ومن لاحظ أول الاستبصار المتأخر عن جميع هذه الكتب مصنفا وتصنيفا وهو في الحقيقة لسان غيره علم علما قطعيا أن هذا الإسناد إليهم توهم صرف أو صرف افتراء لأنه بعد أن ذكر المتواتر وما أوجب العلم وجعل القسم الآخر كل خبر لا يكون متواترا ويتعرى من واحدة من القرائن التي ذكرها - قال:
" إن ذلك خبر واحد ويجوز العلم به على شروط فإذا كان الخبر لا يعارضه خير آخر فإن ذلك يجب العمل به لأنه من الباب الذي عليه الإجماع في النقل إلا أن يعرف فتاواهم بخلافه فيترك لأجلها العمل به وإن كان هناك ما يعارضه فينبغي أن ينظر في المتعارضين فيعمل على أعدل الرواة " (1) إلى أن قال:
" وأنت إذا فكرت في هذه الجملة وجدت الأخبار كلها لا تخلو من قسم من هذه الأقسام ووجدت أيضا ما عملنا عليه في هذا الكتاب وفى غيره من كتبنا في الفتاوى في الحلال والحرام لا يخلو من واحد من هذه الأقسام ولم نشر في أول كل باب إلى ذكر ما رجحنا به الأخبار التي عملنا عليها وإن كنا قد أشرنا في أكثرها إلى ذكر ذلك طلبا للإيجاز والاختصار " (2) انتهى.
وهل يقدر العاقل أن يقول: الآحاد التي عمل بها الشيخ وادعى عليه الإجماع المفيد لكون عمل من سبقه أيضا عليه ونظر فيه مع التعارض إلى ما لا يعلم أو يظن إلا بالرجال؟ وكان بناؤه في كتبه جميعا على الترجيح بالأسباب التي يعلم مما ذكر منها أنها مما يعرف بالرجال وغايتها إفادة الظن أنى مع كل ذلك عالم بصدور هذه الأخبار عن المعصوم عليه السلام أو بمفادها من غير رجوع إلى الرجال بل التحقيق عدم حصول الظن بذلك أيضا إلا في جملة منها معينة أو مجملة كما لا يخفى على المتأمل فيما مر.
ومنه يظهر أن تنزيل بعضهم لدعوى القطعية على إرادة العلم العادي كالعلم بأن الجبل لم ينقلب ذهبا أو على ما يسمى به في العرف العام أو الخاص بالمبتدئين في العلم وهو الظن القوى كما عن آخر أيضا واضح الفساد خصوصا والأخير لا يغنى عن
صفحه ۶۲