208

توضیح مقاصد

توضيح المقاصد وتصحيح القواعد في شرح قصيدة الإمام ابن القيم

ویرایشگر

زهير الشاويش

ناشر

المكتب الإسلامي

شماره نسخه

الثالثة

سال انتشار

١٤٠٦

محل انتشار

بيروت

وَقَالَ شيخ الاسلام رَحمَه الله تَعَالَى فِي كَلَام لَهُ لهَذَا اعْترض عبد الْجَبَّار وَابْن خطيب الرّيّ على الحَدِيث وجعلوه من الْآحَاد لما رَأَوْا احاديث تخَالف الْعقل وَهِي فِي الاصل مَوْضُوعَة انْتهى
وَيَنْبَغِي أَن نتكلم هُنَا على أَخْبَار الْآحَاد وَأَنَّهَا تفِيد الْعلم وَله أَدِلَّة كَثِيرَة ذكرهَا النَّاظِم فِي كتاب (الصَّوَاعِق (
الاول أَن الْمُسلمين لما أخْبرهُم الْعدْل الْوَاحِد وهم بقباء فِي صَلَاة الصُّبْح أَن الْقبْلَة قد حولت الى الْكَعْبَة قبلوا خَبره وَتركُوا الْجِهَة الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا واستداورا الى الْقبْلَة وَلم يُنكر عَلَيْهِم رَسُول الله ﷺ بل شكروا على ذَلِك وَكَانُوا على أَمر مَقْطُوع بِهِ من الْقبْلَة الاولى فلولا حُصُول الْعلم لَهُم بِخَبَر الْوَاحِد لم يتْركُوا الْمَقْطُوع بِهِ الْمَعْلُوم لخَبر لَا يُفِيد الْعلم وَغَايَة مَا يُقَال فِيهِ أَنه خبر اقْترن بِهِ قرينَة وَكثير مِنْهُم يَقُول لَا يُفِيد الْعلم بِقَرِينَة وَلَا غَيرهَا وَهَذَا فِي غَايَة المكابرة وَمَعْلُوم أَن قرينَة تلقي الامة لَهُ بِالْقبُولِ وَرِوَايَته قرنا بعد قرن من غير نَكِير من اقوى الْقَرَائِن وأظهرها فَأَي قرينَة فرضتها كَانَت تِلْكَ أقوى مِنْهَا
الثَّانِي قَوْله تَعَالَى ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِن جَاءَكُم فَاسق بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا﴾ الحجرات ٦ وَفِي الْقِرَاءَة الاخرى ﴿فتثبتوا﴾ وَهَذَا يدل على الْجَزْم بِقبُول خبر الْوَاحِد لانه يحْتَاج الى التثبت وَلَو كَانَ خَبره لَا يُفِيد الْعلم لامر بالتثبت حَتَّى يحصل الْعلم وَأَيْضًا فالسلف الصَّالح وأئمة الاسلام لم يزَالُوا يَقُولُونَ قَالَ رَسُول الله ﷺ كَذَا وَفعل كَذَا وَأمر بِكَذَا وَنهى عَن كَذَا وَهَذَا مَعْلُوم فِي كَلَامهم بِالضَّرُورَةِ وَفِي (صَحِيح البُخَارِيّ (قَالَ رَسُول الله ﷺ فِي عدَّة مَوَاضِع وَكثير من آحاديث الصَّحَابَة يَقُول فِيهَا أحدهم قَالَ رَسُول الله ﷺ وَإِنَّمَا سَمعه من صَحَابِيّ غَيره

1 / 209