وخبرته بعقلك وجدته كالبيت المبني المعد فيه جميع ما يحتاج إليه عباده فالسماء مرفوعة كالسقف والأرض ممدودة كالبساط والنجوم مضيئة (1) كالمصابيح والجواهر مخزونة كالذخائر وكل شئ فيها لشأنه معد والانسان كالمالك ذلك البيت والمخول (2) جميع ما فيه وضروب النبات مهيأة لمأربه وصنوف الحيوان مصروفة في مصالحه ومنافعه ففى هذا دلالة واضحة على ان العالم مخلوق بتقدير وحكمة ونظام وملائمة وان الخالق له واحد وهو الذي ألفه ونظمه بعضا الى بعض جل قدسه وتعالى جده وكرم وجهه ولا اله غيره تعالى عما يقول الجاحدون وجل وعظم عما ينتحله الملحدون (خلق الإنسان وتدبير الجنين في الرحم) نبدأ يا مفضل بذكر خلق الانسان فاعتبر به فأول ذلك ما يدبر به الجنين في الرحم وهو محجوب في ظلمات ثلاث ظلمة البطن وظلمة الرحم وظلمة المشيمة (3) حيث لا حيلة عنده في طلب غذاء ولا دفع أذى ولا استجلاب منفعة ولا دفع مضرة فإنه يجرى من دم الحيض ما يغذوه الماء والنبات فلا يزال ذلك غذاؤه (كيفية ولادة الجنين وغذائه وطلوع أسنانه وبلوغه) حتى إذا كمل خلقه واستحكم بدنه وقوى أديمه (4) مباشرة الهواء
---
(1) في نسخة منضودة أي جعل بعضها فوق بعض فهي منضودة. (2) من التخويل وهو الاعطاء والتمليك. (3) المشيمة: غشاء ولد الانسان يخرج معه عند الولادة، جمعه مشيم ومشايم. (4) الاديم: الجلد المدبوغ.
--- [ 13 ]
صفحه ۱۲