توضیح
التوضيح في حل عوامض التنقيح
پژوهشگر
زكريا عميرات
ناشر
دار الكتب العلمية
سال انتشار
1416هـ - 1996م.
محل انتشار
بيروت
ژانرها
فإن قيل يصلون على النبي الآية والصلاة من الله رحمة ومن الملائكة استغفار قلنا لا اشتراك لأن سياق الكلام لإيجاب الاقتداء فلا بد من اتحاد معنى الصلاة من الجميع لكنه يختلف باختلاف الموصوف كسائر الصفات لا بحسب الوضع اعلم أن المجوزين تمسكوا بقوله تعالى إن الله وملائكته يصلون على النبي فإن الصلاة من الله تعالى رحمة ومن الملائكة استغفار وقد أوردوا على هذه الآية من قبلنا إشكالا فاسدا وهو أن هذا ليس من المتنازع فيه فإن الفعل متعدد بتعدد الضمائر فكأنه كرر لفظ يصلي وأجابوا عن هذا بأن التعدد بحسب المعنى لا بحسب اللفظ لعدم الاحتياج إلى هذا وهذا الإشكال من قبلنا فاسد لأنا لا نجوز في مثل هذه الصورة أي في صورة تعدد الضمائر أيضا فتكون الآية من المتنازع فيه والجواب الصحيح لنا أن في الآية لم يوجد استعمال المشترك في أكثر من معنى واحد لأن سياق الآية لإيجاب اقتداء المؤمنين بالله تعالى وملائكته في الصلاة على النبي عليه السلام فلا بد من اتحاد معنى الصلاة من الجميع لأنه لو قيل إن الله تعالى يرحم النبي والملائكة يستغفرون له يا أيها الذين آمنوا ادعوا له لكان هذا الكلام في غاية الركاكة فعلم أنه لا بد من اتحاد معنى الصلاة سواء كان معنى حقيقيا أو معنى مجازيا أما الحقيقي فهو الدعاء فالمراد والله أعلم أنه تعالى يدعو ذاته بإيصال الخير إلى النبي عليه السلام ثم من لوازم هذا الدعاء الرحمة فالذي قال إن الصلاة من الله تعالى رحمة فقد أراد هذا المعنى لا أن الصلاة وضعت للرحمة كما ذكر في قوله تعالى يحبهم ويحبونه أن المحبة من الله إيصال الثواب ومن العبد طاعة ليس المراد أن المحبة مشتركة من حيث الموضوع بل المراد أنه أراد بالمحبة لازمها واللازم من الله تعالى ذلك ومن العبد هذا وأما المجازي فكإرادة الخير ونحوها مما يليق بهذا المقام ثم إن اختلف ذلك المعنى لأجل اختلاف الموصوف فلا بأس به فلا يكون هذا من باب الاشتراك بحسب الوضع ولما بينوا اختلاف المعنى باعتبار اختلاف المسند إليه يفهم منه أن معناه واحد لكنه يختلف بحسب الموصوف لا أن معناه مختلف وضعا وهذا جواب حسن تفردت به وتمسكوا أيضا بقوله تعالى ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض الآية حيث نسب السجود إلى العقلاء وغيرهم كالشجر والدواب فما نسب إلى غير العقلاء يراد به الانقياد لا وضع الجبهة على الأرض وما نسب إلى العقلاء يراد به وضع الجبهة على الأرض فإن قوله تعالى وكثير من الناس يدل على أن المراد بالسجود المنسوب إلى الإنسان هو وضع الجبهة على الأرض إذ لو كان المراد الانقياد لما قال وكثير من الناس لأن الانقياد شامل لجميع الناس أقول تمسكهم بهذه الآية لا يتم إذ يمكن أن يراد بالسجود الانقياد في الجميع وما ذكر أن الانقياد شامل لجميع الناس باطل لأن الكفار لا سيما المتكبرين منهم لا يمسهم الانقياد أصلا وأيضا لا يبعد أن يراد بالسجود وضع الرأس على الأرض في الجميع ولا يحكم باستحالته من الجمادات إلا من يحكم باستحالة التسبيح من الجمادات والشهادة من الجوارح والأعضاء يوم القيامة مع أن محكم الكتاب ناطق بهذا وقد صح أن النبي عليه السلام سمع تسبيح الحصا وقوله تعالى ولكن لا تفقهون تسبيحهم يحقق أن المراد هو حقيقة التسبيح لا الدلالة على وحدانيته تعالى فإن قوله تعالى لا تفقهون لا يليق بهذا فعلم بهذا أن وضع الرأس خضوعا لله تعالى غير ممتنع من الجمادات بل هو كائن لا ينكره إلا منكر خوارق العادات
التقسيم الثاني في استعمال اللفظ في المعنى فإن استعمل فيما وضع له يشمل الوضع اللغوي والشرعي والعرفي والاصطلاحي
فاللفظ حقيقة أي بالحيثية التي يكون الوضع بتلك الحيثية فالمنقول الشرعي يكون حقيقة في المعنى المنقول إليه من حيث الشرع وفي المنقول عنه من حيث اللغة وإنما قال فاللفظ حقيقة لأن بعض الناس قد يطلقون الحقيقة والمجاز على المعنى إما مجازا وإما على أنه من خطأ العوام
وإن استعمل في غيره لعلاقة بينهما فمجاز أي وإن استعمل في غير ما وضع له بحيثية ما سواء كان من حيث اللغة أو نحوها فمجاز بالحيثية التي يكون بها غير ما وضع له فالمنقول الشرعي مجاز في المعنى الأول من حيث الشرع وفي المعنى الثاني من حيث اللغة فاللفظ الواحد يمكن أن يكون حقيقة ومجازا بالنسبة إلى المعنى الواحد لكن من جهتين
أولا العلاقة فمرتجل وهو حقيقة أيضا للوضع الجديد فاستعمال اللفظ في غير ما وضع له لا لعلاقة يكون وضعا جديدا فالمرتجل حقيقة في المعنى الثاني بسبب الوضع الثاني
صفحه ۱۲۶