198

توضیح

التوضيح في حل عوامض التنقيح

پژوهشگر

زكريا عميرات

ناشر

دار الكتب العلمية

سال انتشار

1416هـ - 1996م.

محل انتشار

بيروت

ژانرها

اصول فقه

قلنا حقيقة النهي توجب كون المنهي عنه ممكنا فيثاب بالامتناع عنه ويعاقب بفعله والنهي عن المستحيل عبث هذا هو الدليل المشهور لأصحابنا على أن النهي عن الشرعيات يقتضي الصحة وقد أورد الخصم عليهم أن إمكان المنهي عنه بالمعنى اللغوي كاف ولا نسلم أنه يجب أن يكون ممكنا بالمعنى الشرعي فأجبت عن هذا بقولي فإمكانه إما بحسب المعنى الشرعي أو اللغوي والثاني باطل لأن المعنى اللغوي لا يوجب المفسدة التي نهى لأجلها حتى لو وجب يكون النهي عن الحسيات ولا نزاع فيه فتعين الأول تحقيقه أنه إذا نهى عن بيع درهم بدرهمين فهنا أمران أحدهما أمر لغوي من غير المعنى الشرعي الذي ذكرنا وهو قولهما بعت واشتريت وهذا أمر حسي والثاني هذا القول مع المعنى الشرعي المذكور وهذا هو البيع الشرعي فإن كان النهي عن الأمر الأول يكون النهي عن الحسيات وحينئذ إن كانت المفسدة التي نهى لأجلها في نفس هذا القول من حيث هو القول فلا نزاع في كونه باطلا لكن الواقع ليس هذا القسم لأن المفسدة ليست في نفس هذا القول وهو بعت هذا الدرهم بدرهمين وإن كانت المفسدة في غير هذا القول الحسي لا يكون هذا القول قبيحا لعينه كقوله تعالى ولا تقربوهن حتى يطهرن وإن كان النهي عن الأمر الثاني يجب إمكانه بحسب المعنى الشرعي فلا يكون النهي للقبح لذاته أو لجزئه لأن ذلك ينافي إمكان وجوده شرعا فيكون لقبح أمر خارجي وأيضا إذا اجتمع الموضوع له لغة وشرعا لا بد من حمل اللفظ على الموضوع له الشرعي فيجب الإمكان بالمعنى الشرعي فإن قيل النهي عن البيع مثلا ليس إلا عن التصرف الحسي فأما المعنى الشرعي فلا قدرة للعبد عليه فكيف يصح النهي عنه قلنا الشارع قد وضع اللفظ لإنشاء البيع بمعنى أنه كلما وجد هذا اللفظ من الأهل مضافا إلى المحل يوجد إنشاء البيع الشرعي قطعا فالقدرة حاصلة على إنشاء المعنى الشرعي بأن يتكلم باللفظ الموضوع له مضافا إلى المحل الصالح له فإذا كان المعنى الشرعي مقدورا يصح أن يكون منهيا عنه ثم بتبعية هذا النهي يكون التكلم باللفظ منهيا عنه لأنه إن تكلم به يثبت به ما هو المنهي عنه وهو الإنشاء فإذا تكلم به ثبت المعنى الموضوع له وهو الإنشاء الشرعي ونظيره الطلاق في حالة الحيض ولأن النهي يدل على كونه معصية لا على كونه غير مفيد لحكمه كالملك مثلا فنقول بصحته لإباحته والقبح مقتضى النهي فلا يثبت على وجه يبطل النهي وقد ثبت فيما مضى أن الأمر يقتضي كون المأمور به حسنا قبل الأمر والنهي يقتضي كونه قبيحا قبله خلافا للأشعري وهذا معنى الاقتضاء فلا يمكن أن يثبت المقتضى على وجه يبطل المقتضي وهو النهي فإنه لو كان قبيحا لعينه في الشرعيات يكون باطلا أي لا يمكن وجوده شرعا والنهي عن المستحيل عبث فيثبت على الوجه الذي ادعيناه وهو القبح لغيره

صفحه ۴۰۹