرهم معه طلبهم لذلك منه، ومثل القارورة مثل ما وعاه من العلم والحكمة ليفيدهم، والطيب مثله مثل العلم الروحانى الذي يحرم على المحرم حتى يحل من إحرامه ويبلغ حد المحلين وكونه فى القوارير ما أشبهها فى ستره وصيانته عن غير أهله كما لا يخص الإنسان بالطيب إلا خاصته ومن يريد إكرامه، ومثل المقصين مثل ما يزال به من العلم ما يخرج عن حد الباطن ولم يطابقه كما يؤخذ بالمقصين كذلك ما زاد من شعر الشارب على باطن الشفة ونزل من الشعر على الجبهة وزاد على حد الواحد فكان يعد صلى الله عليه وسلم عند إفادة المستفيدين منه لأهل كل طبقة ما يجب لهم من العلم والحكمة، والمكحلة هى خزانة الكحل ومثله فى الباطن من العلم مثل ما يجلو الشك عن بصائر المستجيبين كما يجلو الكحل فى الظاهر ما يعشى أبصار الناظرين، والمرآة مثلها مثل المستجيب بتوفيقه على ما هو عليه وأن يرى ذلك كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المؤمن مرآة المؤمن يعنى أنه ينصح له ويريه عيوبه ليصلحها ومثل المشط مثل العلم الذي يقام به الظاهر لأن الشعر مثله مثل الظاهر، والسواك كما ذكرنا افتقاد الحدود بالعلم فهذه الستة التى جاء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسافر بها مثلها فى الباطن ما ذكرنا من حدود الحكمة ما يفيده أهل كل حد من المستجيبين له على مراتبهم ويفاتح أهل كل طبقة منهم بما ينبغى أن يفاتحهم به من العلم والحكمة ويصلح من الجميع ما يحتاج إلى الإصلاح بذلك، فلذلك كان يحمل معه فى السفر الظاهر هذه الستة الأشياء الظاهرة لإصلاح ما يحتاج إليه من ظاهر بدنه ولأن ذلك يدل على باطنه.
وأما ما جاء فى الدعائم من قوله صلى الله عليه وسلم السواك مطيبة للفم ومرضاة للرب وما أتانى جبريل إلا وأوصانى بالسواك حتى خفت أن أخفى مقادم[2] فى من
صفحه ۱۱۷