توحید
التوحيد لابن منده
ویرایشگر
علي بن محمد بن ناصر الفقيهي
ناشر
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة وصَوّرتْها مكتبة العلوم والحكم
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤٠٥ - ١٤١٣ هـ
محل انتشار
المدينة المنورة
بيان آخَرُ يَدُلُّ عَلَى النَّفْسِ وَالذَّاتِ
روي عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا، قَالَ: تَفَكَّرُوا فِي كُلِّ شَيْءٍ وَلا تَفَكَّرُوا فِي ذَاتِ الله ﷿
وقال حُذَيْفَةُ بْنُ اليَمَانِ لِعُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ: إِنْ جَمَعْتَ فِي الله وَقَسَمْتَهُ فِي ذَاتِ الله فَأَنْتَ أَنْتَ، وَإِلاَّ فَلا.
٣٨٨ - أَخْبَرَنَا أَحمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ أَيُّوبَ، حَدثنا أَبُو زُرْعَةَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرِو بْنِ صَفْوَانَ، حَدثنا أَبُو اليَمَانِ الحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ، حَدثنا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ أُسَيْدِ بْنِ جَارِيَةَ الثَّقَفِيُّ حَلِيفُ بَنِي زُهْرَةَ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ الله ﷺ عَشَرَةً، مِنْهُمْ خُبَيبٌ الأَنْصَارِيُّ عَيْنًا، فَأَسَرُوهُمْ فَلَمَّا أَرَادُوا قَتْلَ خُبَيبٍ، فَذَكَرَ الحَدِيثَ.
قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَأَخْبَرَنِي عُبَيْدُ الله بْنُ عِيَاضٍ أَنَّ بِنْتَ الحَارِثِ أَخْبَرَتْهُ، أَنَّهُمْ حِينَ أَرَادَ المُشْرِكُونَ قَتْلَ خُبَيبٍ، قَالَ خُبَيبٌ فِي أَبْيَاتٍ لهُ:
وَلَسْتُ أُبَالِي حِينَ أُقْتَلُ مُسْلِمًا... عَلَى أَيِّ شِقٍّ كَانَ لله مَصْرَعِي
وَذَلِكَ فِي ذَاتِ الإِلَهِ... وَإِنْ يَشَأْ يُبَارِكْ عَلَى أَوْصَالِ شِلْوٍ مُمَزَّعِ
فَأَخْبَرَ النَّبِيُّ ﷺ أَصْحَابَهُ خَبَرَهُمْ حِينَ أُصِيبُوا.
وَهَذَا حَدِيثٌ مُجْمَعُ عَلَى صِحَّتِهِ مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ.
أختلف أَهْلُ العِلْمِ فِي مَعْرِفَةِ مَعْنَى الذَّاتِ
فَقَالَ بَعْضُهُمْ: ذَاتُ الله ﷿ حَقِيقَتُهُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: ذَاتُ الله بَهْجَتُهُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: انْقَطَعَ العِلْمُ دُونَهَا، وَقِيلَ: اسْتَغْرَقَتِ العُقُولُ وَالأَوْهَامُ فِي مَعْرِفَةِ ذَاتِهِ، وَاخْتَصَرْتُ أَقَاوِيلَهُمْ، وَالأُولَى وَبِالله التَّوْفِيقُ، أَنَّ ذَاتَ الله ﷿ مَوْصُوفَةٌ بِالعِلْمِ غَيْرُ مُدْرَكَةٍ بِالإِحَاطَةِ، وَلَا مَرْئِيَةٍ بِالأَبْصَارِ فِي دَارِ الدُّنْيَا، لِقَوْلِ رَسُولِ الله ﷺ: إِنَّكُمْ لنْ تَرَوْا رَبَّكُمْ حَتَّى تَمُوتُوا، وَهُوَ مَوْجُودٌ بِحَقَائِقِ الإِيمَانِ عَلَى الإِتْقَانِ بِلَا إِحَاطَةِ إِدْرَاكٍ بِهَا، بَلْ هُوَ أَعْلَمُ بِذَاتِهِ فَهُوَ مَوْصُوفٌ، غَيْرُ مَجْهُولٍ، وَمَوْجُودٌ غَيْرُ مُدْرَكٍ، وَمَرْئِيٌ غَيْرُ مُحَاطٍ بِهِ لِقُرْبِهِ، كَأَنَّكَ تَرَاهُ، وَقَرِيبٌ غَفِيرٌ مُلازِقٌ، وَبَعَيدٌ غَيْرُ مُنْقَطِعٍ، يَسْمَعُ وَيَرَى، وَهُوَ العَلِيُّ الأَعْلَى، وَعَلَى العَرْشِ اسْتَوَى، ﵎، ظَاهِرٌ فِي مُلْكِهِ وَقُدْرَتِهِ، وَقَدْ حَجَبَ عَنِ الخَلْقِ كُنْهَ ذَاتِهِ، وَدَلَّهُمْ عَلَيْهِ بِآيَاتِهِ، فَالقُلُوبُ تَعْرِفُهُ وَالعُقُولُ لا تُكَيِّفُهُ، وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.
3 / 33